كثرة التحديات تفرض تطوير صناعة التأمين في المنطقة العربية

تتزايد قناعة الخبراء بأن حكومات المنطقة العربية أمام معركة مفصلية للإسراع في تعديل أوتار سوق التأمين، التي باتت أحد القطاعات المهمة في مسار تنشيط القطاعات الإنتاجية والحفاظ على الثروات وممتلكات الأفراد.

ويلعب هذا القطاع، الذي يحتاج إلى مواكبة الطفرة التكنولوجية بشكل أسرع، دوراً هاماً في تحقيق أهداف النمو الاقتصادي والتنمية، بما يوفره من حماية لممتلكات الأفراد والمؤسسات والمحافظة على الثروات الوطنية.

وتبرز أهمية نشاط التأمين من خلال مساعدته في استقرار الأعمال وتعويض الأشخاص عن الأضرار التي تطول الممتلكات، باعتباره إحدى وسائل معالجة المخاطر من خلال نقل تلك المخاطر إلى الغير.

وتجد الشركات نفسها اليوم في معضلة بسبب تزايد تهديدات الأمن الإلكتروني بفعل موجة الرقمنة وتلك المتعلقة بالتغيرات المناخية، ما يستدعي البحث عن مقاييس جديدة لمعرفة حجم المخاطر والتعويضات التي يمكن أن تساعدها في تنمية أعمالها.

وتملك المنطقة سوقاً ضخمة للتأمين، وتشهد الكيانات التي تحتاج إلى إعادة التأمين محلياً ودولياً زيادة في الأسعار، حيث تسعى شركات التأمين الكبيرة إلى تحقيق معدلات أعلى وأسعار أقل بشكل عام.

وبينما تحتاج الشركات التي تعاني من زيادة الخسارة، أو القيم ذات الأصول العالية أو التعرض لمخاطر عالية، إلى تعزيز كفاءة نشاطها، فإن شركات أخرى لديها خبرة في إدارة المخاطر بشكل جيد وهي مستعدة لتطوير نشاطها.

وطيلة سنوات سعى قطاع التأمين العربي إلى التأكد من التغطية، ولاسيما بالنسبة لانقطاع الأعمال الطارئة، والاستقطاعات، وفترات انتظار انقطاع الأعمال والحد من تعرضها للخسائر الكبيرة كما مرّت به أثناء الأزمة الصحية.

وعلى الرغم من أن الكثير من القطاعات في بلدان المنطقة عانت خلال العامين الماضيين جراء قيود الإغلاق، إلا أن قطاع التأمين العربي استطاع تحقيق نمو في قيمته بنهاية العام الماضي.

وشهدت المنطقة منذ ٢٠١٧ نمواً في أسواق التأمين على الرغم من المنافسة بين الشركات، والتي غيرت العديد من استراتيجيات شركات التأمين، مما جعلها تسعى إلى الانتقاء الجيد للمخاطر.

وتشير إحصائيات صندوق النقد العربي إلى أن القطاع نما خلال السنوات الأخيرة تزامناً مع التطورات التي تشهدها اقتصادات المنطقة العربية، حيث فاق القيمة الإجمالية لهذه السوق ٤٠،٩ مليار دولار بنهاية العام الماضي، مرتفعاً بنسبة ١،٨ في المئة بمقارنة سنوية.

ومع ذلك، فإن البيانات تؤكد تواضع مستويات عمق التأمين في المنطقة إلى ما لا يزيد عن ١،٩ في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، وتباينه ما بين الدول العربية.

وقال عبدالرحمن الحميدي، المدير العام رئيس مجلس إدارة الصندوق، خلال افتتاح الاجتماع الخامس لهيئات الإشراف على التأمين في الدول العربية بتقنية فيديو كونفرانس، إن «حجم أقساط سوق التأمين العالمية يتجاوز أربعة تريليونات دولار».

وأشار في الاجتماع الذي حمل عنوان «التأمين الأخضر والمستدام في ظل مخاطر تغيّرات المناخ وتداعيات ما بعد الجائحة» إلى أن سوق التأمين العالمي يدير أصولاً تجاوزت قيمتها ٢٤ تريليون دولار بنهاية العام الماضي.

وأكد الحميدي في كلمته، أن أقساط التأمين تمثل حوالي ٦،٣ في المئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي.