تركزت كل الاتصالات التي أُجريت واللقاءات التي تمّت… على ضرورة احالة اقتراح القانون المعجّل المكرّر المقدم من النائب طوني فرنجية، والمتعلق بالزام شركات الضمان العاملة في لبنان على تسديد جزء من الأموال الناتجة عن كافة عقود الضمان كأموال جديدة (fresh money)، الى اللجان النيابية لدراسته وادخال التعديلات الضرورية عليه قبل احالته الى الهيئة العامة…. لكن اعتبارات مجهولة دخلت على الحظ وادت الى اقرار القانون كما هو وارد من النائب فرنجية.
بعد التفجير الكارثي لمرفأ بيروت في الرابع من شهر آب/اغسطس الماضي، ارتفعت اصوات تطالب شركات التأمين اللبنانية تسديد بدلات الاضرار للمؤمّنين بالاموال الطازجة، وعلى رغم التوضيحات والتفسيرات التي اعلنها الرئيس السابق لجمعية شركات الضمان في لبنان إيلي طربيه وعدد كبير من اركان القطاع ان شركات اعادة لن تسدّد هذه التعويضات الّا بعد صدور التقرير الرسمي الذي يوضح طبيعة الانفجار فيُبنى على الشيء مقتضاه.
بعد مرور نحو شهرين على الكارثة باشرت غالبية شركات التأمين اللبنانية تسديد التعويضات للمتضررين، المضفّة في خانة الاضرار البسيطة وحتى المتوسطة، ممّا أدى الى اقفال معظم الملفات باستثناء الاضرار الكبيرة التي تحتاج الى اموال معيدي التأمين الذين ابدوا مرونة ملموسة لتسديد التعويضات وفق آليات قانونية مختلفة من شركة الى اخرى.
لجنة أزمات… الجمعية
المجلس السابق لادارة جمعية شركات الضمان في لبنان برئاسة السيد إيلي طربيه كان قد شكَّل لجنة أزمات بعد التفجير، تولّت اجراء اتصالات بالمسؤولين المعنيين كافة في لبنان، كما بشركات الاعادة الكبرى، بهدف رسم خارطة طريق لاعتمادها في كيفية تسديد المطالبات الناجمة عن تفجير المرفأ، وتوصلت الى حلول مقبولة لكنها مشروطة، حيث اعرب معظم ممثلي شركات الاعادة العالمية استعدادهم لدفع المتوجبات عليهم فوراً شرط حصول شركات التأمين المحلية على تعهد قانوني من المستفيدين باعادة الاموال الناجمة عن التعويض في حال تبيّن، نتيجة التقرير الرسمي ان التفجير ناجم عن عمل ارهابي. الشركات المحلية اعتبرت انه من المستحيل اعادة الاموال من المستفيدين في مطلق الاحوال، ممّا أدى إلى تأثير تسديد المطالبات الكبيرة.
لجنة الازمات تابعت عملها مع الرئيس الحالي للجمعية السيد إيلي نسناس، إذ اجتمعت عبر تقنية الزوم، بمسؤولين في شركات سويس ري وهانوفري وسكور… ''لمناقشة ومراجعة التحديات والضغوط التي يواجهها قطاع التأمين اللبناني، بالاضافة الى التطورات القانونية المتعلقة بهذه القضية وقد اظهر جميع معيدي التأمين موقفاً ايجابياً، وسيتم اجراء اتصالات مع الشركات المتنازعة على اساس شخصي مع التأكيد على ضرورة اجراء جميع التسويات وفقاً لقرار ميونيغ ري'' كما جاء في الرسالة الموزعة من رئيس الجمعية الى كل الاعضاء المنتسبين.
لجنه الازمات تحركت ايضاً على صعيد مشروع قانون مراقبه رأس المال (capital control) المرتبط ارتباطاً وثيقاً بالتعويضات المترتبة عن انفجار المرفأ من جهة وعلى قدرة قطاع التأمين اللبناني على الاستمرار في تسديد متوجباتها لشركات الاعادة من جهه اخرى، علماً ان انقطاع الشركات عن تسديد متوجباتها لشركات الاعادة يعني عملياً خروجها من دائرة الحماية وانكشافها على المخاطر الكبرى. مع الاشارة في هذا المجال، الى ان عدداً من الشركات اللبنانية تمكنت عبر فروعها في الخارج وشركاتها الشقيقة من تسديد المتوجبات عليها لشركات الاعادة تأميناً لاستمرار حصولها على التغطيات المطلوبة.
