- الإعلانات -

- الإعلانات -

إعادة التأمين ٢٠٢٦: بين التحول العالمي نحو الاستدامة ومتطلبات المهارة في Mena

Dr. Amany elmahy, SFSU - Chief Executive-Misr Insurance

في ظل التغيرات المتسارعة التي يشهدها العالم على صعيد المخاطر المناخية، والتحولات الاقتصادية، والتطورات التكنولوجية، تتجه أسواق إعادة التأمين العالمية نحو إعادة تشكيل هيكلها الاستراتيجي والفني بحلول عام ٢٠٢٦. لم تعد الأولويات تقتصر على التسعير الفني أو الحماية التقليدية، بل أصبحت مفاهيم مثل إعادة التأمين الأخضر والمستدام، والتغطيات البارامترية المرتبطة بالطبيعة، والضمانات الخاصة بالكربون، ومنتجات إعادة التأمين متناهية الصغر عناصر محورية في تصميم المحافظ وإدارة المخاطر.

في المقابل، تقف منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (MENA) على مفترق طرق. فرغم الجهود المبذولة في تطوير الأسواق وتنظيم الأطر التشريعية، إلا أن التحدي الأكبر يظل في مدى جاهزية المهارات والكفاءات الفنية لمواكبة هذا التحول. فالكفاءات لا تزال في كثير من الأحيان تقليدية الطابع، ترتكز على النمط الإداري أكثر من الرؤية التحليلية، وتعاني من ضعف في التخصصات الدقيقة، والابتكار، والاستقلال الفني في اتخاذ القرار.

هذا التقرير يستعرض:

 الاتجاهات العالمية حتى ٢٠٢٦ عبر خطوط الأعمال المختلفة.

• واقع الأسواق في منطقة MENA ومدى اقترابها من مسار التحول العالمي.

• نموذج إعادة التأمين الأخضر والمتناهِي الصغر بوصفه مسارًا استراتيجيًا لتحقيق الشمول والاستدامة.

• وأخيرًا، الكفاءات والمهارات الفنية بوصفها «رمانة الميزان» التي تُحدّد فعليًا قدرة المنطقة على التفاعل لا التبعية، والقيادة لا الانتظار.

فهل نحن في المنطقة على المسار الصحيح؟ وهل نملك الأدوات البشرية والتقنية والمالية اللازمة للعب دور فعّال في منظومة إعادة التأمين العالمية الجديدة؟

هذا ما نحاول استكشافه

١. التوقعات العالمية لأسواق إعادة التأمين ٢٠٢٦

الحجم والنمو حسب خطوط العمل

• وفقًا لاحدث التقارير ، بلغ حجم سوق إعادة التأمين العالمي حوالي ٤٦٩.٧ مليار دولار في ٢٠٢٥، ومن المتوقع أن يرتفع إلى ٦٢٩.٧ مليار دولار بحلول عام ٢٠٣٠، بمعدل نمو سنوي مركب (CAGR~٦.٠٪.

• من حيث خطوط العمل (lines of business LOBs):

• Property & Casualty تمثل ~٦٢.٤٪ من السوق في ٢٠٢٤،

• والقطاعات المتخصصة (Specialty Lines) تنمو بسرعة بمعدل ~١١.٢٪ سنويًا إلى عام ٢٠٣٠.

المحركات المؤثرة عالميًا

• الارتفاع المستمر في أسعار إعادة التأمين، خاصة لفروع الممتلكات والكوارث (property catastrophe)، بفضل ظروف السوق المتشددة (hard market)، وهو ما يدعم ربحية قطاع إعادة التأمين.

• تزايد استخدام الرساميل البديلة مثل السندات المرتبطة بالكوارث (Cat Bonds) والـ sidecars، التي نمت بسرعة، وبيعت سندات بقيمة قياسية ١٨.١ مليار دولار في عام ٢٠٢٥.

• التكنولوجيات الحديثة: البيانات الضخمة (Big Data)، الذكاء الاصطناعي (AI)، أنظمة parametric والتمويل المضمن (embedded finance) تُحدث نقلة نوعية في تقدير المخاطر وتسعيرها وخدمة العملاء.

بقية خطوط العمل

• Casualty (المسؤوليات) تشهد ضغطًا متزايدًا بسبب التضخم القضائي والتكاليف المرتبطة للمطالبات،، مما يرفع أسعار إعادة التأمين لهذه الخطوط أيضًا.

