د. علي الوزني

دور رائد، نمو لافت ومشاريع...

عندما نتحدّث عن إحدى العلامات الفارقة في قطاع التأمين الأردني نتطرّق تلقائياً الى الدكتور علي الوزني، الرئيس التنفيذي لمجموعة الخليج للتأمين – الأردن، الذي يشكّل نقطة محورية في قطاع التأمين في الأردن من خلال قيادته لآخر عمليتي استحواذ واندماج في سوق التأمين الأردني وهما الوحيدين في الأردن منذ أكثر من ثلاثين عاماً، مستنداً الى إيمانه بأن نمو قطاع التأمين لا يمكن أن يتم دون خلق كيانات تأمينية قوية قادرة على حماية الأفراد والممتلكات وتحقيق عوائد مجزية للمساهمين. اصرار الدكتور علي الوزني ترافق بمساعي المجموعة الى التميّز، فأثمر نمواً متزايداً عبر السنين وثقة مكتسبة من خدماتٍ في اعلى درجات الحرفية.

هذا القطاع قد يبصر النور مجدداً في المستقبل القريب البعيد حيث الفرص الوفيرة، الاّ أن العام ۲۰۲۳ لا يزال ينذر بالصعاب والتحديات كامتدادٍ لما حملته السنوات السابقة.

 

تخبّط العالم خلال العام ۲۰۲۲ بأزماتٍ جمّة على كافة الصعد والقطاعات بما فيها قطاع التأمين.

– كيف تصفون هذا العام عموماً وفي قطاع التأمين خصوصاً؟

المشاكل موحّدة بين الدول كافةً، لكن قد يكون تأثر الاسواق العالمية بالكوارث الطبيعية أكبر من تأثر الاسواق العربية، الأمر الذي أدى مباشرةً الى تدنّي القدرة التأمينية المصحوب بتشدد الاسعار والشروط في عدد من خطوط التأمينات الذي نشأ من الحاجة الى تعويض معيدي التأمين عن اضرارهم الناتجة عن هذه الأحداث. التحدي الاساسي الآخر يكمن في العوائد المتدنية على الاستثمار رغم رفع اسعار الفائدة، مما يشكل ضغطاً على جانب التعويضات. اضف الى ذلك، مسألة التضخّم الذي ينعكس سلباً على التعويضات ولا يتوازى مع الزيادة في الاقساط، اذ أنّ شركات التأمين لا تحصل على حصصها كاملةً من هذه الاقساط بما يتوافق مع نفقاتها على التعويضات. مبالغ التأمين اليوم ليست معدّلة بما يتوافق مع متطلبات شركات التأمين والمنشآت والاسواق، بما يعكس التضخّم الحاصل والقيم الحقيقية للأصول المؤمّنة مما سيؤدي حتماً الى الاتجاه في سياسة رفع الاسعار.

لا شك ان الحرب الروسية  الأوكرانية تضرّ بسلاسل الامداد والتوريد، الأمر الذي يؤثّر ايضاً على سير عمل قطاع التأمين بالوتيرة المعتادة. اذ حتى بعد مرحلة خروجنا من جائحة كورونا والحرب، لن يكون من السهل اعادة تشغيل المنشآت المتضررة بنفس النسق الذي اعتادت عليه مسبقاً، اذ تعذّرت عملية الاستيراد والتصدير بفعل تضرر بعض البنى التحتية وسلاسل التوريد مما يولّد بطئاً في الانتاجية. من هذا المنطلق زاد الطلب على التأمين نتيجةً للتضرر الناجم عن التوقّف عن الأعمال.

هذه ليست التحديات الأولى من نوعها التي يواجهها القطاع المتمثّلة بانخفاض العوائد الفنية والاستثمارية المترافق بارتفاع الفائدة والتضخّم وغيرها. مع ذلك، لا بد لهذا الواقع الضبابي أن يبلور بعض الفرص لقطاع التأمين في نهاية النفق، لا سيما وأن سوق التأمين العالمي بارع في التكيّف مع الظروف الصعبة وتخطّي التقلبات واستعادة الاستقرار الذي قد يستغرق بضعة أعوام. أما العام ۲۰۲۳ فسيكون امتداداً للأعوام الماضية، ولن يكون سهلاً اطلاقاً، لا سيما وانّه سيتضمّن رفع أسعار الفائدة عالمياً والتضخّم الذي لامس الـ۱۰٪ في العديد من البلدان وتوقّف امدادات الغاز وغيرها.

