التوجّهات في قطاع التأمين الاماراتي

أعلنت بي دبليو سي الشرق الأوسط عن إصدار تقريرٍ جديدٍ بعنوان «مستقبل قطاع التأمين: التوجّهات الرئيسية التي تحدّد معالم قطاع التأمين في منطقة الشرق الأوسط»، والذي يلقي الضوء على عددٍ من التوجّهات الأخيرة التي تؤثر على قطاع التأمين. ويشير التقرير إلى التغيّرات التي يجب أن تحرص شركات التأمين في المنطقة على القيام بها في المدى البعيد، بما يمكّنها من بلوغ آفاق جديدة في عالم يشهد الكثير من التغيّرات المتسارعة ضمن ظروف مستقبلية غير مضمونة.

فقد أدّت الأحداث المتسارعة التي شهدها العالم منذ عام ٢٠٢٠ إلى ظهور تغيّرات غير مسبوقة في قطاع التأمين. ولم ترزح شركات التأمين تحت عبء إضافـي لتلبية الاحتياجات المتزايدة لحاملي وثائق التأمين فحسب، بما في ذلك الزيادة الملحوظة في طلبات التأمين على الحياة والتأمين الصحي، بل بذلت أيضاً قصارى جهدها للاضطلاع بدور أسمى عبر تقديم خدمات التأمين المجاني للعاملين في مجال الاستجابة الأولية ومنح الإجازات الإضافية وتمديد مدة عقود التأمين. وقد أثبت قطاع التأمين في منطقة الشرق الأوسط أهميته والدور المحوري الذي يلعبه في أوقات الأزمات، لا كقطاع ذي مساهمة اقتصادية كبرى فحسب، بل أيضاً كجهة تضمن الحماية الكاملة وراحة البال للشركات والأفراد في مختلف أنحاء العالم.

وبعد انتشار جائحة كوفيد-١٩ وما ترافق معها من آثار جانبية واضحة على كافة القطاعات والأصعدة، بات التحوّل السريع السبيل الأفضل والأكثر فعالية لتمكّن قطاع التأمين من الصمود أمام التحديات المتزايدة. وكان على شركات التأمين إعادة النظر في استراتيجياتها المقرّرة على المدى البعيد، وذلك مع الأخذ بعين الاعتبار التغيّرات الديموغرافية واحتياجات العملاء وتوقّعاتهم المتبدّلة بشكل سريع، إلى جانب التحوّل الديناميكي في سلوك المتسوّقين عبر المواقع الإلكترونية.

ويشير التقرير إلى ثلاثة توجّهات رئيسية من المتوقّع أن تؤثر على مستقبل قطاع التأمين وهي:

١. أجندة التحوّل الرقمي

يؤدي التشغيل الآلي والذكاء الاصطناعي إلى تغيير أساليب تواصل شركات التأمين مع المستهلكين ضمن مختلف مراحل سلسلة القيمة، بدءاً من تصميم المنتجات وصولاً إلى تحديد مخاطر التأمين وتسعير الخدمات وإدارة الطلبات. وقد انطوت التطوّرات الأخيرة في مجال التحوّل الرقمي في عمليات العملاء على الاستخدام المتزايد لموظفي الدعم الآليين الذين يوفّرون للعملاء تجربة بشرية ورقمية متكاملة بامتياز. وأتاح التطوّر التكنولوجي لشركات التأمين على الحياة توقّع التطوّرات الصحية واتخاذ الإجراءات الملائمة لإدارتها من خلال تقنية التوأم الرقمي للعميل، الأمر الذي يضعها أمام ضرورة مواكبة الثورة الرقمية لضمان استمراريّتها ضمن الظروف التي يشهدها قطاع التأمين اليوم. فتبنّي تقنيات التحوّل الرقمي من شأنه أن يعود بالكثير من الفوائد على أولئك الذين يولون اهتماماً خاصاً بالابتكار وسرعة التكيّف، ما يحتّم على شركات التأمين الإسراع في وضع الاستراتيجيات الملائمة وتطوير القدرات اللازمة لضمان نجاحها واستعدادها لمواجهة تحديات المستقبل.

