كيف سيغير الاستثمار في التكنولوجيا الحديثة مستقبل صناعة التأمين؟
بعد أن أكملت أول سباق جري لها لمسافة خمسة كيلومترات، كانت أنيت بول تغرق في البكاء عند تحقيق هذا الإنجاز.
كانت هذه هي الخطوة الأولى في رحلة بدأت من ٢٠١٩، خسرت فيها مدرسة الموسيقى (٥٦ عاماً)، من كوفنتري أكثر من ١٩ كيلوجراماً من وزنها، ووضعت لها نظاماً جديداً من التمارين الشاقة كل يوم تقريباً من أيام الأسبوع.
قصة بول هي نوع من القصص الملهمة عن تطوير الذات التي تزدهر على وسائل التواصل الاجتماعي، ولكن الشيء الأكثر غرابة هو الشركة التي تنسب لها الفضل في استمرارها: شركة التأمين الخاصة بها.
كان لبرنامج قائم على النقاط قدمته شركة فايتالتي للتأمين على الحياة والصحة، يستخدم جهازاً يمكن ارتداؤه لتتّبع النشاط البدني ويقدم مزايا وقسائم مالية عند إحراز تقدم، دور أساسي في تغيير أسلوب حياتها.
تقول بول: «خلاصة القول هي أنه التأمين، لكن ما مكّنني من القيام به هو أن أصبح أكثر صحة. لقد غيّر بالتأكيد أسلوب حياتي الآن».
إنه مجرد مثال واحد على التحول الذي يعيد تشكيل قطاع التأمين الذي أسس منذ قرون، والذي تغذيه التكنولوجيا الجديدة والبيانات التي تجمعها شركات التأمين بشكل متزايد عن عملائها في الوقت الفعلي.
تسمّيه شركة فايتالتي «تأمين القيم المشتركة»، ويطلق عليه آخرون «التأمين النشط»، لكن الفكرة الأساسية هي نفسها – التركيز بشكل متزايد على منع المطالبات وتخفيفها. تأمل شركات التأمين في الحد من احتمالية ومقدار المدفوعات الكبير، من خلال العمل مع المستهلكين والشركات لتغيير سلوكياتهم وتقليل المخاطر التي يتعرضون لها.
كانت الوقاية عنصراً من عناصر صناعة التأمين لعدة قرون. في أعقاب حريق لندن العظيم، قامت شركات التأمين على الممتلكات في القرن الـ١٧ بتشغيل خدمات الطوارئ الخاصة بها، حيث سعت إلى حماية أنفسها وعملائها. لطالما حثت شركات التأمين العملاء على اتخاذ مزيد من التدابير لتجنب السرقات التي قد تنتج عنها مطالبات، بداية من أجهزة الإنذار ضد السرقة في المنازل إلى أقفال العجلات في السيارات.
لكن التكنولوجيا الأكثر ذكاء والمتاحة على نطاق واسع تعني أن شركات التأمين يمكنها الآن التدخل مبكرا وبطرق أكثر تنوعاً – وهي عملية متسارعة بدأت بتغيير أجزاء كبيرة من الصناعة.
تقوم الشركات بتجربة هذه الأنواع من الأدوات في التأمين الصحي منذ أكثر من عقد. أصبحت الآن بارزة بشكل متزايد في مجالات يمتد نطاقها من الفيضانات إلى الهجمات الإلكترونية. أطلقت شركة سي إف سي للتأمين الإلكتروني على خدماتها الداعمة اسم «شاحنات الإطفاء الرقمية».
يقول جوليان تيكي، المؤسس المشارك لشركة ويفوكس لتكنولوجيا التأمين: «إننا نستثمر بكثافة في الوقاية من المخاطر (…) من أجل المساعدة في تحويل التأمين من مجرد الدفع إلى مساعدة الناس بشكل أساسي على فهم المخاطر المتعلقة بهم وتقليلها». جمعت الشركة ٤٠٠ مليون دولار من المستثمرين في وقت سابق من هذا الشهر في جولة التمويل الأخيرة الخاصة بها، وأنشأت أخيراً فريقاً بحثياً في باريس لدفع جهودها الوقائية.
التركيز المتنامي على الوقاية دفع بعض قادة الصناعة إلى التساؤل عن الشكل الذي ستبدو عليه شركات التأمين في المستقبل. يتساءل البعض، على وجه الخصوص، عما إذا كان توفير التغطية التأمينية – المخاطر المالية التي تتحملها شركات التأمين، والتي كانت العمود الفقري للصناعة – سينتهي بها المطاف لتكون عنصراً واحداً فقط في حزمة أوسع من الخدمات.
