تكثر التوقعات والتنبؤات مع الاقتراب أكثر فأكثر من عامٍ جديد. انطلاقاً من هنا كشف السيد ياسر البحارنة، الرئيس التنفيذي لشركة Trust Re، عن توقعاته التأمينية للعام ٢٠٢٤ على المستويات المحلية والاقليمية والعالمية، مشيراً الى أنّ التشدّد سيأخذ منحًى مستقراً عقب عدة عوامل، اضافةً الى الركود والانخفاض الذي قد تشهده اسعار الفائدة. كما توقّع اندفاع الشركات نحو مزيدٍ من الاعمال جراء نتائج العام ٢٠٢٣ التي تشير بالايجابية. وأكّد أن شركات الاعادة الاقليمية غير قادرة على تأدية دور شركات الاعادة العالمية نظراً لأسبابٍ عدّة، مشيراً الى أن موضوع الكوارث الطبيعية في المنطقة يستدعي انشاء مجمّعاتٍ للحد من المخاطر والخسائر.
* كيف تلخصون واقع قطاع اعادة التأمين خلال العام ٢٠٢٣ على الصعد المحلية والاقليمية والعالمية؟
عانى سوق اعادة التأمين هذا العام من الكثير من التحديات الضخمة، ولكنه استطاع الاستمرار وملء الثغرات الموجودة. أما لناحية العام ٢٠٢٤، فلا أتوقّع الكثير من التشدد الذي، وإن لم يخفّ فلن يزيد بل سيبقى مستقراً، الأمر الذي ينعكس ايجاباً على معيدي التأمين الذين عادةً ما يتأثرون سلباً بتخفيف الاسعار والشروط. لذلك أعتبر أنّ هذا الاستقرار يشكّل فرصة جيدّة للمعيدين. هناك عزوف عن الطاقات الاستيعابية من قبل معيدي التأمين الأجانب الذين يفضلون الاكتتاب في مناطق آمنة عوضاً عن المناطق غير المستقرة والمحفوفة بالمخاطر الطبيعية، مثل سلطنة عمان.
لا زالت أسواق التأمين العالمية في حالة مزيدٍ من التشدد والتي ستستمر حتى العام الجاري، لا سيما على مستوى إعادة الاعادة التي ستسيطر على الشركات. الخسارات الحاصلة على المستوى الاقليمي خاصةً في تركيا ستؤثر حتماً على القطاع والشركات، كذلك زلزال المغرب، وستؤدي دون شك الى مزيدٍ من التشدد. يجب التنويه الى أنّ كلفة رأس المال زادت كثيراً مما يؤثر أيضاً على المعيدين في المنطقة، بما يدفعهم لرفع الأسعار أكثر. أعتقد أن شركات التأمين المباشر أصبحت تعي أكثر قيمة المعيدين الاقليميين بالمزايا التي يقدّموها، وهذه الفرصة التي أُتيحت لنا لا تُعوّض ومن استغلّها كان هو المستفيد الأكبر. أؤكد على واجب شركات التأمين في تحقيق التوازن في التعامل بين معيدي التأمين الاقليميين والعالميين.
* هل باستطاعة شركات الاعادة الاقليمية تأدية الدور الذي تقوم به شركات الاعادة العالمية؟
ليس باستطاعة الشركات الاقليمية تأدية الدور الذي تقوم به الشركات العالمية. لا شك ان هناك محدودية في الطاقات والخبرات الموجودة في المنطقة. نطمح لتقديم ما يقدّمه المعيدون العالميون الذين لم يصلوا لهذه المكانة إلاّ بعد عناءٍ واستثمارٍ كبير على مستوياتٍ مختلفة بما فيها الطاقات البشرية وإنما أيضاً المعلوماتية والتصنيفات والعلاقات وغيرها. هذه الاستثمارات تتطلّب العمل على مدى طويل وبشكلٍ متواصل.
* برزت أهمية المجمّعات التأمينية بعد زلازل تركيا والمغرب. أتعتقدون أنّ هذه التجمعات من شأنها أن تنتقص من دور شركات الاعادة؟
هذه التجمّعات تشكّل في نظري استكمالاً لعمل شركات الاعادة وليس بديلاً لها. فالمخاطر الطبيعية تحتاج لكمّ كبير من التغطيات والاستثمارات والعمل، فما من طاقات استيعابية انفرادية على مستوى شركة أم على مستوي تجمّع. لدى سلطنة عمان فكرة إنشاء مجمّع للكوارث الطبيعية إسوةً بتركيا والمغرب والجزائر، ولكنها تواجه بعض العراقيل المحلية رغم أنّ المكوّنات موجودة. لكنني أشجّع السلطنة على استكمال الطريق رغم صعوبته والحث على الجهود.
* كيف يتراءى لكم قطاع اعادة التأمين في المنطقة للعام ٢٠٢٤؟ هل يمكن دخول شركات جديدة الى السوق؟
لا أتوقّع تهافت شركات الاعادة خارج السوق الى دخوله لاقتناص الفرص في العام ٢٠٢٤. اتوقّع أن تعاني تركيا من نقص حاد في إكمال اتفاقياتها او التغطيات على عكس باقي دول المنطقة. هذه التغطيات يجب ان تُقدّم بأسعارٍ منطقية كي لا تضطرّ شركات التأمين المباشر للّجوء الى شركات اعادة أخرى بتصنيفات أكثر تدنياً. أما لناحية ارتفاع الفوائد وانعكاساتها، فمن المؤكد أنها ستسبّب ضغطاً اضافياً. فبعض التحليلات والاحصاءات تشير الى أن تلك الفوائد ستبدأ بالركود والانخفاض مع نهاية الفصل الثاني من العام الجاري. الأمر الذي سيعيد التوازن ويُحدّ من الضغط على قيمة رأس المال العالية. تجدر الاشارة، الى أنّ الشركات تعتمد بشكلٍ كبير على الدخل الاستثماري وأتوقّع أن تكون نتائج شركات التأمين للعام ٢٠٢٣ جيدة جداً، مما سيدفعها لمزيدٍ من الاستمرارية. وقد يدفعها هذا الموضوع نحو الاندماجات والاستحواذات لا سيما وأنّ المنظمين يحفّزون هذه العمليات خاصةً وأنّ عدد شركات التأمين في المنطقة العربية مرتفع جداً. فالاتحاد يمكن أن يكون حلاً مناسباً لشركاتٍ أكثر صلابة وسوقٍ أكثر سلامة. هذا بموجز التغيرات المتوقعة من وجهة نظري، بعيداً عن التغيرات السياسية التي تشهدها المنطقة لا سيما وإن ترافقت بتدخلاتٍ خارجية من شانها أن تسبب تداعياتٍ جديدة.