• القطاعات المتخصصة (Cyber, Climate, Pandemic وغيرها) هي أسرع خطوط النمو عالميًا، بسبب اهتمام السوق بهذه المخاطر الحديثة والمتنامية.

٢. هل نحن «على المسار الصحيح» في منطقة MENA؟

أداء السوق الإقليمي

• السوق الإقليمي في MENA صغير مقارنة بالعالم، حيث بلغت أقسـاط التأمين الإجمالية لعشر كبرى شركات إعادة التأمين نحو ٢.٢ مليار دولار فقط من ٢٢٠.٢ مليار دولار عالميًا.

• مع ذلك، يظل السوق حيويًا مع معدلات إعادة التخصيص (cession) عالية نسبيًا؛ فبعض الدول مثل الإمارات يصل فيها معدل cession إلى ٦٢٪، والبحرين ٥٣٪، مقابل ٢٤٪ في السعودية و١٥٪ في عمان.

مؤشرات التطوّر من ٢٠٢١ إلى ٢٠٢٤

١. تطوّرات السوق وأداء إعادة التأمين

• تقرير IMF لعام ٢٠٢٤ يؤكد أن سوق إعادة التأمين في المنطقة لا يزال محدود الحجم، حيث مثّل نحو ٢.٢ مليار دولار في ٢٠٢٠ فقط مقارنة بـ٢٢٠.٢ مليار دولار عالميًا

• رغم ذلك، هناك إشارات إيجابية من التقرير نفسه لعام ٢٠٢٤ إلى أن السوق بدأ يشهد تحركات نحو مزيد من التنافسية بفضل دخول لاعبين إقليميين ودوليين، وزيادة الاهتمام بقطاعات مثل الممتلكات والكوارث الطبيعية

٢. نسبة التخصيص للمعيد (Cession Rate)

• ما زالت منطقة الخليج بالذات تعتمد بشكل كبير على إعادة التأمين، ففي عام ٢٠٢٠، بلغ معدل التخصيص حوالي ٤٠٪ في مجمل المنطقة، مع تباين كبير بين الدول؛ من ١٥٪ في عُمان إلى ٦٢٪ في الإمارات و٥٣٪ في البحرين

بين عامي ٢٠٢١ و٢٠٢٤، الاتجاهات الموثقة تشير إلى استمرار النمو التدريجي والاعتماد الكبير على إعادة التأمين، خصوصًا في دول الخليج مثل الإمارات والبحرين. السوق بدأ يشهد تنافسًا أوسع وتنوعًا أكبر في اللاعبين، لكن ما زالت الهوامش الربحية ضيقة والتحديات قائمة، خصوصًا في ظل استمرار تقلبات الأسعار العالمية.

التحديات والفرص

• رغم التحديات مثل المنافسة الشديدة، والتكاليف العالية، وهامش الربح الضيق، فإن المنطقة تشهد:

• دخول المزيد من اللاعبين الدوليين والإقليميين إلى السوق المحلي.

• اعتماد كبير على إعادة التأمين لتغطية المخاطر الكبرى مثل الكوارث المناخية بسبب صغر حجم السوق المحلي وضعف التنوع في خطوط العمل.

• في ظل تشديد الأسعار عالميًا (Hard Market)، يحتاج السوق في MENA إلى إدارة أكثر حذرًا للمخاطر لضمان عدم تآكل هوامش الربح المتاحة بالفعل

تحليل لخطوط أعمال إعادة التأمين

العالمي × الإقليمي (MENA)

١. Property & Natural Catastrophe

عالميًا، يشهد خط الممتلكات نموًا واضحًا في الربحية، مدعومًا بارتفاع أسعار إعادة التأمين وانخفاض الخسائر من الكوارث مقارنةً بالأعوام السابقة. كما ارتفعت سعة السوق بفضل دخول رؤوس أموال بديلة مثل السندات المرتبطة بالكوارث (Cat Bonds)، ما أدى إلى تخفيف الضغط على الأسعار.

في MENA، يبقى هذا الخط من الأكثر اعتمادًا على إعادة التأمين، نتيجة لمحدودية القدرة الاكتتابية محليًا. الإمارات والبحرين مثلًا تُخصّص أكثر من نصف أقساط الممتلكات لمعيدي التأمين. ومع ذلك، خففت بعض شركات الإعادة العالمية من القيود التي كانت مفروضة على المنطقة مؤخرًا، خاصة مع تحسن الأوضاع السياسية والمالية.

