لبنان يتبلغ الموافقة على صرف حقوق السحب الخاصة

تسلّم وزير المال في حكومة تصريف الأعمال غازي وزني بداية الشهر الجاري كتاباً رسمياً من إدارة صندوق النقد الدولي لإعلامه بموافقة المجلس التنفيذي للصندوق على اقتراح تخصيص حقوق السحب الخاصة للدول الاعضاء (SDR) البالغة قيمتها الاجمالية ٦٥٠ مليار دولار، ليحال بعدها الى مجلس المحافظين الذي سيدرسه بدوره خلال تموز/يوليو الجاري، فيما تشير كل التقديرات الى إقرار المجلس صرف هذه الاموال، على ان يصدر القرار النهائي بحلول أواخر آب/أغسطس المقبل، ما يعني حصول لبنان على حصته من هذه الاموال وتصل قيمتها الى ٩٠٠ مليون ‏دولار تدخل مباشرة في احتياط مصرف لبنان، من دون اي شروط او تعهدات.

في ٢٣ آذار/مارس الفائت، خرجت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستالينا جورجيفا في ختام مناقشة غير رسمية عقدها المديرون التنفيذيون في الصندوق حول الأسباب الفنية الداعية إلى إجراء توزيع عام لمخصصات حقوق السحب الخاصة المعروفة بالـ SDR) Special drawing rights) لتؤكد تأييدها الكبير للمناقشات المبدئية التي أُجريت حول إمكانية توزيع مخصصات من حقوق السحب الخاصة بقيمة ٦٥٠ مليار دولار. فمن شأن توزيع هذه المخصصات الجديدة أن يعود بالنفع على كل البلدان الأعضاء في صندوق النقد بحسب جورجيفا، ويدعم التعافي العالمي من أزمة كوفيد١٩، عن طريق تلبية الاحتياج العالمي الطويل الأجل للأصول الاحتياطية، ومن شأنه أيضاً أن يرسل إشارة قوية عن عزم البلدان الأعضاء على بذل قصارى جهدها للتغلب على أسوأ ركود منذ حقبة «الكساد الكبير». ولتحقيق هذه الغاية، أعرب المديرون التنفيذيون يومها عن تأييد واسع بين البلدان الأعضاء لقيام خبراء الصندوق بصوغ مقترح بشأن توزيع مخصصات جديدة من حقوق السحب الخاصة وتعادل بغية توفير سيولة إضافية للنظام الاقتصادي العالمي عن طريق دعم الأصول الاحتياطية للبلدان الأعضاء البالغ عددها ١٩٠ بلداً، فيما وعدت جورجيفا بتقديم مقترح رسمي إلى المجلس التنفيذي للنظر في توزيع المخصصات الجديدة العائدة لحقوق السحب الخاصة استناداً إلى تقييم حاجات البلدان الأعضاء من الاحتياطيات العالمية على المدى الطويل، وتماشياً مع اتفاقية تأسيس الصندوق والمهمة الموكولة إليه.

توازيا، وضع خبراء الصندوق تدابير إضافية لتعزيز الشفافية والمساءلة في استخدام حقوق السحب الخاصة، مع الحفاظ على صفة الأصل الاحتياطي التي يتسم بها حق السحب الخاص، كما عمل خبراء الصندوق على استكشاف الخيارات الممكنة التي تتيح للبلدان الأعضاء ذات المراكز المالية القوية إعادة توزيع مخصصاتها من حقوق السحب الخاصة لدعم البلدان الضعيفة وذات الدخل المنخفض.

