قد يكون الغياب احياناً إعداداً لحضور ابرز وأقوى وأكبر. هذا هو حال مؤتمر الاتحاد العام العربي للتأمين بنسخته الـ ٣٣ الذي غاب اربعة اعوامٍ اثر جائحة الكورونا ليحجز مكاناً هاماً له هذا العام وسط اضخم المؤتمرات واللقاءات السنوية الاقليمية والدولية. المؤشرات ايجابية بشكلٍ واضح وفق الأمين العام السيد شكيب ابو زيد، كيف لا وقد بنى اساساتٍ صلبة لمؤتمرٍ تشبّع ثلاثة وثلاثين مرةً خبرةً وانتشاراً.
الأمين العام السيد شكيب ابو زيد واللجنة المنظمة يسعون جاهدين لوضع المؤتمر كما العادة، في أعلى قائمة المؤتمرات العربية والاقليمية، معزِزاً التعاون العربي عموماً والعربي – الافريقي خصوصاً هذا العام، والعربي – العالمي كما في كل الأعوام السابقة، علماً ان المؤتمر هذا العام يتميز نظراً لانعقاده بعد غياب طويل، في الجزائر، ولكونه أول مؤتمر بهذا الحجم بعد جائحة كورونا.
لا ينفك الأمين العام السيد شكيب ابو زيد واللجنة التنظيمية عن تذليل العقبات التي قد تقف عائقاً في وجه نجاح المؤتمر وحضور المشاركين، ويعمد الى إغناء المؤتمر بالمواضيع والمحاضرين وتشجيع المؤتمر بكل التعاون والتنسيق بما يصب في مصلحة قطاع التأمين خصوصاً والاقتصاد عموماً.
* ينصبّ الاهتمام اليوم على المؤتمر الذي سيُعقد في مدينة وهران في الجزائر…
– وفق اي معايير اخترتم التوقيت؟
– كيف تقيّمون الاقبال حتى الآن؟
– هل سيكون حضورياً فقط ام افتراضياً ايضاً؟
كان من المفترض ان ينعقد هذا المؤتمر في شهر تشرين الأول/اكتوبر ٢۰٢۰، لكن جائحة كورونا حالت دون انعقاده مما اجبرنا على تأجيله. كذلك اضطررنا لتأجيله مرّةً اخرى الى العام ٢۰٢٢ بطلب من المنظمين الجزائريين بشخص الاتحاد الجزائري لما كانت تمر به الجزائر من ظروف وبائية من جهة، وحرائق الغابات من جهة اخرى. مرت اربعة اعوامٍ على عدم انعقاد آخر مؤتمر، ونظراً لأن الظروف الصعبة تحسنت بشكلٍ ملحوظ، كما أنه لا يمكننا التمادي في تأخيره أكثر، إحتراماً لضرورات الحوكمة وإعادة تشكيل مجلس الاتحاد واللجنة التنفيذية ومجموعة اخرى من اللجان التي تجتمع عادةً في طريقة منتظمة وقانونية، فقررنا بالاتفاق مع اللجنة المنظمة ومجلس ادارة الاتحاد العام العربي للتأمين تنظيم المؤتمر هذا العام. بناءً عليه، اقترحنا كأمانة عامة ان نجعل من شهر حزيران/يونيو موعداً لانعقاده بدلاً من تشرين الاول/اكتوبر لنتماشى والمواعيد الاساسية للمؤتمرات.
اما لناحية الاقبال، فهو جيد الى حد الآن. نترقّب مشاركة ما لا يقلّ عن ٥۰۰ مشارك من السوق الجزائري، وقد بلغ عدد المشاركين من الاسواق العربية الأخرى ٣٠٠ مشارك حتى اليوم. اما في ما يخص الرعاة فقد وصل عددهم في غضون الخمسة ايام الأولى من فتح باب التسجيل الى ثمانية وهو شيء عظيم. المؤشرات ايجابية وتوحي بنجاحٍ مرتقب لا سيما بعد غياب دام عدة اعوام، مما سيعطي المؤتمر هذا العام صخباً مهماً ورواجاً كبيراً.
