سارعت جمعية الصناعيين لاتخاذ مجموعة من القرارات والتدابير والاجراءات في محاولة لمنع قطاع الصناعة من الوقوع، فيما يقف الاقتصاد اللبناني على شفير الهاوية، في ظل ظروفٍ مالية اقتصادية سياسية فرضت صعوبات وتحديات متوالية.
ينكبّ رئيس جمعية الصناعيين الدكتور فادي الجميل، على تكثيف الجهود لايجاد الحلول عبر التقيّد بالتزاماته بتوفير السلع الاساسية وتصنيع الاجهزة التنفسية خلال جائحة كورونا وتأمين فرص العمل لليد العاملة الللبنانية عكس ما يُشاع.
ولعب الرئيس فادي الجميّل دوراً بارزاً خلال فترة الاقفال والأزمة الاقتصادية بتوفير المازوت والكهرباء للمصانع والنأي بهذه الأخيرة عن الاقفالات التامة التي قد تعيق عملها وتؤدي الى فقدان المنتوجات الصناعية من الاسواق.
عملت الجمعية على وضع برامج نهوض اقتصادية داعمة للصناعة رغم عدم تلقّيها الدعم المالي من الحكومة، منها القيام بورش عمل قطاعية ودراسات متعلّقة بالبيئة والصناعة. واكّد الرئيس فادي الجميّل على مثابرة جمعية الصناعيين في دفع عجلة القطاع الاقتصادي الى الامام وضمان استمرارية الصناعة اللبنانية على الصعيدين المحلي والعالمي.
* القت كورونا بظلالها على كافة القطاعات بما فيها قطاع الصناعة… ما صداها على هذا القطاع؟
أثبت القطاع الصناعي خلال جائحة كورونا جدية في التزامه بكل التوجيهات والارشادات وأظهر مناقبية عالية وانضباط وفي الوقت نفسه، تمكّن من تلبية حاجات المواطنين في ظل تراجع الاستيراد فحافظ على الامن الاجتماعي واستمر بتوفير السلع الاساسية للمواطنين وحافظ على مورد رزق العائلات. والاهم انه خلال هذه الازمة واظبت ٣ مصانع على تصنيع أجهزة تنفس اصطناعية لتلبية حاجة اللبنانيين من دون تلكؤ ومن دون اجراء دراسة على المردود التجاري لهذه الخطوة.
* كيف تصدّيتم لرزمة الازمات الملخّصة بالوضع الاقتصادي الخانق وتدهور قيمة العملة اللبنانية وجائحة كورونا، لا سيما وانها تزامنت مع بعضها في فترةٍ لم تتجاوز العامين؟
القطاع الصناعي متجذّر ومتعلّق بمؤسساته ويسعى قدر الامكان للمحافظة على فريق عمله واستمراريته، فهو في محاولة دائمة لاستنباط الحلول وتخطي المصاعب ويتأمل بالمستقبل. وقد عمل خلال الفترة الماضية على ايجاد معالجة آنية للمشاكل الطارئة المستجدة مثلما حصل في موضوع كورونا وتأمين المحروقات والكهرباء والمواد الاولية.
* نعيش اليوم حالة حصار ونفور دول الخليج العربي من لبنان… الى اي مدى تتأثر الصادرات الصناعية بهذا الوضع؟
تستحوذ دول الخليج على ما لا يقل عن ٤٥٪ من مجموع صادراتنا وحصة السعودية وحدها تبلغ نحو ۱۰٪، لذا نحن نتأثر بشكل مباشر بأي اختلال بالعلاقة مع دول الخليج، خصوصاً وان البدائل لا يمكن ان تتوفر بسرعة. ولا بد من التذكير هنا ان طريق الشرق عبر سوريا تخضع لرسوم ترانزيت مضنية، ناهيك عن اقفال الحدود. فبعدما كانت صادراتنا الى العراق تزيد خلال عامي ٢۰۱۱ و٢۰۱٢، بحيث وصلت الى ٣۰۰ مليون دولار سنوياً، الا انها عادت وانخفضت الى ما دون النصف في الوقت الراهن متأثرة بإغلاق الحدود مع سوريا وارتفاع رسوم الترانزيت، والامر سيان بالنسبة الى الاردن. يؤلمنا كثيراً انه في وقت انّ الصناعيين اللبنانيين المتواجدين حول العالم يساهمون بنمو اقتصادات دول عدة، يخضع في المقابل التصنيع في لبنان الى اشكالات غير ضرورية مثل تسكير الحدود.
* ما هو موقفكم من مشروع Cedar oxygen وهل ادّى الغايات التي انشئ من اجلها؟
نشأ مشروع Cedar oxygen fund من حاجة الصناعيين الى تمويل استيراد المواد الاولية بعدما عانى الصناعيون من ازمة شحّ الدولارات في اواخر العام ٢۰۱٩ وصعوبة اخراج العملات الصعبة من لبنان.
