نمو الاقتصاد القطري يتجاوز ٤٪

سجّل الاقتصاد القطري على الرغم من تداعيات أزمة كورونا «‏كوفيد١٩»‏ التي واصلت تهديدها لاقتصادات العالم خلال العام ٢٠٢١، أداءً إيجابيًا لافتًا على مختلف المستويات، وذلك بفضل السياسات الرشيدة والنهج الاقتصادي المرن في إدارة الأزمة، والخطط الاستشرافيّة التي عززت قدرة دولة قطر على سرعة التعافـي والتأقلم مع المتغيرات، وضمان استمرارية الأعمال واستكمال المشاريع الحيوية في قطاع البنية التحتية، وغيرها من القطاعات. ولم يكن غريبًا أن تحتل دولة قطر المرتبة الأولى خليجيًا في مؤشر التعافـي الاقتصادي من جائحة كورونا «‏كوفيد١٩»، حاصدة أربع نقاط، وفقًا للمؤشر الذي أعدّته مجلة «‏ميد»‏ الاقتصادية العالمية ونشر في أغسطس ٢٠٢١، حيث أكد المؤشر أن الدوحة هي صاحبة أعلى درجة في مؤشر التعافـي الاقتصادي من تداعيات الجائحة، فاعتماد إيراداتها بشكل أساسي على الغاز الطبيعي وليس النفط، جعل وضعها المالي أكثر قوة.

وقد انعكس هذا الأداء الاقتصادي والمالي، في تقارير مؤسسات التصنيف الائتماني، حيث حافظت الدولة على ترتيبها المرتفع في التصنيفات الائتمانيّة وعلى النظرة المستقبلية المستقرة لاقتصادها، بالاستناد إلى مكانتها المالية، التي وفرت لها حماية من المخاطر المحتملة، فضلًا عن التطوير المستمر لقطاع الطاقة.

كما توقّع البنك الدولي في أحدث تقاريره أن ينمو الاقتصاد القطري بنسبة ٣ بالمئة في العام ٢٠٢١، وأن تتسارع وتيرته بنحو ٤،١ بالمئة في العام ٢٠٢٢ و٤،٥ بالمئة في العام ٢٠٢٣، بعد أن استوعب الصدمات الناجمة عن الوباء وعاد مرة أخرى إلى مسار النمو.

وتشير الأرقام الفصليّة، إلى أن الناتج المحلي الإجمالي للدولة حقق نموًا لافتًا في الربع الثاني من العام ٢٠٢١ وبنسبة ٥،٤ بالمئة، «‏١٥٦،٣»‏ مليار ريال مقارنة بـ«‏١٤٨،٣»‏ مليار ريال في الربع الأول. وقد شكلت مساهمة قطاع النفط والغاز ما نسبته ٣٦،٨ بالمئة، بنمو ١١ بالمئة، بينما شكل إجمالي القطاعات غير النفطيّة ما نسبته ٦٣،٢ بالمئة بنسبة نمو ٢،٤ بالمئة.

وشهد القطاع الصناعي الذي يعد أحد المحرّكات الرئيسية للتنمية، نموًا لافتًا بعد أن ارتفعت مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي من ٧،٣ بالمئة عام ٢٠٢٠ إلى ٨،٧ بالمئة في النصف الأول من العام ٢٠٢١، ليحتل المركز الرابع كأعلى الأنشطة مساهمة في اقتصاد البلاد خلال العام الجاري، ما يعكس نجاعة الإجراءات والتدابير التي اتخذتها الدولة والتي دعمت نمو مختلف القطاعات الاقتصاديّة الحيويّة في ضوء الخطوات الثابتة نحو تحقيق التنويع الاقتصادي وفق محددات استراتيجية التنمية الوطنية واستراتيجية قطر الوطنية للصناعة التحويلية ٢٠١٨ ‏ ٢٠٢٢. وفي مؤشر آخر يعكس الحركة الإيجابية للاقتصاد، حقق الميزان التجاري لدولة قطر (الفرق بين إجمالي الصادرات والواردات) خلال الربع الثالث لعام ٢٠٢١، فائضاً مقداره ٥٧،٨ مليار ريال مقارنة بالربع الثالث من عام ٢٠٢٠، حيث وصل إلى ١٩،٦ مليار ريال.