المؤتمر سيكون حضورياً والأغلبية الساحقة من المتحدثين سيتواجدون شخصياً الاّ اذا استجدّت تطوّرات وبائية سلبية اعاقت حضورهم وحتّمت القاء مداخلاتهم عبر الـ”Video conference”. اما نحن كأمانة عامة فسنكون بالتأكيد حاضرين شخصيا،ً بالاضافة الى السوق الجزائري وكل الأسواق العربية. الاهتمام لم يقف عند حدود الاسواق العربية بل امتدّ الى ابعد من ذلك، اذ كان من المفترض ان ينعقد مؤتمر منظمة التأمين الافريقية في الاسبوع ذاته، الاّ انه وبحكم علاقتنا وصداقتنا مع الجهات المعنية المنظمة وبحكم اصرار بعض الأطراف المهتمة بمؤتمر الاتحاد العام العربي للتأمين كالاتحاد الجزائري والجامعة والاعادة التونسية والاعادة الجزائرية وغيرها على انعقاد المؤتمر في موعده، ارتأى الاتحاد الافريقي تأجيل مؤتمره الى نهاية شهر حزيران/يونيو المقبل.
* كيف تستعدون لهذا المؤتمر؟ وما هي الخطوات التي تتّبعونها؟
الاستعدادات تسير بخطىً ثابتة، وستنتقل اللجنة التنفيذية للاتحاد العربي للتأمين في هذا الشهر الى مدينة وهران الجزائرية للتأكد من مستوى الإستعدادات. من ضمن تلك الترتيبات مثلاً، قاعة مجهّزة بألفي وثلاث مائة مقعد مع طاولات في قصر المؤتمرات الذي هو “تحفة معمارية” وأحد اهم قصور المؤتمرات التي عرفتها. كما ان المساحات المخصصة للاجتماعات واللقاءات شاسعة جداً، اضافةً إلى ان مدينة وهران الساحلية الخلابة تتضمن العديد من الفنادق المحيطة بقصر المؤتمرات، مما يعطي مرونة وقيمة اضافية للمؤتمرات. ناهيك عن انّ هذه المدينة ستحتضن هذه السنة الالعاب المتوسطية، مما يسوّغ سعي السلطات المحلية والدولة الجزائرية لانجاح هذه الالعاب وتزويد العاصمة بكل التجهيزات الضرورية، بما يصب ايضاً في مصلحتنا ويُهيّئ الأجواء لنجاح المؤتمر.
هناك العديد من وسائل النقل المؤدية الى وهران برّاً وجواً، والخيارات كثيرة ومتاحة للجميع، لا سيما وان الجزائر لديها إمكانيات مهمّة لاستضافة المؤتمرات. تجدر الاشارة انه لكوننا اتحاداً عاماً عربياً محتضِنًا لإثني وعشرين دولة، فلكل بلد عربي الحق في تنظيم اللقاءات والمؤتمرات، وقد جاء دور الجزائر اليوم التي لم تنظم اي مؤتمرٍ عربيٍ منذ ١٩٧٩. أثني على اهمية الجزائر كبلدٍ له إمكانيات كبيرة لتنظيم المؤتمرات وللطابع العربي الجميل، وتعدد الفنادق وقاعات الاستقبال الضخمة المجهّزة بالكامل. كما نريد الخروج عن قاعدتنا المعتادة والاطار التقليدي، لذلك اخترنا وهران وأظنّ ان هذا الخيار سيكون صائباً.
* هناك تخوّف من عدم امكانية دخول الجزائر وبالتالي حضور المؤتمر بسبب صعوبة الحصول على تأشيرات الدخول الى الجزائر. ما تعليقكم؟
أُجريت اتصالات ما بين اللجنة المنظمة بشخص رئيسها الذي هو رئيس الاتحاد الجزائري ووزارتي الخارجية والداخلية لتذليل كل العقبات في هذا الاطار، كما ان المؤتمر سيكون تحت رعاية الوزيرالأول، لذلك لا اتوقّع اية عراقيل في ما يخص تأشيرات الدخول، لا سيما واننا سنرسل الدعوات من الاتحاد العربي للمشاركين، بما يسهّل عملية سير المعاملات في السفارات الجزائرية، خاصةً وان هذه الدعوات ستُرسل الى رجال اعمال وشركات محط ثقة بالنسبة لنا.
اضف الى ذلك اننا طلبنا من الاتحاد الجزائري ووزارة الخارجية مخاطبة كل سفاراتها التي قد تستقبل الوفود، فلا داعي للتخوّف من هذا الموضوع. يجب التنويه الى انّ لكل بلدان العالم اعتبارات امنية وتقنيين دخول لجنسيات معيّنة وهذا شيء طبيعي ومتعارف عليه، وكل البلدان العربية – ماعدا سورية – تطلب من بعض الجاليات تأشيرات دخول. يجب على المشاركين الحصول على التأشيرة مسبقًا، ونحن سنكون مستعدين واللجنة التنظيمية لتقديم اية مساعدة او استشارة.
