التأمين في سلطنة عمان

واقع التطلعات ومساع لتغطية الكوارث الطبيعية

قال رجال أعمال في قطاع التأمين: إن هناك مباحثات ومشاورات عديدة مع الجهة الحكومية المسؤولة عن القطاع لإيجاد آلية مناسبة لتطبيق نظام تأمين إلزامي لتغطية الكوارث الطبيعية للممتلكات الثابتة وذلك نظرًا لتكرار تعرض سلطنة عمان للأعاصير المدارية والتي بدورها تخلف الخسائر في المنازل والمزارع والمنشآت غيرها.

وأوضحوا أن شركات التأمين تعرضت لخسائر كبيرة من جراء الأعاصير والمنخفضات الجوية الأخيرة، إذ بلغ حجم التعويضات وتسوية المطالبات لشركات التأمين للمتضررين من إعصار شاهين ٦٢ مليون ريال عماني.

وأشاروا إلى أن الشركات تواجه تحديات عديدة تتعلق بارتفاع أسعار قطع غيار المركبات، وارتفاع الأيدي العاملة مطالبين برفع الوعي العام بفوائد أنشطة التأمين المختلفة الأمر الذي يُوجد سوقًا تأمينيًا أكثر استقرارًا.

كما أكد رجال الأعمال جاهزية الشركات لتطبيق التأمين الصحي الإلزامي من الناحية النقدية أو المالية وذلك بعد رفع رأسمال الشركات من ٥ ملايين إلى ١٠ ملايين ريال عماني في ٢٠١٤، موضحين أهمية وجود تسعير فني مناسب لتأمين الأقساط معتمد من قبل الهيئة العامة لسوق المال بالنسبة لشركات التأمين، وتسعير أيضًا لرسوم العلاج بالمستشفيات الخاصة.

وكان التأمين الصحي استحوذ على ٣٧،١٪ من إجمالي أقساط التأمين المباشر بنهاية النصف الأول من العام مقارنة بـ٣٥٪ في الفترة نفسها من العام الماضي.

وقال الشيخ خالد بن عبدالله الخليلي، رئيس مجلس إدارة التأمين الأهلية: إن سلطنة عمان شهدت أنواء مناخية مختلفة في السنوات القليلة الماضية كالأعاصير التي أثرت على الأصول الصناعية التي تم تطويرها على الخطوط الساحلية، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع قيمة الخسارة على الأصول غير المؤمّنة، وعلى شركات التأمين العاملة في سلطنة عمان.

وأوضح الخليلي أن شركات إعادة التأمين، وهي في الغالب شركات عالمية خارج حدود سلطنة عمان، تحملت التكلفة في الأعاصير الأولى التي ضربت سلطنة عمان، ولكن بعد ذلك نقلت هذا العبء أو التكلفة إلى شركات التأمين العاملة في سلطنة عمان من خلال زيادة أسعار إعادة التأمين أو تخفيض سعة إعادة تأمين التغطية التأمينية.

وقال: إن شركات التأمين لم تتمكن من استيعاب هذه الخسائر لفترة طويلة وعليها إعادتها إلى المؤمن له من خلال زيادة سعر التغطيات التأمينية، والتي كانت تمثل تحديًا بالنسبة لها.

وأكد الخليلي أن ارتفاع أسعار النفط في الفترة الماضية ساهمت في انتعاش قطاع التأمين، إذ حققت سلطنة عمان إيرادات جيدة من العوائد النفطية، وأدت إلى إعادة تشغيل بعض مشروعات البنية الأساسية، إضافة إلى الموافقة على البدء في المشروعات الجديدة، مما يتطلب الحاجة إلى تغطية تأمينية لبعض المشروعات، كما زادت الحاجة إلى الطلب على الأغطية التأمينية الأخرى للقطاعات الأخرى مثل التأمين البحري وتعويضات العمال وتعطل الآلات والسيارات والمركبات والحياة والطبية، مما أدى إلى نمو سوق التأمين العماني بنسبة ٨،٧٪ في النصف الأول من عام ٢٠٢٢ مقابل نمو بنسبة ٩٪ خلال الفترة من عام ٢٠١٥ إلى ٢٠٢١.

وقال الخليلي: إن رفع الوعي العام للتأمين وفوائده وخاصة في قطاع التجزئة يُوجد سوقًا تأمينياً أكثر استقراراً في سلطنة عمان، ويُوجد بيئة عمل أقل تقلباً.

