نعيش اليوم في جو الإنتخابات النيابية من جهة، التي نتمنّى أن توصِل بعض رجال الدولة الحقيقيين الى المناصب. كما نشهد في الوقت عينه اهتراءً تاماً وانهياراً دراماتيكياً لكل مؤسسات الدولة الحيوية من جهة أخرى.
نبدأ بمؤسسة كهرباء لبنان التي لم تعد تستطيع أن تلبّي وتؤمّن التيار الكهربائي لأكثر من ساعة واحدة أو ساعتين في الساعات الـ٢٤، في معظم المناطق اللبنانية، فيما بعض المناطق محرومة كليّاً من ساعات التغذية. فمن الوعود الوهمية لتأمين الكهرباء ٢٤/٢٤ منذ أكثر من ٣٠ عاماً من قبل عدد كبير من المرشحين أو أحزابهم، ها نحن في صلب حقيقة وليس سراً على أحد أنّ الدولة باتت عاجزة عن تمويل وقود أو تأمين الصيانة لمعدات الكهرباء، في وقت بات قريباً، ستصل فيه مؤسسة كهرباء لبنان، وتكون عاجزة عن الإستمرار وتأمين التيار في القرن الـ٢١ حيث نعيش فيه زمن الجاهلية.
من جهة أخرى، إن جزءاً من اللبنانيين يُحاول أن يؤمّن العيش الكريم بواسطة العمل وبيع خدماته ومعرفته عبر الأونلاين، واستقطاب بعض أموال الـ«فريش»، للتعايش في هذا التضخم المخيف. اما الشركات العامة والخاصة للإتصالات فمهدّدة بقطع شبكة الإنترنت، لأنها لم تستطع تسديد إلتزاماتها المالية إلى الشركات الأم الإقليمية والدولية.
فقطعُنا عن الشبكات الدولية للإتصالات سيكون عزلنا كلياً عن العالم، وخطف وحبس شعب بكامله. بالإضافة الى ذلك، كنّا ندّعي القول انّ حبل الخلاص للإقتصاد اللبناني هم المغتربون اللبنانيون، من خلال تحويلاتهم، واستثماراتهم وايضاً الزيارات التي يقومون بها لبلدهم الأم، إلاّ أننا بتنا نشك بأن يزور المغتربون لبنان، فيما خدمات بناه التحتية باتت عاجزة عن تلبية أدنى متطلباتهم المعيشية، علماً أن السياحة في لبنان مهدّدة في ظل عجز مطار بيروت الدولي عن تأمين أدنى متطلبات الصيانة للطائرات، حيث سيمتنع جزء من شركات الطيران الدولية عن الهبوط في مطار بيروت لإنعدام الصيانة، او السلامة العامة، فضلاً عن تراجع الخدمات الأبسط مثل تأمين «الكاراجات» ومعدّات توصيل الحقائب.
ونلاحظ أيضاً أن الوزارات اللبنانية فقدت كل مقوّمات خدماتها، ولم يعد لديها أقل القرطاسيات البسيطة أو حتى الأوراق البيضاء، لتلبية حاجات المواطنين الأساسية وتأمين مستنداتهم كالعقارية وغيرها.
أما الجريمة الكارثية الجديدة وعلى جميع الأصعدة، فهي توقّف العمل عن إعطاء المواطنين اللبنانيين جوازات السفر، الباسبورات وهو أقل من الحد الأدنى من حقوقهم البديهية.
فبعدما أطاحوا بسمعة بلادنا، واغتالوا تاريخنا وجذورنا، وأغرقوا بلادنا واقتصادنا في وحول الفشل، وأجبروا شعبنا على التسوّل أمام السفارات للحصول على تأشيرة سفر أو الفيزا مع حظوظ ضئيلة، ها هم يأخذون من الشعب ما تبقّى من كرامتهم وحقوقهم وحرياتهم وهي الحصول على الباسبور. للتذكير والتشديد مرة أخرى على أن الشعب محجوز في حبس كبير ورهينة الجهل والفساد والفشل.
فكيف سيغادر الطلاب الطامحون لاستكمال دراساتهم في الخارج؟ وكيف سيسافر رجال وسيدات الأعمال اللبنانيين لمتابعة أعمالهم وإستقطاب العملات الصعبة؟ وكيف سينفتح لبنان على العالم وهو يتفكك وينغلق على بعضه بعضاً؟
فحين نستيقظ جميعاً بعد استحقاق ١٥ أيار/مايو، ومن بعد الوعود الوهمية والشعارات الشعبوية، سيكون الصائدون هم مَن يستقبلون التهاني على حطام سفينة قيد الغرق.