قال رافائيل فولييرم، الرئيس التنفيذي لشركة لوكو لتكنولوجيا التأمين المنزلية، في وقت سابق من هذا العام: «إذا أصبحت الوقاية حقاً سوقاً جماهيرية، سيكون منتج التأمين مكوناً أصغر في مجموعة أوسع من الخدمات». وتوقع أن يكون الفائزون المجموعات التي تركز على التكنولوجيا واعتادت على بناء تلك الخدمات.
تقدم شركات التأمين الوقاية كأداة حيوية في التعامل مع الفاتورة المتنامية من المخاطر، مثل أزمة السمنة والهجمات السيبرانية والظروف المناخية القاسية.
بالنسبة إلى شركات التأمين على الحياة والتأمين الصحي، فإن الهدف هو تشجيع العملاء على أن يكونوا أكثر لياقة وأطول عمراً، وبالنسبة إلى شركات التأمين السيبراني، فإن الهدف هو ضمان عدد أقل من الهجمات السيبرانية التي تخترق دفاعات عملائها، أما شركات التأمين على السيارات فهي تهدف إلى أن يكون السائقون أكثر أماناً، وبالنسبة إلى شركات التأمين على المنازل، فهذا يعني الحد من الأضرار الناجمة عن الفيضانات، واكتشاف التسريبات في وقت مبكر.
يتم تحفيز العملاء من خلال الوعد بتخفيض أقساط التأمين إذا قلّلوا من مخاطرهم، وينبغي أن تعزز هوامش ربح الشركات إذا كان الانخفاض في المطالبات يفوق تلك الخصومات.
أنشأت «زيورخ»، إحدى أكبر شركات التأمين في أوروبا، وحدة خدمات مرنة العام الماضي مع ٧٥٠ مهندساً مخاطر يعملون في ٤٠ دولة لمساعدة الشركات على تقييم مخاطرها والتخفيف من حدتها.
تقول سييرا سينيوريلي، رئيسة التأمين التجاري في شركة زيورخ: «نحن نريد إبقاء العملاء يعملون ونريد تقليل تكلفة المخاطرة عليهم». تضيف، أن تواتر العواصف وشدتها هما المحركان الرئيسان لاعتماد تدابير المرونة لدى الشركات.
أحد عملاء «زيورخ» هو شركة أودي لصناعة السيارات، التي تأثر مصنعها في نيكارسولم في جنوب غرب ألمانيا بسبب العواصف الماطرة والجارفة التي اجتاحت أوروبا في ٢٠١٦، حيث تدفق الطين والمياه إلى المصنع، ما أدى إلى إتلاف المعدات ووقف الإنتاج.
ثم عملت «أودي» مع مهندسي المخاطر في شركة زيورخ إضافة إلى المسؤولين المحليين وخدمات الطوارئ وأصحاب المصلحة الآخرين لتقوية دفاعات المصنع وتلك الخاصة بالمنطقة المحيطة، من ضمنها تركيب أحواض احتجاز جديدة.
عندما هطلت الأمطار الغزيرة العام الماضي، كان المصنع مجهزاً ومستعداً لذلك. بعد تنبيههم من خلال نظام الإنذار المبكر، تعاون العمال مع خدمات الطوارئ لتضخيم الحواجز الطويلة المملوءة بالمياه حول المنشأة. بفضل الإجراءات المضادة، كانت فاتورة الإصلاح النهائية أقل ولم يكن هناك حاجة إلى وقف الإنتاج.
سوق التأمين السيبراني تتحول بشكل متزايد إلى مزيج من الحماية والتغطية: يعمل مزودو الخدمات مع الشركات لإصلاح الثغرات في دفاعاتهم الرقمية، ووضع تدابير أمنية إضافية في المكان وتقديم خدمات الطوارئ لاستعادة الأنظمة والبيانات بعد الهجمات.
تعد شركة كواليشن للتأمين السيبراني واحدة من عدد متنام من الشركات في هذا القطاع من السوق وتولي اهتماماً كبيراً لخدماتها الأمنية يوازي ما توليه لسياساتها التأمينية.
يقول جوشوا موتا، الرئيس التنفيذي للشركة، وهو محلل سابق في وكالة المخابرات المركزية الأميركية: إننا ننظر إلى عملائنا كما لو كنا نلعب بالهجوم، فنحن نبحث عن العملاء المتميزين والبارزين.