التعاون التأميني العربي يُشكّل قيمةً مضافة للإقتصادات العربية وللشركات، حيث أن المؤتمر يشكّل فرصة لإلتقاء رؤساء شركات التأمين، وإعادة التأمين والوساطة والخدمات الطبية. هدفنا الاساسي كإتحاد عام عربي للتأمين هو توطيد أواصر التعاون ودعم الروابط والتبادل بين أسواق وهيئات التأمين والتنسيق فيما بينها لحماية مصالح الاعضاء وتنمية صناعة التأمين العربية.
* تحدثتم عن المؤتمر الأفريقي المؤجّل، هل تتوقعون حضوراً افريقياً بارزاً لا سيما ازاء التفاعل التأميني القائم بين الأسواق العربية والافريقية؟
الدول العربية المتواجدة في افريقيا كثيرة جداً: موريتانيا، المغرب، الجزائر، تونس، ليبيا، السودان، الصومال ودجيبوتي. اي ان هناك ثمانية دول افريقية – عربية مما يعني ان الحضور من هذه البلدان سيكون كثيفاً وبارزاً. اضف الى ان العديد من معيدي التأمين الأفريقيين مهتمين بشكل اساسي بالمنطقة العربية مثل: Africa Re، Continental Re,CICA Re, NCA Re, Aveni Re، Waica Re وغيرها بدليل ان هذه الشركات انشأت مكاتب لها في تونس أو مصر، نحن واثقين اذاً من الاقبال الافريقي الكبير.
لا يجب ان يغيب عن ذهننا ان المؤتمرات التي أُقيمت بعد جائحة كورونا عددها قليل. مؤتمرات الاتحاد العربي كانت قد بلغت في وقتٍ من الاوقات الـ٢٢٠٠ مشارك. في الظروف الراهنة نتوقّع حضور ۱٥٠٠ شخص. مع ذلك، انوّه ان اهمية المؤتمر لا تكمن فقط بعدد الحضور انما بانعقاده.
* هل من نشاطات جديدة على مستوى الاتحاد العربي للتأمين بصفة محدّدة؟
المؤتمر الثالث والثلاثون للاتحاد العام العربي للتأمين يشكّل حدث السنة بالنسبة لصناعة التأمين العربية والاتحاد، حيث تُجرى الانتخابات واللقاءات. فالمؤتمر ينتخب بطبيعة الحال مجلس ادارته واللجنة التنفيذية، معزّزاً باجتماعات اللجان. هذا المؤتمر ليس نشاطاً عادياً بل هو لقاء عملي تعاوني، حيث تتبادل الشركات العربية الأعمال فيما بينها وتستعرض خدماتها ومنتجاتها التأمينية بشكلٍ موسّع واقليمي، بما يعطي الشركات زخماً كبيراً وانتشاراً اكبر ويحرّك العجلة الاقتصادية على الصعيد العام.
أضف إلى هذا، اننا نعمل هذا العام على برنامج ثقافـي هام بمتحدثين من الصف الأول ومواضيع شيّقة تهم صنّاع التأمين، لا سيما وان قطاع التأمين تطوّر بفعل جائحة كورونا التي فرضت أنماطاً جديدة من العمل وتجاوبًا مع التطور الرقمي. هذه الجائحة ساهمت في تجلّي اهمية التأمين بشكلٍ واضح وصريح وقد يكون الاقبال على التأمينات خلال الجائحة خير دليلٍ على ذلك. اذ لم يعد بإمكاننا النظر الى هذا القطاع من المنظار المحدود الضيّق، فهذا القطاع انتقل من التأمين التقليدي الى ضرورة الشمول المالي.
في الحديث عن كورونا، اريد ان اذكر ان مؤتمر هذا العام يحمل عنوان: “الوضع الجديد وتداعياته على صناعة التأمين”، بعد تفشي فيروس كورونا خلال العامين الأخيرين. من اهمّ المواضيع التي ستُطرح التحديات التي تواجه قطاع التأمين لا سيما مع حلول جائحة كورونا وما بعدها والفرص المتاحة للأسواق والشركات العربية، كذلك سيتناول المؤتمر موضوع “الهوة التأمينية” والشراكة بين القطاعين الخاص والعام، وموضوع التحولات التكنولوجية والتأمين السيبراني الذي شاع بشكلٍ كبير.
الى جانب هذا البرنامج المُركّز هناك العديد من الشركات التي ترعى الدعوات والنشاطات المتنوّعة، كما انّه سيكون هناك نشاطات خاصة بالمرافقين والمرافقات في هذا المؤتمر.