٢. Casualty (المسؤولية المدنية)

عالميًا، يتعرض هذا القطاع لضغوط شديدة من حيث الخسائر، لا سيما بسبب التضخم القضائي وارتفاع تكلفة التعويضات في الأسواق الكبرى. لذا، هناك اتجاه نحو تحسين شروط التغطية وزيادة الأسعار للحفاظ على ربحية مقبولة.

في المنطقة، لا تظهر مؤشرات دقيقة حول حجم أو أداء هذا الخط، لكنه يشهد نموًا بطيئًا ومحدودًا، خصوصًا في ظل وجود مطالبات قليلة، ولكن أيضًا خبرة اكتتاب غير متقدمة نسبيًا. توسع مشاريع البنية التحتية قد يعزز الطلب على هذا النوع من التغطية مستقبلاً.

٣. Engineering (الهندسي)

عالميًا، يستفيد هذا القطاع من الطفرة في مشاريع البنية التحتية والطاقة، لكنه يواجه تحديات في تسعير المخاطر المركبة والمعقدة، خصوصًا في المشاريع العابرة للحدود.

في MENA، هذا الخط يشهد نموًا فعليًا في ظل الطفرة العمرانية والمشاريع العملاقة (نيوم، العاصمة الإدارية، إكسبو، إلخ). لكنه أيضًا يعتمد بشدة على دعم معيدي التأمين العالميين، مع تحفّظ واضح من بعضهم على المشاريع عالية المخاطر أو غير المدروسة فنيًا.

٤. Oil & Gas / Renewables

عالميًا، يمر قطاع النفط والغاز بمرحلة إعادة ضبط، مع تصاعد أهمية التأمين على الطاقة المتجددة، ما يجعل هذا الخط في حالة انتقالية. التغطيات أكثر تعقيدًا وتتطلب نماذج متخصصة ومتابعة تنظيمية دقيقة.

في MENA، يظل النفط والغاز محورًا اقتصاديًا رئيسيًا، وبالتالي يحظى هذا الخط باهتمام كبير من شركات التأمين وإعادة التأمين. إلا أن تغطيات الطاقة المتجددة لا تزال محدودة في الطرح، رغم المشاريع الجديدة مثل «الهيدروجين الأخضر» أو «الطاقة الشمسية»، ما يجعلها فرصة نمو مستقبلية.

٥. Cyber (السيبراني)

عالميًا، هذا الخط من أسرع خطوط العمل نموًا، نتيجة الارتفاع الكبير في حوادث الاختراق الإلكتروني. السوق يشهد زيادة مضطردة في الطلب، وارتفاعًا ملحوظًا في الأسعار، وسط تحديات تتعلق بتحديد المخاطر وتسعيرها.

في MENA، بدأ الاهتمام بالتأمين السيبراني يزداد، خصوصًا في دول مثل الإمارات والسعودية. لكن السوق لا يزال في بداياته، مع نقص في البيانات والخبرة، واعتماد شبه كامل على شركات إعادة التأمين الأجنبية لتوفير التغطيات.

٦. Cargo & Hull (البحري – الشحن والأجسام)

عالميًا، يشهد السوق حالة من الاستقرار النسبي، لكنه يتأثر بالحروب التجارية، وتعقيدات سلاسل الإمداد، والهجمات الجيوسياسية في بعض البحار والموانئ.

في المنطقة، التأمين البحري يحافظ على وجود تقليدي قوي، خاصة في موانئ مثل جبل علي، صحار، ودمياط. إلا أن الخط يعاني من ضعف الاستثمار في تطوير المنتجات وغياب أدوات تقييم المخاطر الحديثة.

٧. Aviation (الطيران)

عالميًا، تعافت حركة الطيران بعد كوفيد-١٩، لكن تحديات جديدة ظهرت، خاصةً بسبب النزاعات مثل الحرب الروسية – الأوكرانية، والتي خلقت مطالبات معقدة ومستمرة.