تقول شركة كواليشن، إنها تقوم بمسح أكثر من خمسة مليارات عنوان بروتوكول إنترنت أكثر من ٤٠٠ مرة في الشهر بحثاً عن نقاط الضعف. قد يكون ذلك برنامج ضار في نظام العميل، أو نظاماً لم تصحّحه الشركة ويكون عرضة للاختراق من قبل القراصنة.
تطالب بعض شركات التأمين الآن بأن يكون لدى الشركات وسائل حماية أساسية، مثل التحقق متعددة العوامل من أجل الحصول على تغطية من التأمين، حيث يستجيب القطاع للزيادة في هجمات فيروسات الفدية.
يعد التأمين على المنزل أحد الجبهات في الجهود المبذولة من أجل الوقاية. «أفضل تجربة للمطالبات هي تجنبها تماماً»، كما يقول ريك مكاثرون، الرئيس التنفيذي لشركة هيبو للتأمين على المنازل والمدرجة في بورصة نيويورك، والتي تزود عملاءها بمجموعة من أنظمة الكشف من بينها أجهزة استشعار التسريب، وأجهزة إنذار الدخان وكاشفات الحركة كمحاولة من الشركة لتفادي المطالبات. يمكن لمن يستخدم النظام أن يحصل على خصم على تأمينه – فقط في حالة إبقاء النظام مفعلاً طيلة الوقت.
يجادل مكاثرون بأنه سيؤدي إلى تغيير جوهري في أعمال الشركة التجارية. يقول: «إننا لسنا شركة للتأمين على المنازل. بل نحن شركة حماية منزلية». العام الماضي، أعلنت الشركة عن نموذج شراكة مع شركات بناء المنازل في الولايات المتحدة لتركيب صمامات الإغلاق التلقائي في المباني الجديدة قالت إنها ستقلل «بشكل كبير» من تكاليف التأمين.
تستثمر شركات التأمين حول العالم في أنظمة الكشف عن التسريب لوقف أحد أكثر المصادر الشائعة لمطالبات التأمين على المنازل. تقدر شركة أوندو للتأمين المتخصصة بهذا المجال والمدرجة في بورصة لندن، أن التكنولوجيا الخاصة بها تقلل المطالبات المتعلقة بأضرار المياه ٧٠ في المائة: أي ما يعادل نحو تسعة مليارات جنيه استرليني من مدفوعات تسرب المياه السنوية للصناعة في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة معاً.
تحاول شركات التأمين الكبرى والشركات الناشئة استغلال تكنولوجيا اكتشاف ومنع التسرب في سعيها إلى ضبط أحد الأسباب الرئيسة لمطالبات التأمين على المنازل: وهو تسرب المياه. بعض هذه الشركات تقدمها إلى جانب الأدوات الذكية الأخرى، مثل مستشعرات الحركة المتصلة وأجهزة الكشف عن الدخان في سبيل مكافحة المخاطر الكبيرة الأخرى.
أعلنت شركة أوندو الشهر الماضي أن شركة أدميرال للتأمين، المدرجة في مؤشر فاينانشيال تايمز ١٠٠ والتي تضم أكثر من مليون عميل للتأمين على المنازل في المملكة المتحدة، وافقت على تقديم التكنولوجيا الخاصة بها إلى ٢٠ ألف شخص من حاملي بوالص التأمين في إطار تجربة يمكن أن تؤدي إلى انتشار أوسع للتكنولوجيا.
يمكن لتلك المطالبات أن تؤدي أيضاً إلى العمل بإجراءات وقاية أفضل عن طريق كشف نقاط الضعف وإيجاد حلول لها. قام برنامج فلود ري لإعادة التأمين الخاص بمخاطر الفيضانات في المملكة المتحدة، في وقت سابق من هذا العام، بإطلاق برنامج «إعادة البناء بشكل أفضل» بالتعاون مع شركات التأمين.
يصبح بإمكان العملاء من حملة هذه البوالص، والذين يتقدمون بمطالبات التعويضات بسبب الفيضانات، أن يتلقوا مبلغاً قد يصل إلى عشرة آلاف جنيه استرليني لجعل منازلهم أكثر تحملاً لها، مثل تركيب أبواب مقاومة للفيضانات وأرضيات من البلاط ورفع المقابس الكهربائية للأعلى.
تستخدم شركة جيو إكس الصور الملتقطة من الجو وبيانات أخرى لبناء صورة ثلاثية الأبعاد للممتلكات العقارية لكي تقيس بها المخاطر، مثل حالة السقف للمبنى، من أجل توجيه العملاء لاتخاذ التدابير الوقائية.