وأضاف: إن قطاع التأمين خاصة في قطاع التجزئة منخفض إلى متوسط في دول مجلس التعاون الخليجي وسلطنة عمان، حيث إن التغطية التأمينية هي في حدود ١٪ من الناتج المحلي الإجمالي مقابل متوسط ٨٪ و١١٪ و٧٪، في أوروبا والولايات المتحدة الأميركية والعالم على التوالي.

وأشار الخليلي إلى أن السوق العماني يحتاج إلى مبادرات في التحول الرقمي، ومجموعة من المنتجات التأمينية المتعددة، والتأمين المدمج لبناء صناعة تأمين قوية ومتطورة تحاكي ما هو موجود في اقتصادات الدول المتطورة تأمينيًا، كما نحتاج إلى بناء وجذب المواهب القوية من خلال النظام التعليمي والدورات التدريبية المهنية.

التأمين الصحي

وقال مرتضى بن محمد جواد الجمالاني، رئيس لجنة المال والتأمين بغرفة تجارة وصناعة عمان: إن شركات التأمين العاملة في سلطنة عمان تبحث مع الجهات المختصة المسؤولة على القطاع إيجاد آلية العمل المناسبة لتطبيق نظام تأمين إلزامي لتغطية الكوارث الطبيعية للممتلكات الثابتة، وتحديد أقساط التأمين وذلك نظرًا لتكرار تعرض سلطنة عمان للأعاصير المدارية التي بدورها تخلّف الخسائر في المنازل والمزارع والمنشآت غيرها، مما يتطلب مراجعة في البنية الأساسية وسياسة النظام المالي النقدي.

وأوضح الجملاني أن الأضرار الكبيرة التي خلّفتها الحالات المدارية المتكررة التي تعرضت لها سلطنة عمان في الفترة الماضية دفع شركات إعادة التأمين بإدخال تعديلات في شروط تغطيات تأمين الممتلكات، وإضافة شروط أخرى في برامج اتفاقيات إعادة التامين مثل تصنيف مواقع الممتلكات، وتعديل في أسعار أقساط التأمين وشروط التأمين، إضافة إلى المشاركة في الخسائر، وتخفيض العمولات المالية لشركات التأمين المسندة المباشرة.

وأكد الجمالاني أن السنوات القليلة الماضية شهدت تغيرات غير مسبوقة في أنواع المخاطر التي يتطلب من قطاع التأمين التعامل معها في تنظيم أسواق التأمين وإعادة التامين مثل: التأمين سند أو الضمان أو الكفالة والتأمين الزراعي وتأمين القوارب والسفن ومعدات الصيد، كما شهدت تغيرات في البيئة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي يتعين على شركات التأمين وإعادة التأمين العمل فيها، إذ تشكل هذه التغيرات تحديات جديدة أمام صناعة التأمين.

وحول مدى استعداد شركات التأمين لتطبيق الصحي الإلزامي، قال الجمالاني: إن شركات التأمين لديها الجاهزية المالية أو النقدية لممارسة التأمين الصحي وخاصة بعد رفع رأسمال الشركات من ٥ ملايين ريال عماني إلى ١٠ ملايين ريال عماني في عام ٢١٠٤، الأمر الذي أتاح للشركات فرصة لتوسيع أنشطتها التجارية والاستثمارية من خلال المنتجات التأمينية الجديدة، وزيادة الاحتفاظ بأقساط التأمين والحد من تسربها للخارج، إضافة إلى إيقاف هجرة الأموال المحصلة من نشاطات هذا القطاع، بحيث لا تبقى شركات التأمين المحلية تعمل كوكلاء للشركات الإعادة الأجنبية العالمية، وتتمكن شركات التأمين من توسيع محفظة الاستثمار لديها، وتكون شريكاً حقيقياً مع الحكومة في تطوير البنية الأساسية للبلاد.

وأوضح الجمالاني أن التأمين الصحي لا يمكن الاستغناء عنه في الوقت الحالي سواء بالنسبة لأفراد أو المؤسسات نظرًا للارتفاع المتزايد على التكاليف والاستشارات الطبية والعلاج، الأمر الذي دفع العديد من الدول في العالم إلى جعل التأمين الصحي إلزاميًا وخاصة للعاملين والوافدين، كما أن هناك الكثير من الدول التي بدأت في تطبيقه نظرًا لأهميته.