وبلغ إجمالي قيمة الصادرات القطريّة (بما في ذلك الصادرات من السلع المحلية وإعادة التصدير) خلال الفترة المذكورة ما قيمته ٨٢،٦ مليار ريال، بارتفاع قدره ٤١،٥ مليار ريال أي ما نسبته ١٠١،٠ بالمئة قياسًا بالفترة المماثلة من العام ٢٠٢٠ والذي سجل إجمالي صادرات بلغ ٤١،١ مليار ريال، وبارتفاع ١١،٧ مليار ريال أي بنسبة ١٦،٥ بالمئة مقارنة بالربع الثاني من العام ٢٠٢١.

وبلغت قيمة الواردات القطريّة خلال الفترة المذكورة ما قيمته ٢٤،٨ مليار ريال بارتفاع قدره ٣،٣ مليار ريال قطري بنسبة ١٥،٣ بالمئة مقارنة بالربع الثالث من عام ٢٠٢٠ الذي بلغ ٢١،٥ مليار ريال، وبانخفاض طفيف عن الربع الثاني من هذا العام ٢٠٢١.

وفي مؤشر على مدى التعافـي المستمر لقطاعي التصنيع والخدمات والإنشاءات خلال العام ٢٠٢١، أظهرت أحدث بيانات مؤشر مديري المشتريات التابع لمركز قطر للمال، تحسنًا قياسيًا في النشاط التجاري لشركات القطاع الخاص غير المرتبط بالطاقة في تشرين الأول/أكتوبر ٢٠٢١، ليسجل ارتفاعًا للشهر الخامس على التوالي، وبنحو ٦٢،٢ نقطة، من ٦٠،٦ نقطة في أيلول/سبتمبر من العام ذاته، وهو مؤشر يستند إلى خمس ركائز أساسية مثل الطلبات الجديدة، الإنتاج، التوظيف، مواعيد تسليم الموردين، والمخزون من المشتريات.

ويشير الارتفاع القياسي في معدل نمو النشاط التجاري الكلي إلى تسجيل معدلات نمو قوية في جميع القطاعات الرئيسية الأربعة، وهي: الخدمات، البيع بالتجزئة والجملة، الصناعات التحويلية والإنشاءات.

وفي سياق متصل، أظهر تقرير لغرفة قطر أن قيمة صادرات القطاع الخاص، حتى نهاية الربع الثالث من العام ٢٠٢١، بلغت نحو ٢٠،٩ مليار ريال، مقابل ١١،١ مليار ريال للفترة ذاتها من العام الماضي، محققة ارتفاعًا قياسيًا بنسبة تزيد على ٨٨ بالمئة. وسجلت الصادرات في أيلول/سبتمبر الماضي ارتفاعًا قياسيًا بلغ حوالي ٤،٩٨ مليار ريال، بنسبة زيادة وصلت إلى أكثر من ٣٥٠ بالمئة على أساس سنوي مقارنة مع الشهر المماثل من العام ٢٠٢٠ حين سجلت حوالي ١،٠٩ مليار ريال، كما ارتفعت بنسبة ١٦٤ بالمئة على أساس شهري مقارنة مع آب/أغسطس الماضي، الذي بلغت فيه قيمة الصادرات ١،٨٩ مليار ريال. وارتفع مستوى الصادرات خلال أيلول/سبتمبر ٢٠٢١، بنسبة كبيرة عن أعلى مستوى حققته الصادرات عند بداية فرض تدابير مكافحة جائحة «‏كوفيد١٩»‏ والذي كان في شباط/فبراير ٢٠٢٠.

