الميناء يتأهب لتعزيز صادرات عملاق الطاقة من المنتجات البترولية
تحتفل المملكة العربية السعودية بتدشين ميناء مدينة جازان للصناعات الأساسية والتحويلية برعاية الأمير محمد بن ناصر بن عبدالعزيز آل سعود أمير منطقة جازان، وهذه المدينة إحدى مدن الهيئة الملكية للجبيل وينبع، حيث عملت الهيئة الملكية على تشغيل واستثمار الميناء مع شركة هاتشيسون الصينية العملاقة للمواني التي تعد إحدى أكبر الشركات العالمية الرائدة في مجال استثمار وتشغيل المواني، كما تسعى الهيئة الملكية للجبيل وينبع لجعل الميناء أيقونة عالمية تلبي احتياجات المنطقة وتحقق أهداف رؤية المملكة ٢٠٣٠، ومن المقرر أن يقام حفل التدشين يوم الأربعاء ٧ أيلول/سبتمبر في ميناء مدينة جازان للصناعات الأساسية والتحويلية.
وتسارعت الحركة الإنشائية وسير العمل في مرافق ومشروعات مدينة جازان للصناعات التحويلة والأساسية الصناعية والخدمية والمرافق المساندة لها كافة، ما عكس مدى الاهتمام والحرص على سرعة الإنجاز والتعاون التام بين مختلف الجهات لتسريع العمل والإنجاز في المدينة، تنفيذاً لتوجيهات الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود والأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، وبمتابعة مباشرة من الأمير محمد بن ناصر بن عبدالعزيز أمير منطقة جازان والأمير محمد بن عبدالعزيز بن محمد بن عبدالعزيز نائب أمير منطقة جازان.
لبنات المؤسس
ويذكّرنا تدشين ميناء جازان للصناعات الأساسية والتحويلية، باللبنة الأولى والإشارة لبدء تطوير منظومة المواني السعودية العالمية حينما دشن مؤسس البلاد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، في عام ١٩٩٣، أولى مواني المملكة العملاقة، ميناء رأس تنورة في المنطقة الشرقية ليكون أول منشأة سعودية متخصصة لتصدير النفط الخام للعالم للمحافظة على إمدادات موثوقة تضمن أمن الطاقة العالمي الذي حملته المملكة على عاتقها منذ عقود وتعهد بها المؤسس، مشدداً على سرعة التطور والنماء للبشرية بما ترفد به المملكة العالم من ملايين براميل النفط التي بدأت بمئات آلاف البراميل، مروراً بمليون برميل، إلى ٣ ثم ٥ ملايين برميل في الثمانينات إلى نحو ١٢ مليون برميل يومياً حالياً.
التاريخ يعيد نفسه
ليعيد التاريخ اليوم نفسه ونحن في عام ٢٠٢٢ لتعلن المملكة تدشين ميناءها التجاري الصناعي الاستراتيجي الجديد في الجزء الجنوبي الغربي من مدينة جازان للصناعات الأساسية والتحويلية، على ساحل البحر الأحمر أحد أهم ممرات التجارة العالمية والذي يربط ٣ قارات ببعضها البعض لتشهد المملكة افتتاح ميناء جازان للصناعات الأساسية كبوابة رئيسة للخدمات اللوجستية ويتميز بموقعة الاستراتيجي والذي يعد رابطاً مهماً للتبادل التجاري بين قارتي آسيا وإفريقيا من خلال سواحل القرن الإفريقي والذي يأتي توافقاً مع رؤية المملكة ٢٠٣٠ لتحويل المملكة إلى قوة صناعية رائدة ومنصة لوجستية دولية عبر برنامج تطوير الصناعات الأساسية والخدمات اللوجستية وسط منطقة ذات إنتاج متنوع وأهمية كبيرة للاقتصاد المحلي والإقليمي.
وروعي في تصميم الميناء أهمية موقعة الاستراتيجي ليكون كمنصة لوجستية لنقل البضائع عبر الممر البحري الأهم في العالم، حيث يحتوي الميناء على رصيف حاويات بطول ٥٤٠م، وبطاقة استيعابية تصل لأكثر من مليون حاوية في السنة، وكذلك يضم رصيف بضائع عامة بطول ١٩٠م ورصيفاً للمواد السائبة بطول ٣٥٠.
ويستقبل الميناء ناقلات النفط العملاقة برصيف المواد السائلة الخاصة بمصفاة شركة أرامكو السعودية، ولضمان تطبيق أعلى المعايير العالمية في تشغيل الميناء تم أوائل العام الماضي توقيع اتفاقية استثمارية مع شركة هاتشيسون للمواني والتي تصنف من أفضل الشركات في العالم في المناولة حيث تتأرجح بين أفضل ٥ شركات في العالم من حيث عدد الحاويات التي تم مناولتها في ٥٣ ميناء حول العالم في ٢٧ دولة.
