د. عبدالله صلاح سلطان

مطالبات وتحديات ومعادلات جديدة

يصف الدكتور عبدالله صلاح سلطان، الرئيس التنفيذي للشركة «البحرينية الكويتية للتأمين»، الوضع بمرحلة التحديات لا سيما مع جمود النمو الطبيعي الذي خلّفته تداعيات جائحة كوفيد-۱٩ والذي لم يمر مرور الكرام انما ترك صداه على كافة القطاعات الاقتصادية بما فيها قطاع التأمين. وفي هذا الاطار، اثنى الدكتور عبدالله على الدعم الكبير الذي قدمته حكومة البحرين الى الاقتصاد بالعموم والشعب بالخصوص وذلك حفاظاً على النمو المستدام وتقليل أثر الجائحة على الناس والشركات والذي أدى الى محافظة شركات التأمين على ارباح جيدّة. ورب ضارةٍ نافعة اذ ان قلّة الحركة التي انتجتها كورونا ساهمت بتخفيض حجم الحوادث على مختلف المستويات وبالتالي التخفيف من المطالبات.

 

كيف تقيّمون الوضع العام لقطاع التأمين في البحرين بعد أزمة كورونا؟

لاحظنا انكماشاً للنمو في بعض الشركات على صعيد بوالص التأمين على السيارات والتأمينات العامة نظراً لعدم وجود مشاريع ضخمة تُحفّز النمو العالي في السوق. نعتمد في هذا المجال على اكثر من نقطة كالشحنات الآتية من الخارج والتي اصبحت باهظة الثمن بفعل تفشي وباء كوفيد۱٩والتأخيرات الناتجة عنه والمشاريع الهندسية الجديدة التي توفّر الوظائف والتي تتحول فيما بعد من الهندسة الى العقارات والممتلكات. اما الممتلكات العادية فكل عام تخضع لانتقاص في قيمتها، بالاضافة الى التخفيضات التي يطلبها العملاء رغم انها تتعرض اصلاً للتخفيضات مما يضعنا امام تحديين كبيرين.

على نطاق تأمينات السيارات فهي تشّكل خطاً مهماً لكل شركة تأمين. هناك نقص عالمي في توفير الرقائق الالكترونية المجهريّة التي تصل الآلاف منهم في السيارة الواحدة. وقد أُقفلت كل مصانع هذه الرقائق في الصين بحكم كوفيد۱٩، واذا ما سألنا اليوم اضخم وكالات السيارات عن توقعاتها للعام ٢۰٢٢ فتتحدث عن تراجع الى نحو ثلث الشحنات. كما أن لدينا تأكيد من الشركة الأم على تخفيض كبير في الشحنات لغاية ايلول/سبتمبر ٢۰٢٢ الى ان تعالج هذه المصانع وضع الرقائق الالكترونية. فالسيارات الحديثة تعتمد على الاجهزة الجديدة والسيارات القديمة تخضع كل سنة للإستهلاك في القيمة بنسبة ۱٥٪، اين النمو الطبيعي المحلي اذاً؟

النمو الحاصل في عدد من الشركات ناجم عن عمليات دمج او استحواذ كحال: “سوليدرتي” مع “تآزر”، واستحواذنا على “التكافل الدولية” منذ ثلاث سنوات، و”سوليدرتي” مع “الأهلية للتأمين”. فهذا هو النمو الحاصل حالياً والذي لا يطال السوق انما الشركات فقط، ما من نموٍ حقيقيٍ اذ ان النمو يجب ان يعادل او ان يتجاوز التضخم.

ما توصيفكم اذاً لهذه المرحلة؟

هذه مرحلة التحديات، حيث يختلف الفكر وطريقة التعامل مع العملاء، اذ يتوجب علينا تعديلاً مؤقتاً كنا قد مضينا به خلال فترة العمل عن بعد بسبب اثر جائحة كورونا التي تطلبت تغييراً في النظام الآلي والعملي في الشركة، مما استلزم استثماراً كبيراً. التحول نحو النظام الاوتوماتيكي لعمليات التأمين يستغرق وقتاً، ولكن بعد عام او عامين سنلمس اسلوباً جديداً في السوق لخدمة العملاء وانّه لتحدٍ مهمٍ لنا.

من جهةٍ أخرى، يجب على الشركات اخذ الحيطة والحذر ابّان الوضع الراهن والتقهقر في النمو والتفكير في طرقٍ جديدة لتحقيق الربحية في ظل التضخّم الطبيعي في المصاريف وتكاليف التحوّل الرقمي لمواكبة مجريات العصر، لا سيما وان كلفة تكنولوجيا المعلومات باهظة جداً. علاوةً على ذلك، هنالك الكثير من الشركات في البحرين التي انتقلت الى النظام الآلي المتكامل الغالي الثمن والذي يُقدَر بملايين الدولارات. وفي هذا الاطار، لكل شركة استراتيجية توسع مختلف قد تذهب إلى ابعد من حدود البحرين، حيث تجري العديد من عمليات الاندماج ومثال على ذلك إستحواذ مجموعة الخليج للتأمين على “اكسا”، حيث يعتبر اعظم استحواذ في الشرق الأوسط.

بيد انه يوجد صعوباتٍ وتحدياتٍ بارزة تقف في وجه شركات التأمين للنمو محلياً.

نتائج ارقام الشركة مشجّعة… كيف تعاطيتم مع المرحلة السابقة للمحافظة على هذه الأرقام ؟

تنعكس الايجابيات على الجو العام للسوق التأميني فكل شركات البحرين تحقق ارقاماً جيدة. الى جانب ذلك، قامت الحكومة البحرينية بتبنّي موضوع تكاليف علاج كوفيد۱٩ وازاحت بالتالي حملاً هائلاً عنا، عدا انها تكفّلت بدفع رواتب الموظفين البحرينيين لمدة ستة اشهر تقريباً وفواتير الكهرباء لفترة طويلة. ما ادرّته حكومة البحرين من دعم لا يوصف ولا يقدّر ولا يقارن بتقديمات اي دولةٍ اخرى. لذلك لم نتأثّر بتداعيات الأزمة بقدر تأثّر باقي البلدان.

اضف الى ذلك، ان البحرين لم تطلب منا يوماً اجراء الاقفال التام ولم نشعر بالتالي بأي احباطٍ او ضغط نفسي. حافظنا في تلك الفترة على ارقامنا واليوم وضعنا ممتاز ولا بد من شكر جهود ومبادرات حكومة البحرين التي استوعبت واستدركت خطورة الوضع في مراحله الأولى واتّخذت بذلك التدابير والخطوات بشكلٍ مبكر.

فضلاً عن ذلك، فإن الحوادث تضاءلت كثيراً بفعل قلّة الحركة واقفال الجسر الرابط بين البحرين والسعودية، بالإضافة إلى تفعيل العمل والتعلم عن بعد، كما أن الفحوصات الطبية كانت قليلة جراء الخوف من تداعيات كورونا في المستشفيات.

ولا بد من الاشارة اخيراً الى انّ المنافسة وتحقيق النمو الطبيعي والرقمنة هي تحديات مهمة لسوق التأمين في البحرين.

ماذا تتوقّعون من العام ٢٠٢٢؟

ارى ان العام ٢۰٢٢ لن يمرّ دون صعوبات على شركات التأمين البحرينية عموماً لا سيما مع عودة المطالبات والتحديات على مستوى النمو. لكن معظم شركات التأمين في البحرين تعتبر صلبة خاصةً الكبرى منها ولديها المتانة المالية والقدرة على مواجهة العقبات رغم صعوبة العام الجاري على الجميع.