ألكسندر ماطوسيان

تضافر محفّز للنجاح ومشاريع تأمينية مرجأة

«التواجد معاً هو البداية… البقاء معاً هو التقدم… العمل معاً هو النجاح»، هذا القول لهنري فورد يسيغ لنا مناشدة السيد ألكسندر ماطوسيان، رئيس مجلس إدارة شركة المشرق للتأمين والنائب السابق، الى تضافر جهود الافراد سلطةً وشعباً لتذويب المصالح الخاصة في بحور المصالح العامة المشتركة فنصل الى تأمينٍ شامل كامل منتظم داعم للمشاريع التنموية الجماعية الناجحة. هذا التأمين يتطلّب التشارك وتكثيف الجهود وتطوير القوانين وانشاء المجمعات بما يصب في صالح المواطنين أولاً وقطاع التأمين وشركاته ثانياً. في هذا الاطار، يثني السيد ماطوسيان على جهود هيئة الرقابة على شركات التأمين في تنظيم وتصحيح أعمال شركات التأمين ودعم المتعثّرة منها، وقيادة القطاع الى ثباتٍ واستمرارية وجاذبية لافتة.

رغم الانتقال الى صيغة الاستيفاء بالدولار النقدي، حافظت الشركة على حجم محفظتها التأمينية بفضل الثقة المكتسبة والمرونة في التعاطي مع العملاء والشفافية.

 

أظهر قطاع التأمين اللبناني ثباتاً واستمرارية وثقة متزايدة من قبل المواطنين. ما هي الاسباب؟

ادرك المواطنون التزام شركات التأمين بوعودها التأمينية تجاههم واحترام العقود والعملاء والبقاء الى جانبهم في السراء والضراء. برهن قطاع التأمين في لبنان اذاً أنه محطّ ثقة يمكن الاعتماد عليه في اشدّ الصعوبات، مما يولّد لدى المواطنين شعور وجوب مساندة هذا القطاع ودعمه وعدم محاربته لكونه الوحيد القادر على تسوية أمورهم في المستشفيات والمنازل وحوادث السيارات والحياة عامةً وحمايتهم من الخسائر الفادحة. أدى هذا القطاع دوراً محورياً في هذ الفترة العصيبة مبرهناً عن جدارته ووفائه وحسن استكمال واجباته على اتمّ وجه.

صدرت شائعات وأقاويل كثيرة هادفة الى تدمير صورة قطاع التأمين ومكانته، الاّ أنها باءت جميعها بالفشل واستطعنا تخطّي كل السلوكيات السلبية التي تمثّلت على وجه المثال لا الحصر باللجوء الى شركات اجنبية لخرق السوق. لكننا حافظنا على استمراريتنا وثبات مواقفنا دون الاخلال بوعودنا.

اجتاز القطاع عقباتٍ كثيرة عبر اساليبٍ مختلفة منها الاستيفاء بالدولار النقدي. ما تقييمكم للآلية الجديدة؟

عمدنا في الصيغة الجديدة للقبض الى تحقيق مصلحة العملاء أكثر من مصلحة الشركة، فبعد عدة دراسات ومشاورات تبيّن لنا أنّ الطريقة الأنسب للمحافظة على حقوق العملاء في التغطيات الكاملة كانت عبر الاتّجاه الى سياسة القبض بالدولار النقدي. هذه الآلية ألحقت بعض الضرر بنا كشركات التي كان من المتوجّب ان يكون لديها مجمّع تأميني خاص قائم على صيغة الدولار النقدي تتمكّن بمساعدته على دفع كل مستحقاتها والتزاماتها لا سيما وأنّ أموال هذه الشركات عالقة في البنوك. بذلنا جهوداً كثيفة وعانينا بعض الصعوبات واستغرق الأمر بعض الوقت، لكن كان هناك بعض الايجابية التي ظهرت في استيعاب وتفهّم العملاء للسياسة الجديدة. نشأ هذا التفهّم السريع من يقينهم بضرورة التأمين على ممتلكاتهم بطريقة شفافة وعادلة مساوية لحجم الأضرار والمخاطر التي قد تحدث. هدفنا الأساسي تمحور حول كيفية التعويض للعملاء دون التخبّط في مشاكل معهم، لذلك لجأنا الى المنطق كحلٍ اساسي لتوضيح وتفسير قرار اتّجاهنا الى صيغة الدولار النقدي. يجب التنويه الى انّ كل القطاعات تتّجه بأسرها نحو هذه الصيغة الجديدة، وقطاع التأمين واحداً منها، واعتقد أن المواطن اللبناني ليس بمعزل عمّا يدور حوله من تغييرات تدفعه لاستدراك واستيعاب التحولات القسرية الطارئة.

