أبقت وكالة التصنيف الدوليّة فيتش (Fitch Ratings) في ١٨ آب/أغسطس ٢٠٢١ تصنيفها الإئتماني الطويل الأمد بالعملات الأجنبية (Long Term foreign currency IDR) للدولة اللبنانية عند حالة التخلف عن الدفع المقيدة (Restricted Default) كما وأبقت الوكالة التصنيف الإئتماني القصير الأمد بالليرة اللبنانية وبالعملات الأجنبية (Short-term local and foreign currency IDR) عند «C» والتصنيف الإئتماني الطويل الأمد بالعملة المحلية (Long-term local currency IDR) عند «CC» وتصنيف السقف السيادي، عند. «CCC» وقد عزت الوكالة تصنيف الـ «RD» السيادي إلى تخلف الحكومة عن دفع سندات اليوروبوند التي إستحقت في ٩ آذار/مارس ٢٠٢٠. وقد أضافت الوكالة بأن الحكومة قد توقفت عن دفع سندات اليوروبوندز بالعملات الأجنبية بإنتظار عملية إعادة هيكلة الدين، فيما لا تزال تدفع مستحقاتها بالعملة المحلية. وبحسب وكالة فيتش، فلم يتوصّل الأفرقاء المحليين إلى إتفاق حول إعادة هيكلة الدين العام أو برامج مالية وإقتصادية إصلاحية والتي تعتبر ضرورية من أجل إطلاق برنامج صندوق النقد الدولي والذي سيسهل توصل لبنان إلى إتفاقيات إصلاحية متعددة الأطراف ودوليّة، إضافةً إلى فتح باب المناقشات مع مساهمين دوليين. في هذا السياق، أشارت الوكالة إلى أن خطة الإنقاذ الحكومية التي تم إقرارها في نيسان/أبريل ٢٠٢٠ هي أحدث برنامج رسميّ متوفّر إلا أنّ القطاع المالي والحكومة لم يتوصلوا إلى إتفاق حول مسألة إقتراح التخلف عن سداد الدين بالعملة المحلية وإعادة هيكلة ميزانيات المصارف التجارية ومصرف لبنان.
وبحسب وكالة فيتش، فإن أحد المشاكل الرئيسية هو الرصيد الصافـي السلبي للإحتياطات بالعملة الأجنبية لدى مصرف لبنان وتداعياته على المصارف والمودعين. بالتفاصيل، فقد كشفت وكالة فيتش أن مطلوبات القطاع المالي المصارف بالعملات الأجنبية لدى مصرف لبنان قد بلغت ١١٣ مليار د.أ. مع نهاية شهر حزيران/يونيو ٢٠٢١، فيما بلغت موجودات المصارف بالعملات الأجنبية خارج مصرف لبنان ٣٥ مليار د.أ. بالتوازي، فقد كشفت الوكالة أيضاً أنه بالرغم من أن توظيفات المصارف بالعملة الأجنبية لدى مصرف لبنان تبلغ ٧٨ مليار د.أ.، فهي غير متوفرة لها بما أن إجمالي إحتياطات مصرف لبنان بالعملة الأجنبية قد وصلت إلى ١٥ مليار د.أ. مع نهاية شهر تموز/يوليو ٢٠٢١ (دون إحتساب إحتياطات الذهب التي تقدر قيمتها بـ١٦ مليار د.أ. وسندات اليوروبوندز لدى مصرف لبنان والبالغة قيمتها ٥،٠٣ مليار د.أ.). من منظارٍ آخر، فقد كشفت وكالة فيتش إلى وجود حكومة تصريف أعمال في لبنان منذ إستقالة السيد حسان دياب بعيد الإنفجار المدمر في مرفأ بيروت بالإضافة إلى إعتذار رئيس مجلس الوزراء السابق السيد سعد الحريري عن مهامه بتشكيل حكومة مؤخراً وما إستتبعه من تكليف لرئيس مجلس الوزراء السابق السيد نجيب ميقاتي بهذه المهمة. وقد حذرت وكالة فيتش بأن الإنتخابات النيابية القادمة في أيار/مايو ٢٠٢٢ ونهاية عهد رئيس الجمهورية في تشرين الأول/اكتوبر ٢٠٢٢ قد يعرقلان موضوع تشكيل