سعت لجنة الازمات لدى وزير الاقتصاد والتجارة وعدد من النواب والمراجع، لادخال نص في مشروع القانون المقترح، يتيح لها اجراء التحويلات المطلوبة الى شركات الاعادة، ونجحت في ذلك، لكن المشروع لم يصدر بعد وهو لازال يدور من لجنة الى اخرى على رغم مرور اكثر من عام ونصف العام على الأزمة.
شعبوية المجلس النيابي
سياسيّو لبنان المأزومون والعاجزون امام المشاكل التي تواجه البلاد والذين فشلوا في توفير المعالجات لمنع الكوارث المالية والنقدية والحياتية التي يتخبط بها لبنان…. يواجهون مرحلة صعبة مع قرب موعد الانتخابات النيابية فيعمدون الى سلوك طرق الشعبوية الهادفة الى تصوير انفسهم مدافعين عن حقوق الشعب والساعين الى مساعدته. من هذا المنطلق كان اقتراح القانون المعجل المكرّر الذي تقدم به النائب طوني فرنجية والذي جرى اقراره في الجلسة التشريعية الاخيرة، على رغم الوعود التي كان اطلقها النائب المذكور بعدم طرحه على التصويت وانما احالته الى اللجان النيابية المختصة لدراسته.
جاء اقتراح القانون في مادة وحيدة كالآتي:
أولاً:
مع الأخذ بعين الاعتبار المعاهدات الدولية ذات الصلة والقوانين المرعية الإجراء لاسـيما قانون تنظيم هيئات الضمان العاملة في لبنان يكون موضوع التدبير الاستثنائي المؤقت المنصوص عنه في هذا القانون محصور بتنظيم آلية قبض أصحاب الحقوق المبالغ الناتجة عن عقود الضمان على اختلاف أنواعها مع شركات الضمان العاملة في لبنان.
ثانياً:
على هيئات الضـمان ابلاغ وزارة الاقتصـاد والتجارة – لجنة مراقبة هيئات الضمان بصـورة عن اتفاقيات إعادة الضمان لفروعها المختلفة في مهلة أقصاها شهر من تاريخ التوقيع، مع بيان التالي:
اسم المؤمّن، الأقساط الصافية، الأقساط المعادة، الاحتفاظ، رأسمال المؤمن، نوع الإعادة، مدة التغطية، اسم المعيد او المعيدين النهائيين، جنسيتهم وتصنيفهم العالمي.
وإبلاغها بأي إلغاء أو فسخ أو إبطال لهذه العقود وذلك فور حصوله.
ثالثاً:
تلتزم هيئات الضمان وفي إطار إبداعات البيانات الفصلية المتعلقة بأعمالها، بتزويد وزارة الاقتصـاد ببيان مستقل يتضمن ملخص عن عقود الضمان المصدرة والملغاة التي تتجاوز حدود أموالها الخاصة بحسب آخر ميزانية مدققة وبجدول يبين الآتي وبحسب فرع الضمان: اسم المؤمّن، الأقساط الصافية، الأقساط المعادة، الإحتفاظ رأس المال المؤمن، نوع الإعادة، مدة التغطية، أسماء المعيدين النهائيين وجنسيتهم وتصنيفهم العالمي.
رابعاً:
ان المبالغ التي سوف تتلقاها هيئات الضمان العاملة في لبنان من الخارج سـواء من معيد الضمان (Reinsurer) و/أو من وسيط إعادة الضمان (Reinsurance Broker) وفقاً للعقود الموقعة معهم تسمى فيما يلي “اموال جديدة”(Fresh Money).
خامساً:
على شركات الضمان العاملة في لبنان تسديد جزء من موجباتها الناشئة عن عقود الضمان الى المستفيدين منها في كافة المجالات بأموال جديدة (Fresh Money) وفقاً للنسب التي اسـتحصلت عليها من شركات إعادة الضمان او وساطة الضمان الأجنبية، بحيث توزع جميع المبالغ الناتجة أو التي ستنتج عن عقود إعادة التأمين نسبياً على كافة المستفيدين من عقود الضمان.
سادساً:
يعود لوزارة الاقتصاد والتجارة، وضع وتحديث وتعديل النصوص التنظيمية وآليات التطبيق في حدود مدة نفاذ هذا القانون.