في MENA، هناك نمو مستقر في حركة الطيران بفضل السياحة والأعمال، لكن إعادة التأمين لا تزال تحت ضغط بسبب المخاطر السياسية المحتملة. ومع ذلك، هناك اهتمام متزايد من شركات الإعادة العالمية بتقديم تغطيات مشروطة ومحسوبة.

٨. Parametric (التأمين البارامتري)

عالميًا، يعتبر هذا الخط من أكثر الخطوط ابتكارًا، حيث تُربط التعويضات بمعايير قابلة للقياس مثل شدة زلزال أو كمية أمطار، مما يسرّع عملية الدفع. يزداد استخدامه في الزراعة والطاقة المتجددة والمناطق المعرضة للكوارث.

وقياسًا على ما سبق:

في MENA، ما زال هذا النوع من التغطية نادرًا وغير مطبّق على نطاق واسع، رغم أنه قد يكون مفيدًا جدًا خصوصًا في مواجهة مخاطر السيول أو الجفاف في مناطق مثل شمال إفريقيا أو الجزيرة العربية. اعتماد السوق عليه مستقبلاً سيعتمد على تحسين الفهم الفني والدعم التنظيمي.

في الوقت الذي تتجه فيه أسواق إعادة التأمين العالمية إلى التركيز على الابتكار، وتحقيق الكفاءة عبر التكنولوجيا والتخصص، فإن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تسير بخطى ثابتة ولكن أبطأ. تعتمد المنطقة بدرجة عالية على معيدي التأمين العالميين في معظم الخطوط، مع تفاوت كبير بين الدول من حيث التطور والنضج الفني.

الفرصة في MENA قائمة، ولكنها تتطلب:

بالمجمل، الاتجاه إيجابي في كلا السوقين، لكن القدرة على مضاهاة الأسواق العالمية ستعتمد على تسريع وتيرة التحول المهني والتقني في السوق الإقليمي

إعادة التأمين الأخضر والمستدام  عالميًا وإقليميًا (MENA)

السياق العالمي والاتجاهات الرئيسية

تشهد الأسواق العالمية طفرة حقيقية في «إعادة التأمين الأخضر» والاستراتيجيات المستدامة التي تُعنى بالتوازن البيئي والاجتماعي بالقطع مع التقليدية:

إعادة التأمين الأخضر في منطقة MENA: الفرص والواقع

على الرغم من أن إعادة التأمين المستدام لا تزال في بداياتها في MENA، هناك مؤشرات مشرقة وإن كانت بطئية:

التدفق السلس:

إعادة التأمين متناهي الصغر (Micro-Reinsurance)

 ما هو إعادة التأمين متناهي الصغر؟

إعادة التأمين متناهي الصغر هو الترتيب الذي يتم فيه توفير حماية لمعِيدي التأمين لشركات تأمين تقدّم منتجات تأمين صغيرة الحجم وقليلة القسط تستهدف الفئات منخفضة الدخل، مثل المزارعين، العمالة غير الرسمية، وأصحاب المشاريع الصغيرة.

يُعد هذا النوع من إعادة التأمين عنصرًا أساسيًا في تعزيز الوصول المالي للفقراء، عبر حماية الفئات الهشّة من المخاطر التي قد تقضي على استقرارهم الاقتصادي (مثل الجفاف، الأمراض، الكوارث، فقدان العمل، أو تقلبات الأسعار).

 عالميًا: واقع وإحصائيات

 كيف يدعم إعادة التأمين متناهي الصغر الأهداف التنموية؟

MENA والمنطقة: ما مدى حضور إعادة التأمين متناهي الصغر؟

في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (MENA)، لا يزال التأمين متناهي الصغر وإعادة التأمين المرتبط به في مراحله الأولى، رغم وجود حاجة فعلية:

التحديات:

فرص النمو:

 أين يلتقي إعادة التأمين متناهي الصغر مع «إعادة التأمين الأخضر»؟

 الواضح الجلى:

إعادة التأمين متناهي الصغر يُعتبر أداة استراتيجية لتوسيع نطاق الحماية المالية للمجتمعات المهمشة، خاصةً في المناطق النامية مثل بعض دول MENA. ورغم أن تطبيقاته ما تزال محدودة في المنطقة، إلا أن فرص النمو موجودة، خصوصًا في ظل:

إعادة التأمين الأخضر والمتناهي الصغر معًا يمكن أن يشكلا أساسًا لاقتصاد تأميني أكثر عدالة واستدامة في MENA.

