انعقد في المجلس الإقتصادي والإجتماعي حوار تشاركي حول مشروع «الموازنة العامة و تأثيرها على الاوضاع الاقتصادية الاجتماعية والمعيشية»، شارك فيه رئيس المجلس شارل عربيد، رئيس لجنة المال والموازنة النائب ابراهيم كنعان، رئيس لجنة الإقتصاد النائب فريد البستاني، رئيس الهيئات الاقتصادية الوزير السابق محمد شقير، رئيس الاتحاد العمالي العام الدكتور بشارة الأسمر، نائب رئيس الاتحاد سعد الدين حميدي صقر والمدير العام الدكتور محمد سيف الدين.
وحضر اللقاء: رئيس جمعية تجار بيروت نقولا شماس، نائب رئيس جمعية الصناعيين جورج نصراوي، رئيس جمعية شركات الضمان ايلي نسناس، عميد الصناعيين جاك صراف، نقيب مقاولي الأشغال العامة والبناء مارون حلو ونقيب أصحاب «السوبرماركت» نبيل فهد.
استهل شارل عربيد اللقاء، وقال في كلمة: «نتطلع الى يوم يصبح لدينا موازنة مجمعة متوازنة، واذا لم يصل الهدف بالسياسة العامة الى ان تكون السياسة متوازنة فسنبقى في حال عجز دائم».
ورأى «أن هناك حالتين لسد العجز: اما بالاستدانة وهذا لم يعد ممكنا او بحالة تضخمية لسد العجز، ولا يمكننا الاستمرار الا في حال وضع برنامج زمني في مدة محددة لنصل الى هذا الهدف، ويجب ان يكون هذا القرار وطنياً».
اضاف: «سمعنا من سعادتكم ان هناك سلة ضريبية تتألف من خمسة وسبعين بنداً ضرائبياً وهذا مخيف للغاية، ونحن في واقع كساد تضخمي ولم يعد ركوداً تضخمياً، وبالتالي فإنه لم يعد ممكنا تحمل اية رسوم اضافية».
وتابع: «اعربنا عن تخوفنا من وقع هذه الموازنة على الواقع الاقتصادي، ونعني هنا الاستثمارات وفرص العمل والبطالة. موضوع آخر وهو تكامل السياسة المالية مع السياسة النقدية، فنظام الدفع هو اساسي لانتظام الوضع الاقتصادي في لبنان، وعلينا التفكير سوياً عن طريقة لتنظيم طريقة الدفع.
وفي الوضع الاجتماعي، نحن نتطلع الى مقاربة اجتماعية تحمل عنوانين أساسيين وهما: تكافؤ الفرص، والاهم الطموح الى سياسة تؤكد على تحويل حاجات المواطنين الى حقوق، فيتحقق التوازن بين قوى الانتاج والسلطة التنفيذية».
ثم تحدث النائب ابراهيم كنعان، فاعتبر «ان هدف اللقاء هو التواصل في ظل الظرف الاستثنائي الذي نعيشه، والمكان الصالح للحوار هو المجلس الاقتصادي الاجتماعي الذي يضم مختلف الهيئات والنقابات، من القطاعين العام والخاص».
وشدد كنعان على «ان هناك بعض الأمور التي تحتاج الى توضيح، حتى لا يتم الوقوع في خطأ التعميم»، مؤكداً «ان من يعد الموازنة التي لم تصل بعد الى المجلس النيابي هي الحكومة. وهذه الموازنة «مش ميزانية» وليست مجرد تجميع للأرقام وتعويض النقص بالواردات من خلال زيادة الضرائب».
ورأى كنعان «أن مسؤولية الحكومة انتاج رؤية، لا المجلس النيابي، ولا لجنة المال والموازنة، التي ليست وزارة مال أو وزارة اقتصاد، و«مش شغلتها» طبخ رؤية الموازنة. بل هي مسؤولية الحكومة، التي يجب أن ترتكز موازنتها على رؤية اقتصادية واضحة، والاصلاحات التي يجب أن ترد، ومن بينها القطاع العام الذي بح صوتنا في لجنة المال من خلال ملف التوظيف العشوائي، وتبين لنا وجود أكثر من ٣٢ ألف وظيفة غير قانونية».
واعتبر كنعان أن «مسؤولية الدولة ألا تصبح غير شرعية، وبلا رقابة ولا رقماً صحيحاً، وقطوعات حساباتها لا تزال في ديوان المحاسبة على رغم تدقيق ورقابة لجنة المال وتقرير وزارة المالية الذي حدد وجود ٢٧ مليار دولار غير معروفة كيفية الانفاق».
