ياسر البحارنة

خطة العودة الى مدار النجاح والتميز

* ان تشغل منصب الرئيس التنفيذي لشركة ترست ري في هذا الوقت بالذات يحمل تحديات كبيرة…

– ماهي الاسباب التي دفعتكم لقبول مثل هذه التحديات؟

لست غريباً عن الشركة، حيث انني شغلت منصب نائب رئيس مجلس الإدارة لمدة عام ونصف، بما أتاح لي الاطلاع على واقعها من مختلف النواحي الادارية والمالية والتنظيمية.

شعرت في قرارة نفسي أن الوقت بات ملائماً لتولي منصب الرئيس التنفيذي بالرغم من التحديات، لعلمي أن هذه الشركة كانت ولا تزال تحمل كل عوامل النجاح، فإنها تنبض باستمرار.

التحديات صعبة، لكن أكثر ما يطمئن ان العمل الجاد من شأنه أن يترك بصمات إيجابية وواضحة.

وافقت على أن أكون اداة لانقاذ الشركة من مشاكلها التي هيمنت عليها مسألة المستحقات بمنأى عن المطالبات أو الاستثمارات الغير موجهه او اي توسع قد يبدو غير مدروس. الأمر اذا كان متعلقاً بجزئية رأس المال وكيفية إعادته إلى ما كان عليه.

لا أنكر ان الصعوبات كثيرة والمواجهات متشعبة، خصوصاً ان وضع الشركة غير ثابت لناحية تحقيق الارباح والعائدات وتفاقم المشاكل الإدارية وتناقص رأس المال والأقساط وتراجع الثقة الممنوحة لها في الاسواق وبين الشركات المسندة والوسطاء وبشكل خاص سحب التصنيف المعطى لها من قبل شركات التصنيف العالمية.

لكن في مقابل كل ذلك، أرى أن العلاج لازال ممكناً والحلول متوافرة. ان حل تسوية المستحقات المعلقة من شأنه أن يدفع في إتجاه توفير الحلول الأخرى بسرعة قياسية، فيعيد للشركة دورها ومكانتها المميزين. وهذا ما نعمل من أجل تحقيقه بجد ونشاط.

* ما هي خطة العمل التي وضعتموها لمعالجة هذه المشاكل؟

بعد مشاورات ومناقشات ومحادثات بين المساهمين من جهة ومصرف البحرين المركزي من جهة أخرى، تمّ تحديد نقاط القوّة والضعف وسبل المعالجة… وسارت الأمور في الإتجاه الصحيح منذ ولاية الرئيس التنفيذي السابق (الأستاذ طلال الزين) ولا نزال في مرحلة تنفيذ خارطة الطريق التي من المفترض أن تنتهي بنودها مع نهاية العام ٢٠٢٢.

ان معالجة واقع شركة مثل ترست ري، لجهة الإطلاع على مشاكلها ونقاط القوة والضعف فيها ووضع التصور العام للحلول والمباشرة بعملية التنفيذ… أمور تستلزم وقتاً طويلاً، لكن المعادلة الإيجابية تكمن في اننا تمكنّا من تجاوز معظم المراحل وباشرنا عملية التنفيذ برضى وقبول جميع الأطراف.

* هل من أولويات معينة في خطة العمل هذه؟

معالجة رأس المال المتآكل و ما يتّبعه من ملاءة مالية وسيولة والإيرادات تترأس القائمة، إذ حينما نحقق الملاءة المالية الكافية ونعزز قاعدة رصيد الشركة عبر إحراز فائض مالي، تتوافر لنا كل عناصر القوة التي ستساعدنا في استعادة تصنيف الشركة، بما يفتح الأبواب أمام إسترجاع الأعمال والنمو وتحقيق المؤشرات المميزة.

* حتى انتهاء العام ٢٠٢٢، كيف تتصورون سير الاعمال؟

نعيش حالياً مرحلة استقرار على مستوى الاعمال ولا نفضّل التوسع قبل معالجة الأمور سالفة الذكر. وضعنا مستتب وفي حال استجدت بعض المطالبات غير المحسوبة، فإن الاحتياطات المتوافرة كفيلةٌ بتسديدها.

مستمرون بالعمل وفق منهجية واقعية تحتم علينا الإبقاء على تخصصاتنا وانتقاء الأعمال للتأكد من قوة النتائج الفنية.