• بناء قدرات اكتتاب محلية أقوى،

• إدخال أدوات حديثة مثل التغطيات البارامترية والسيبرانية،

• والاستثمار في تطوير البيانات والفهم الفني العميق لكل خط عمل.

• سوق التأمين الأخضر العالمي قُدِّر بنحو ٢.٥ مليار دولار في ٢٠٢٢، مع نمو سنوي مركب متوقع بنسبة ١١.٥٪ حتى ٢٠٣٠. وفي مناخ مشابه، السوق المستدام (Sustainable Insurance) ارتفع من ١٥.٧ مليار دولار في ٢٠٢٤، ويُتوقع أن يصل إلى ٩٤ مليار دولار بحلول ٢٠٣٤ بمعدل نمو ١٩.٦٪ سنوي.

• يُوصَف هذا النمو العالمي بأنه مدعوم بوعي بيئي متزايد، وضغوط تنظيمية على المؤسسات لاتباع معايير ESG، إلى جانب رغبة المستثمرين والعملاء في التأمين على المشاريع الصديقة للبيئة.

• السندات المرتبطة بالكوارث (Cat Bonds) تُعد مكوّنًا رئيسيًا ضمن إعادة التأمين الأخضر، حيث بلغت مبيعاتها ١٨.١ مليار دولار حتى منتصف ٢٠٢٥  أعلى من الإجمالي البالغ ١٧.٧ مليار دولار في ٢٠٢٤. هذه الأدوات توفر وسيلة فعالة لنقل المخاطر المناخية بسرعة وشفافية، مع عوائد جذابة للمستثمرين.

• كما يتجه القطاع إلى إنشاء التأمينات البارامترية المتخصصة للطبيعة، مثل التغطية على الشعاب المرجانية أو النظام البيئي، ما يتيح إجراء التعويضات بسرعة بعد وقوع الحدث المدفوع  على سبيل المثال، حصل “Mesoamerican Reef Fund” على ١٧٥،٠٠٠ دولار خلال أسبوعين فقط بعد إعصار.

• تشهد المنطقة توسعًا في مشاريع الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية، الهيدروجين الأخضر، والمشاريع الكبرى، وهي فرص مثالية لابتكار منتجات تأمينية خضراء متخصصة تعكس التوجه الوطني نحو الاقتصاد منخفض الانبعاثات.

• تبرز الحاجة لتطوير هيكليات إعادة تأمين تسهّل دخول رؤوس الأموال المسؤولة، مع تقديم تغطيات مثل “carbon credits warranty” التي تعزز ثقة المستثمرين وترسخ قيمة الاستدامة. مثال على ذلك: ضمانات صادرة لدعم مشاريع غابات في غانا مع تأمين ضد مخاطر الكربون.

• وبالرغم من هذه المحفزات، ما زالت التغطيات البيئية في المجال مثل التأمين البارامتري المخصص للطبيعة غير مطبّقة على نطاق واسع في MENA، لكنها تمثل فرصة واعدة، خصوصًا في مناطق عرضة للسيول أو التغيرات المناخية المفاجئة.

• إلى جانب ذلك، مع تزايد تركيز المنطقة على الاستدامة، من المتوقع أن يؤدي الطلب على تأمينات الصيانة البيئية، الاستثمارات الخضراء، والمشاريع المستدامة إلى تنامي الحاجة إلى إعادة تأمين أخضر محليًا. هذا يتماشى مع الاتجاه العالمي نحو دمج ESG في أنظمة إعادة التأمين، وتوظيف أدوات مثل الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة لتعزيز التقييمات البيئية للمخاطر.

• في العالم، يُسجّل سوق التأمين الأخضر نموًا متسارعًا بقوة التكنولوجيا والتشريع، وتظهر أدوات مبتكرة مثل السندات المرتبطة بالكوارث والتأمين البارامتري لتفعيل الاستجابة السريعة، مع توفير بيئة استثمارية مستدامة وموثوقة.