طورت شركات التأمين التكنولوجي على السيارات مجموعة من الابتكارات في محاولة منها لتجنب المطالبات. استخدام البيانات في الوقت الحقيقي في نماذج الضمان للشركات الناشئة مثل «زيجو» في المملكة المتحدة و«روت» المدرجة في بورصة نيويورك، سمح بمكافأة الأشخاص على قيادتهم الآمنة، في أحدث تكرار بوالص تأمين الدفع بحسب كفاءة قيادة المركبات. يتحدث المسؤولون التنفيذيون بشكل متزايد عن كيفية تقديم ملاحظات للعملاء من أجل التأثير في سلوكهم.
طورت شركة باي مايلز في المملكة المتحدة والمختصة بالتأمين التكنولوجي على السيارات، عمليات التواصل مع العملاء في حالة تحذيرهم من الطقس، وتشجيعهم على نقل مركباتهم إلى أماكن مرتفعة، كما يقول جيمس بلاكهام الرئيس التنفيذي للشركة.
في حادثة أخرى وقعت أخيراً، تمكن أحد العملاء في مدينة شيفيلد في إنجلترا من تحديد موقع سيارته المسروقة ليجدها في موقف سيارات تابع لأحد الأفرع المحلية لسلسلة مطاعم كيه إف سي، وذلك باستخدام تكنولوجيا تتبع السيارات التي تقدمها شركة باي مايلز.
يقول بلاكهام عن هذه الحالات، إن الأمر ينتهي ببعض العملاء إلى عدم التقدم بمطالبة على الإطلاق. أضاف: «يستعيد معظم الناس سيارتهم، ومقارنة بدفع الفائض الخاص بهم، هذا لا معنى له. قد تحتاج السيارة إلى جولة تنظيف من الداخل، أو شيء من هذا القبيل».
ربما يقدم التأمين على الحياة والتأمين الصحي أفضل الآمال لهذا النهج الاستباقي للمخاطر، الذي يدعمه الاستخدام المتزايد للأجهزة القابلة للارتداء، إضافة إلى نماذج الضمان في الوقت الفعلي والتي تكون أكثر تطوراً.
تتحدث شركات التأمين بحماس عن إمكانية استخدام البيانات الجينية لعملائها من أجل إدارة المشكلات الصحية قبل حدوثها بأعوام، على الرغم من أن استخدام هذه البيانات كان أمراً مثيراً للجدل إلى حد كبير وعادة ما يخضع للتنظيم الصارم.
في الأعوام الأخيرة، ظهرت موجة من الشركات الناشئة تعد العملاء بأقساط أقل مقابل قيادة أكثر أماناً، عبر استخدام تطبيقات على الهاتف المحمول لجمع البيانات السلوكية ومحاولة التأثير في العملاء باستخدامها. أما شركات التأمين الأكبر حجماً، التي تستخدم وسائل الاتصال عن بعد لأكثر من عقد من الزمن لتقديم بوالص تأمين الدفع بحسب كيفية القيادة، فقد ضخت استثمارات في التكنولوجيا التي توفر ملاحظات ونصائح مخصصة للعملاء بناءً على أسلوب قيادتهم.
تقدم شركة بينج آن في الصين، وهي واحدة من أكبر مجموعات التأمين من حيث القيمة السوقية، تغطية صحية تمنح من تم تشخيصهم بمرض السكري من النوع الثاني، نظاماً غذائياً محدداً وخطة لممارسة التمارين من أجل تقليل مخاطر تعرضهم للمضاعفات. امتثال العملاء لمتطلباتها يمكن أن يعني حصولهم على خصم في قسط التأمين.
لكن بعض المراقبين في الصناعة يشعرون بالقلق حول الحالة التي ستصل إليها العلاقة الوثيقة بين شركات التأمين وعملائها.
يقول دنكان مينتي، مستشار مستقل لأخلاقيات التأمين: «لا أحد يتحدث عن الجانب السلبي على الإطلاق. ولأن المخاطر تحدث بالفعل، فستكون هناك حالات يمكن أن تتحسن فيها الظروف بالنسبة إلى المستهلكين، وأخرى تصبح سيئة لهم».
بينما تجادل شركات التأمين بأن حصولها على صورة أكثر تحديداً للمخاطر المحتملة للعميل يمكن أن يؤدي في الواقع إلى زيادة عدد الأشخاص الذين يمكنهم الحصول على التأمين – بمن فيهم الأفراد الذين لم تكن هذه الشركات مستعدة لتغطيتهم بالتأمين سابقاً.
