أحمد ادريس

نمو مستمر والتزام دائم

المنافسة هي سيف ذو حدين، محفّزة للتطوير من جهة ومؤديةً للخسائر من جهة أخرى. وحدها الادارة الصلبة تتمكّن من تحويل المنافسة لصالحها. هذه المنافسة التي تحدّث عنها السيد أحمد ادريس، الرئيس التنفيذي لشركة أبوظبي الوطنية للتأمين ADNIC، ادت الى خسائر في بعض فروع التأمين عند بعض الشركات لا سيما السيارات والصحة حيث ارتفاع الاسعار بقي محدوداً مقارنةً بالتغطيات التأمينية. هذه الخسائر المقترنة بضغوطات رأس المال قد ينتج عنها اندماجاتٍ جديدة في الفترة المقبلة. وسط هذه الصعوبات والتحولات الاقتصادية، يؤكد السيد ادريس أن الشركة لا تزال في نموٍ مستمر داخلياً في الامارات حيث يعمل المصرف المركزي على تنظيم السوق، وخارجياً في العالم، متبّعةً بتوسعها سياسةً انتقائية دقيقة تجنّبها المخاطر.

 

يشهد العالم تحوّلاتٍ اقتصادية سياسية جذرية تشمل التضخم، الحرب الروسية-الأوكرانية، ارتفاع الاسعار، خلل سلاسل التوريد… كيف انعكست كل هذه التحولات على قطاع التأمين؟

يشهد قطاع التأمين في معظم اسواق المنطقة نمو ملحوظ في اقساط التأمين بنسب متفاوتة، هذا النمو في الاقساط صحبه نمو اقتصادي في دول مجلس التعاون الخليجي، حيث معدلات التضخم تنحدر لأدنى درجاتها مقارنةً بالارتفاع التي تشهده في باقي دول العالم لا سيما المتقدمة منها. تجدر الاشارة الى أنه عادةً ما يكون النمو في قطاع التأمين اسرع من النمو الاقتصادي الكلي، بفعل ازدياد الوعي التأميني وبالتالي نسبة الإختراق، بالاضافة الى الامكانات العالية التي تتمتّع بها شركات التأمين الهادفة الى تطوير انشطتها وبرامجها التسويقية والرقمية لتقديم افضل خدمة للعملاء واستقطاب اكبر عددٍ منهم. مع ذلك، تأثرت بعض فروع التأمين سلباً بالحرب الروسية  الأوكرانية لا سيما في حوادث الطيران حيث حُجزت الطائرات المؤجرة للشركات الروسية في روسيا مستدعيةً بذلك تقديم اصحاب هذه الطائرات المطالبات لشركات اعادة التأمين. لكن هذه المطالبات كانت ضمن الهوامش المقبولة قياساً بتلك المتعلقة بالكوارث الطبيعية الناجمة عن التغير المناخي خاصةً في أميركا. باستثناء مسألة حوادث الطيران، فإن قطاع التأمين لم يتأثر كثيراً بالحرب الروسية – الأوكرانية.

أما اقتصادياً، فالتراجع الاقتصادي في بعض الدول الأوروبية ينعكس سلباً على نمو قطاع التأمين. الاّ انّ هذا التأثر لا يطال مناطقنا، حيث نشهد الازدهار والاستقرار التأميني. أريد أن انوّه الى أن التأمين هو منتج لا غنى عنه، لذا نراه في نمو مضطرد.

ادت المنافسة بين شركات التأمين الى خسائر كبيرة في بعض خطوط التأمينات لا سيما السيارات. ما تعليقكم؟

انخفضت اسعار تأمين السيارات والتأمين الطبي بشكلٍ حاد خلال جائحة كورونا، حيث انخفضت حركة السيارات على الطرقات وكذلك زيارة العيادات والمستشفيات، ولذلك حققت معظم شركات التأمين ارباحاً في كل من الفرعين خلال فترة الجائحة. اليوم وقد اجتزنا مرحلة كوفيد۱۹ عاد النشاط بمعدلاتٍ فاقت فترة ما قبل الجائحة، فعادت حوادث الطرق لمستوياتها المعتادة بينما تخطت معدلات زيارة العيادات والمستشفيات مستوى ما قبل الجائحة، مما ادى الى تكبّد بعض شركات التأمين الخسائر في فرعي التأمين المذكورين. في المقابل لا يزال عدد من الشركات الأخرى يحقق ارباحاً ولو قليلة في هذين الفرعين بسبب سياساتها المتحفظة.

تتوارد بعض الانباء عن عمليات دمجٍ مستقبلية، هل هذه العمليات هي حصيلة المنافسة المحتدمة في السوق التي تؤدي الى الخسائر أم هي ظاهرة طبيعية تقضي بغربلة بعض الشركات؟

ما حدث مؤخراً في اسعار فرعي التأمين الصحي والسيارات والذي أدى الى تكبد بعض الشركات الخسائر، كان عاملاً مسرّعاً لعمليات الاندماج التي ترافقت بضغوطاتٍ كبيرة ناجمة عن المنافسة الشديدة. هناك ضغوطاتٍ ايضاً على رأس المال، حيث بات العائد عليه غير مجدي بالنسبة للمساهمين في بعض الشركات الذين رأو ان آفاق التعافـي تبدو مغلقةً امام شركاتهم. بدأ هؤلاء عملية البحث عن حلولٍ مناسبة تستبعد ضخ رؤوس اموال جديدة لما يحمله ذلك من مخاطرة، واتّجهوا نحو حل الاندماج.

هل ان واقع قطاع التأمين كان افضل عندما كانت هيئة الرقابة مستقلة عن المصرف المركزي الذي بات يركّز على مواضيع عامة بعيدة عن العمل اليومي الخاص بشركات التأمين؟

انظر لهذا الواقع بطريقةٍ مختلفة عن بعض الآراء المتواردة، فإمكانيات المصرف المركزي وخبرته في الرقابة على البنوك سوف تخدم في نهاية الأمر قطاع التأمين رغم التركيز على أولوياته المتمثّلة بالحوكمة ومكافحة تبييض الأموال. مع ذلك، لا يغفل المركزي عن موضوع الملاءة المالية للشركات والذي يحتل أبرز اهتماماته، وقد بدا ذلك جلياً في الفترة الاخيرة من خلال مطالبته الشركات ذات الملاءة المالية غير الكافية بوجوب المعالجة عبر وضع خططٍ لتوفيق أوضاعها المالية. بالاضافة الى اننا لمسنا مؤخراً تجاوباً سريعاً في اهتمام المصرف المركزي بقضايا قطاع التأمين. متفائل بمستقبل القطاع في المدى المتوسط والبعيد.

كان لديكم بعض الخطط الرامية الى التوسع الاقليمي والدولي. اين اضحيتم اليوم من تنفيذ هذه الخطط؟

هذا التوسع يظهر في ممارستنا للأعمال الدولية من خلال أقسامنا الدولية، لذلك نرى أن اعمالنا تنمو عاماً بعد عام خارج نطاق الامارات مع الالتزام بسياسة الانتقاء في نقاط التوسع والاعمال التي نكتتبها. نعمل في اكثر من ٧۰ دولة في العالم هناك بعض المناطق التي لا نعمل بها اطلاقاً.

 

 

 

 

 

 

Comments are closed.