اين قطاع التأمين الأردني من هذه التحديات المقترنة بتحدي انتقال الإشراف للمصرف المركزي الأردني؟

نمو قطاع التأمين في الاردن لا يزال متواضعاً. لكن أعتقد أنّ ما مررنا به من جائحة وصعوبات من شأنه تحسين مستوى الوعي والحاجة للتأمين. نتيجةً لذلك، ارتفع الطلب بشكلٍ كبير على التأمينات الشخصية كتأمينات الحياة والصحي وغيرها، رغم الضغط على الدخل المتاح للانفاق لدى الأفراد، الذين تنبّهوا للمخاطر الممكن نشوئها في المستقبل. أرى ان العام ۲۰۲۳ سيكون صعباً ايضاً على قطاع التأمين الأردني ولكن ليس بحدّة الاسواق العالمية.

اضف الى أن اسعار الفوائد تشكّل عاملاً مهمّاً لدى محفظة شركات التأمين المحلية المرتكزة على الودائع على خلاف محافظ باقي الشركات العالمية، الأمر الذي سيدرّ فائدة على شركات التأمين الأردنية وعلى القطاع الذي قد يستمر في نموٍ طفيف.

أما في ما يتعلّق برقابة المصرف المركزي فأبرز أولوياته تكمن في المحافظة على حقوق المؤمّن له، بالاضافة الى تعزيز الدور الاقتصادي لقطاع التأمين في المنظومة الاقتصادية. استناداً الى تلك الأولوية وضع المصرف أحكامه وشروطه وقام بتوقيف وتصفية ومنع بعض من الشركات عن العمل او الاكتتاب وتحديداً في التأمين الالزامي. التحدي الذي ظهر هنا هو توزيع اقساط التأمين الالزامي للشركات المتوقفة على الشركات التي لا تزال تعمل مما زاد حصة هذه الأخيرة بالأعمال والأقساط والحسابات غير المحبّذة، وبهذه العملية توزّع الضرر على عدد أقل من الشركات مما جعله أثره يتفاقم عليها. الأمر الذي يستدعي من المركزي استئصال المرض من جذوره وايجاد حلول لهذه الشركات التي كانت تعمل وفق ايقاعٍ منتظم وناجح انخفض بفعل إلزامها بأعمالٍ أقلّ جودة، مما يزيد فرص انضمام الشركات القوية الى الشركات الهشّة. كان الموضوع محتمل في السابق حيث أن عدد الشركات كان اكبر وبالتالي كانت حصة كل شركة من توزيع الاقساط  على ثقله  مقبول، بينما سيصبح الأمر اصعب مع تحميل عدد محدود من الشركات مسؤولية هذه الحصص. رغم ذلك، أنا متأكّد من تيقّظ المصرف المركزي لهذه النقطة ومن بحثه عن حلول مستدامة لموضوع التأمين الالزامي. في نهاية المطاف، ان وجدت الجهة الرقابية اسباباً تدعو الى وقف اعمال شركة او رخصة او الى اتّخاذ اجراءات قاسية، فلن يتردد ابداً وذلك بهدف معالجة السوق من الهشاشة والتلاعب والمصالح الجانبية. كما ولا يمكن لهذه الجهة ان تنتظر لحين الوصول الى حافة التدهور لأخذ الاجراءات والتدابير اللازمة. كنا سننزلق في هاوية ذلك التدهور لولا تدخّل المصرف المركزي، وكانت ستخرج بعض الشركات قسراً من السوق تاركةً وراءها آلاف المطالبات والتعويضات للعائلات والأفراد والمؤسسات، إذ أن ذلك هو صلب عمل الحجهات الرقابية، فإن لم تحافظ على حقوق حملة الوثائق فما هو المغزى من وجودها.

