عائدات نفط، أموال صدّام والمالكي وكامل مليارات عراقية محتجزة في المصارف اللبنانية

أعلنت هيئة النزاهة الاتحادية العراقية، عن نجاحها باسترداد أكثر من ٩ ملايين دولار من مصارف لبنانية، مبينة أنها تعمل على هذا الملف منذ عام ٢٠١٣ لغاية الآن.

وذكر بيان لدائرة الاسترداد في الهيئة، نشرته وكالة الأنباء العراقية «واع»، أن «الرئيس الأول لمحكمة استئناف بيروت المكلف المنتدب، للنظر في قضايا الصيغة التنفيذية، أصدر قرارا بتسليم مبلغ (٩،٣٨٤،٤٩٩) دولارا إلى الحكومة العراقية».

وقالت الهيئة إنه بالإضافة للمبلغ، صدر قرار بتسليم شقة في منطقة «رأس بيروت»، مبينة أن «الأموال التي تم تهريبها من قبل المدانة (زينة سعود) كانت مودعة في خمسة مصارف لبنانية وبأسماء مستعارة».

وأضاف البيان أن «الهيئة عملت على هذا الملف منذ عام ٢٠١٣، بالتعاون والتنسيق مع الدائرة القانونية في وزارة العدل، عبر التحري عن أموال المدانة بعد التوصل إلى وجود حسابات مصرفية لها خارج العراق».

وأشار إلى أنه «تم توجيه طلب مساعدة قانونية إلى السلطات القضائية اللبنانية، بغية تحصيل قرار بإعطاء الصيغة التنفيذية لقرار الإدانة الصادر عن المحاكم العراقية».

وتابع أن «القضاء اللبناني أصدر في بادئ الأمر قرارا بإحالة ملف القضية إلى قاضي تحقيق بيروت، بالاستناد إلى جنحة تبييض الأموال، تمهيداً لتجميدها ثم مصادرتها لمصلحة الحكومة اللبنانية».

وأوضح أن «الهيئة وجهت محاميها في لبنان بضرورة استئناف تلك القرارات». وبين أنه «بعد تقديم طلبات وطعون للقضاء اللبناني أصدر قرارا بمصادرة تلك الأموال المودعة في البنوك اللبنانية، والتي كانت تحت أسماء مستعارة، وتسليمها إلى الحكومة العراقية»، لافتاً إلى «قيام الهيئة بالتنسيق مع وزارة المالية والبنك المركزي العراقي، بغية تحويل الأموال إلى خزانة الحكومة العراقية».

الخبر يقول إن “ملايين الدولارات من عائدات نفط إقليم كردستان- العراق محتجزة في لبنان”. وهو يستند إلى تقرير نشرته شركة “ديلويت” الدولية للتدقيق حول صادرات نفط الإقليم للعام ٢٠٢١، وفيه ملاحظة (رقم ١٠) تفيد بـ”إعادة تصنيف مبلغ وقدره ٣١٠ ملايين يورو سبق أن دفعها مشتر واحتفظ بها في حساب ضمان في حساب مصرفـي في لبنان كدفعة مقدّمة. لم يتم الإبلاغ عن هذا المبلغ حتى الآن في صافـي الحركة في أرصدة حساب المشتري أو الرصيد الإجمالي المستحق من حكومة إقليم كردستان… ولم يتم الإفراج عن الأموال إلى حكومة إقليم كردستان بعد”. وتضيف الملاحظة العاشرة من التقرير أن “البنوك في لبنان تواصل تقييد حركة العملات الأجنبية خارج البلاد”، كما يكشف التقرير عن وجود مبلغ آخر من عائدات نفط اقليم كردستان محتجز في أحد المصارف اللبنانية ويبلغ ٢٩٤ مليون دولار أميركي.

نتحدث هنا عن رصيدين في حسابين مصرفيين فقط، من أصل عشرات، بل ربما مئات الأرصدة التي تعود إلى رجال أعمال عراقيين ومسؤولين سياسيين وأموال عامة عائدة للدولة العراقية عالقة في المصارف اللبنانية. وهذه الأموال يقدّرها مصدر حكومي التقى به فريق «درج» أثناء زيارته العراق لمتابعة ملف «وثائق إريكسون»، بـ١٧ مليار دولار، ويقول المصدر إن من بينها ملياراً و٣٠٠ مليون دولار تعود للحكومة العراقية عالقة في المصارف اللبنانية.

بيان لعائدات النفط في إقليم كردستان العالقة في المصارف اللبنانية كما نشرته حكومة الإقليم لا نعرف على وجه الدقّة ما إذا كانت أموال عائدات نفط اقليم كردستان محسوبة ضمن هذا المبلغ (مليار و٣٠٠ مليون دولار)، لكن الأكيد أن المبلغ الاجمالي الهائل للاموال العراقية العالقة في لبنان (١٧ مليار دولار) يتوزع بين أموال مجمّدة بفعل العقوبات الدولية (أموال صدام حسين وعائلته)، وأموال أخرى تعود لرجال أعمال عراقيين قرروا الاستفادة من السرية المصرفية اللبنانية لتخبئة أموالهم، وكثير منها قد يكون موضوع مساءلة داخل العراق نفسه. وطبعاً لا يخلو الأمر من أموال “نظيفة” أخطأ أصحابها في وضع ثقتهم بالنظام المصرفـي اللبناني، فخسروا أموالهم على غرار المودعين اللبنانيين.

