معلوف: قطاع التأمين يحتاج إلى مراجعة جذرية
وجه رئيس لجنة مراقبة شركات الضمان أي شركات التأمين إيلي معلوف كتاباً الى كل هيئات الضمان العاملة في لبنان تذكّر فيه اللجنة بمضمون الفقرة الثالثة من المادة الخامسة من قانون تنظيم هيئات الضمان التي توجب على هيئات الضمان الاستحصال على الموافقة المسبقة على أي تعديل قد يطرأ على الوثائق والمستندات المرفقة بطلب الترخيص الأساسي. ومن هنا شددت اللجنة على ضرورة تقدم هيئات الضمان بطلب الاستحصال على الموافقة المسبقة على أي تعديل في مقدار أو توزيع رأسمال الهيئة (شركة التأمين) على أن يتم إيداع الاتفاقات المعقودة التي من شأنها إحداث تعديل في توزيع الاسهم التي يتألف منها رأسمال هيئات الضمان مرفقة بكل المستندات المطلوبة للاستحصال على الموافقة المسبقة على التعديل المقترح، فيما عدم الامتثال لأحكام هذه المادة يشكل مخالفة قانونية ترتب اتخاذ الإجراءات المسبقة بحق المخالفين.
في هذا السياق، يؤكد معلوف أن قانون تنظيم هيئات الضمان أي شركات التأمين أخضع أيّ عملية بيع أسهم في شركات التأمين للحصول على موافقة لجنة مراقبة هيئات الضمان المسبقة ليأتي هذا التعميم في سياق الإجراءات التي تتخذها لجنة مراقبة شركات التأمين لتعزيز الثقة بقطاع التأمين وللتأكد من أن كافة المساهمين في هذا القطاع يتمتعون بشروط الامتثال والتناسب وهم من ذوي السمعة الحسنة والسلوكيات الملائمة والمكانة المالية الثابتة، وهنا يأتي الدور الرقابي للجنة على صعيد تنظيم قطاع التأمين والتأكيد على أن كل اللاعبين ملتزمون باعتماد معايير الحوكمة الرشيدة بما يضمن تحصين سمعة قطاع التامين محلياً ودولياً انطلاقاً من القناعة الراسخة بأن الحفاظ على سمعة قطاع التأمين هو المدخل الأساسي لاستمرارية القطاع والحفاظ على حقوق المؤمّنين.
عند وقوع الأزمة الاقتصادية والنقدية كان لا بد من صدور سلسلة من التشريعات التي من شأنها أن تنظم الوضعية الاقتصادية والمالية المستجدة وتعالج المعضلات القانونية الناشئة عنها، إلا أن غياب تلك التشريعات أدى إلى وقوع بعض التجاوزات في العلاقة بين شركات التأمين والمواطنين، ومن هنا يشير معلوف الى أن لجنة مراقبة هيئات الضمان تمكنت من معالجة معظم تلك التجاوزات والتشديد على اعتماد شركات التأمين لمبادئ الحوكمة الرشيدة.
وقد شددت اللجنة على اعتماد مبدأين أساسيين: الأول الحفاظ على المكانة المالية لهيئات الضمان بما يضمن قدرتها على الوفاء بتعهداتها وتغطية الأخطار التي تؤمنها، والثاني الحفاظ على العدالة والشفافية في العلاقة بين المؤمنين وهيئات الضمان. كما أطلقت اللجنة أعمال تدقيق ميدانية متواصلة ودائمة للرقابة على سلوكيات الشركات والوسطاء الذين يقومون بتسويق عقود الضمان. ففي ما يتعلق بالتأمين الصحي الذي ينعكس مباشرة على الأمان الاجتماعي، فالقسط التأميني هو جزء من العقد وليس المكوّن الأهم بحسب معلوف إذ لا بد من التركيز أيضاً على المنافع والتغطيات والاستثناءات وضمانة تجديد العقود، ولهذا السبب صدرت التعاميم والتعليمات لهيئات الضمان لعدم المس بضمانة تجديد العقود وعدم الاستنساب بالتعامل مع المؤمنين وعدم تكبيدهم فروقات مالية وازنة في المستشفيات. وإقبال ما يزيد عن ٨٥٪ من المؤمّنين على تجديد عقود التأمين الصحي خلال هذا العام دليل على ثقة المواطنين بالقطاع على الرغم من انعكاس الانهيار الاقتصادي ودولرة الفاتورة الاستشفائية على هذه العقود.
في ما يتعلق بتأمين السيارات، طلبت اللجنة من كافة الهيئات رفع الحدود المالية للتغطيات خاصةً في ما يتعلق بالضمان الإلزامي وذلك لضمان تسديد التعويضات الناجمة عن الحوادث المرورية فكان توجّه معظم شركات التأمين إلى رفع تلك التغطية من ٧٥٠ مليون ليرة لبنانية إلى ٣ مليارات ليرة لبنانية. أما في ما يتعلق بعقود ضمان الأضرار المادية للسيارات ضد الغير، فوجّهت اللجنة تعليمات بضرورة تسديد الأشخاص الثالثين المتضررين جراء الحادث دون الأخذ في الاعتبار كيفية تسديد المؤمّن للقسط التأميني العائد له. وبالنسبة للعلاقة مع معيدي التأمين، فالعلاقة مع معيدي التأمين الدوليين تشكل العمود الفقري لقطاع التأمين في لبنان ولذلك كان من المهم تحصين هذه العلاقة وحث الهيئات الدولية على تجديد ثقتهم بسوق التأمين اللبنانية وهذا تجلّى ببدء معظم هذه الهيئات بتسديد التعويضات الناجمة عن انفجار ٤ آب حتى قبل استكمال التحقيقات. وبالحديث عن عقود ضمان الحياة يعتبر معلوف أنّه لا بد من التشديد على عقود ضمان الحياة التي تتضمّن استثماراً في الخارج والإضاءة على الإعلان الصادر عن هيئة الأسواق المالية رقم ٧١ تاريخ ١/٤/٢٠٢١ الذي يجيز للعميل تصفية مركزه من الأدوات المالية الموجودة خارج لبنان وقبض صافـي الأموال المستحقة له نقداً. ونرى أن هذا التوجه هو توجه عادل ومنصف للعملاء.
ويعتبر رئيس لجنة مراقبة هئيات الضمان إيلي معلوف أن قطاع التأمين يحتاج الى إعادة نظر جذرية في البنية التحتية القانونية عبر تطوير قانون تنظيم هيئات الضمان في عدة نواحٍ منها الأحكام المتعلقة برأس مال الشركات عبر اعتماد أحكام عصرية لكفاية رأس المال تأخذ في الاعتبار درجة تعرّض الشركة للمخاطر التأمينية، Risk Based Capital، بالاضافة الى الأحكام المتعلقة بالملاءة المالية SOLVENCY، وقوننة معايير الحوكمة الرشيدة والتناسب والملاءمة Governance, fit and proper management، وضوروة تطوير لجنة مراقبة هيئات الضمان ومنحها حيّزاً أوسع من الاستقلالية الإدارية والمالية مع التطرّق للتجارة الإلكترونية في قطاع التأمين وتنظيمها وتطوير وتحديث أسس ممارسة مهنة وساطة الضمان وصولاً الى تطوير الأحكام القانونية المُحفزة للاندماج.
Comments are closed.