أكّد وزير الاقتصاد والتجارة، أمين سلام، أن «لبنان لم يفلس لكنه متعثر ماليًا، ويمتلك الكثير من المقدرات والمقومات التي تقدر بالمليارات، ويمكن استثمارها في إعادة بناء الوطن، متوقعًا تعافـي الاقتصاد اللبناني بعد إبرام الاتفاق مع صندوق النقد الدولي بعام أو اثنين».
وأضاف في حوار صحافـي، أن «لبنان في حالة إعادة إحياء وترميم وإنقاذ للاقتصاد، وأنه قادر على تنفيذ كافة شروط صندوق النقد الدولي، ويسعى الآن من خلال مجلس النواب إلى إقرار كل القوانين المطلوبة، مؤكداً أن رغم صعوبة الشروط إلا أنها أفضل الحلول لانتشال الاقتصاد اللبناني من كبوته».
وأشار إلى أن «أزمة الخبز في لبنان يعاني منها معظم دول العالم، لا سيما العربية منها بعد الأحداث الروسية الأوكرانية، وأن الحكومة خصصت ٣٦ مليون دولار من أجل تغطية دعم القمح للمواطنين لمدة شهر، إضافة إلى العمل على برنامج مع البنك الدولي بقيمة ١٥٠ مليون دولار من أجل تأمين استدامة القمح لمدة ٩ أشهر مقبلة، حتى إيجاد الحلول، وتبلور الأوضاع بشكل عام في المنطقة، ويعمل هذا البرنامج كصمام أمان يحمي الأمن الغذائي في لبنان، وتحديدًا فيما يتعلق بتأمين القمح والخبز».
وقال سلام: «الوضع الاقتصادي اليوم في لبنان، كما يراه الجميع، هناك تعثر في القطاع المالي والمصرفـي، والوضع الاقتصادي في حالة إعادة إحياء وترميم وإنقاذ، حيث توصلنا إلى اتفاق أولي مع صندوق النقد الدولي، للمضي قدمًا في خطة التعافـي الاقتصادي، وفي تنفيذ برنامج الإصلاح مع الصندوق، نحن بحالة إعادة إحياء وإعادة ترميم للاقتصاد وهناك مؤشرات إيجابية قابلة بنية دعم كامل لهذه المرحلة الإصلاحية التي تشتغل عليها الحكومة اللبنانية من قبل الدول الخليجية، ونتمنى أن تكون هناك نتائج إيجابية قريباً».
ولفت إلى أنه «في طليعة الخطوات للخروج من الأزمة المالية والاقتصادية في لبنان تأتي ضرورة إعادة هيكلة القطاع المصرفـي وإعادة الثقة بالاقتصاد اللبناني لاستقطاب الاستثمارات الأجنبية، وهناك عدة اصلاحات عبر قوانين في إطار تمريرها بمجلس النواب خلال الأسابيع القليلة المقبلة، لأنها من ضمن الشروط الأساسية المفروض تنفيذها للمضي قدمًا في إبرام الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، وهي تساعد بتحريك الانكماش الاقتصادي، مثل قانون المنافسة وقانون الكابيتال كونترول وقانون الموازنة لعام ٢٠٢٢، وهي كلها قوانين اصلاحية تضع قطار الاقتصاد على السكة الصحيحة».
كم أكّد سلام، أن «أزمة القمح والطحين ليس أزمة لبنانية فقط، بل صارت أزمة إقليمية اليوم تعاني منها معظم دول البحر المتوسط، الدول العربية بما فيها لبنان ومصر والأردن وسوريا، وهناك تحديات كبيرة تواجه الدول فيما يتعلق بالقمح والطحين بعد الحرب الروسية الأوكرانية، ونحن في لبنان رصدنا ١٥ مليون دولار لاستكمال عملية دعم الدولة اللبنانية القمح للمواطنين، وهناك اعتماد آخر بقيمة ٢١ مليون دولار من المقرر أن يعتمد لاحقاً، وهذا التمويل يغطي حاجة المواطنين والدولة من القمح المدعوم لمدة شهر تقريباً».
وأشار إلى أن «هناك كميات من القمح تبلغ من ٥٠ إلى ٦٠ ألف طن في طريقها للبنان، ومن المتوقع وصولها قريباً، اضافةً إلى أن وزارة الاقتصاد تعمل على برنامج مع البنك الدولي بقيمة ١٥٠ مليون دولار من أجل تأمين استدامة القمح لمدة ٩ أشهر مقبلة، حتى إيجاد الحلول، وتبلور الأوضاع بشكل عام في المنطقة، ويعمل هذا البرنامج كصمام أمان يحمي الأمن الغذائي في لبنان، وتحديدًا فيما يتعلق بتأمين القمح والخبز».
ورداً على سؤال فيما يتعلق بالاتفاق مع صندوق النقد الدولي.. هل تعتقد أن لبنان قادر على تنفيذ كامل شروطه؟ أجاب: «نعم بالطبع، إن لم تكن الحكومة اللبنانية ومصرف لبنان متأكدين من الشروط المطلوبة من قبل صندوق النقد الدولي قابلة للتنفيذ، لما مضوا في هذا الاتجاه، كل الشروط المطلوبة يمكن تنفيذها، ولها طابع إلزامي وجدي، ونعرف أن شروط صندوق النقد ليست سهلة، لكنها أفضل الحلول لانتشال الاقتصاد اللبناني من الأزمة الصعبة التي تحاوطه».