ويفضل الجمالاني أن يكون هناك تسعير فني مناسب لتأمين الأقساط معتمد من قبل الهيئة العامة لسوق المال بالنسبة لشركات التأمين، وتسعير رسوم العلاج معتمد من قبل وزارة الصحة للمستشفيات والعيادات والصيدليات، للتحكم بالتضخم الصحي ولتفادى المنافسة الشرسة التي تنعكس سلباً على أداء الخدمات العلاجية بسلطنة عمان.

وتطرق الجمالاني إلى مساهمة قطاع صناعة التأمين في الناتج المحلي الإجمالي لسلطنة عمان في العام الماضي، إذ بلغت ١،٤٥٪، أما إجمالي أقساط التأمين المباشر فبلغت ٤٧٩،٨ مليون ريال عماني في نهاية العام الماضي مقارنة بمبلغ ٤٦٥،٨ مليون ريال عماني في عام ٢٠٢٠ مسجلة ارتفاع بنسبة ٣٪.

واستحوذ التأمين الصحي على ٣٤٪ من إجمالي أقساط التأمين، يليه تأمين المركبات ٢١٪، ثم التأمين على الممتلكات ١٦٪.

كما استحوذ التأمين الصحي على نسبة ٣٧،١٪ من إجمالي أقساط التأمين المباشر في نهاية النصف الأول من العام الجاري ٢٠٢٢ مقارنة بـ٣٥،٣٪ في الفترة نفسها من العام الماضي.

تحديات القطاع

وقال السيد ناصر بن سالم البوسعيدي، رئيس الجمعية العمانية للتأمين: إن شركات التأمين تواجه تحديات عديدة منها ارتفاع أسعار إعادة التأمين سنويًا وذلك نظرًا لتعرض سلطنة عمان المتكرر للأعاصير والحالات المدارية، حيث بلغ حجم التعويضات وتسوية المطالبات لشركات التأمين للمتضررين من إعصار شاهين ٦٢ مليون ريال عماني.

وأشار البوسعيدي إلى أن الشركات مستعدة لتطبيق التأمين الإلزامي على المنازل والمنشآت والمزارع في حالة وجود قرار ملزم على الأفراد من الهيئة العامة لسوق المال.

ومن بين التحديات التي تواجهها شركات التأمين ارتفاع قطع غيار السيارات وعدم توفرها أحياناً عند الوكيل أو الأسواق، إضافة إلى ارتفاع أسعار الأيدي العاملة، مؤكداً أن ارتفاع أسعار النفط والخطط الحكومية المختلفة تساهم بشكل مباشر أو غير مباشر إلى انتعاش قطاع التأمين.

أداء الشركات

وكان إجمالي الأقساط المكتتبة من قبل شركات التأمين العاملة في سلطنة عمان حققت نمواً بنسبة ١٠٪ في النصف الأول من العام، وبلغت ٢٩٧ مليون ريال عماني مقارنة بـ٢٧١ مليون ريال عماني في الفترة نفسها من العام الماضي.

وبلغ صافـي أرباح مسقط للتأمين في نهاية الربع الثاني ٤٧٣ ألف ريال عماني مسجلة انخفاضاً ١٦،٨٪ عن الفترة المماثلة من العام الماضي، بينما ارتفع إجمالي الأقساط المكتتبة ٢،٥٪ إلى ١٠،١ مليون ريال عماني مقارنة بالربع الثاني من ٢٠٢١.

أما العمانية لإعادة التأمين فقد بلغت أرباحها ٦٧٣ ألف ريال عماني في النصف الأول من العام مقارنة بـ٦٦٩ ألف ريال عماني للفترة نفسها من العام الماضي، كما ارتفع إجمالي الأقساط المكتتبة إلى ٢١،٩ مليون ريال عماني من ١٨،٢ مليون ريال عماني في نهاية حزيران/يونيو ٢٠٢١.

وسجلت الرؤية للتامين نموا قويا بنسبة ٤٣٠٪ لتصل إلى ٢٢٨ ألف ريال عماني مقارنة بـ٤٣ ألف ريال عماني في نهاية حزيران/يونيو ٢٠٢١، وبلغ إجمالي الأقساط المكتتبة ٩،٧٣ مليون ريال عماني محققة نموا يقدر بـ٢١٪.