• في MENA، الموضوع لا يزال ناشئًا، لكن الفرص متاحة: الطاقة المتجددة، المشاريع الكبيرة، الحاجة إلى حماية الكربون، كلها تُشكّل أرضًا خصبة لتطوير «إعادة التأمين الأخضر». المستفيدون الأذكياء هم من سيبدأ في بناء خبرات محلية، وتكوين أدوات تمويلية، وتوجيه الشركاء نحو استراتيجيات ESG، لتحقيق نمو مستدام ومبتكر في القطاع

• يشير تقرير Microinsurance Network إلى أن هناك أكثر من ٢٩٠ مليون شخص مؤمن عليهم عبر منتجات متناهية الصغر، يغطي التأمين متناهي الصغر قطاعات تشمل الصحة، الزراعة، الحماية، الحياة، والممتلكات.

• معيدي التأمين الكبار مثل Swiss Re, Munich Re، وHannover Re يشاركون بشكل مباشر في تطوير هذه المنتجات، عبر تقديم أدوات إعادة التأمين المصممة خصيصًا لتقليل التقلّب وتسهيل التوسع.

• ظهر استخدام الأدوات البارامترية بقوة في هذا المجال، لتوفير تغطيات سريعة وشفافة بناءً على معايير محددة (مثلاً: انخفاض الأمطار لأقل من معدل معين = تعويض آلي للمزارعين).

• هناك أيضًا تعاون بين القطاعين العام والخاص، من خلال برامج مثل:

• African Risk Capacity

• Global Index Insurance Facility

• Climate Risk Insurance Fund

• تحقيق الشمول المالي: عبر دعم منتجات تأمينية ميسّرة من حيث القسط، تمكن الفئات المستبعدة من الوصول لنظام الحماية.

• تعزيز الاستقرار الاجتماعي: من خلال ضمان دخل الحد الأدنى عند الكوارث أو المرض.

• تحفيز المشاريع الصغيرة: بمنح الثقة للتمويل والاقتراض.

• دعم أهداف الاستدامة (SDGs): خاصة الأهداف ١ (القضاء على الفقر)، ٨ (العمل اللائق)، و١٣ (العمل المناخي).

• ضعف الثقافة التأمينية في الشرائح الفقيرة.

• غياب الأطر التشريعية الخاصة بالمنتجات الصغيرة.

• محدودية البيانات لتسعير وتقييم المخاطر بدقة.

• ضعف البنية التحتية التقنية في المناطق الريفية أو غير الرسمية.

• دول مثل مصر، المغرب، وتونس لديها شبكات ضخمة من الفئات القابلة للتأمين متناهي الصغر (العمالة اليومية، المرأة الريفية، المزارعون الصغار).

• توسع في التمويل الأصغر والبنوك الرقمية في الخليج وشمال أفريقيا يوفر قناة مباشرة لتوزيع منتجات التأمين متناهي الصغر.

• الهيئات التنظيمية مثل الهيئة العامة للرقابة المالية في مصر بدأت بالفعل مبادرات لتنظيم سوق التأمين متناهي الصغر، مع دعم لمبادرات التمويل الأخضر أيضًا.

• الروابط البيئية قوية جدًا. معظم منتجات التأمين متناهي الصغر في الزراعة، وهي الأكثر تعرضًا للتغير المناخي.

• استخدام أدوات Parametric Insurance مع مؤشرات مثل معدل هطول الأمطار، يمكن دمجه مع برامج الاستدامة.

• معيدو التأمين الدوليون يمكن أن يخصصوا محافظ خضراء لدعم هذه المنتجات ضمن استراتيجياتهم البيئية والاجتماعية (ESG).

• توسع التمويل الأصغر.

• ازدياد الكوارث المناخية التي تؤثر على الزراعة والعمالة اليومية.

• إدماج المنتجات البارامترية، مما يسمح بالتعويض السريع وتقليل التكلفة.

• «المهارات والكفاءات في إعادة التأمين» «رمانة الميزان» في MENA.

الوضع القائم: الكفاءات الفنية تقليدية

في معظم أسواق التأمين بالمنطقة، الكفاءات العاملة في إعادة التأمين لا تزال تعتمد على:

• مناهج تقليدية في تسعير الأخطار.

• تركيز على الإجراءات الإدارية أكثر من التحليل الفني المتقدم.

• اعتماد شبه كلي على معيدي التأمين الخارجيين لتقدير شروط الاكتتاب والتسعير.

• ندرة في التخصصات الدقيقة مثل: التأمين البارامتري، المخاطر السيبرانية، الطاقات المتجددة، أو حلول ESG

• أثر ذلك على السوق

١. بطء في الابتكار

 قلة المهارات الحديثة تعني ضعف في تقديم منتجات جديدة (مثل parametric, cyber, carbon risk)، مما يترك السوق غير قادر على مواكبة التطورات العالمية.

