تتهافت التحديات والمصاعب أحياناً لتُخرج أفضل ما فينا من قوّةٍ ولتمتحن صلابتنا. وفي الامتحان كُرمت الشركة البحرينية الكويتية للتأمين (جي آي جي البحرين) بتحقيقها انجازات قياسية بدل جهودٍ تضاعفت عبر السنين. في هذا الإطار، يعتزّ الدكتور عبد الله سلطان، الرئيس التنفيذي للشركة، بإنجازات الشركة الكثيرة والمتميزة التي طابقت الأهداف المرجوّة رغم التحديات المتراكمة التي تواجه العالم وتبدّل فلسفة شركات التأمين. نتيجة هذه الصعوبات يتوقع الدكتور سلطان أن يشهد الاستثمار في شركات التأمين العالمية تراجعاً من قبل صناديق الاستثمار العالمية لزيادة قدراتها الاستيعابية بسبب ارتفاع أسعار الفائدة، مع ذلك لا تزال شركات التأمين البحرينية تُظهر جهوزيتها لأي تحديات محتملة مستندةً إلى مصرف البحرين المركزي.
* كيف تصفون واقع قطاع التأمين في ظل كل المتغيّرات الحاصلة على مستوى العالم من التضخّم الى ارتفاع الاسعار والحرب الروسية-الأوكرانية وانقطاع سلاسل التوريد وغيرها. وكيف التفاعل مع هذه المستجدات؟
يتأثر قطاع التأمين بجميع تلك المتغيرات الحاصلة على مستوى العالم كالتضخم والحرب وارتفاع نسبة الفوائد والمعيار المالي الجديد IFRS١٧. لو جمعنا هذه العوامل كلها في سلة واحدة لتوصّلنا إلى نتيجة أن تأثيراتها ستبدّل فلسفة سياسة شركات التأمين التي تستثمر جزئياً في الاسهم والسندات والنقد الذي لم يكن يدرّ علينا بالفوائد المرجوّة، أما اليوم فنتوقّع أن تصل نسبة العائد على الاحتياطات إلى ٦٪ بالإضافة الى الزيادة المرتقبة. بناءً عليه، نتوقّع في الربع الأول من سنة ۲۰۲۳ أن تقوم الشركات بإعادة النظر في حجم إستثماراتها في السندات ذات الدخل الثابت للحصول على عوائد مجزية من الفوائد على المدى الطويل.
أما بالنسبة للأسهم، فأعتقد ان الاستثمار فيها سيقل نظراً للتوجّه الكبير نحو الاستثمار في الودائع المصرفية الخالية من الأخطار، الطويلة الأمد وذات الفوائد المرتفعة.
التضخّم سينعكس علينا من حيث ازدياد سعر المطالبات لا سيما في خطوط الممتلكات والسيارات. السؤال الذي يُطرح هنا: هل سنتمكّن من عكس هذه الزيادة على وثائق التأمين؟ قد يكون الأمر ممكناً في بعض مجالات التأمين، ولكن قد يكون صعباً في مجالاتٍ أخرى خاصةً تلك التي ترتفع فيها نسبة المنافسة. انطلاقاً من هذه المعطيات، وفي ظل هذا التضخّم، يبرز دور هيئة التنظيم في مراقبة الملاءة المالية والحد الأدنى لرأسمال الشركات بشكلٍ أدق. الحل الجذري الأنسب لزيادة الاسعار هو رفع الحد الأدنى لرأس المال، ففي البحرين هناك ما يقارب ۲۳ شركة تأمين فيما أن حجم الاقساط لا يبلغ سوى ٧۰۰ مليون دولار بما يعني أن نسبة الاقساط لكل شركة يعتبر متدني. لكنني على يقين أن مصرف البحرين المركزي يقوم بدور فاعل بالتعاون مع الجهات المعنية كمعهد البحرين للدراسات المصرفية والمالية والمستشارين وشركات التأمين، والهدف من ذلك هو وضع استراتيجية لقطاع التأمين للخمس سنوات القادمة. هذه الاستراتيجية مقسّمة إلى عدة جوانب منها: زيادة الوعي والاسهام في الناتج المحلي الاجمالي وتحسين الحوكمة وغيرها من الأمور التي تطمح اليها الهيئة التنظيمية.
* إلى أي مدى قد يؤثر ارتفاع نسبة الفوائد عالمياً على الاستثمارات في قطاع التأمين؟
انخفض الطلب عالمياً من قبل الصناديق التي كانت تستثمر في قطاع التأمين مما يبرر انخفاض القدرة الاستيعابية لشركات التأمين الكبرى. المحفّز الأول لهذه الشركات كان العائد المرتفع على الاستثمار، أما اليوم فالأخطار المرافقة للاستثمارات قللت الإقبال عليها في هذه الفترة، ومع ذلك، قد يتبدل الوضع في السنوات القادمة.
* هل ممكن أن تؤدي عوامل المنافسة وعدد الشركات ومجمل الاقساط إلى مزيد من عمليات الدمج كما حصل في السابق؟
نتمنى أن تحدث هذه الاندماجات، لكن لم يتبقَ هنالك عدد كبير من الشركات المستقلة عن فروع خارجية للتمكّن من القيام بالدمج.
* هل وضعية شركات التأمين البحرينية تخوّلها من مواجهة التحديات الآنية والمقبلة؟
نعم، اعتقد أنها جاهزة نتيجة تمتّعها بملاءة مالية عالية ووجود مصرف البحرين المركزي. كل هذه الشركات متطورة بشكلٍ ظاهري إذ أنها قطعت أشواطاً في عمليات التحول الرقمي منذ أكثر من عامين. وبناءً على ذلك، أؤكد جهوزية الشركات الوطنية الكبيرة والمنافسة على مواجهة التحديات لا سيما وأنها تضمّ أهم الكوادر البشرية.
* رغم متانة وتطور شركات التأمين البحرينية، نراها لا تزال تسير في المنتجات التقليدية. أما من منتجاتٍ جديدة؟
هذه المنتجات قد لا تكون ظاهرة في الميزانية، ولكنها موجودة، فالطلب على التأمين السيبراني مثلاً في ارتفاع مستمر في البحرين، كما تتوافر كافة أنواع التأمين الموجودة في العالم ما عدا تأمين أخطار الائتمان التجاري..
* كيف تصفون العام ۲۰۲۲ على الشركة؟
كانت سنة ممتازة إذ أننا حققنا أرقاماً ممتازة، وها نحن اليوم نسير في مشاريع متعددة منها التحوّل الرقمي المتناسق مع المعيار ۱٧ والتعاون الإستراتيجي مع شركات الاتصالات ووكالات السيارات وشركة Beema. كما أنجزنا حوالي ۹٥٪ من أهداف إستراتيجية الشركة الحالية (٢٠٢٠-٢٠٢٢)، ونأمل في تحقيق نفس المستوى وأفضل من ذلك في السنوات القادمة.