لا يسعنا خلال العام ٢٠٢٢ التوسع بالقدر المرجو، إنما قياس الخطوات بحكمة بالغة.

العام ٢٠٢٢ هو عام استكمال الإصلاحات الهادفة للمضي بالشركة قدماً نحو مستقبلٍ أفضل.

* على رغم الأوضاع التي تمر بها ترست ري فإنها تستمر في تسديد المطالبات بسرعة قياسية. ما تعليقكم؟

في الحقيقة أن الشركة اعتمدت على سمعتها هذه في التسديد السريع للمطالبات منذ إنشائها، حيث لم يكن لديها أي تصنيف وهذا ما أكسبها السمعة الجيدة وبالتالي حازت على ثقة الأسواق. ونحن مستمرون في هذا النهج وتسديد المطالبات بسرعة قياسية وسط كل الإضطرابات والمشاكل التي نجتازها.

يجب التوضيح هنا أن المشكلة لا تكمن في دفع المطالبات انما في المستحقات التي نعمل على معالجتها مع المساهمين، والتي لا نحتاجها حالياً لتسديد اي مطالبات عالقة أو مستقبلية، إنما لردم الثغرة والعودة إلى الملاءة المفروضة على جميع شركة التأمين من قبل المصرف المركزي، لمجاراة متطلبات العمل والأرقام المحققة.

* اتفقت الأطراف على قدرتكم على النهوض بالشركة من جديد.

– هل يمكن التأكيد ان نهاية العام الحالي ستكلَّل باتمام المهمة على أكمل وجه؟

من جَدّ وجد. أتمنى أن يلقى زرعنا حصاداً وفيراً ساقياً جهودنا بثمار النجاح. نطمح لبلوغ الأهداف التي حددناها عبر مساعي وتعاون كل الأطراف المعنية. المهمة صعبة والتحدي كبير جداً لكن ارادة النجاح قوية وثابتة.

عملي في السابق كان محصوراً بإثقال محفظة الأعمال وتكوين علاقات وشراكات. الأمر لم يتغير اليوم إنما تبدلت الأولويات، حيث أضحت مسألة تحصيل المستحقات في المرتبة الأولى وتحتل حيزاً مهماً من وقتي. سمعة الشركة لا زالت طيبة رغم تراجعها وهي مستمرة في تسديد المطالبات، بما يعزز مصداقيتها التي تشكل ركيزة قيّمة للعملاء، لاسيما أولئك الذين يكنّون المحبة والوفاء لترست ري وهم كثر ونحن واثقون بأن الشركة ستعود إلى سابق عهدها في مساندة شركات التأمين وإستعادة مكانتها في سوق إعادة التأمين. وهذا ما يحفزنا على استمرار العمل وللوصول إلى هذا الهدف.

تمرّ الشركات دوماً في مراحل صعود وهبوط في كل القطاعات الاقتصادية وليس في قطاع التأمين فقط، ولا زلنا على قيد الحياة ولا يزال النبض موجوداً والإرادة قوية وصلبة والخطة واضحة والأهداف مرسومة بدقة وعناية.

بلغت محفظة الإكتتاب في الشركة في العام ٢٠٢١ نحو ١٤٠ مليون دولار وهي تراجعت من نحو ٤٠٠ مليون دولار قبل الازمة بحيث، يمكن القول أن التشبية غير جائز، لكننا نتبع المثل القائل “يجب أن تعود صغيراً كي تنمو مجدداً” اذ يجب تقليص حجمنا لاستعادة الانطلاقة والريادة من جديد.

* تعرضت أضخم شركتي اعادة تأمين في المنطقة العربية الى خضات قوية…

– ما تأثيرات ذلك على هذا القطاع وإستمراريته؟ أين تكمن المشكلة؟ والحلول؟

تكاثرت الأسباب والنتيجة واحدة، ما من عامل واحد أدی إلى مثل هذه التداعيات إنما اجتمعت عوامل عدّة وتفاعلت فيما بينها ممّا أدّى الى نتائج سلبية.

اكدت سابقاً، في مقابلات ومؤتمرات ومحاضرات، أن مهنة اعادة التأمين في الاسواق العربية صعبة، اذ ان شركات التأمين المباشر لا توفر الأرضية الصلبة السانحة لشركات الإعادة العربية للنمو وتحقيق الأرباح المجزية راعي فوق عائد رأس المال الموظف.