في ٢٢ آذار/مارس الماضي، تقدمت الدائرة القانونية لمجموعة “الشعب يريد إصلاح النظام” باخبار أمام النيابة العامة الاستئنافية في جبل لبنان، وذلك “ضد كل من يظهره التحقيق من المصارف والأشخاص المعنويين والطبيعيين بجرائم الإثراء غير المشروع وتبييض الأموال وإساءة الأمانة ومخالفة أحكام قانون النقد والتسليف ومخالفة القرارات الإدارية وذلك على خلفية ما يعرف بأموال الرئيس صدام حسين المجمدة والتي تقدر بمليارات الدولارات. هذه الأموال، بحسب المجموعة “تم وضعها في مصارف لبنانية بأسماء موالين للنظام العراقي السابق بعد غزو الكويت عام ١٩٩٠ وصدور قرارات دولية حاصرت العراق على جميع المستويات ومنها القطاع المصرفـي، وقد توافرت معلومات عن استعمال هذه الودائع في العمليات المصرفية في لبنان ثم تبخرت بفعل الأزمة التي ضربت القطاع المصرفـي في لبنان”.

المحامي حسن عادل بزي تابع هذه القضية مع مجموعة “الشعب يريد إصلاح النظام”، وبحكم توكيله من قبل أحد العراقيين المحتجزة أموالهم في لبنان، لمحاولة استعادتها وهو يمتلك معلومات وتفاصيل وأرقام حسابات تثبت وجود أرصدة له في عدد من المصارف اللبنانية تزيد على ٣٠٠ مليون دولار يقول بزي إن التقديرات تتحدث عما يزيد على ستة مليارات دولار لما يسمى “أموال صدّام”، و”الداتا” الخاصة بهذه الأموال موجودة لدى هيئة التحقيق الخاصة في مصرف لبنان التي يرأسها الحاكم رياض سلامة وبالتالي الرقم الدقيق لحجم المبالغ العراقية المرتبطة بنظام صدام حسين المحتجزة في المصارف اللبنانية موجود فقط لدى رياض سلامة ولدى النائب العام المالي القاضي علي ابراهيم، المطّلع عن كثب على الملف. وهذه الأموال محتجزة في المصارف اللبنانية بقرار من هيئة التحقيق الخاصة يمنع التصرف بها. بمعنى آخر يلزم القانون المصارف بالإبقاء على هذه الأموال «كاش» في خزائنها، وعدم استثمارها من ضمن أموال المودعين. لكن خلال التحقيقات التي أجرتها القاضية غادة عون مع عدد من المصارف تبين أن الأموال النقدية بالعملات الأجنبية بما فيها الأموال العراقية “تبخّرت” مع بقية أموال المودعين وأن المصارف تصرفت بها واستثمرت فيها لمدة تزيد على ٢٥ عاماً.

قضية الأموال العراقية المحتجزة في لبنان أثيرت خلال زيارة الوفد العراقي الأخيرة إلى بيروت، خصوصاً مع الحديث عن مساهمة عراقية في اعادة اعمار مرفأ بيروت، وهو ما استهجنه عراقيون يرون أن حكومتهم مقصّرة في اعادة اعمار المناطق التي دمّرها “داعش”، وفي الوقت نفسه تتنطح للمساهمة في اعمار مرفأ بيروت. لكن خبراء اقتصاديون رأوا ان مصالح العراق في ابقاء علاقة جيدة بلبنان، عبر هذه المبادرة، تأخذ بعين الإعتبار الأموال العراقية المحتجزة في المصارف اللبنانية.

الخبير الاقتصادي العراقي همام الشماع عن معلوماته حول أموال عراقية محتجزة في لبنان، فتحدّث عن متابعته قضية أرصدة تتعلق بـ”بنك كردستان” حصراً، وهي عالقة في ثلاثة مصارف لبنانية، وتبلغ ٤٠ مليون دولار أميركي. وهذا المبلغ يعتبر صغيراً مقارنة بالمبالغ التي يتحدث عنها المصدر الحكومي والبالغة ١٧ مليار دولار.

صحافيون عراقيون تحدثوا عن أموال بملايين الدولارات مرتبطة برئيس الحكومة الأسبق نوري المالكي عالقة في المصارف اللبنانية. فيما قال أحد الصحافيين إن بحوزته معطيات عن تحويلات مالية لاتباع المالكي إلى لبنان منذ عام ٢٠١٥ وحتى الانهيار الاقتصادي في لبنان عام ٢٠١٩، لشراء فلل وأراض ومنازل وعمارات وفنادق في لبنان، لمحاولة إخراج أموال و”تبييضها” خوفاً من العقوبات الأميركية.

كما وعلم أيضاً أن رغد صدام حسين، كلفت أحد المحامين في بيروت بمتابعة أموال تفوق المليار دولار باسم زوجها حسين كامل الذي قتله النظام العراقي عام ١٩٩٦. المحامي الذي تحفظ على ذكر اسمه أكد أن عائلة حسين كامل لا تمتلك اي مستندات لاثبات وجود هذه الأموال، خصوصاً أن رغد هربت من العراق مع الغزو الأميركي عام ٢٠٠٣، لتستقر بعدها بين الأردن والإمارات.