لكن منتي يحذر من أن الأجهزة القابلة للارتداء وتكنولوجيا الوقت الحقيقي يمكن أن تؤدي إلى «تجميع البيانات»– أي الوصول إلى تفاصيل دقيقة حول سلوك العملاء وتحديثها باستمرار – والتي قد لا تتعلق بتفادي الخسائر، لكنها تتعلق بإنشاء ملف تعريفي أدق عن مخاطر العملاء يصب في مصلحة شركات التأمين.
يقول إن هناك «فرصة حقيقية» ربما لا يحصل العملاء فيها على تأمين، أو أن يعرض عليهم دفع أقساط مرتفعة للغاية بحيث لا يمكنهم تحملها. كما يخشى منتي من أن تستخدم شركات التأمين البيانات لتحديد الشروط في البوليصة بحيث تتطلب من العميل الامتثال لها كشرط للحصول على التأمين.
من منظور الصناعة، من المحتمل أن يكون هناك منطق للتدمير الذاتي للوقاية. المطالبات هي شريان الحياة لشركات التأمين، والأساس الذي يسمح للشركات بفرض أقساط التأمين، لذا فإن خفضها بشكل هادف يمكن أن يقلل إيراداتها المستقبلية.
غير أن كثيراً من المطالبات لا يمكن منعها. أندرو سكوت، الذي يرأس قسم البحث والتطوير في ذراع شركة فيتاليتي في المملكة المتحدة، يقسم المخاطر إلى مخاطر قابلة للتعديل، وأخرى غير قابلة للتعديل.
يقول إن ذلك يوفر أيضاً إجابة عن موضوع الإنصاف. يضيف سكوت: «نحن نجادل بأنه من المنصف للناس أن يدفعوا مقابل المخاطر التي يسببونها، في حال كانوا قادرين على تغيير تلك المخاطر».
كانت شركات التأمين على الحياة والتأمين الصحي من أوائل من تبنى استخدام التكنولوجيا القابلة للارتداء والتكنولوجيا التي تقدمها تطبيقات الهواتف المحمولة لتحفيز عملائها على التمتع بصحة أفضل، مقابل وعدهم بتخفيض تكاليف التأمين وتقديم مزايا أخرى، حيث يمكن لتقليل مخاطر الإصابة بالأمراض الخطيرة أن يؤدي إلى منع المطالبات أو تخفيضها، وأن طول العمر لعملاء التأمين على الحياة يعني حصول الشركات على مزيد من أقساط التأمين على البوالص العادية.
يضيف، أن الفاتورة المخفضة للمطالبات، والتي تأتي من المحافظة على صحة العملاء «متوازنة» أكثر مما قد يكونون بغير ذلك من خلال تقديم مدفوعات لإجراء تشخيصات، وكذلك الحصول على علاجات أكثر تقدماً.
يعتقد بعض الخبراء في الصناعة بأن مزيداً من الوقاية والحماية يتمحور حول تقليل أولوية التغطية التأمينية ضمن الخدمات التي تستطيع الشركات أن تقدمها.
لكن ذلك قد يضع شركات التأمين في منافسة أكبر مع مجموعات التكنولوجيا والخدمات الأخرى. نحو نصف الأشخاص الذين توظفهم شركة كواليشن للتأمين السيبراني هم من مهندسي البرمجيات. أما شركة أوندو، التي أعلنت أنها أول شركة للتأمين التكنولوجي في المملكة المتحدة مدرجة بعد انضمامها إلى بورصة لندن في وقت سابق من هذا العام، قد تفرعت من شركة هوم سيرف، التي توفر خدمات الإصلاح المستعجلة لأشياء متنوعة مثل سخانات المياه.
يبقى السؤال مفتوحاً عما إذا كانت بعض أنواع التكنولوجيا الجديدة تؤدي بالفعل إلى انخفاض نسبة الخسائر، وهو مقياس رئيس للربحية يظهر المطالبات كنسبة من الأقساط.
عانت بعض شركات التأمين رفيعة المستوى، مثل شركة روت، خسائر تأمين كبيرة أثناء محاولتها تنمية أعمالها – يرجع ذلك جزئياً إلى الزيادة في المطالبات التي يجلبها العملاء الجدد. هذا يحجب وجهة النظر المتمثلة فيما إذا كانت التكنولوجيا الحديثة والتنبيهات حول السلوكيات تساعدهم بالفعل على تسعير المخاطر بصورة أكثر فاعلية.
يمكن أن تكون هناك مكافأة أخرى فورية، وهي بناء علاقة أعمق مع العميل، الذي قد لا ينتقل بسهولة إلى شركة تأمين أخرى.
تقول بول عن البرنامج الذي تتبعه: «أعتقد أنني حصلت على كثير منه. بالتأكيد، لقد غير أسلوب حياتي الآن».
Comments are closed.