الى أي حدٍ تأثرت المحفظة التأمينية في التحوّل الى آلية القبض المستحدثة؟

من منظوري الخاص، لا أرى ان المحفظة التأمينية تقلّصت، ولكن قد تكون قيمة البوليصة هي من تأثرت لا سيما واننا خفّضنا ما يقارب الـ ۳۰٪ من ثمنها كوننا نستفيها بالدولار النقدي. على عكس ذلك، زاد حجم المحفظة التأمينية في بعض الفروع وفي بعض الاحيان حينما ازدادت الثقة بقطاع التأمين وبضرورته الملحّة في حياة المواطنين بعد ان كان مهمّشاً وثانوياً.

انفجار المرفأ كان له أثراً كبيراً في تضاعف الوعي التأميني والثقة لا سيما وأنّ كل شركات التأمين دون استثناء التزمت بالتغطيات والدفع. هذه المواقف كلها دفعت المواطنين الى مراجعة حساباتهم والتوجّه الى التأمين كملجئٍ آمن وبالتالي زيادة حجم المحفظة التأمينية.

قدّمتم في الفترة السابقة حينما كنتم نائباً عدة مشاريع قوانين لا سيما في مجال التأمين الصحي. اليوم وفي ظل تراجع دور المؤسسات والصناديق التي تتعاطى شؤون الضمان خاصةً الصحي كيف يتجلّى دور قطاع التأمين ؟

كنت قد طرحت عندما كنت نائباً في البرلمان اللبناني مشروعاً صحياً مهماً ومدروساً من كافة جوانبه. غير انّ هذا المشروع يتطلّب نهجاً تفكيرياً جديداً ومستحدثاً، هذا المشروع هو مشروع وطني عام لا خاص. لذلك وانطلاقاً من المنظومة التي نتعايش معها والنظام القائم على تطبيق المصالح الشخصية بعيداً عن مصلحة المواطنين العامة، يصعب على هذا المشروع ان يُبصر النور وأن يُطبّق. قد تختلف الأمور عندما تُدرك السلطة الحاكمة انها في خدمة الشعب لا في مهمّة اختلاس أمواله، حينها فقط يمكن للمشاريع المفيدة ان يتم الموافقة عليها وتُنفّذ. سيبقى هذا المشروع الصحي نائماً ريثما تستيقظ السلطة. هذا المشروع قد يأخذ دور الضمان الاجتماعي من حيث الطبابة، وهو قائم على تغطية كل مواطن لبناني منذ ولادته حتى وفاته دون أن تتكلّف الدولة اللبنانية فلساً واحداً، انما الشرط الوحيد الالزامي يكمن في اشتراك كل المواطنين اللبنانيين فيه دون استثناء ودفع قسط تأميني سنوي زهيد قابل للتسوية في حال تعثّر امكانية الدفع. هذه التغطية تشمل الاستشفاء والطبابة والأدوية والتحليلات المخبرية وغيرها.

عملتُ على دراسة هذا المشروع من ألفه حتى يائه بشكلٍ متقن ودقيق حتى انني جهّزت اعادة تأمينه. يبقى أن تسير الأمور في آلية معيّنة لننطلق بتنفيذه. إن تمّ تطبيقه بحذافيره ووفق المعايير المطلوبة أضمن للدولة اللبنانية تحقيق الأرباح والعوائد من خلاله. هذا المشروع خالٍ من التحايل والخداع ومن الاستفادة الشخصية للسلطة، لذلك هو يتوقّف على قرار المسؤولين والتزامهم بالوقوف الى جانب الشعب ومساندته دون غاياتٍ. ليس من السهل اليوم السير بهذه الخطة التي قد تقطع مصادر ارباحٍ كثيرة عن المسؤولين الساعين وراء مطامعهم.