ورداً على سؤال إلى أي مدى تم إنجاز هذه الشروط في لبنان؟ قال سلام: «كل الأمور المطلوبة والتي يطلق عليها «الطلبات المسبقة» من قبل صندوق النقد، سيتم تنفيذها على شكل قوانين، وصارت الآن قيد الإنجاز لكن تحتاج فقط إلى موافقة مجلس النواب، وباقي الشروط تطبيقية أكثر، مثل إعادة هيكلة القطاع المصرفـي، وهو موضوع كبير ومن المتوقع أن يأخذ وقتًا طويلًا، لكن كل القطاع المصرفـي في لبنان لديه التزام كامل بتطبيقه وتعديله على حسب المسار الذي سنتفق عليه مع صندوق النقد، أما بالنسبة لإعادة الحياة الاقتصادية وتشجيع الاستثمار مرة أخرى، فهناك عدة برامج سيتم وضعها مع الصندوق من أجل إعادة تحريك النشاط الاقتصادي، وخلال فترة العام أو العامين كحد أقصى سيشعر اللبنانيون بانعكاس هذه الخطوات بشكل إيجابي عليهم».
وحول ما أهمية اقرار قانون الكابيتال كونترول للاقتصاد اللبناني؟ أجاب: «أحاط قانون الكابيتال كونترول جدلًا كبيرًا، لأسباب عدة أولها أن في كل دول العالم هذا القانون يقر فورًا عندما تتعثر الدولة أو يصير لديها أزمة مالية، كما هو الحال في لبنان، وكان من المفترض أن تتخذ الحكومة السابقة منذ عامين هذا الإجراء، هناك دول مثل اليونان وقبرص فعلت القانون خلال أيام من أزمتها، وهذا القانون في لبنان يطبق بشكل غير رسمي اليوم، فالكابيتال كونترول موجود بالفعل، نظرًا لأن المصارف تتحكم في كمية الأموال التي يستطيع المودع أن يصل إليها، بالتالي أصبح من الضروري وضعه في الإطار القانوني لتلافـي المشاكل القضائية والقانونية».
وأردف: «بعد موافقة الحكومة ومن بعدها مجلس النواب على قانون الكابيتال كونترول نكون بذلك قد وضعنا اطار عمل جديد للقطاع المصرفـي يحمي المودع ويحمي كذلك القطاع المالي من أي شوائب قانونية أو قضائية، كما أنه يزيل أي التباس قانوني يقف عثرة أمام استكمال المسار الاصلاحي، وهناك حاجة ماسة للتسريع في إصدار القانون في أسرع وقت ممكن».
وماذا عن مطالب الصندوق بتعديل قانون رفع السرية المصرفية؟ قال سلام: «هذا القانون مهم جدًا، وله عدة تفاصيل دقيقة ومختلفة، قانون رفع السرية المصرفية يطال القطاع العام بشكل أكبر، القانون كان من الركائز الأساسية للقطاع المصرفـي في لبنان، لما فيه من خاصية كبيرة للمودعين، لكن التركيز الأكبر هنا على رفع السرية المصرفية على موظفي القطاع العام الذين يعملون في الجهاز الإداري للدولة، لا يجب أن يكون لديهم سرية مصرفية، لتلافـي الوقوع في أخطاء الماضي والفساد والزبائنية السياسية، أو الاستفادة من المواقع السياسية وغيرها من الأمور، فالتركيز الأساسي على العمل الإصلاحي يتحتم رفع السرية المصرفية عن العاملين بالقطاع العام، بهدف الوصول لدولة وقطاع عام وقطاع مالي شفاف».
ولدى سؤاله، في ظل التناحر السياسي هل ترى صعوبة في تعديل هذا القانون؟ أجاب: «لا أعتقد أنه سيكون هناك أي صعوبة لتعديل قانون السرية المصرفية، والجو العام في لبنان الآن، وحالة الزخم السياسي تتقبل هذا التعديل، باعتباره خطوة اصلاحية بامتياز، ومن شأنها أن تكافح الفساد».
ورداً على سؤال كيف ستكون أشكال الدعم الخليجي؟ قال سلام: «نحن ما زلنا في مرحلة تفاؤلية قيد الدراسة، الخليج العربي يحتاج أولاً أن يستعيد الثقة في الدولة اللبنانية وفي الاقتصاد اللبناني، واستعادة هذه الثقة تتطلب عمل وإثبات، ويأتي مبدأ عودة السفراء السعوديين كمرحلة أولية من هذا الدعم، والرسائل التي وصلت إلينا مع السفراء فور وصولهم مرة أخرى تركز على بدء صفحة جديدة مع لبنان قائمة على الدعم، مع مراقبة الخطوات وانعكاساتها على الاقتصاد، فمع عودة الخليجيين للبنان سيكون هناك إعادة فتح باب التصدير للمنتجات اللبنانية كمرحلة أولى، والتي أوقفتها الدول الخليجية في خضم الأزمة السابقة، وفي المرحلة الثانية سيكون هناك إعادة فتح باب السياحة والزيارات للبناني مما سينعش الاقتصاد اللبناني، أما المرحلة الثالثة ستكون مرحلة الاستثمار الخليجي في البنية التحتية اللبنانية وتحديدًا في القطاعات التي ستعيد للاقتصاد اللبناني حيويته مثل قطاع الكهرباء والماء والاتصالات والمرافق العامة».