تشتد الازمات التي يعيشها قطاع التأمين في ظل توالي المحن التي ارهقت لبنان وقطاعاته الاقتصادية. من هذا المنظور، يطمح السيد ايلي نسناس، رئيس جمعية شركات الضمان في لبنان (ACAL)، في المقام الأول الى ضمان استمرارية قطاع التأمين، محاكياً واقع لبنان اليوم على مختلف الصعد والتحديات، لا سيما تلك المتعلّقة بسعر صرف الليرة اللبنانية التي تصعّب العمل على شركات التأمين مقلّصةً عدد المؤمّنين والمحفظة التأمينية.
لعل الاستحقاق الاكبر وفق الرئيس ايلي نسناس يكمن في المحافظة على مكانة واستمرارية قطاع التأمين من خلال التمسّك بجودة الخدمات والاداء ووضع برامج تطال كل المجالات التأمينية بما يتلاءم مع شركات التأمين والمواطن على حدٍ سواء.
* ما هي ابرز نشاطات جمعية شركات الضمان في لبنان خلال فترة ترأسكم لها لعام ٢۰٢۱؟
تسعى الجمعية الى استمرار التواصل مع وزارة الاقتصاد والتجارة ولجنة الرقابة على شركات التأمين. وفي هذا الاطار، كنا عقدنا خلوة لمجلس الادارة حضرها الوزير السابق السيد راوول نعمة، حيث تم استعراض خطة العمل المطروحة والرؤية المستقبلية لهذا القطاع.
الوزير الجديد امين سلام يولي هذا القطاع اهمية استثنائية، واثنى على اهدافنا وتطلعاتنا وعملنا، خلال اللقاءات المتعددة التي عقدناها معه، والتي حرصنا خلالها ايضاً على اتباع مبدأ الشفافية في التعامل مع العملاء، بما يعطي كل ذي حق حقّه.
إن المستحقات التي فرضتها مواكبة المعايير المالية والمحاسبية الدولية الجديدة IFRS 17 & IAS 29 أضيفت على عاتق القطاع فكانت المشاورات مع الجهات الرسمية المولجة عملية المراقبة على حسن التطبيق واللافت تفهّم جميع الفرقاء، من وزراء ومدراء معنيين وجهات متخصصة كالمجلس الأعلى للمحاسبة لواقع الحال في ظل الحاجة الى تأهيل الكوادر البشرية المعنية بعملية التطبيق هذا وتسعى الجمعية الى اتخاذ الإجراءات المناسبة الآيلة لوضع هذه المعايير قيد التنفيذ انما وفق روزنامة تكون قابلة للتطبيق تأخذ بعين الإعتبار قدرات الشركات.
اضف الى اننا ناقشنا مشروع القانون الذي ينظم حركة الأموال
Capital Control الذي قام المجلس بمتابعته مع كافة الجهات الرسمية المعنية وذلك بغية إدراج في طيات هذا المشروع استثناء حول صافـي قيم بوالص إعادة التأمين المتوجبة على شركات التأمين. وقد أُعد بهذا الخصوص كتبٌ عدة، من قِبَل مُحامي الجمعية الأستاذ زياد بارود جرى إيداعها إلى رؤساء اللجان النيابية والنواب المعنيين بهذا المشروع وذلك في مُحاولة لإدراج موضوع أقساط إعادة التأمين في استثناءات هذا القانون. أننا نعول على دعم وتفهم وزير الاقتصاد والتجارة الأستاذ امين سلام لهذا الموضوع والذي ابداه للجميع في أكثر من مناسبة.
كما تابع المجلس وبعين القلق مسألة شمولية عملية الاقتطاع على الودائع المصرفية (Haircut)، فحاول مستعيناً بدراسة اكتوارية وأمثلة عملية اعتمدت في دول تعرضت لتعثّر مالي من أجل تقديم اقتراح استثناء قطاع التأمين من إجراءات الإقتطاع واضعاً هذه الدراسات بتصرّف المسؤولين.
