وكالة موديز تصدر تحليلاً إئتمانياً عن التصنيف السيادي للبنان
أصدرت وكالة التصنيف الدوليّة موديز بتاريخ ٢٢ تمّوز/يوليو ٢٠٢١ تحليلا ً إئتمانياً للتصنيف السيادي للحكومة اللبنانيّة حافظت فيه على تصنيف لبنان السيادي عند «C»، عارضة أبرز نقاط القوّة وأهمّ التحديات التي تراها ذات صِلَة لتحديد وتعليل هذا التصنيف السيادي. وتجلّت نقطة القوّة الوحيدة في إلتزام الدول المانحة بدعم لبنان شريطة تطبيق برنامج الإصلاح المعدّ من قبل صندوق النقد الدولي. في المقابل، إختصرت وكالة موديز التحدّيات القائمة كالتالي: التعرّض الآخذ بالإرتفاع لأزمة إقتصاديّة وماليّة وإجتماعيّة حادّة كما وضعف المؤسّسات ونظام الحوكمة (وهو ما يوخّر الدعم الخارجي) وإستمرار إستنزاف الإحتيطات بالعملات الأجنبيّة (وهو ما يؤدّي إلى تراجع كبير في سعر الصرف وإلى إرتفاع ملحوظ في مستويات التضخّم).
وقد ذكرت وكالة موديز أنّ أيّ تحسين في تصنيف لبنان يعتمد على تطبيق إصلاحات جوهريّة على مدى سنوات عدّة من جهّة كما وحصول تقدّم ملحوظ في ديناميكيّة الدين (كالنموّ الإقتصادي ومستويات الفوائد وإيرادات الخصخصة والقدرة على تسجيل فوائض أولّية كبيرة) من جهّة أخرى وذلك لضمان إستدامة الدين في المستقبل.
من منظار آخر، يجدر التوضيح أنّ التصنيف الذي تمنحه وكالة موديز يأتي بناءً على نتائج مسجّلة على أربع مستويات، ألا وهي: القوّة الإقتصاديّة، القوّة المؤسّساتيّة، القوّة الماليّة والتعرّض لمخاطر الأحداث. وقد سجّل لبنان نتيجة b٣ في معيار القوّة الإقتصاديّة نظراً لحجمه، وآفاقه الإقتصاديّة الضعيفة، ومحدوديّة قدرته التنافسيّة، كما والكلف الكبيرة للتعديل الإقتصادي نحو نموذج نمو جديد وأكثر إستدامة.
وقد ذكر التقرير أنّ القدرة التنافسيّة وقدرة النموّ الإقتصادي في لبنان قد تراجعتا منذ إندلاع ثورات الربيع العربي في العام ٢٠١١، والتي نتج عنها تباطؤ شديد في الحركة السياحيّة، وتقلّص جذري في الحركة التجاريّة، وزيادة الأعباء على البلاد مع تدفّق النازحين السوريين إليها. بالنسبة للقوّة المؤسّساتيّة، سجّل لبنان نتيجة «caa٣»، ما يعكس الضعف في بيئة الحوكمة وذلك في ظلّ ضعف فعالية السياسة الماليّة للدولة تماشياً مع محدوديّة فعاليّة السياسات النقديّة والماليّة وذلك عند أخذ الضغوط الإقتصاديّة والخارجية بعين الإعتبار. أمّا على صعيد القوّة الماليّة، فقد نال لبنان نتيجة «ca» وهي نتيجة تعكس دين الدولة الكبير الذي قد يتسبّب بخسائر كبيرة للدائنين في حال تعثّرت الدولة عن الدفع، وبحسب وكالة موديز فإنّ مسار الدين يبقى عرضة بشكل كبير لديناميّات نموّ وتضخّم وإحتياطات عملة أجنبيّة معاكسة وهو ما يشير إلى إمكانيّة تسجيل خسائر إضافيّة في ظلّ غياب خطّة إعادة هيكلة تزامناً مع دعم صندوق النقد الدولي والإنتقال إلى نظام نموّ مستدام. أخيراً، حصل لبنان على نتيجة «ca» في معيار التعرُّض لمخاطر الأحداث، نظراً لمخاطر السيولة والتعرّض الخارجي الكبير.
بالإضافة، ذكرت وكالة موديز أنّ الأزمة التي يمرّ بها لبنان حالياً قد أصبحت أكثر ثقلًا نتيجة الإرتفاع الكبير في مستويات التضخّم بسبب الضغوطات الكبيرة على أسعار الصرف، حيث تخطّى سعر الصرف في السوق السوداء عتبة الـ١٩،٠٠٠ ليرة لبنانيّة للدولار الأميركي الواحد في منتصف شهر تمّوز/ يوليو ترافقاً مع الشحّ الكبير في المياه والكهرباء والمواد الغذائيّة. في هذا السياق، فقد ذكرت الوكالة أنّ نسبة تضخّم الأسعار بلغت مستواها الأعلى عند ١٥٤٪ سنويّاً في الفصل الأوّل من العام ٢٠٢١، علماً أنّها كانت قد بلغت متوسّط سنويّ عند ٨٥٪ في العام ٢٠٢٠ (مقارنةً مع نسبة ٢،٩٪ في العام ٢٠١٩). كذلك أشارت الوكالة إلى أنّ الإعتماد الكبير على الإستيراد من أجل الإستهلاك (ومن ضمنها المواد الغذائيّة المدعومة) ترافقاً مع تدفّق الرساميل المحدود إلى البلاد قد أدى إلى الإستنزاف السريع للإحتياطات بالعملة الأجنبيّة إلى ١٥،٧ مليار د.أ. مع نهاية شهر أيّار/مايو ٢٠٢١، مقارنة مع ٢٦،٤ مليار د.أ. في الفترة نفسها من العام ٢٠٢٠. في هذا السياق، أشارت وكالة موديز أنّ تمويل المواد الأساسيّة المدعومة (كالقمح والفيول والأدوية) قد أصبح صعباً، ذاكرة أنّ أكثر من نصف عدد السكّان قد أصبح تحت خطّ الفقر بحسب البنك الدولي. وقد أضافت وكالة التصنيف أنّه قد مرّ حوالى السنة منذ إستقالة حكومة حسّان دياب على إثر إنفجار مرفأ بيروت. وقد علّقت الوكالة أنّ إنسحاب رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري بعد عدم تمكّنه من تشكيل حكومة جديدة خلال فترة ٨ أشهر يكشف عن شبه إستحالة التوافق السياسي في البلاد. في سياق متّصل، أشار التقرير أنّ الإتّحاد الأوروبيّ يترأس جهود المجتمع الدولي عبر الضغط على الزعماء السياسيّين في لبنان من أجل تشكيل حكومة وتطبيق إصلاحات. أخيراً، ذكر التقرير أنّ الدعم المالي الخارجي يعتمد على تطبيق الحكومة القادمة لإصلاحات هيكليّة والتي ستشكّل حجر الأساس للبدء بالنقاش حول خطّة إعادة هيكلة شاملة للدين تحت رعاية صندوق النقد الدولي.
Comments are closed.