٢. عدم الاستقلال الفني

 الاعتماد على معيدي التأمين في كل كبيرة وصغيرة يجعل السوق هشًا أمام تغير شروط الأسواق الخارجية.

٣. ضعف تقييم المخاطر المحلية

 عدم وجود مختصين بتحليل البيانات أو النمذجة الاكتوارية المتقدمة يؤدي إلى تسعير خاطئ، ينعكس على الربحية والاستقرار.

٤. التجديد الورقي وليس الاستراتيجي

 عمليات التجديد السنوي مع المعيدين في كثير من الأحيان تتم بآلية تقليدية (Copy/Paste) دون مراجعة حقيقية للمحفظة أو التحليل الاستباقي.

 ما المطلوب؟ كيف نعيد التوازن؟

١. بناء مهارات تحليل المخاطر المعقدة

 عبر برامج تدريب فني متقدم في الاكتتاب، التحليل الاكتواري، وإدارة المحفظة.

 إدخال أدوات تحليل البيانات الضخمة (Big Data) والذكاء الاصطناعي لتقييم المخاطر.

٢. تمكين الخبرات المحلية

 تشجيع تبادل المعرفة بين الشركات، واستقدام الخبرات المتخصصة، لا الاكتفاء بالتعلم الذاتي أو الاعتماد على المعيدين فقط.

٣. خلق نواة تعليم تأميني متخصص

• دعم الجامعات والمعاهد المهنية لإنشاء برامج مهنية معترف بها دوليًا في إعادة التأمين.

٤. التخصص بدل العمومية

 تطوير مسارات وظيفية متخصصة داخل الشركات: اكتتاب سيبراني، هندسي، زراعي، طاقوي، إلخ.

• نفطة الإتزان:

رمانة الميزان في إعادة التأمين بمنطقة MENA ليست في حجم الأقساط ولا عدد الاتفاقيات، بل في مدى جودة الكفاءات الفنية التي تدير هذه المحافظ وتحللها وتطوّرها.

ولأن المهارات لا تزال في الغالب تقليدية، بات من الضروري إحداث تحول نوعي في بناء الكفاءات. فقط عندها يمكن للأسواق الإقليمية أن تكون مستقلة، مبتكرة، وتنافسية عالميًا – لا تابعة للأسواق الخارجية.

بين اللحاق بالتحول وقيادته… أين تقف MENA؟

إن المشهد العالمي لإعادة التأمين يتغيّر جذريًا، ليس فقط في طبيعة الأخطار أو هيكل المنتجات، بل في الفلسفة التي تحكم علاقة السوق بالمجتمع والبيئة والمستقبل. أصبح الحديث عن المحافظ الخضراء، والتأمين البارامتري المرتبط بالمناخ، والضمانات الكربونية، والحلول متناهية الصغر، أمرًا مركزيًا في استراتيجيات الشركات الكبرى ومعيدي التأمين العالميين.

وفي خضم هذا التحول، تجد أسواق الشرق الأوسط وشمال إفريقيا نفسها أمام خيارين واضحين:

إما أن تلحق بالمسار العالمي من خلال تسريع التحديث، وبناء كفاءات فنية مستقلة وقادرة على تحليل وتوجيه القرار، أو أن تبقى رهينة النماذج التقليدية، تعتمد على الخارج، وتُفَوّت فرصًا استراتيجية كان يمكن أن تُحسَب لها.

إن رمانة الميزان لم تعد في حجم الأقساط أو عدد الاتفاقيات، بل في نوعية العقول التي تديرها.

ولا يمكن الحديث عن استدامة أو ريادة دون استثمار جاد في رأس المال البشري التأميني، وتحفيز الابتكار، وخلق بيئة مرنة تحتضن التخصص والتجريب.

ختامًا، إن مستقبل إعادة التأمين في المنطقة ليس قدرًا، بل قرارٌ استراتيجي.

والأسواق التي تفهم هذا التحول مبكرًا، وتعيد هندسة أدواتها ومهاراتها، ستكون جزءًا من الحلول العالمية، لا من هوامش التبعية.

 هل نحن على المسار الصحيح؟

Comments are closed.