وسأل كنعان «اين الرؤية بالموازنة؟ وهي ليست بالطبع كناية عن تعديلات ضريبية، لا تأخذ في الاعتبار انخفاض الناتج المحلي من ٥١ مليار دولار في العام ٢٠١٩ الى أقل من ٢٠ مليار دولار. فهل يعقل فرض ضرائب جديدة في ظل انكماش اقتصادي يصل الى ٩٠ في المائة ؟ ومن في قدرته أصلاً تسديدها؟».
وأشار كنعان الى أنه «في ضوء ما سبق، سنطرح على الحكومة عند وصول الموازنة إلينا، أليست الواردات المحددة وهمية ومنفوخة؟، مؤكداً «الحاجة الى موازنة، على أن تتضمن الاصلاحات المطلوبة وايقاف الاستدانة».
ولفت كنعان الى أن «القطاع الخاص هو موتور الانتاج، والتكامل مطلوب بينه وبين القطاع العام، بين «النظاف» في القطاعين لتحقيق المصلحة العامة، لا السيئين في القطاعين. والتعامي عن هذه المعادلة سيوصلنا الى أسوأ مما نحن عليه. واصلاح هذه المعادلة يؤدي الى اصلاح الممارسة وانتاج موازنة فعلياً».
واشار كنعان الى أن «الموازنة لا تزال في وزارة المال وتخضع للتعديلات التي جرى الاتفاق عليها في مجلس الوزراء، ولم توقع مراسيم احالتها، ولجنة المال لم تتسلم بعد الصيغة النهائية لها، وسيكون لديها ملاحظات عديدة عليها».
وقال: «أموال الناس مجمدة في المصارف، وبات لدينا ٥٠ سعر صرف. و»عمهلكن شوي» على الدولار الجمركي والدولار الضريبي، لأن ذلك يؤدي الى قتل الاقتصاد وتبخر الودائع».
وأكد كنعان «رفض تحميل الناس نتائج السياسات النقدية والمالية الفاشلة التي انتهجت على مدى سنوات».
وختم كنعان: «نحن لا نشتكي، بل نفعل ونراقب. والمطلوب من المسؤولين الآخرين الحذو حذونا. وعلى القاضي أن يحاسب، وأن يكون مستقلاً، ويجب تأمين استقلالية القضاء بالقانون والتطبيق، ليكون لدينا حكومات تحترم القوانين، والاّ فستحاسب».
وقال النائب فريد البستاني في مداخلة: «منذ أن دخلت الندوة البرلمانية وأطلعت على الموازنة، عرفت اننا في دولة مفلسة»، مشدداً على «ضرورة تحقيق العدالة الاجتماعية عن طريق تصحيح الاجور على ان يرافق ذلك ضبط لسعر صرف الدولار».
ورأى البستاني «لا يمكننا «تسكير» عجز الدولة عن طريق فرض الضرائب. فالدولة المتعثرة لا يمكنها فرض ضرائب»، مشدداً على «ضرورة اطلاق العجلة الاقتصادية وضبط مستوى الاستيراد».
واذ رأى «اننا في فترة تقشف ربما تستمر لـ ٣ سنوات أو أكثر»، أشار الى انه «يجب ضبط الكماليات لا تسفيرها»، مستغرباً «الا يكون هناك قطع حساب منذ ١٠ سنوات».
واعتبر البستاتي «ان التوقف عن دفع سندات «اليوروبوند» خطوة خاطئة وهي من أسباب الانهيار».
وتناول بشارة الأسمر في مداخلته موضوع «الموازنة وما تضمنته من ضرائب ورسوم على الدولار الجمركي»، مشيراً الى ان الامر سوف يؤدي الى «رفع اسعار السلع والمزيد من التهريب والتهرب الضريبي لا سيما ان الحدود مشرعة وفي ظل غياب الرقابة».
كما ركز على «ضرورة الحوار بين الوزارات المعنية: الزراعة والاقتصاد والمالية حول اعفاء السلع الاساسية والسلع الغذائية من الدولار الجمركي المقترح مع رفضنا المطلق لمبدأ الدولار الجمركي».
وشدد الاسمر على انه «في بلد لا يوجد فيه نمو والناتج المحلي في انخفاض كبير، فإن سياسة الضرائب لن تؤدي الى اي نتائج ملموسة، سيما ان السؤال هو من سيدفع تلك الضرائب؟»
ولفت الاسمر الى «واقع الحوار مع الهيئات الاقتصادية من أجل ايجاد حد أدنى جديد للاجور، وللواقع الاستشفائي ودعم الضمان والصناديق الضامنة، اضافة الى عدم وجود اي رؤية صحية او اجتماعية او اسكانية واضحة في الموزانة وعدم تضمنها اي ناحية اصلاحية محفزة للإنتاج».
وأكد الاسمر أهمية «مراعاة واقع مهم في البلاد الا وهو الواقع الاصلاحي».