إلغاء مناقصة السوق الحرّة في مطار بيروت

بعد أقلّ من أربعة أسابيع على إجرائها، قررت وزارة الاشغال العامة والنقل ووفقاً للمادة ٢٥ من قانون الشراء العام، إلغاء نتيجة المزايدة العلنية لاستثمار السوق الحرة في المطار، وبدء الاجراءات للإعلان عن مزايدة جديدة على أن يكون سعر الافتتاح بالدولار الأميركي، وذلك تأميناً لرفد الخزينة العامة بأعلى قدر ممكن من الموارد المالية، وذلك بعدما رست مؤقتاً على شركة PAC-Duty Free SAL بحوالى ١٩٠٠ مليار ليرة.

لماذا؟ بتاريخ ٢٩ أيلول/سبتمبر أجرت الوزارة مزايدة لتلزيم استثمار مساحات في السوق الحرة في مطار رفيق الحريري الدولي، على أساس أنّ العارض الرابح يؤدي مبلغاً مقطوعاً قيمته ٣،٥ دولارات عن كلّ راكب من مجموع عدد الركاب سنوياً، بالإضافة الى قسط ثابت حُدد بالليرة اللبنانية وقيمته ٨٠٠ مليار ليرة. يومها تقدّمت شركتان، المستثمر الحالي أي Pac- Duty Free SAL وشركة Interworld SARL. وكانت المزايدة الاولى التي تُعقد خارج إطار قانون المناقصات القديم، وكأنّها التجربة العملية الاولى لمزايدة بهذه الأهمية التي تجرى بموجب قانون الشراء العام.

وإنطلاقاً من صلاحياته المحددة في المادة ٧٧، الفقرة ٧، انتدب رئيس هيئة الشراء العام مراقباً من الهيئة لحضور الجلسة، وبنتيجة فضّ العروض نجح المستثمر الحالي أي Pac- Duty Free SAL بسعر ١١٢٥ ملياراً مقابل ١١٠٠ مليار للعارض الثاني، على اعتبار أنّ العلاوة خارج إطار المنافسة. وبنتيجة الجلسة، رفع مراقب هيئة الشراء العام تقريراً إلى رئيس الهيئة تضمن الإِشارة إلى بعض الأخطار والمخالفات وإلى خلل في التلزيم.

على أثر ذلك، وجّه رئيس الهيئة جان العليّة كتاباً إلى وزارة الأشغال طلب بموجبه ايداعه كامل الملف للتدقيق فيه، في ضوء تقرير المراقب وعملاً بالموجبات الملقاة على الهيئة. تمّ التدقيق بالملف، وتبيّن أنّ عرض الشركة الثانية أي Interworld SARL لا يستوفـي الشروط المطلوبة ضمن دفتر الشروط الخاص بالمزايدة، وذلك لناحية توفّر رقم الأعمال المطلوب من الشركة وهو ٦٠ مليون دولار سنوياً.

بالنتيجة، وجّهت هيئة الشراء العام كتاباً إلى وزارة الأشغال العامة تطلب فيه من الوزارة أن تطلب من لجنة التلزيم الاجتماع من جديد لإعادة النظر بالقرار الذي اتخذته في ضوء نتيجة التدقيق. وفقاً لأحكام المادة ١٠١، فإنّ لجنة التلزيم تتمتّع بالاستقلالية في عملها عن الوزارة، وأيّ خلل قد يحصل في عملها تكون هيئة الشراء العام الجهة المخوّلة رصده. وهنا أهمية قانون الشراء العام.

للتذكير، فإنّ الأسعار التي قدمت خلال المزايدة جاءت على الشكل الآتي:

Interworld SARL: ألف مليار ليرة لبنانية.

Pac- Duty Free SAL: ألف وماية وعشرون مليار ليرة لبنانية.

واذا أضيفت إلى سعر الافتتاح أعلاه، العلاوة المرتبطة بعدد الركاب (٣ دولارات ونصف الدولار)، يكون التلزيم قد قارب حوالى الـ١٩٠٠ مليار (وفق تصريحات الوزير المعني) أي حوالى ٤٨ مليون دولار أميركي على أساس سعر الدولار ٤٠ ألف ليرة. وقد قادت هذه النتيجة إلى فرض مقارنة بسيطة بين قيمة التلزيم هذه، والقيمة التي رسا عليها التلزيم في العام ٢٠١٧ حين كان يوسف فنيانوس وزيراً للأشغال العامة، وقد بلغ يومها حوالى ١٥٠ مليار ليرة، أي ١٠٠ مليون دولار. وقد اعتبر التلزيم في حينه انجازاً يسجّل لوزير الأشغال العامة. واذ به، ينخفض إلى نحو نصف القيمة.

ولهذا كان اصرار العلية على تحديد سعر الإفتتاح بالدولار الأميركي بدلاً من الليرة اللبنانية. و«هو موقف هيئة الشراء العام من كلّ المزايدات والاستثمارات لأملاك الدولة ومواردها حيث من المفترض أن تكون بالعملة الأجنبية وذلك لتأمين مصلحة الخزينة اللبنانية في هذه الظروف الاقتصادية الصعبة».

وبالفعل، بادر الوزير إلى التجاوب مع كتاب هيئة الشراء العام، وحوّله الى لجنة التلزيم لإعادة النظر به، وقد أعلن وزير الِأشغال العامة أنّه بنتيجة ذلك تمّ إلغاء المزايدة على أن يكون سعر الافتتاح بالدولار الأميركي.

كما يتردد أنّ العارض الثاني هو نفسه الشركة التي أثير أكثر من علامة استفهام حول امتلاكها الشروط القانونية للدخول في المزايدة السابقة التي جرت في إدارة المناقصات في العام ٢٠١٧، وانتهى الخلاف معها إلى ابطال المزايدة حديثاً من قبل مجلس شورى الدولة لصالح هذه الشركة.

 

 

 

 

Comments are closed.