كيف تتصورون دور قطاع التأمين في ظل بدء لبنان الدخول في دائرة البلدان النفطية؟

منطقياً، من المفترض أن تستفيد كل شركات التأمين اللبنانية من موضوع النفط الذي يُعدّ مشروعاً وطنياً، من هنا أناشد بإنشاء مجمّع للنفط يخوّل جميع الشركات من الاستفادة دون استثناء. يجب السعي والتشديد على انشاء هذا المجمّع اسوةً بباقي التأمينات كمجمّعات الحرب والسيارات والبطاقة البرتقالية التي تلقى رواجاً كبيراً وغيرها.

يصعب على شركة واحدة مهما كان حجمها تحمّل التأمين على مشروع بهذه الضخامة. انا من الداعمين للشراكة ولتقاسم الفائدة بين كل الاطراف بعيداً عن المنافسة. قد يكون هذا المجمّع الحل الأنسب والأسلم والأكثر عملية لهكذا مشروع.

ذابت رساميل شركات التأمين واحتياطاتها في بحور تراجع سعر صرف الليرة اللبنانية، ويُحكى في اعادة هيكلة القطاع المصرفـي وقطاع التأمين. كيف تتصوّر اعادة الهيكلة هذه؟

لم تتوان هيئة الرقابة على شركات التأمين يوماً عن متابعة الشركات، وقد تدخّلت مراراً وتكراراً في تصليح وتعديل وتنظيم عمل كل شركة متعثّرة أو قريبة من الخطر أو عاجزة عن دفع الاحتياطات. بفضل الدور الفاعل للهيئة، والرقابة السليمة والادارة الرشيدة، لم نسمع حتى اليوم افلاس اياً من الشركات أو تخلّفها عن الدفع.

انّما اذا اردنا تطوير القطاع فهناك قوانين قديمة عدّة تتطلّب التحديث قبل الانتقال الى تطوير عمل الشركات. تطرّقنا الى هذا الموضوع وقد بحثته مع وزراء الاقتصاد يوم ما كنت نائباً، الاّ أنّ الاحداث المتعاقبة الحاصلة في لبنان بدّلت الأولويات وهمّشت بعض المشاريع التي تتطلّب عملاً مكثّفاً وجهوداً مضاعفة.

بعد تغيير القوانين وتعديلها يمكننا التوجّه الى تقييم وتنظيم وتصحيح وتطوير وضع الشركات وزيادة رأس مالها ومساعدتها على الاندماج إن كانت تطمح لذلك. اريد التنويه في هذا الاطار الى أنني أؤيد عمليات الدمج التي من شأنها ان تقوّي القطاع المنتفخ من عدد شركاتٍ يفوق قدرته الاستيعابية، وأن تولّد شركاتٍ تأمينية ضخمة وتخفّض بذلك نسبة المنافسة في السوق وتضمن الاستمرارية والاستقرار.

كيف تقيّمون العام ۲۰۲۲ على الشركة؟

كان عاماً مقبولاً الى حدٍ كبير وخالياً من المشاكل وممزوجاً بالتزاماتٍ صادقة. لطالما اعتمدنا على الشفافية كعنوانٍ لأعمالنا وخدماتنا التي بُنيت على اساس تحقيق مصلحة العملاء بالدرجة الأولى، الأمر الذي منحنا ثقة متزايدة عبر السنين وعملاء أوفياء وإقبالاً أكبر.

محفظتنا التأمينية جيّدة جداً وقد نمت بشكلٍ لافت لا سيما واننا عمدنا الى توسيعها عملياً وجغرافياً وذلك انطلاقاً من الطلب المتزايد على منتجاتنا.

نأمل ان يكون العام ۲۰۲۳ أفضل من العام المنصرم وان يتحسّن وضع لبنان فيتحسّن بالتالي وضع قطاعاته كافةً وتعود الى حركتها ووتيرتها المعتادة. لطالما مررنا بصعوباتٍ وتحدياتٍ كثيرة، الاّ أنها لم تكن سوى معارك خضناها وخرجنا من الحروب منتصرين. لذلك كلّني يقين بأن المستقبل سيبني من حاضرنا درعاً منيعاً واقياً من المخاطر والأحداث. اليوم وقد أثبت قطاع التأمين جدارته في اشدّ المعارك لن ننهزم أمام تحدياتٍ أخرى جديدة لاسيما واننا نتسلّح بالتعاون السلاح الأقوى في وجه التفككات والمحن.

 

 

 

 

 

Comments are closed.