لا شك ان المصداقية هي الجاذب الأكبر للأعمال في ظلّ تخاذل بعض القطاعات لا سيما الحكومية منها عن الالتزام بواجباتها تجاه المواطنين. السيد ريكاردو سليمان، رئيس مجلس إدارة ومدير عام شركة فيدلتي للتأمين، يؤمن أن الثقة التي اكتسبتها الشركة وقطاع التأمين ككل، كانت كفيلة بالابقاء على الثبات رغم التحديات الكبيرة لا سيما لجهة التحول نحو الدولار النقدي الذي قد يخفّض حجم المحفظة التأمينية ولكنه يضمن في الوقت عينه تغطية ممتازة. هذه التغطية قد تتوسع لتشمل القطاع النفطي مستقبلياً والذي يتطلب شركات مليئة وطاقم تأميني متخصص وكفوء . ويشير الى ان اعادة الهيكلة التي قد تطال القطاع قد تفرض على شركاته لا سيما الهشة منها بعض المتاعب لجهة رفع الرساميل والملاءة والمعيار الجديد وغيره.
* أبقى قطاع التأمين اللبناني على ثقة المواطنين وتطوّر ونما وسط المصاعب والتحديات التي ضربت القطاعات المالية الأخرى. ما هي الأسباب برأيكم؟
عدم تعامل معظم شركات التأمين بسندات الخزينة ساهم بعدم تعرّضها للضرر الكبير الذي لحق ببعض الشركات. كما أن حادثة انفجار المرفأ ساعدت الشركات الكبيرة في المحافظة على عملائها والاستمرار في العمل، مما أنعش دون شك الشركات التي لم تتقاعس عن دفع المطالبات بصدقٍ وأمانة جاذبة للعملاء. مع ذلك، هناك عدد من الشركات التي تكبّدت الاضرار نتيجة الاموال العالقة في المصارف. لكن من المهم أن تتدارك هذه الشركات لاسيما الكبيرة منها الموقف وتستوعبه، أما الشركات الصغيرة فستواجه المصاعب خاصةً في ظل زيادة الرساميل المرتقبة.
* اعادة الهيكلة التي ستستهدف القطاع المصرفـي، قد تطال قطاع التأمين ايضاً شاملةً مجموعة تحديات منها رفع رأس المال والملاءة والاحتياطات وتطبيق المعيار IFRS١٧ وغيرها. هل سيتمكّن القطاع من اجتياز كل هذه التحديات؟
لن تتمكّن كل الشركات من تخطي كل التحديات بل ان الشركات المليئة مادياً هي التي ستعبر نحو التدابير الجديدة بسلامة، اما الشركات الهشة فستضطر للاندماج أو التحول الى وسطاء تأمين. لا شك ان الدولة غائبة عن القوانين والتدابير والاجراءات الخاصة بالقطاع وسط المشاكل التي تتخبط بها. تجدر الاشارة الى أن شركات التأمين قامت بمبادرات لم تقم بها المصارف التي طمعت بالفوائد المرتفعة على سندات الخزينة فخسرت الثقة التي اكتسبها في المقابل قطاع التأمين.
* تحولت سياسة القبض الى الدولار النقدي. ما مدى ايجابية هذا التحوّل على القطاع؟
هذا التحوّل يؤدي دوراً ايجابياً مهماً لصالح شركات التأمين رغم تراجع حجم المحفظة التأمينية الذي تراوح بين الـ۳۰ الى ٥۰٪، اذ تم الاستعاضة في فرع الاستشفاء مثلاً عن تأمين الدرجة الاولى بتأمين الدرجة الثانية أو الثالثة، وفي فرع السيارات عن التأمين الشامل بالتأمين ضد الغير. بدا هذا الامر صعباً على المواطنين في العامين الماضيين حينما كان هناك شحاً كبيراً في الدولار، اما اليوم ومع اتجاه السوق نحو “الدولرة” فبدأت حدة تلك الصعوبة تخف تدريجياً. تبقى مشكلة الاموال العالقة في المصارف والتي هي اساساً اموال العملاء المؤمّن عليهم خاصةً في فرع الحياة وليس أموال شركات التأمين، فسيتبخّر حتماً جزءاً كبيراً منها.
نحن في طور تحويل كل البوالص الى الدولار النقدي، أما المبالغ المجمّعة سابقاً فنُخضعها للاقتطاع بنسب معيّنة ترضي العملاء الذين من مصلحتهم تحويل بوالصهم للدولار دون الاستغناء عن التأمين.
* من المرجّح أن يدخل لبنان دائرة البلدان النفطية. ما هي الخطوات التي يمكن ان يتّخذها قطاع التأمين؟
من المفترض انشاء تجمّع تأميني كما في باقي دول العالم لتتمكّن شركات التأمين من تغطية النفط الذي سيكون مورد اساسي للدولة. القطاع النفطي مهم جداً، لذلك يجب التأمين عليه من قبل شركات وطنية مليئة وقادرة على توظيف طاقم تأميني متخصص بالبترول والغاز.
* ما هو أبرز ما حمله العام ۲۰۲۲ للشركة؟
كان عاماً جيّداً لا سيما إن قارناه بالعامين ۲۰۲۰-۲۰۲۱، حيث خسرنا الكثير من الكفاءات والموظفين الذين هاجروا وغادروا بحثاً عن ظروفٍ أفضل. لكننا حاولنا المحافظة فيما بعد على عددٍ كبيرٍ من الموظفين وحوّلنا الرواتب الى الدولار النقدي لضمان راحتهم. على صعيد المطالبات التي دفعناها في حادثة انفجار المرفأ، فكان المبلغ مرتفع جداً وكنا قد بدأنا بتسديد تلك المطالبات بعد ۱٥ يوماً من تاريخ وقوع الحادثة، مما جذب وسطاء التأمين نحونا ونحو مصداقيتنا. في نهاية الأمر، نحن نبيع وعوداً بالالتزام بواجباتنا.
المحفظة التأمينية في نهاية الـ ۲۰۲۲ تتخطى حتماً الـ ٧٠٪ ولكنها لا تزال مبهمة. لن تعود الامور حتماً الى ما كانت عليه في العام ۲۰۱۹ فالقدرة الشرائية للمواطنين تضاءلت لا سيما اولئك الذين لا يزالون يتقاضون رواتبهم بالليرة اللبنانية. الأمر الذي ساهم في محافظتنا على رساميلنا هو استثمارنا في العقارات، فاشترينا مثلاً عقاراً في منطقة الصنائع حيث سننقل مكاتب فرع الحمرا اليه، بالاضافة الى شرائنا بعض الاراضي في قضاء البترون.