هناك العديد من شركات الإعادة العربية التي عاشت تجارب صعبة وانتهت بالتوقف عن الأعمال منها BEST RE، EMIRATES RE، GULF RE TAKAFUL RE, ARIG وان تساءلنا عن المسبب المباشر للتعثر، نكتشف انه ما من قاسم مشترك جامع بينها، حيث ان نماذج الأعمال إختلفت من واحدة إلى أخرى كذلك الربحية والملكية. لكن ما يمكن قوله أن الجهود التي كانت مبذولة من إدارات تلك الشركات كانت وافية، لكن عوامل التوقف عن العمل فاقت قدراتها وإمكاناتها.

يتبادر الى ذهني السؤال الآتي: هل انقرض معيدو التأمين العرب؟ وهل أن مجال إعادة التأمين العربي سيصبح حكراً على شركات الإعادة الأجنبية؟ اسارع للقول أن التجارب السابقة يجب أن تشكل دافعاً للزملاء العرب العاملين في مجال إعادة التأمين للاستفادة من تلك التجارب وتطوير الأعمال ليتحول قطاع إعادة التأمين العربي واحداً في مسلّمات اللعبة التأمينية وركائزها الأساسية.

* كرئيس تنفيذي لترست ري. ما هي كلمتكم للمساهمين في الشركة، لمصرف البحرين المركزي ولسـوق البحرين والعالم؟

أتوجه في البداية بالشكر إلى شركات ووسطاء التأمين لوقوفهم إلى جانب الشركة ومساندتها في ظل هذه الظروف الصعبة، وكلّنا أمل بغدٍ أفضل يعيد الأمور إلى نصابها الطبيعي والشركة إلى موقعها المميز.

نتفهم ولا نلوم شركات التأمين التي قررت وقف التعامل معنا في خضم هذه الظروف، وأتمنى أن لا تبقى الأبواب مغلقة، انما العودة للتعامل والتفاعل الإيجابيين، علماً أننا سنستمر بالسعي الدائم لعودة التواصل والأعمال بعد تخطي التحديات الحالية وزيادة قابليتنا للتوسع والاكتتاب بشكل أكبر.

أمّا في ما يخص المساهمين، فالشركة لديها مسـاهم واحد رئيسـي هو NEST INVESTMENTS HOLDINGS ممثلةً بالسيد غازي أبو نحل، صاحب الخبرة الطويلة في مجال التأمين وإعادة التأمين، الذي تمكّن عبر أعوام في العمل والجهد من بناء شركات ومؤسسات فاعلة ومميزة في هذا المجال. أنا متأكد أن السيد غازي ابو نحل قادرٌ من خلال خبرته وحكمته على دعم الشركة في تخطي هذه المرحلة الصعبة ووضعها على المسـار المستقيم وتنفيذ الخطة الهادفة للعودة بها الى مدارات النجاح والتألق.

كل ما نتأمله من مصرف البحرين المركزي هو استيعاب دقة المرحلة والمساعدة لاجتيازها، بحيث يتعامل مع كل الأطراف كالوالد الحريص على سلامة ابنائه ومساعدتهم لبلوغ الغايات المرجوة. فمن واجب المنظم حماية وصيانة حاملي وثائق التأمين كما حقوق المساهمين وهذا ما نعمل معاً في سبيل تحقيقه. هذه الفترة تتطلب الكثير من المرونة في التعاطي لبلوغ الأهداف المرجوة.

وفي هذا المجال، لا بدّ من الإشارة، إلى أن مجلس الإدارة يعتمد على التفهم والتعاون والتجاوب من قبل مصرف البحرين المركزي والمساهمين للسير بالخطة الواضحة المعالم والهادفة إلى إعادة وضع ترست ري على خارطة كبار شركات الإعادة الإقليمية.

لقد كان سعينا الدائم إلى جعل مملكة البحرين مركزاً إقليمياً أساسياً لإعادة التأمين وقد وصلنا في مراحل سابقة إلى تحقيق بعضاً من هذا الهدف، عليه فإننا سنستمر في العمل الجاد كي تستعيد مملكة البحرين هذه المكانة التي تستحقها ليتبوأ مجال إعادة التأمين حيزة وسط القطاع المالي.

 

 

 

 

Comments are closed.