في وقت يأتي امتلاك ميناء جازان للصناعات الأساسية والتحويلية لتلك المقومات علاوة على موقعه الاستراتيجي وتزويده بأحدث التقنيات المستدامة ليواكب المواني العالمية، ستساهم بوضعه على الخارطة ضمن أفضل المواني وستمنحه قيمة تنافسية عظيمة لريادة المواني العالمية متمتعاً بالعديد من الفرص في مجالات النقل البحري وأعمال الشحن والتصدير.
ويتكون الميناء من قسمين صناعي يضم رصيف صناعي لاستيراد المواد السائبة، وتجاري عبارة عن رصيف بطول “١،٧“ كيلومتر لمناولة الحاويات والبضائع ومناطق للتخزين وفق أحدث وسائل التقنية والتحكم بطاقة مليون حاوية في العام للمرحلة الأولى و”٢،٥″ مليون حاوية في العام للمرحلة الثانية مستقبلاً، وسيزود بأحدث أنظمة الملاحة وشبكات الاتصال مع السفن والبواخر، وزوارق القطر والسحب والإنقاذ والإرشاد والإرساء بما يُسيّر جميع أعمال التشغيل بكل سهولة ويسر.
دور الهيئة الملكية
وكانت الهيئة الملكية للجبيل وينبع، ممثلةً بمدينة جازان للصناعات الأساسية والتحويلية، قد وقعت أوائل العام الماضي، اتفاقية استثمار وتشغيل ميناء مدينة جازان للصناعات الأساسية والتحويلية مع إحدى الشركات العالمية المتخصصة في هذا المجال، وقال وزير الصناعة والثروة المعدنية «بندر الخريف» في كلمة له خلال حفل التوقيع، إن الميناء يضم محطة حاويات ومحطة شحن عامة ومحطة للسائبة الجافة مجهزة بأحدث معدات المناولة مع غاطس رصيف بطول ١٦،٥ متر.
وأضاف أن العمليات التجارية للمرحلة الأولى ستبدأ بمحطة الشحن العامة والسائبة الجافة مع رصيف يبلغ طوله ٥٤٠ مترًا بما يخدم الاحتياجات الفورية المتزايدة من المستأجرين في مدينة جازان للصناعات الأساسية والتحويلية، فيما ستبدأ المرحلة الأولى من التشغيل التجاري لمحطة الحاويات في أوائل عام ٢٠٢٢ عبر رصيف بطول ٧٣٠ مترًا.
وأوضح الخريف أن الميناء سيكون نقطة تقديم خدمات لوجستية حديثة ومتقدمة في المنطقة، ما يعزز من حضور المملكة في هذا المجال وتحقيق أهداف رؤية المملكة ٢٠٣٠، ويسهم في جعل المملكة منصة لوجستية عالمية، مُشيراً إلى أهمية الميناء لوقوعه على أهم ممرات النقل البحري على مستوى العالم وبالقرب من دول القرن الإفريقي والأسواق الناشئة.
في وقت رفعت المملكة العربية السعودية طاقتها التكريرية إلى ٣،٣٢٧ مليون برميل يومياً في ٢٠٢١، من ٢،٩٢٧ مليون برميل يومياً في ٢٠٢٠، بزيادة ٤٠٠ ألف برميل في اليوم والتي أضافتها مصفاة جازان، بحسب تقرير الإحصاء السنوي الصادر عن منظمة الدول المصدرة للنفط، أوبك.
توسيع القاعدة الاقتصادية
فيما تعد مدينة جازان للصناعات الأساسية والتحويلية التي تتولى الهيئة الملكية بينبع وجازان الإشراف عليها، ومتابعة جميع الأعمال والمشروعات التي تنفذ بها، واحدة من المدن الصناعية الكبرى التي ارتأت القيادة الرشيدة بحكمة وبعد نظر، أهمية تنفيذها بعدد من مناطق المملكة العربية السعودية لما سيعود بالخير والنماء والتطور عليها، وتوسيع القاعدة الاقتصادية، من خلال التركيز على التصنيع وشمولية التنمية لكل مناطق المملكة.
وتستهدف المدينة توطين الصناعات الثقيلة والبتروكيميائيات والتعدينية والتحويلية، بالإضافة إلى توفير الإمدادات الحيوية للطاقة، وتوطين صناعة السفن، والاستثمار في الثروات المعدنية والزراعية والحيوانية والسمكية، وتشهد المدينة حالياً ١٠ صناعات متنوعة بحجم استثمار يتجاوز ٨٨ مليار ريال، وتقوم شركة أرامكو السعودية بتطوير المرحلة الأولى من المدينة وفق أعلى المقاييس وأفضل البنى التحتية، وتشمل تطوير الميناء والمنطقة الصناعية والمنطقة السكنية وكورنيش بيش.