حقوق السحب الخاصة، وهي أصل احتياطي دولي استحدثه صندوق النقد في العام ١٩٦٩ بموجب التعديل الأول لاتفاقية تأسيسه ليصبح مكملاً للأصول الرسمية الخاصة بالبلدان الأعضاء، وبمقتضى اتفاقية تأسيس صندوق النقد، يجوز لمديره العام أن يقترح توزيع مخصصات من حقوق السحب الخاصة إذا كان مطمئناً إلى أن هذا التوزيع سيلبي احتياجاً عالمياً طويل الأجل لتكملة الأصول الاحتياطية القائمة على نحو يتجنب الركود والانكماش وكذلك الطلب الزائد والتضخم، وإذا كان هذا التوزيع يحظى بتأييد واسع من البلدان الأعضاء. وللتذكير، في العام ٢٠٠٩ أجري توزيع خاص استثنائي لحقوق السحب الخاصة لتمكين البلدان التي انضمت إلى عضوية الصندوق بعد عام ١٩٨١ (أي بعد التوزيعات السابقة) من المشاركة في نظام حقوق السحب الخاصة على قدم المساواة مع البلدان الأخرى. وحتى يومنا هذا جرى توزيع نحو ٢٠٤،٢ مليارات وحدة حقوق سحب خاصة بما يعادل ٢٩١ مليار دولار وذلك على البلدان الأعضاء في الصندوق، منها ١٨٢،٦ مليار وحدة تم توزيعها في العام ٢٠٠٩ بعد الأزمة المالية العالمية.

بالعودة الى الملف اللبناني واستفادة لبنان من حقوق السحب الخاصة، فقد تبلّغ وزير المال غازي وزني أن المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي ناقش اقتراح تخصيص حقوق السحب الخاصة للدول الاعضاء ليحال بعدها الى مجلس المحافظين الذي يدرسه بدوره في تموز/يوليو الجاري، وفي حال إقراره تتم عملية تخصيص الاموال في نهاية آب/أغسطس المقبل، لتكون حصة لبنان عند ٩٠٠ مليون دولار. وفي هذا السياق، عُلِم ان ٢٢ عضواً من مجلس المديرين التنفيذيين لدى صندوق النقد وافقوا على اقتراح تخصيص حقوق السحب الخاصة للدول الاعضاء، ما يعني الانتهاء من المرحلة الاولى للسير بالآلية التنفيذية لصرف الاموال إنطلاقاً من مقترح رئيس الصندوق، فيما تتجه الانظار الى مجلس المحافظين لدى الصندوق، على ان يبحث في الاقتراح خلال الاسابيع المقبلة.

فبمجرد موافقة المجلس التنفيذي على اقتراح المدير العام، يقدَّم إلى مجلس المحافظين الذي يتطلب قراره بالموافقة على توزيع مخصصات من حقوق السحب الخاصة تأييد عدد من الأعضاء يمثل ٨٥٪ من غالبية القوة التصويتية الكلية، على ان توزع مخصصات حقوق السحب الخاصة بين البلدان الأعضاء في الصندوق بالتناسب مع حصص عضويتها. هنا، يُبلغ ممثل لبنان لدى مجلس محافظي صندوق النقد، وهو حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، قرار الصندوق، على ان يتم تحويل الاموال مباشرة بدفعة واحدة بقيمة ٩٠٠ مليون دولار يجب ان تدخل مباشرة في حساب الاحتياط الاجنبي لدى مصرف لبنان، على ان تصل الاموال، بعد موافقة مجلس صندوق النقد على توزيع مخصصات حقوق السحب، بحد اقصاه ٢٣ آب/أغسطس ٢٠٢١. وتؤكد مصادر وزارة المال ان هذه الاموال ليس لها علاقة إطلاقاً بأي برنامج تمويلي قد يتوصل اليه لبنان في مفاوضاته مع صندوق النقد لمواجهة أزمته المالية، فهذه الاموال التي قد يستفيد منها ضمن حقوق السحب الخاصة هي من حقه، وتكونت من جراء تسديد المساهمات السنوية. أما بالنسبة الى آلية الاستفادة من هذه الاموال، فتؤكد مصادر وزارة المال ان الاهم هو العمل على استخدام هذه الاموال بأفضل السبل وأحسن الطرق، للمساهمة في مواجهة التحديات الحالية.

وفي حال تمت الموافقة على توزيع مخصصات جديدة من حقوق السحب الخاصة، فسوف يتيح ذلك دفعة إضافية كبيرة ومباشرة من السيولة للبلدان الأعضاء، من دون زيادة أعباء ديون. ومن شأنه أيضاً أن يحرر الموارد الضرورية لمساعدة البلدان الأعضاء على مكافحة تبعات جائحة كورونا والازمات المالية التي تعصف ببعض الدول مثل لبنان، على ان تأتي هذه المخصصات عنصراً مكملاً لمجموعة الأدوات التي يوظِّفها الصندوق لدعم البلدان الأعضاء.