الإعلام التأميني لمؤسسة الضمان الاجتماعي الفلسطيني

بقلم: د. أحمد إبراهيم أحمد بلل

لابد بداية من الوقوف على مفهوم الإعلام التأميني، حيث يعتبر نظام الضمان الاجتماعي من أكبر مراكز المعلومات حيث تتوافر له معلومات متكاملة عن جمهور العاملين والمؤمّن عليهم وأصحاب الأعمال الخاضعين للنظام، وتلك المعلومات تعتبر أساسية لإدارة النظام، حيث إنها تتعلق بأسماء المؤمّن عليهم وأعمارهم وأجورهم وطبيعة عملهم وأماكن وجودهم وتصنيفهم مهنياً بالإضافة للمعلومات الاجتماعية الأخرى مثل تاريخ الزواج وعدد الأبناء والسكن… وإلخ، وهنالك أيضاً معلومات دقيقة عن أصحاب الأعمال.

وحتى يتحقق تطبيق نظام الضمان الاجتماعي بفاعلية يجب أن يعمل المسؤولون عن إدارة النظام على الحصول على تأييد وتعاون الجمهور المستهدف، وهذا التعاون لن يتحقق إذا كنا نجهل ما يعرف أو ما لا يعرف هذا الجمهور، وما يجب أو ما لا يجب في النظام وإجراءاته، أو إذا كنا نضع القرارات واللوائح التنفيذية بغض النظر عن ردود الفعل بالنسبة له، وأن أول خطوة في إدارة أي نظام للضمان الاجتماعي هي العمل بحرص على إيجاد فهم عميق ومتقدم لدى الجمهور في كل ما يتعلق بالقانون والأغراض التي يسعى لتحقيقها، والإجراءات التي يمكن إتباعها لتحقيق هذه الأغراض، وباختصار فانه يصبح ضرورياً وضع برنامج للإعلام التأميني على نطاق واسع.

ولو وضعنا انفسنا موضع أي عامل من العمال المؤمّن عليهم لوجدناه قد يطرح عدة أسئلة بسيطة فيما يتعلق بالضمان الاجتماعي منها:

– ما المزايا التي يكفلها النظام؟

– ما شروط استحقاقها؟

– متى يستحق أداء هذه المزايا؟

– إلى أي مدى سوف استمر في الحصول على تلك المزايا؟

– وما المطلوب مني أن أفعله حتى أستحق تلك المزايا؟

وعلى ذلك يمكن القول أن هدف الإعلام التأميني هو تزويد الجمهور المستهدف بصفة مستمرة وبأسلوب ميسر وبمختلف الوسائل الإعلامية المتاحة بكل ما يريد أو يحتاج معرفته من معلومات وبيانات وحقائق وعلى الأخص المزايا التي يكفلها النظام ومقدارها وأوقات وشروط استحقاقها، والإجراءات التي يلزم أتباعها للتمتع بهذه المزايا، وذلك بغية تحقيق تعاون وتكيف للجمهور مع نظام الضمان الاجتماعي والهيئة القائمة على تنفيذه، واقتناعهم بالرسالة الاجتماعية والاقتصادية للنظام .

ولقد أصبح دور وسائل الإعلام في عالم اليوم من الأهمية بكل مكان، لقدرتها على الإقناع وتغيير القناعات، وقليلون هم الذين استوعبوا هذا الدور وتنبهوا لخطورته واستغلوه أحسن استغلال.

ورغم تفاوت فعاليتها في الأداء والتأثير والتنوير والإقناع ستظل هذه الوسائل أهم أداة للحكم السياسي والربح التجاري بما تتيحه لمستخدميها من إمكانات متنوعة حسب الأساليب والتقنيات المستخدمة لتحقيق الأهداف المراد الوصول إليها.

فثقافة الأفراد وتربيتهم وحالتهم النفسية والاقتصادية والاجتماعية والفكرية تشكل عاملاً أساسياً في نجاح الإعلامي في أداء رسالته.

وبعد هذه الأهمية فالإعلام له دور كبير في نشر الوعي بأهمية التأمين، وهو دون شك موضوع جديد قديم، فلا بد أن نشير ولو بإيجاز إلى التأمين كأي خدمة يحتاجها الناس تحتاج إلى تعريف وشرح لإقناع المستخدمين المحتملين بأهميتها لسعادتهم وضمان مستقبل لهم ولأبنائهم.