حكومة جديدة وقرارات إعادة هيكلة الدين العام والإصلاحات التي ستليها. وقد ذكرت فيتش أن البيئة الماكروإقتصادية السائدة والأوضاع الإجتماعية قد تدهورت بشكلٍ جذري بسبب القيود على التحاويل (Capital Control) وشح العملات الأجنبية وإرتفاع مستويات التضخم ما أعاق الحركة التجارية وتأمين الخدمات الأساسية (كهرباء ومياه والعناية الطبية). وقد أشارت الوكالة إلى مشكلة تعدد أسعار الصرف، والتي تتراوح بين سعر الصرف الرسمي والذي هو عند ١،٥٠٧ ليرة لبنانية للدولار الأميركي الواحد وسعر الصرف المتقلب في السوق السوداء والذي بلغ مستوى الـ ١٩،٠٠٠ ليرة لبنانية للدولار الأميركي الواحد مع نهاية شهر تموز/ يوليو ٢٠٢١. وقد قدرت وكالة فيتش أيضاً بأن الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي قد إنكمش بنسبة ٢٠٪ في العام ٢٠٢٠ كما وتتوقع بأن ينكمش بنسبة ١٥٪ إضافية في العام ٢٠٢١، في حين ترتقب بأن يرتفع مستوى تضخم الأسعار بنسبة ١٠٠٪ في العام ٢٠٢١ (بعدما بلغ متوسط التضخم نسبة ٨٠٪ في العام ٢٠٢٠). كما وتعتقد الوكالة بأن تدهور الأحوال الإقتصادية سيفرض إعادة تيويم لخطّة الإنقاذ الحكومية والتي إعتمدت حين صدورها سعر صرف ٣،٤٠٠ ليرة لبنانية للدولار الأميركي الواحد وكانت تهدف إلى تخفيض الدين العام كنسبة من الناتج المحلّي الإجمالي إلى ١٠٣٪ في العام ٢٠٢٠. بالتالي، تتوقع وكالة فيتش أن يصل الدين العام إلى مستوى ٣٤١٪ من الناتج المحلّي الإجمالي في العام ٢٠٢١ (مع إعتماد متوسط سعر صرف ٧،٣٠٠ ليرة لبنانية للدولار الأميركي الواحد). كما وتتوقع الوكالة أن يزيد العجز المالي والأولي إلى ٨٪ و٦٪ من الناتج المحلي الإجمالي بالتتالي في العام ٢٠٢١ نتيجة تدهور الأوضاع الإقتصادية والتي تؤثّر سلباً على عملية تحصيل الإيرادات. من منظارٍ آخر، فقد كشفت الوكالة بأن عجز الحساب الجاري قد إنكمش إلى نسبة ١٠٪ من الناتج المحلّي الإجمالي في العام ٢٠٢٠ مقارنة مع نسبة ٢١٪ من الناتج المحلي الإجمالي في العام ٢٠١٩ نتيجة تراجع فاتورة الإستيراد بنسبة ٤٠٪ وإرتفاع صافي تدفقات التحويلات المالية وتعليق سداد الدين الخارجي. كذلك تقدر فيتش بأن يستمر هذا النمط خلال العام ٢٠٢١ وذلك نظراً لقرار مصرف لبنان بالتوقف عن تأمين الدولار الأميركي لمستوردي المحروقات على أسعار مدعومة، وهو ما قد يؤدي إلى محو عجز الميزان التجاري خلال العام ٢٠٢١ وتوقيف إستنزاف إحتياطات مصرف لبنان، مع الإشارة إلى أن لبنان سيستفيد من حوالي ٩٠٠ مليون د.أ. كحقوق سحب خاصة (Special Drawing Rights) من صندوق النقد الدولي.
أخيراً، أشارت الوكالة إلى أنها ستعيد النظر إيجابياً بتصنيف لبنان في حال توصلت الحكومة إلى إتفاق إعادة هيكلة مع دائنيها ونجحت بتطبيق هذا الإتفاق. من ناحية أخرى، أعلنت الوكالة أنها ستخفض التصنيف الإئتماني الطويل الأمد بالعملة المحلية إلى «C» في حال تمّ التوصل إلى إتفاق لإعادة هيكلت الدين بالعملة المحلية وإلى «RD» في حال حصول تخلّف عن دفع هذا الدين من دون التوصّل إلى اتفاق لإعادة هيكلته.