جورج سالم

* تكاثرت الأزمات العالمية وتشعّبت لتطال كل القطاعات، غير أنّ التحديات في لبنان أخذت منحاً مغايراً اشدّ صعوبة. رغم ذلك بقي قطاع التأمين صامداً في ظلّ انهيار القطاعات المالية الأخرى. – ما هي الاسباب بنظركم؟

بعض الازمات مشتركة بين بلدان العالم كالتضخم وجائحة كورونا والحرب الروسية-الأوكرانية، ولكن البعض الآخر منها منحصر بدول معيّنة كالكوارث الطبيعية في أوروبا وأميركا وغيرها. مع ذلك، تؤثر الازمات جمعاء على باقي دول العالم بطريقةٍ مباشرة أو غير مباشرة وتنعكس بالتالي على شركات اعادة التأمين التي تبدّل شروطها واسعارها وفقاً لواقع السوق فتُفرض هذه الأخيرة تلقائياً على شركات التأمين المباشر.

لا شك أن الأزمات في لبنان جاءت بشكلٍ مضاعف لتلقي على عاتق القطاعات والشركات اعباءً كبيرة، بحيث اتّحدت الصعوبات مع بعضها لتعصف بلبنان. في حين غرقت باقي القطاعات المالية في وحول الأزمات وعدم التقيّد بالتزاماتها تجاه العملاء والمواطنين الذين منحوها ثقتهم، صمد قطاع التأمين كحامٍ وداعم لهم في ظلّ غيابٍ تام للدولة ولمؤسساتها الحكومية. الثقة التي ضاعت في تلك المؤسسات، اكتسبها قطاع التأمين الذي وفى بوعوده وسدد المطالبات لا سيما تلك المتعلّقة بكارثة انفجار المرفأ، حيث صدى الضرر لا يزال يدوي حتى اليوم. بالاضافة الى ذلك، زاد الوعي التأميني لدى المواطنين جرّاء عوامل وأحداثٍ عدة منها جائحة كورونا وغياب دور المؤسسات العامة، الأمر الذي زاد من الطلب على التأمينات فتعزّز بالتالي دور قطاع التأمين كواحد من اهم القطاعات في لبنان.

* نتيجة تدهور القطاعات المالية في لبنان، يتم دراسة عملية اعادة هيكلة القطاع المصرفـي التي قد تطال ايضاً قطاع التأمين. – ما رأيكم بها؟

الثقة التي فقدها القطاع المصرفـي اللبناني ستأخذ أعواماً طويلة لتُبنى مجدداً، كان من المفترض أن يكون هو الحامي والحارس لأموال المودعين واذ به يحتجزها وكأنها ملكه الخاص. هيكلة القطاع المصرفـي حاجة لا بد منها ليستقيم الوضع المالي ولو قليلاً. هذه الهيكلة قد تطال بعض النواحي من قطاع التأمين الذي بدأ السير بالمعيار العالمي الجديد IFRS١٧. هذا المعيار سيفرض على الشركات بديهياً نمط عملٍ مستحدث واعادة هيكلة نظمها وسياساتها بما يتماشى مع هذا المعيار. الملاءة المالية ستكون من اصعب شروطه وستقود بعض الشركات ربما نحو الاندماج أو الخروج من السوق. بدأنا كشركة العمل على تطبيق هذا المعيار بحذافيره لمطابقة المهلة المحددة لتطبيقه.

* اتّجه القطاع نحو آلية القبض بالدولار النقدي. ما مدى صحّة هذا التوجّه؟

كان لا بد من التحوّل نحو آلية القبض بالدولار النقدي إثر التقلّب الجنوني في سعر صرف العملة المحلية الذي صعّب الأمور علينا كشركات وأدى الى مشاكل تسعيرية كثيرة. لم يعد بإمكاننا دفع التغطيات بالدولار النقدي فيما أننا نقبض بالليرة اللبنانية، كما وأننا لا يمكننا تقديم تغطية ناقصة، لذلك قررنا أن تتطابق آلية دفع تكاليفنا بآلية القبض فتتساوى الحقوق بالواجبات. أريد التنويه الى أن معيدي التأمين كانوا متفهّمين للوضع السائد بلبنان خاصةً في حادثة انفجار المرفأ، ولكن التحويلات اليهم يجب أن تتم بالدولار وهذا حقّهم.

كان علينا السير بهذه السياسة للإبقاء على الثقة التي منحنا اياها العملاء والمواطنين الذين تفهّموا بدورهم اتّجاهنا هذا لا سيما وأن سائر القطاعات تبنّت هذه الآلية قبلنا.

* قد يصبح لبنان أحد البلدان النفطية. ما دور قطاع التأمين في هذا الموضوع؟

قطاع النفط والغاز قطاعاً غنياً جداً ويتطلّب بالتالي مبالغ تأمينية ضخمة. نعم وضع قطاع التأمين في لبنان مستقرّاً وجيّداً، ولكن هل ستتمكّن هذه الشركات من تحمّل اعباءً كبيرة كهذه؟! وهل أن ملاءتها المالية ستسمح لها بتغطية هذا النوع من التأمينات بشكلٍ وافٍ دون خسائر أو مخاطر؟! هذا النوع من التأمينات يتطلّب دراسة معمّقة للسوق ولقدرات شركات التأمين المحلية لتحديد ما اذا كانت هذه الأخيرة قادرة على استيعاب هذا القطاع بمفردها أم انها تحتاج لأطرافٍ أخرى داعمة.

* كيف كان وقع العام ۲۰۲۲ على الشركة؟

تحدّينا كل الظروف الصعبة التي تمر على لبنان ووقفنا الى جنب عملائنا ووفينا بالوعود ولجأنا الى سياسة القبض بالدولار النقدي. نمونا جيّد ومستقر ونتائجنا حتى الآن تشير بالايجابية. نطمح الى السعي في سياستنا التقدمية وخدمة العملاء بالطريقة المثلى. من ضمن انجازاتنا ومشاريعنا لهذا العام، بناء مبنى جديد، حيث تكون مكاتب الشركة، ايماناً منا بضرورة انتقاء مكان عمليات مناسب وملائم للموظفين والعملاء معاً.