عبّر وزير الصحة العامة في لقاء معه، عن تمنياته بإمكانية التبرع للمشاريع المتعلقة بتتبع البيانات ورقمنة المعدات الطبية المشحونة إلى لبنان وعلاجات السرطان التي تدعمها الوزارة. في هذا الاطار، أبدى ممثلو الجمعية دعمهم الكامل للوزير لثقتهم بأثرها الإيجابي على المؤمّن عليهم وعلى شركة التأمين.
أخذ موضوع انفجار المرفأ حيّزاً هاماً من اهتماماتنا، فاجتمعت لجنة الأزمات المعنيّة مع معيدي التأمين الرئيسيين المشاركين في هذه المطالبة، حيث جرت مناقشة مخاوف سوق التأمين المترافقة مع التحديات والضغوطات التي يواجهها هذا القطاع، وتم البحث بالتطورات القانونية المتعلقة بهذه القضية، وقد أظهر معظم معيدي التأمين موقفًا إيجابيًا.
وقد أرخت هذه الأزمة الاقتصادية بظلالها ايضاً على قطاع الطبابة والاستشفاء وهو المتنفس الصحي لجزء كبير من اللبنانيين فكانت المفاوضات الشاقة مع الهيئات الاستشفائية من مستشفيات وأطباء ومختبرات ولكن مجلس الإدارة، وبالتعاون مع لجنة استشفاء في الجمعية، توصل الى ايجاد حلول لمختلف الأمور الشائكة. حلول واقعية مبنيّة على شروط جديدة في التسعير وتسديد المستحقات، بالدولار السوق الموازي او ما يُعرف بالـ Fresh Dollars الذي اصبح سيّد الموقف في التعامل بين الضامنين والمضمونين وبين الضامن والهيئات الإستشفائية.
وفيما يتعلق بنقابة المختبرات، تم التوقيع على مذكرة تفاهم بناءً على الاتفاقية الموضوعة بين اللجنة الطبية للجمعية وممثلي.
* ما هي التحديات التي تتوقعون مواجهتها في العام ٢۰٢٢؟
يتّجه قطاع التأمين اليوم الى التعامل بدولار السوق الموازي، مما أُرغمنا على تبني هذه السياسة كوننا ندفع فواتير حوادث الاستشفاء وقطع غيار السيارات وتصليحات المنازل، بدولار السوق الموازي. التحدي يكمن في تقديم منتجات تتلاءم والقوى الشرائية للمواطن التي تضاءلت بفعل الازمات الاقتصادية والمالية، نسعى بذلك الى المحافظة على عدد اكبر من المؤمّنين رغم تقلّصه. ندرك جيّداً محدودية قدرات الدولة، لذلك نحاول كقطاع خاص توسيع الرقعة التأمينية وزيادة عدد المؤمّنين.
تجدر الاشارة الى ان نظام الدفع بدولار السوق الموازي سيطال معظم عقود التأمين، فالقاعدة النسبية من قانون التأمينات تنصّ على تغطية شركات التأمين للحوادث، بما يوازي القيمة الحقيقية للبوليصة المدفوعة من المؤمّن. في ظل التقلبات المتعاقبة لسعر صرف الدولار، تشكّل سياسة الاموال الطازجة الاسلوب الاسلم للحفاظ على قيمة الممتلكات وتثبيتها وعلى التعويضات. في هذا الصدد، نقوم والمؤسسة الوطنية للضمان الالزامي بحملات توعية على وسائل التواصل الاجتماعي واللوحات الاعلانية تتطرّق الى تعريف اللبنانيين على حقوقهم وواجباتهم لتفادي الاشكالات وضمان استمرارية وحسن سمعة قطاع التأمين.