وأكدت رؤية المملكة ٢٠٣٠ أن مدينة جازان للصناعات الأساسية والتحويلية أصبحت محوراً مهماً من محاور النمو والتطور بمنطقة جازان والمحرك المستقبلي الرئيس للاستثمار الأجنبي المباشر في المملكة، بما تحويه من مشروعات عملاقة، حيث شكل برنامج التحول الوطني ٢٠٢٠ قاعدة وخارطة للعمل الاقتصادي والتنموي في المملكة، وأضحى منظومة لتحسين البيئة الاقتصادية والاستثمارات وتعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص، وتعزيز ثقة المستثمرين وبناء القدرات والإمكانات اللازمة لتحقيق الأهداف الطموحة لتحقيق رؤية المملكة وفق أساليب مبتكرة للتخطيط والتنفيذ والمتابعة على المستوى الوطني.
وتتميز المدينة بموقعها الجغرافـي الذي تتوافر به أنواع متعددة من المواد الخام والأيدي العاملة هذا إلى جانب موقعها بالقرب من أهم طرق الملاحة البحرية على البحر الأحمر، ويعد الموقع مجاوراً للمطار الدولي الجديد من الجهة الجنوبي، إلى جانب الطريق الساحلي (جدة – جازان) وخط السكك الحديدية المقترح الذي يقع بالقرب من المدينة من الجهة الشرقية بهدف ربط المدينة الاقتصادية مع مدينة جدة، التي تبعد “٦٠٠” كيلو متر من الجهة الشمالية الغربية، وفي أقصى الشمال تقع المحمية الطبيعية التي تعرف باسم ”بيش بارك” وتتميز تلك المحمية بطبيعتها الريفية الخضراء وسط البيئة الصحراوية، ولها أهمية كبيرة كمنطقة محمية للحفاظ على الأحياء البرية والنباتات والحيوانات وتبلغ المساحة الإجمالية لتلك المنطقة نحو ١٠٣ كيلومترات مربعة.
ويعد مشروع مصفاة جازان الذي يمثل نواة المدينة وقلبها النابض، من أضخم مشروعات التكرير التي أنشئت خلال الـ ٢٠ عاماً الماضية على مستوى العالم، من حيث الحجم والتقنية المتقدمة في إنشائه وطاقته الإنتاجية للمصفاة التي تزيد على “٤٠٠” ألف برميل يومياً من الزيت العربي الثقيل والمتوسط، لتوفير اللقيم للصناعات التحويلية وتلبية احتياجات المنطقة من المنتجات النفطية المكررة، ومن المتوقع أن تدخل المصفاة مرحلة التشغيل العام الحالي ٢٠١٨.
تحويل سوائل البترول
ومن المشروعات المهمة بمدينة جازان للصناعات الأساسية والتحويلية مشروع مجمع توليد الطاقة بالمدينة الذي يعد أول معمل في المملكة لتحويل سوائل البترول الثقيلة إلى غاز منقى نظيف، ومن ثم إنتاج الكهرباء باستخدام تقنية الدورة المركبة عالية الكفاءة بطاقة تزيد على “٣٩٠٠” ميجا وات، بما يمكن المجمع من تصدير ما يربو على “٢٤٠٠” ميجا وات لشبكة الكهرباء الوطنية، مع التركيز على توفير الطاقة النظيفة بطريقة اقتصادية ذات جودة واعتمادية عالية.
وصمم مشروع مجمع توليد الطاقة ليتكامل مع مجمع التكرير مما يساعد في إنتاج الكهرباء والمنافع بكفاءة عالية، وسيتيح اكتمال المشروع الاستغناء عن معامل إنتاج الكهرباء الأقل كفاءة خارج مواسم الذروة في المنطقة بالتنسيق مع شركة الكهرباء السعودية.
واشتملت أعمال تنفيذ مشروع مدينة جازان للصناعات الأساسية والتحويلية في مرحلتها الأولى وفق خطة تطويرية للبنية التحتية تمتد على مساحة ″١٠٦″ كيلومترات مربعة تشمل بناء ميناء تجاري وصناعي متكامل وتهيئة وتطوير البنية التحتية للأراضي الصناعية والسكنية وإنشاء شبكة الطرق الداخلية، وكذلك إنشاء شبكة كهربائية مميزة لنقل الكهرباء داخل المدينة تحوي محطات موزعة بعناية في المناطق الصناعية والسكنية وبناء محطة لتنقية المياه بطاقة ”٦٠″ ألف متر مكعب في اليوم بطريقة التناضح العكسي لتزيد مستقبلاً حتى تصل ″١٨٠″ ألف متر مكعب في اليوم متى ما دعت الحاجة.
كما تشمل خطة تطوير البنية التحتية للمدينة إنشاء شبكة متكاملة لتجميع مياه الصرف الصحي والمياه المستعملة في الأغراض الصناعية التي تعالج لتطابق المعايير البيئية اللازمة للحفاظ على بيئة صحية ونظيفة بطاقة إنتاجية تبلغ ″٤٠″ ألف متر مكعب في اليوم للمرحلة الأولى مع إمكانية زيادة الإنتاج إلى ″١٢٠″ ألف متر مكعب في المراحل اللاحقة، وعمل شبكة متكاملة لتصريف الأمطار وحول المدينة وداخلها لحمايتها من أخطار السيول.
Comments are closed.