ووفقاً للبيانات، فقد ارتفع مستوى الصادرات، عن قيمته البالغة آنذاك حوالي ١،٩٥ مليار ريال، بنسبة ١٥٥ بالمئة، كما ارتفع، وبنسبة كبيرة بلغت أكثر من ٧٧١ بالمئة، عن أدنى مستوى وصلت إليه الصادرات وكان ذلك في أبريل من العام ٢٠٢٠ والذي شهد تطبيق تدابير مكافحة الجائحة، حيث بلغت حينها حوالي ٥٧٢ مليون ريال فقط.

على صعيد استراتيجية الأمن الغذائي، حققت الدولة العديد من الأهداف خلال العام ٢٠٢١، حيث قفز حجم الإنتاج المحلي للخضراوات من حوالي ٦٦ألف طن، إلى حوالي ١٠٣ آلاف طن، والتي تحقق نسبة اكتفاء ذاتي بما يعادل ٤١ بالمئة، علمًا بأن نسبة الاكتفاء الذاتي المستهدفة في ٢٠٢٣ هي ٧٠ بالمئة من الخضراوات المحليّة، كما ارتفعت نسبة الاكتفاء الذاتي من التمور المحليّة إلى ٨٦ بالمئة حالياً، ومن المتوقع أن تصل النسبة إلى ٩٥ بالمئة بحلول العام ٢٠٢٣.

وحافظ حجم الإنتاج من الألبان ومنتجاتها على ذات المستويات في العام ٢٠٢٠، حيث حققت دولة قطر كامل الاكتفاء الذاتي وذلك بنسبة فاقت ١٠٦ بالمئة بحجم إنتاج وصل إلى ٢٣٠ ألف طن، إلى جانب تحقيق الاكتفاء الذاتي من استهلاك الدواجن الطازجة، حيث وصل حجم الإنتاج إلى ٢٨ ألف طن ونسبة الاكتفاء الذاتي إلى ١٢٤ بالمئة.

أما بالنسبة للحوم الحمراء، فقد ارتفع حجم الإنتاج منها ليصل إلى ١٢،٥ ألف طن، محققًا نسبة اكتفاء ذاتي تصل إلى ٢٤ بالمئة مقارنة بحوالي ٨ آلاف طن ونسبة اكتفاء ذاتي ١٦ بالمئة في العام ٢٠١٨، بينما ارتفع حجم الإنتاج المحلي من بيض المائدة إلى ١١ ألف طن، محققًا نسبة اكتفاء ذاتي تصل إلى ٣٥ بالمئة، مقارنة بحوالي ٦ آلاف طن ونسبة اكتفاء ذاتي ٢٠ بالمئة في العام ٢٠١٨، ومن المتوقّع أن تصل نسبة الاكتفاء الذاتي من بيض المائدة إلى ٧٠ بالمئة بحلول عام ٢٠٢٣.

ووضعت دولة قطر مجموعة متكاملة من الأهداف الثابتة، أهمها تلك المتعلقة بالطاقة المتجدّدة لتوليد ٢٠٠ ميغاواط من الطاقة الشمسية لخفض الانبعاثات ودفع الاستثمارات في اتجاه خيارات أنظف، بينما تسعى إلى أن تحتل مراتب عليا في قطاع النقل العام واستخدام السيارات الصديقة للبيئة. ومن الخطط الطموحة في هذا المضمار، أن تصل نسبة وسائل النقل العام الصديقة للبيئة بين ٢٠ إلى ٢٥ بالمئة، وذلك قبل انطلاق بطولة كأس العالم FIFA قطر ٢٠٢٢، علمًا أن كل هذا يضاف إلى المشاريع العملاقة الأخرى في قطاع النقل العام والتي تعمل بالطاقة النظيفة، مثل مترو الدوحة وشبكة الترام والحافلات الموفّرة للطاقة، ما سيؤدّي إلى تقليل الانبعاثات الناتجة عن العمليات أثناء البطولة. وقد شهدت شبكة النقل العام نقلة نوعية خلال السنوات الأخيرة.

 

 

 

Comments are closed.