تطوير وتنمية البلاد أمّةً ودولة لا تأتي من العبث وإنما من تفضيل المصلحة العامة على المصلحة الخاصة. هذا ما فسّره السيد محمد سليمان العتيبي، رئيس وحدة تنظيم التأمين في الكويت، مشيراً ألى أنّ فكرة انشاء الوحدة قائمة على تعزيز دور قطاع التأمين كداعم وحامٍ لحقوق العملاء التأمينية واعادة الثقة بين شركات التأمين والأفراد بعد اهتزازها فترةٍ من الزمن. كذلك أكّد السيد العتيبي سعيهم لتطبيق الرقمنة ضمن الوحدة بما يسهّل العمليات التأمينية عن طريق إتاحة البرامج والبيانات الرقمية التي تشمل جميع صنّاع التأمين دون استثناء.
* يترأس موضوع وحدة تنظيم التأمين قائمة المواضيع الأكثر اهتماماً في الكويت. ما هي الخطوات التي أنجزتموها لإتمام هذه الوحدة وإجراء الرقابة المطلوبة على قطاع التأمين الكويتي؟
قطاع التأمين في الكويت منظم منذ العام ١٩٦١ حسب القانون ولم يتم تعديله إلاّ بشكلٍ طفيف لا يلامس التطوير الفعلي للقطاع. لكن في أيلول/سبتمبر ٢٠١٩، تم اصدار قانون خاصٍ بتنظيم القطاع وإنشاء الوحدة وبناءً عليه أُنشئت الوحدة في ١ كانون الثاني/يناير ٢٠٢٠ وبعد شهرٍ تحديداً حلّت علينا جائحة كورونا وتعذّر تشكيل اللوائح وتحديد المقرّ والكوادر والمستلزمات الأخرى، ولكن اللجنة العليا قامت بمجهودٍ تُشكر عليه مع الفرق العاملة لتشكيل كيان واضحٍ وصريح للوحدة، وبالتالي تم وضع جميع اللوائح وقمنا باستطلاع لدراسة مدى تجانس مقوّمات الوحدة مع القانون في المرحلة الأولى.
ثمّ اتجهنا لصياغة أكثر وثيقة مناسبة للأفراد والخسائر والتلاعب في الأقساط والثغرات الناجمة عن عدم تطور القانون. بدأنا بإصدار قرارات تنفيذية وفنية في القطاع للسير في المسار الصحيح الخالي من التجاوزات الى حين تكوين مجلس التأمين وتعيين الكوادر داخل الوحدة وبعد إنجاز هذه المهام حصلنا على بيئة عاملة متكاملة عملت على التنظيم الداخلي للوحدة لمدة أربع سنوات من تاريخ إصدار القانون، بما يصب في المصلحة العامة. نحن اليوم في طور وضع استراتيجية للوحدة حتى العام ٢٠٢٦ تستهدف التطوير الفعلي للقطاع بما يُشعر العملاء بالوقاية التي يقدّمها التأمين الذي لا يحظى إجمالاً بالسمعة الطيّبة في منطقة الشرق الأوسط، مما يثير مخاوف الناس. الهدف من إنشاء الوحدة هو تقوية العلاقة بين المؤمِّن والمؤمَّن له وإعادة الثقة المتبادلة بين الأفراد والقطاع بعيداً عن التلاعب. نحاول بالتالي اعادة بناء علاقة صحية بين الطرفين قائمة على الشفافية عبر وضع الأنظمة والقوانين التي تحمي شركات التأمين والأفراد على حدٍ سواء.
اضافةً الى ذلك، نطمح أيضاً الى رقمنة القطاع الذي يفتقر في الشرق الأوسط للبنية التحتية المرقمنة والمنسّقة الشبيهة بالمصارف والمنظّمة من قبل المصرف المركزي. من هنا جاءت فكرة إنشاء مستودع التأمين المركزي، مما يتيح لقطاع التأمين الخاص تنظيم نفسه بنفسه عبر القرارات والقوانين المشابهة لإصدارات المركزي بالاعتماد على الرقمنة دون اللجوء الى المعاملات والوثائق الورقية. هذا المستودع يحوي بيانات كل الشركات وكل العملاء المنتمين لهذا القطاع والتي يمكن الاطلاع على كافة تفاصيلها عن طريق البرامج الرقمية المطوّرة. نجاح هذه التجربة سيخوّلنا تصديرها الى باقي دول الشرق الأوسط. تجدر الاشارة الى أنّ أول شركة مقاصّة قيد التأسيس في الكويت التي ستحجز أيضاً مركزاً ريادياً في الرقمنة.
* هل تشمل الوحدة كل الجهات التأمينية أم جزءاً منها؟ وكيف تم التعامل مع هذه الجهات؟
هذه الوحدة تشمل كل الجهات التأمينية دون استثناء بما فيها إدارة المطالبات والوسطاء ووكلاء التأمين والمعاينين. وتم اصدار التشريعات وسنّ القوانين والتعاميم المناسبة لكل جهةٍ على حدة، بحيث غطّت اللائحة التنفيذية كل المهن الواردة في القانون، بالاضافة إلى المهن المستحدثة كالاكتواريين والمعاينين والتأمين التكافلي وغيرهم. ادارة المطالبات كانت سابقاً من مسؤوليات وزارة التجارة، إلاّ أننا قمنا بتنظيمه تحت مظلة الوحدة، كذلك نعمل على تنظيم الضمانات الممددة.
* من أين تستوحون عناصر اللائحة التنفيذية التي أصدرتموها؟
نستوحيها من الأنظمة البريطانية والعربية. تم عرضها على استطلاعٍ عام من الأفراد والأطراف التأمينية التي أدلت برأيها الكترونياً حول قبول أو رفض محتوى اللائحة. تم الأخذ بعين الاعتبار الآراء المطابقة للقانون والتوجّه الحالي، وتم بعد ذلك إصدار اللائحة على هذا الأساس. قد يكون من الصعب تطبيق بعض مطالبات شركات التأمين التي تنتمي للقطاع الخاص نظراً لأنها تتطلّع لتحقيق المصلحة الخاصة قبل المصلحة العامة.
استطعنا الى حدٍ كبير ايقاف النزيف لدى الأفراد وشركات التأمين من حيث الشكاوى وهذا هدفنا الأساسي قبل التوجّه الى الأهداف الثانوية المتمثّلة بتحقيق المطالب الخاصة. بعد انتهائنا من هذه المرحلة المهمّة التي تصب في المصلحة العامة، سنبدأ في السنوات الأربع المقبلة التطلّع لمطالب الشركات الخاصة، وسيكون مستودع التأمين المركزي سنداً كبيراً لنا في هذا المجال.
تجدر الاشارة، الى أنّ الوحدة أحالت للنيابة العامة بعض شركات التأمين التي أساءت للقطاع واتخذت إجراءات بشركاتٍ أخرى عقب تجاوزاتٍ قامت بها والبعض الآخر تم تحويله للمجلس التأديبي، كما وعيّنا المراقبين الماليين على بعض الشركات التي لديها التراخيص. ومن جهتنا كوحدة قمنا بوضع لائحة الجزاء للمحافظة على حقوق الأفراد دون مخالفة القانون.
Comments are closed.