١. تحقيق القيمة للعملاء بطرقٍ مختلفة

يتحتّم على شركات التأمين الراغبة بتعزيز قدرتها التنافسية إعادة النظر في أساليب عملها المرتبطة بخدمة العملاء وتقديم المشورة والاستفادة من الشراكات الجديدة وطرق العمل المبتكرة، بهدف تطوير نماذج عمل مستدامة تسهم في دفع عجلة النمو والارتقاء بتجربة العملاء. وتُعدّ الابتكارات التكنولوجية في قطاع التأمين خير مثال على تلبية احتياجات العملاء بشكل سريع، وذلك عبر استخدام البيانات والتقنيات الجديدة لتوفير التجارب والمنتجات التي تلبّي احتياجات مختلف العملاء. وفي حين أنّ الابتكارات التكنولوجية في قطاع التأمين ما زالت في مراحلها المبكرة في دولة الإمارات العربية المتحدة، يوجد بعض شركات التأمين والشركات الناشئة الواعدة التي توحّد جهودها لتبنّي التقنيات الحديثة التي تعود بالفائدة على العملاء. والجدير بالذكر أنّ حاضنات الابتكار التكنولوجي في قطاع التأمين بدأت تشهد تطوراً على نطاق واسع في المملكة العربية السعودية، فضلاً عن نمو عدد وسطاء التأمين عبر المواقع الإلكترونية والذين يستحوذون اليوم على نسبة تبلغ ١٠ – ١٥٪ من حصّة قطاع التأمين في السوق.

١. التركيز على الاستدامة والمعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة

تترافق أزمة التغيّر المناخي التي تزداد خطورةً يوماً بعد يومٍ مع مخاطر مادية وأخرى مرتبطة بعملية التحوّل نحو اقتصاد منخفض الكربون، والتي يترتّب عنها آثار مباشرة على قطاع التأمين. وللحدّ من هذه المخاطر والاستعداد التامّ لمواجهتها، يتعيّن على شركات التأمين فهم مختلف جوانبها ودمجها بمحفظة مشاريعها، فضلاً عن إعادة النظر في نماذجها الخاصّة بالمخاطر والافتراضات المتعلقة بالتسعير. وبالرغم من أن قطاع التأمين ما زال بشكل عام في مراحل أولية لتحديد الآثار المترتبة عن تبنّي المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة ودمجها في العمليات اليومية، تتجه شركات التأمين اليوم بشكل متزايد نحو البحث عن سُبُل لدمج معايير الاستدامة في أعمالها اليومية على المدى البعيد، بما يعود بالفائدة على المساهمين في ظلّ التركيز على التأثير بشكل إيجابي على المجتمع والبيئة معاً.

وفي معرض تعليقه على التقرير، قال سانجاي جاين، الشريك ورئيس قطاع الخدمات المالية والتأمين في بي دبليو سي الشرق الأوسط: «يقف قطاع التأمين في منطقة الشرق الأوسط اليوم أمام حاجة ماسّة للتحوّل على نطاق واسع، وذلك منذ انتشار جائحة كوفيد-١٩. ومن خلال التوجّه السريع نحو تبنّي العمليات الرقمية واعتماد المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة، نتوقّع المزيد من عمليات الدمج والاستحواذ ضمن قطاع التأمين في المنطقة، وبخاصّة مع مواصلة الجهات التنظيمية التشدّد في تطبيق أنظمة المراقبة الخاصّة بها، وبالتحديد تلك المتعلقة بزيادة رؤوس الأموال والسيولة المالية. ونتوقّع أيضاً ظهور العديد من المنتجات والمزايا الجديدة في السوق».

وأضاف قائلاً: «بينما نتطلّع إلى العام ٢٠٢٥ وما بعده، يتعيّن على شركات التأمين الاستفادة من النجاحات التي حققتها خلال السنوات القليلة الماضية لمواجهة التحديات المستقبلية المتوقّعة. وتشمل هذه التحديات الظروف المعاكسة التي يفرضها الاقتصاد الكلي والتحديات التنظيمية، والتقلّبات في أسعار الفائدة وارتفاعها، والطلبات المتزايدة الناجمة عن مخاطر التغيّر المناخي، والإعلان عن المعايير الدولية لإعداد التقارير المالية رقم ١٧، والزيادة الملحوظة في الابتكارات الرقمية. وبغضّ النظر عن كيفية استفادة شركات التأمين من هذه التوجّهات، فسوف تحتاج بالطبع إلى وضع خطط واضحة ومرنة لضمان نجاحها في المستقبل وتحديد مكانتها ودورها في هذا القطاع من جديد».