وبلغ إجمالي الأقساط المكتتبة للتأمين الأهلية ١١،٣٦ مليون ريال عماني في النصف الأول من العام مقارنة ٩،٩١ مليون ريال عماني في الفترة نفسها من العام الماضي، مسجلة نمواً يقدر بـ١٥٪، بينما تراجعت أرباح الشركة قبل الضريبة ووصلت إلى ٢،٣ مليون ريال عماني من ٣،٦٠ مليون ريال عماني في نهاية حزيران/يونيو ٢٠٢١.

وحققت العمانية القطرية للتأمين نمواً قوياً في إجمالي الأقساط المكتتبة ٢٠٪ لتصل إلى ١٨،٩ مليون ريال عماني مقارنة بـ١٥،٧٧ مليون ريال عماني في النصف الأول من العام الماضي.

وقالت الشركة: من المتوقع أن تشهد الفترة المقبلة المزيد من التخفيض في معدلات الأقساط التأمينية الأمر الذي يشكل تحدياً حقيقياً لقطاع التأمين، موضحة أنها سوف تركز على النمو المدفوع بإجمالي الاكتتاب مع إدارة حكيمة للمخاطر وتحسين شامل في مستوى خدمات الزبائن، إضافة إلى تركيزها على زيادة أعمالها في قطاع تأمين المركبات.

وارتفعت أرباح ظفار للتأمين إلى ٢،١ مليون ريال عماني في النصف الأول من العام مقارنة بـ١،٧٨ مليون ريال عماني في نهاية حزيران/يونيو ٢٠٢١، كما ارتفعت إجمالي قيمة الأقساط المكتتبة ٣٨،٦٨ مليون ريال عماني مقارنة بـ٢٩،٧٢ مليون ريال عماني في الفترة نفسها من العام الماضي.

أما التأمين العربية فالكون سجلت خسائر في النصف الأول بنسبة ٦٠٪ لتصل إلى ٣٤٠ ألف ريال عماني من ٨٥٤ ألف ريال عماني في حزيران/يونيو ٢٠٢٢ نظرًا لانخفاض إيرادات الاستثمار وزيادة مصاريف التشغيل.

وقالت: إن هذا العام يشكل تحدياً كبيراً لقطاع التأمين من حيث الزيادة في المطالبات المبلغ عنها، ولذلك تعمل الشركة على زيادة محفظة التأمين المربحة ومواصلة الترشيد في المصاريف لتحقيق أرباح اكتتابيه في نهاية العام.

كما سجلت الوطنية للتأمين على الحياة والعام خسائر، إذ وصلت أرباحها في النصف الأول من العام ٣،١ مليون ريال عماني مقارنة بـ٤،٩ مليون ريال عماني في نهاية حزيران/يونيو ٢٠٢١، نظراً لانخفاض الربحية من تأمين المركبات، وغياب المكاسب المقطوعة عن بيع السندات، بينما حققت إجمالي الأقساط المكتتبة نموا يقدر بـ١١٪ لتصل إلى ٩٤،٦ مليون ريال عماني.

كما انخفضت أرباح العمانية المتحدة للتأمين ٦٣٪ إلى ٨٩١ ألف ريال عماني من ٢،٤٢ مليون ريال عماني في نهاية حزيران/يونيو ٢٠٢١، ويعود ذلك بشكل أساسي إلى ارتفاع معدل مطالبات المركبات إلى جانب الانخفاض الهامشي في دخل الاستثمار.

وعلى مستوى التأمين التكافلي، حققت تكافل عمان للتأمين نمواً في إيراداتها بنسبة ١٦٪، إذ بلغ إجمالي الاشتراكات ١٧،٦ مليون ريال عماني مقارنة بـ١٥،٢ مليون ريال عماني في النصف الأول من عام ٢٠٢١، نظرًا لتنويع محفظتها من مخاطر التكافل مع التركيز على التأمين على الحياة والتكافل الصحي.

أما المدينة تكافل فقد سجلت أرباحاً تقدر بـ٧٠٧ آلاف ريال عماني مقارنة بـ١،١٩٦ ألف ريال عماني في نهاية حزيران/يونيو ٢٠٢١.

وقالت الشركة: إن تحسن أسعار النفط وخطط الحكومة المتنوعة أدى إلى تعزيز الوضع الاقتصادي في سلطنة عمان مما سيكون له الأثر الإيجابي على قطاع التأمين.