وقد ارتكزت الجمعية على معادلة ذهبية تفيد بأن الناتج الصناعي يبلغ ۱٣ مليار دولار سنوياً، ۱۰ مليار دولار منها تؤمن من خلالها حاجة السوق المحلي وتغنيه عن الاستيراد، اما الثلاثة مليار دولار المتبقية تمثل حجم ما يصدره القطاع الصناعي الى الخارج، الـ ۱٣ مليار دولار هذه تحتاج الى ما قيمته ٣ مليار دولار ثمن استيراد مواد اولية وعليه يتبين ان للقطاع الصناعي اللبناني ميزة تجعله يتميز عن بقية القطاعات بكونه لا يساهم بإخراج العملات الصعبة من لبنان، بل على العكس تماماً فهو يحافظ عليها ويؤمّن للأسواق المحلية منتجات لبنانية الصنع بقيمة ۱۰ مليار دولار فتنتفي الحاجة لاستيرادها، عدا عن آلاف فرص العمل التي يوفرها القطاع للبنانيين.
لذا اتى Cedar oxygen fund بمشاركة من مصرف لبنان وربطه مع نجاحات لبنانية متخصصة في قطاع Fintech في العالم، مما ساهم بتقديم حل تقني ومتطور للصناعيين.
* ما هي ابرز المبادرات التي اطلقتموها خلال العام ٢۰٢۱؟
اعدت جمعية الصناعيين بالتعاون مع CIPE برنامج نهوض اقتصادي متكامل مع ورقات عمل متخصصة، كما بدأت الجمعية بسلسلة مبادرات منها القيام بدراسة قطاعية شاملة تتعلق بوضع القطاع الصناعي لتفعيل ورش عمل قطاعية، وعملت كذلك مع عدة جهات مانحة حول مواضيع متعلّقة بالبيئة. كذلك اجرينا بالتعاون مع EBRD دراسة مسح عن القطاع الصناعي وتم تطوير برنامج “ليرا” وتحويلها الى مؤسسة ترعى العلاقة والابحاث والتطوير العلمي مع الجامعات.
كما عملت جمعية الصناعيين على تقديم اقتراحات ومعالجات عدة لمنع الضرر عن القطاع الصناعي مثل استثناء القطاع الصناعي من الاقفال العام بسبب جائحة كورونا، معالجة فقدان المازوت وانقطاع الكهرباء بالسماح للصناعيين باستيراد المازوت.
* يستفيد عدد من المصانع من الدعم الذي يقدمه مصرف لبنان فيعمد الى زيادة انتاجه وصادراته في حين يودع الاموال الناشئة عن التصدير في مصارف اجنبية. ما تعليقكم؟
لم يحصل الصناعيون على اي دعم مالي، اما البرنامج الذي سمح بتحويل الاموال الى الخارج لشراء مواد اولية فهو كان من حسابات الصناعيين بقيمة ۱۰۰ مليون دولار في حين ان الاحتياجات السنوية للصناعيين هي ٣ مليار دولار. على عكس ما تم الترويج له، عن ان الصناعيين يبقون العملات الصعبة في الخارج فهم مجبرين على اعادة اموالهم الى لبنان لدفع التزاماتهم على انواعها ورواتب الموظفين والجزء المتبقي في الخارج يستعمل لشراء مواد اولية.
* لا تنفك اليد العاملة الأجنبية من منافسة اليد العاملة اللبنانية وقد زادت بفعل الهجرة والغلاء المعيشي. هل تحاولون مواجهة هذه الحقيقة ام انّ مرارتها ارضختكم للأمر الواقع؟
الصناعة مشغّلة لليد العاملة اللبنانية عكس ما يروج له، فقد ترك لبنان ابان الازمة اعداد كبيرة من اليد العاملة الاجنبية ومن كل القطاعات وليس فقط القطاع الصناعي. وعليه نوجه دعوة للشباب اللبناني للانضمام الى القطاع، لكننا نلاحظ مؤخراً ارتفاع حاجة المصانع الى اختصاصيين في حين نعاني من البطالة، لذلك هناك ضرورة لربط الحاجة بالقدرات.
* هل تلقيتم الدعم من الحكومة اللبنانية كما فعلت باقي الدول لمساندة قطاعاتها المتضرّرة من توالي المِحَن؟
ندرك جيداً قدرات الحكومة والدولة اللبنانية، لكن وعلى الرغم من كل الصعوبات حافظ الصناعيون على استمراريتهم وفرص العمل التي يؤمّنوها بمجهود شخصي. صحيح ان غالبية دول العالم اعطت قروض مدعومة بفائدة متدنية جداً للمؤسسات ودفعوا رواتب العمال الذين توقفوا عن العمل قسراً، بينما في لبنان اصدر مصرف لبنان تعاميم تسمح بزيادة التسهيلات لدفع رواتب الموظفين وتأخير الاستحقاقات التي حلّت بفترة الاغلاق في كورونا ونحن نأمل معالجة مستحقات الصناعيين على انواعها.
* ما هي خططتكم للعام ٢۰٢٢؟ وما هي مطالبكم لاسترجاع مجد الصناعة وانعاش الوضع الاقتصادي؟
تمكّن القطاع الصناعي اللبناني خلال الاحداث الاخيرة من ابراز دوره واثبات قدراته وهو يتطلع الى لعب دور اساسي في الفترة القادمة خصوصاً وانه يساهم في خفض نسبة الدين الى الناتج المحلي وهذا مطلب اساسي كونه يساهم في تكبير حجم الاقتصاد نظراً لتداعياته الايجابية على المجتمع، كذلك للقطاع دور مباشر في خلق فرص عمل وحركة اقتصادية متكاملة وبحبوحة.
Comments are closed.