وهذه الرسالة لا يمكن تبليغها إلا عن طريق وسائل الإعلام، فنشأة نظام التأمين لإشباع حاجة المؤمّنين مرتبطة بتطور الحياة الحديثة، بمعنى أن التأمين نشأ من اجل الإنسان ويتطور بتطور أوضاعه وتجدد المخاطر التي كانت وراء الحاجة إليه مما يجعلنا نجزم أن العمل به قديم قدم الحضارات ولو بأشكال مختلفة، فالإسلام مثلاً يشجع ويركز على ترسيخ مفهوم التأمين والتكافل بين أفراد المجتمع وحث أفراده على التعاون وجبر الضرر عمن يلحق به تأسياً بقوله تعالى:” وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان”.

فالفرد اليوم لا يثق إلا في مصادر ذات مصداقية تقدم المعلومات بصورة علمية ومفصلة، فليس لديه الوقت للاستماع لوكيل التأمين لإلقاء دروس في أهمية التأمين وشرح فوائده، انه يرى في ذلك عملا تم تجاوزه في عصر الانترنت والفضائيات وينم بالنسبة له عن قصور الشركات التي تستعمل هذا الأسلوب وقصور في الإمكانات وبالتالي قد يكون ذلك سبباً في تجنب الانضمام إليها.

وهذا جانب مهم تنبه إليه بعض الفاعلين في الميدان فركزوا على وسائل الإعلام مطورين أساليب دعايتهم من اجل الاعتماد على العلاقات العامة والمقابلات الشخصية وإنتاج المواد الإعلانية واستخدام الصحافة بكل مكوناتها وقد كان لهم ما أرادوه.

فاستغلوا قدرة وسائل الإعلام الفائقة في تشكيل الرأي وإيجاد الاتجاهات وترسيخ ثقافة استهلاك التأمين وفق تطور أنماط الحياة في المجتمع والتركيز على توعية وتثقيف المستهدفين للتأثير على اتجاهاتهم بدلاً من الاكتفاء بنشر الإعلانات البسيطة لترويج بعض الخدمات.

فالإعلام قادر على الارتقاء بواقع التأمين خاصة في البلدان العربية التي ما زال العمل فيها بهذه الخدمات ناقصاً لأسباب منها التخلف وضيق الحال والأمية إضافة إلى ضعف تأثير هذه الشركات في عملية الإقناع.

فالاستغلال الناجع لوسائل الإعلام يعود بالنفع على شركات التأمين والضمان الاجتماعي خاصة، وهنا لا بد أن نشير ولو بإيجاز إلى ما نسميه بأولوية الاستخدام، بمعنى أي وسيلة إعلام أفضل لتوصيل رسالة الضمان الاجتماعي؟ وكيف نستفيد من إمكاناتها؟

حيث أن وسائل الإعلام بالمعنى المهني متعددة واستخداماتها متشعبة ولكن سنكتفي بذكر بعض منها، الذي نعتبره أكثر شيوعاً وأنجع في بلوغ الأهداف، وهكذا نجد أن التليفزيون والراديو والانترنت والصحف والسينما والنشرات والملصقات تعتبر في مقدمة الوسائل المستخدمة للترويج والدعاية وان كانت تأثيراتها تتفاوت حسب اتساع دائرة انتشارها وسهولة استيعاب رسالتها.

وفي اعتقادنا أن وسائل التواصل الاجتماعي اليوم خاصة في فلسطين تشكل أكثر هذه الوسائط فاعلية لاعتماده على وسائل وتقنيات بسيطة وممكنة وفي متناول الجميع خاصة إذا ما أخذنا معايير استخدام الانترنت ووسائل التواصل الاجتماعية حيث نجد أن نسبة استعمال مواقع التواصل الاجتماعي في فلسطين تعتبر نسبة مرتفعة وأصبح لديها نوع من التأثير على الساحة الفلسطيني حيث ٤٩٪ من الفلسطينيين يستخدمون مواقع التواصل الاجتماعية في الفترة المسائية الواقعة ما بين الساعة ٥ عصراً حتى ٩ مساءً.