هل تؤيّدون عملية الانتقال على الاشراف هذه؟

أنا من الداعمين لانتقال الرقابة الى عصمة المصرف المركزي الصلب المتمكّن من ادارة قطاع التأمين وفق شروطٍ حكيمة قد تكون قاسية وسلبية لبعض الشركات، الاّ انّها ستنعكس ايجابية على القطاع ككل وبالتالي على الاقتصاد عموماً. معالجات المصرف تصب في الخانة الصحيحة نظراً لوجود موارد أفضل وقدراتٍ أقوى. لذلك، لا يمكننا من جهة أخرى لوم وزارة الصناعة والتجارة التي كانت مسؤولة على عملية الاشراف اذ انّ امكانياتها كانت محدودة على صعيدي الموارد البشرية والمالية، وعملت وفق ما هو متاح لها. في النهاية لا يمكن للأرض ان تثمر وإن كانت صالحة ما لم يُستثمر فيها بشكلٍ وفير وسليم.

أنتم من المتصدّرين كشركة في قطاع التأمين الأردني، كيف كان وقع العام ۲۰۲۲ عليكم؟

كانت سنة جيّدة وقد تكون الأفضل على الاطلاق للشركة، رغم اننا حققنا في العام ۲۰۲۱ ارقاماً مميّزة. نسير بخطى تقدمية عاماً بعد عام، والعام الماضي شهد نمواً لافتاً في الأرباح التي تضاعفت خلال السنوات القليلة الماضية وسط تباطؤ نمو السوق . نتيجةً لذلك، ستزداد حتماً حصتنا السوقية المتعلّقة بالأرباح، التي تشكّل أكثر من ربع الحصة الاجمالية من السوق الأردني. علاوة على أننا استفدنا من الاستحواذ الذي أجريناه لشركة العرب للتأمين، اذ تم اعفاءنا من الضريبة خلال العام الفائت والتي كانت تصل الى ۲٦٪. هناك عدة فوائد لعملية الدمج التي اجريناها فبعض التكاليف انخفضت الى نصفها. بدأنا ايضاً نجني حصاد استحواذنا واستثمارنا في تكنولوجيا المعلومات الذي باشرنا العمل به في العام ۲۰۱۸. تجدر الاشارة انّه لا يمكن قطف ثمار هذا النوع من الاستثمارات في قطاع التأمين في فترةٍ وجيزة، بل قد يستغرق الأمر بضعة أعوام، لا سيما وانّ التحديث من الضروي أن يشمل كل الآليات والنظام في الشركة. فالتحوّل الرقمي يجرّ معه تحوّلات تقنية تكنولوجية مترابطة ومتشعّبة متطلّبة لمسيرة طويلة من العمل بدءاً من تحويل المنتجات والخدمات وصولاً الى خدمة وسلوك العملاء.

اطلقنا العديد من الخدمات التكنولوجية ولكن لا يزال امامنا الكثير من الخطوات الواجب اتّباعها في مجال التكنولوجيا للوصول للأهداف التي نطمح اليها.

تشكّل الشركة جزءاً من المجموعة الكبيرة لـ GIG، وكل مؤسسة منها تستفيد من الزخم الذي تتمتّع به هذه المجموعة كواحدة من اهم وانجح شركات التأمين في المنطقة. أضف الى ان الطلب على خدمات المجموعة يزداد مع الوقت كذلك إقبال الشركات على العمل معنا.

شبكة الأعمال التي اسّستها المجموعة في عدة بلدان، من شأنها ان تعطي الشركات المتشاركة والمتعاقدة معها قوّةً وصلابة نظراً لمتانة المجموعة المعززة بتعاون مؤسساتها رغم توزّعها جغرافياً. فمن السهل على شركة واحدة مستقلّة أن تحقق نمواً ملحوظاً، غير أنّه من الصعب على مجموعة تضمّ عدد كبير من الشركات أن تحقّق هذا النمو الذي يتطلّب نمو كل شركة على حدة. لا شك أن هناك عدة عوامل معزّزة للنجاح والتقدّم ومن بينها طاقم العمل الذي لا ينفكّ عن تقديم افضل مهاراته لمطابقة الأداء بأهداف الشركة. اضف الى أننا نجمع أكثر الموظفين خبرةً وحرفية في المنطقة بحيث أن كل قسم من اقسام الشركة يحوي على اهم الكوادر البشرية الكفيلة بأداء أعمال الشركة على أكمل وجه.