سابعاً:
يعمل بهذا القانون فور نشـره في الجريدة الرسمية وتكون مدة نفاذه ثلاث سنوات من تاريخ نشـره ويعود لمجلس الوزراء بناءً على اقتراح من وزير الاقتصـاد ووزير المالية تقدير هذه الفترة في حال تصـنت او زالت الظروف الاستثنائية التي أوجبت إصدار هذا القانون.
بيروت في: ١ كانون الأول ٢٠٢٠ النائب طوني فرنجيه
الاسباب الموجبة ومبررات العجلة
بما أن الأزمة المالية التي تعصف بلبنان ألقت بظلالها على القطاع الصحي وخاصة المستشفيات التي كانت تصنّف بين الأفضل في الشرق الأوسط والتي تواجه صعوبات كبيرة فاقمها وباء كورونا؛
وبما ان تداعيات انفجار بيروت طالت القطاع الصحي والهيئات الضامنة ولاسيما قطاع التأمين؛
وبما ان حماية أموال المؤمّنين والمستشفيات ضروري للحفاظ على قاطرة النظام الصحي في لبنان؛
وبما ان بعض الإجراءات والتدابير الاستثنائية التي يقتضـي اتخاذها تفترض إلزام شركات التأمين وضـع ضـوابط لخلق آلية لتسديد أموال للقطاعات الاستشفائية والأفراد تبعاً لوجود عقود موقعة ما بين شركات الضمان وشركات إعادة الضمان الأجنبية؛
وبما ان الظروف الاستثنائية أدت بشركات التأمين الى اتخاذ تدابير ووضع قيود على المؤمّنين مما خلق حالة عدم مساواة فيما بينهم في مختلف النواحي؛
وبما أن حماية أموال المؤمّنين وإعادة انتظام عمل التأمين تفرض توحيد وتنظيم الضـوابط التي تقوم بها شـركات التأمين بغية تطبيقها بشـكل عادل على كافة عمليات الضـمـان لناحية طريقة تسـديد حقوق المضمونين في كافة المجالات (ضـمـان الحياة، ضمان الحريق والزلازل والاضطرابات، ضـمان الحوادث والخسائر الناشـئة عن السيارات، طوارئ العمل، التدمير والتلف والضياع والسرقة وضمان أخطار النقل والبر والبحر…)
وبما ان بعض الإجراءات والتدابير التي يقتضي اتخاذها تفرض إلزام شركات الضمان العاملة في لبنان تبعاً للعقود الموقعة مع شركات إعادة الضمان العالمية بتحديد الآلية بتسديد جزء من الأموال للمضمونين بالعملات الأجنبية واعتبارها أموال جديدة (Fresh Money) تبعاً للعقد الموقع مع شركات إعادة الضمان.
وبما أن أي تأخير إضافـي في اتخاذ إجراءات استثنائية ووضع ضوابط مؤقتة من شأنها تأزيم الأزمة الصحية التي تتربص بالقطاع المالي والطبي.
لذلك تقدمنا باقتراح القانون المعجل المكرر هذا، راجين من مجلسكم الكريم ادراجه على جدول أول جلسة تشريعية آملين مناقشته وإقراره.
نسناس: مراسيم تطبيقية
يقول رئيس جمعية شركات الضمان في لبنان السيد إيلي نسناس للمراقب التأميني ''ان هذا القانون في حاجة إلى مراسيم تطبيقية سنعمل من أجل ان تأتي في خدمة جميع الاطراف''، مشيراً الى “أن عدد من شركات التأمين باشرت في اعتماد مبدأ الـ (Fresh Money) في مقابلاته مع المؤمّنين وشركات الاعادة على حد سواء''، مشيراً الى “اننا كنا على تواصل دائم مع النائب طوني فرنجية وعرضنا وجهة نظرنا القاضية بارسال اقتراح القانون هذا الي اللجان النيابية لدرسه قبل اقراره لان اقراره بالشكل الذي تم فيه يجعله غير قابل للتطبيق، وبالتالي فاننا سنعمل مع وزارة الاقتصاد والتجارة لجعله قابلًا للتطبيق عبر المراسيم التطبيقية الملائمة”.
ودعا الرئيس نسناس الى اقرار مشروع قانون الـ “كابيتال كونترول” الذي يسمح لشركات التأمين المحلية تحويل المتوجبات عليها لمصلحة شركات الاعادة لتتمكن من توفير التغطيات المناسبة للعملاء.
اقتراح القانون بات قانونًا في زمن الشعبوية والعبرة في المراسيم التطبيقية.