التأمين الالزامي يشكّل تحدياً كبيراً بالنسبة لنا. تعمل المؤسسة الوطنية للضمان الالزامي ورئيسها على تعديل تعرفة التأمين الالزامي التي ستظل محددة بالعملة الوطنية، للتمكن من الاستمرار بهذا النوع من التأمينات.
هذا ملخّص عن التحديات التي نواجهها عموماً، بانتظار ما سينتج من عواقب عن خطة التعافـي وتوزيع الخسائر التابعة لانفجار المرفأ.
* ما حدّة تأثر المحفظة التأمينية لقطاع التأمين بالتحوّل نحو الاموال الطازجة؟
اتوقّع تدني المحفظة التأمينية بنسبة تتراوح من ٢۰ الى ٣۰٪، غير ان هذه النسبة لا تزال غير واضحة ومؤكّدة وسنتحقق منها مع مرور الوقت. أدرك المواطنون الأهمية الملحّة للتأمين مع الغلاء والتكاليف المرتفعة، لاسيما كلفة الاستشفاء، فمنهم من استعاض عن درجات التأمين الأولى بدرجات اقلّ.
* هل لاقت مشاريعكم مع الجمعيات والاتحادات العربية والاقليمية والدولية مكاناً لها في ظل انشغالاتكم المحليّة؟
شاركنا في اجتماعات مع الاتحاد العام العربي للتأمين كوننا عضواً في اللجنة التنفيذية. كما أعدنا تفعيل البطاقة البرتقالية وعقدنا اتفاقيات لاعادة تأمينها وتعرفتها فتعطي اندفاعاً جديداً.
الاعمال المحليّة اخذت الحيّز الأكبر من اهتمامنا نظراً للتحديات الهائلة التي نواجهها والتي تحتّم علينا التركيز والاهتمام.
* كيف تنظرون الى العام ٢۰٢٢؟
اننا ننظر الى المستقبل بتفاؤل، هنالك مرحلة صعبة تنتظرنا انما لدينا كامل الثقة بقطاعنا الذي صمد بالرغم من كل ما ذكرناه من تحديات لذلك، نطمح في هذه الاوضاع الدقيقة لضمان الاستمرارية وليس الربحية والحفاظ على عملائنا من خلال احترام حقوقهم، الى ان نتخطى هذه الظروف الصعبة التي طالت ايضاً فريق العمل الذي بات يبحث عن عملٍ آخر في دولٍ اخرى. هذا يشكًل تحدياً آخر لقطاع التأمين الذي جهد على متابعة وتدريب طاقم عمله، لذا بدأنا بتقبّل واقع زيادة مصاريفنا وتحوّل نسبة من الاجور نحو دولار السوق الموازي. يجب علينا التماشي مع ما تمليه علينا الازمات وان على مضض بغية ضمان استمراريتنا وهي هاجسنا الأول.
* اين انتم اليوم من خطة العمل الحكومية التي تشمل اعادة هيكلة القطاع المصرفـي وتنظيم الوضع النقدي والمالي، لاسيما وأن قطاع التأمين يواجه تحديات كبيرة ويحتاج الى هيكلة ذاتية؟
هذه مرحلة انتقالية تستوجب منا تخطّيها بأقل اضرار ممكنة، لذلك نشجّع ونحبّذ الدمج والاستحواذ اللذين يزوّدان الشركات بالدعم والصلابة. نجهد على المدى القصير وفي المقام الأول لتأمين الاستمرارية، وسنبحث لاحقاً في الفترة المستقبلية في اعادة الهيكلة.
ان رهننا اليوم هو على تفعيل لجنة المراقبة على هيئات الضمان التي هي العمود الفقري لعمل القطاع وإننا وبالتنسيق مع الوزير أمين سلام الذي أبدى كل الدعم للقطاع من خلال لقاءاته بمجلس إدارة الجمعية وحضوره الى مركزها كعربون دعم وثقة بدور ومستقبل القطاع في ظلّ سقوط العديد من الهيئات المالية التي كان يعوّل عليها.