أسعد ميرزا

رئاسة مدمجة بمسؤوليات تأمينية لقطاعٍ متماسك

غالباً ما تختلط البدايات بتجاربٍ مختلفة ومسؤولياتٍ أكبر. بداية مسوؤليات السيد اسعد ميرزا، الرئيس الجديد لجمعية شركات التأمين، بدأت مع نهاية ولاية السيد ايلي نسناس الذي قام بخطواتٍ كثيرة لحماية القطاع التي يسعى السيد ميرزا الى استكمالها بما يعيد الحركة الى لبنان معتبراً أن قطاع التأمين هو الوحيد من بين القطاعات المالية الذي اثبت صموداً وقوة في وجه الازمات. وللتمكّن من الابقاء على الاستقرار والمصداقية التي حظي بها من المواطنين يتّجه هذا القطاع كغيره الى اعتماد آلية القبض بالدولار النقدي بما يبقي على سيولة الشركات والتغطيات المِثلى.

رغم متانة شركات التأمين اللبنانية اليوم، الاّ ان قدرتها الاستيعابية من منظور السيد ميرزا لا تحتمل اعباء تأمينات ضخمة كالتأمين على النفط، كذلك لا تزال تستلزم وقتاً اضافياً لتبني المعيار المحاسبي الجديد كاملاً.

* استلمتم مؤخراً منصب رئيس جمعية شركات التأمين. كيف تمت عملية التسليم؟

جرت عملية انتخاب شرعية في مجلس الادارة وعليه تم التصويت وانتخبت رئيساً للجمعية. مدة الرئاسة تمتد لسنة ونصف، لذلك من المفترض وضع خطة عمل واستراتيجية واضحة، غير أنّ حالة البلد غير المستقرّة تولّد شيئاً من الشكّ والقلق. أطمح الى عقد مؤتمرٍ اقليمي أو دولي خاص بقطاع التأمين كما يحدث في الأردن ومصر وغيرها من البلدان العربية، وذلك لإعادة الحركة ولو قليلاً الى الاقتصاد ولإثبات ان لبنان لا يزال صامداً رغم الصعوبات والأزمات التي تعصف به. نعم، غابت هذه المؤتمرات لفترةٍ من الزمن خلال جائحة كورونا، ولكنها عادت لتنعقد بوفرة ودورياً بعد مضي الجائحة، بالتالي يجب علينا التحرك نحن ايضاً في نفس الاتجاه. آمل أن نتوصّل الى القيام بنشاطٍ من هذا النوع لاسترجاع الصورة اللامعة للبنان وضخ النبض فيه مجدداً. تجدر الاشارة الى أن هذا البلد محبوب من قبل كل الزوار وجاذب للسواح لا سيما العرب.

قطاع التأمين اللبناني هو القطاع الوحيد من بين القطاعات المالية الأخرى الذي بقي صامداً وسط المصاعب وأثبت عن مهارته وصلابته مما زاد من تطلعات المواطنين نحوه. كيف تستثمرون في هذه الميزة لصالح القطاع؟

قطاع التأمين هو الوحيد من بين القطاعات الذي لا يتعرّض للشكاوى وذلك لأنه بقي ملتزماً بواجباته ووافياً لمستحقاته ومدفوعاته على أكمل وجه رغم أن هناك عدداً من معيدي التأمين الذين لم يدفعوا حتى اليوم، ومن بينهم شركة الاعادة Arab Re التي تتباهى بتحقيق الأرباح ولكنها لم تدفع المستحقات المتوجبة عليها منتظرةً التقرير الرسمي، فيما أن هناك شركات اعادة اجنبية أخرى خارج لبنان دفعت التغطيات اللازمة.

نأمل أن يبقى قطاع التأمين صامداً وأن يتمكن من الاستمرار في القيام بمسؤولياته وتأدية دوره الخدماتي المالي اللازم دون تراجع أو عقبات.

البعض يتساءل لمَ لا نقبض الاّ بالدولار النقدي؟! الجواب هو أن كل المدفوعات والتكاليف اضحت بالدولار النقدي من قطع سيارات الى الحدادة والاستشفاء، بالاضافة الى التحويلات الى شركات اعادة التأمين المتوجّب أن تكون ايضاً بالدولار النقدي. لذا أُجبرنا الى التوجّه نحو سياسة القبض هذه لا سيما وان اموالنا باتت اليوم عالقةً كلها في المصارف، مما يدفعنا لتأمين مورد سيولة آخر يتمثّل بالدولار النقدي. هذه السياسة كفيلة ايضاً بحماية حقوق المؤمّن عليهم من حيث توفير التغطيات اللازمة لهم دون نقصٍ او تخلّف لذلك حوّلنا آلية القبض بأكملها الى الدولار النقدي ما عدا التأمين الالزامي الذي عمدنا في المقابل الى رفع سعره ليصبح ۸۰۰ ألف ليرة.

اريد ان اشير الى أن الثقة بقطاع التأمين تضاعفت خلال الأزمات التي يمرّ بها لبنان لا سيما أزمة الثقة في المصارف التي تحجز الأموال وحتى الحوالات.

يتم التداول في عملية اعادة هيكلة للقطاع المصرفـي. هل يمكن أن تتم هذه العملية ايضاً في قطاع التأمين خاصةً بعد ذوبان رساميل شركات التأمين؟ وهل تخططون كجمعية لأية اجراءات في هذا الشأن؟

بعض الأنباء تشير الى أن وزارة الاقتصاد تحضّر بعض التدابير في هذا الشأن، ولكنني لم أدرك بعد تفاصيل هذه التحضيرات. يجب أن تحدث عملية اعادة رسملة دون شك لا سيما بعد انهيار سعر صرف العملة المحلية، الأمر الذي يُقلق شركات اعادة التأمين التي تبحث عن شركات مليئة مادياً وصلبة للتعامل معها. اضف الى ان الشركات بحاجة الى سيولة لتيسير اعمالها فيما ان هذه السيولة مجمّدة في البنوك. بناءً على ذلك، تحاول هذه الشركات الاستعاضة عن تلك الأموال العالقة بالدولار النقدي لتوفير السيولة.

لا يمكننا مقاربة واقع قطاع التأمين لواقع القطاع المصرفـي، فهذا الأخير يعلم جيّداً الثغرات الكامنة فيه والأخطاء التي ارتكبها فأودت الى فرض عليه خططاً عملية من الجهات العليا. أما اذا طرح علينا كجمعية خطة عمل، فسنشكّل فرق عمل لدعم وزارة الاقتصاد في هذا الموضوع.

أين أنتم اليوم من المعيار المحاسبي الجديد IFRS١٧؟

نسير في عملية تطبيقه لكن الرئيس السابق للجمعية السيد ايلي نسناس كان قد طلب تأجيل العمل به سنةً اضافية وذلك لعدم جهوزية شركات التأمين ووزارتي المالية والاقتصاد ايضاً لتبنيه والعمل به. نحن بانتظار قرار الوزير بخصوص التأجيل ونأمل أن تتم الموافقة عليه لنكون على أتم الجهوزية. هذا المعيار يحتلّ أحد اهم اهتماماتنا اليوم.

منصب رئاسة لجنة مراقبة هيئات الضمان لا يزال شاغراً اليوم. مع من تتواصلون اذاً لتسيير اعمالكم؟

نحن نتواصل بصورة رئيسية مع وزير الاقتصاد، بالاضافة الى مفوّضين من لجنة مراقبة هيئات الضمان. لا يمكننا البقاء مكتوفـي الايدي بانتظار رئيسٍ جديدٍ للجمعية، لذلك نعمل على حلحلة الامور بطرقٍ واساليبٍ مغايرة وبديلة.

دخل لبنان مبدئياً دائرة البلدان النفطية. هل من تصوّر معيّن يمكن للجمعية تقديمه في هذا الاطار؟

شركات التأمين اللبنانية لا يمكنها تحمّل عبء التأمين على النفط. كنت قد بدأت العمل في الماضي حينما كنت رئيساً للجمعية مع رئيس لجنة النفط السيد وسام الذهبي وقد كان العمل جيّداً ومثمراً، لكن شركات النفط لديها اليوم شركات تأمين خاصة بها والمطالبات التي تحدث في قطاع النفط ليست محدودة بمبلغٍ صغير بل بمئات ملايين الدولارات، المبلغ الذي يتعدّى قدرة استيعاب شركات التأمين في لبنان.

تم الاشارة الى انشاء مجمّع تأمين، لكن حجم الاحتفاظ يبقى ضئيلاً مقارنةً بتكاليف التغطية لا سيما وأن معيد التأمين يفرض على الشركات تحمّل جزءاً مهماً من الاعباء التي ليس باستطاعة الشركات اللبنانية استيعابها. الجزء الذي يمكننا تبنّيه هو ذلك المتعلق بحوادث العمل والمنازل والسيارات فقط وليس أكثر.

فرضت جائحة كورونا نوعاً من التباعد بين جمعية شركات التأمين والاتحادات والجمعيات العربية وغيرها. هل من سعي لاعادة احياء هذا التواصل؟

سعى السيد ايلي نسناس جاهداً دون شك الى الابقاء على التواصل مع الاتحادات والجمعيات وحضور المؤتمرات المتعلقة بها ايضاً دون اي تقصير. اسعى بدوري الى استكمال مسيرة السيد نسناس والذهاب الى ما هو ابعد من ذلك، بما يسمح لنا بعقد مؤتمرٍ خاص بقطاع التأمين، في لبنان. لذا نهدف الى تحريك التواصل المكثّف مع مجالس الادارة في البلدان العربية المنضوية تحت مظلة الاتحادات.