«إنّ الانفتاح على الحداثة هو الذي يمكن ان يطرح على التراث اسئلة جديدة… وان يستنطقه اجوبة جديدة… وان يعيد صياغته في اشكالياتٍ جديدة». هذا القول لجورج طرابيشي كفيل بأن يبرر لنا سعي مجموعة إعادة التأمين الأميركية (RGA) لتبني الحداثة، وان يسوّغ جهود السيد أشرف العزوني مدير عام الشركة في الشرق الأوسط للتوجه نحو التحول الرقمي بما يعيد صياغة قطاع التأمين ويقوده نحو العصرنة.
اشار السيد اشرف العزوني الى ان هذا التطور ترافق مع نمو جيد للشركة محلياً وعالمياً رغم ما خلّفه وباء كوفيد-۱٩ من اضرار، ويتوقّع ان يكون للعام ٢۰٢٢ وقعاً ايجابياً على انجازات ونتائج الشركة.
* تتمتّع مجموعة إعادة التأمين الأميركية بحضورٍ بارز في ملتقى التأمين الخليجي السابع عشر للعام ٢۰٢٢ وهي احد رعاته. لمَ هذا الاهتمام؟
بالنظر الى ان عملنا مرتكز، في احد اوجهه على منطقة الخليج، يهمّنا التواجد في مؤتمرالتأمين الخليجي والاتحاد الخليجي وان نكون جزءاً من هذه المنظومة. هناك حوالي السبعة واربعين شركة مشتركة في الاتحاد الخليجي للتأمين ومعظمها من عملائنا، مما يدفعنا للحضور بقوّة وفاعلية. هذا هو السبب الرئيسي لاهتمامنا، بالاضافة الى اهمية المؤتمر وما له من مردودٍ ايجابي علينا وعلى قطاع التأمين.
* ما هي الدروس المستقاة من جائحة كورونا لا سيما وان الشركة تهتم بشكل اساسي بالتأمين الصحي؟
الدرس الأهم بأن الحياة في دورانٍ مستمر وهي لا تستقرّ على حالٍ معيّن، مما يؤدي الى تغيُر سلوك المستهلك وطريقة شراء التأمين التي ستتبدّل تباعاً اكثر فأكثر. لم نتوقّع يوماً ان يحدث هذا التسارع بشكلٍ كبير، فوباء كوفيد-۱٩ ايقظ كل ما كان ساكناً، فتلاحقت الترتيبات والمنتجات، وتسارعت وتهافتت الشركات لتبني التحول الرقمي والتقنيات الجديدة للعمل عن بعد والبيع عبر الانترنت. تجدر الاشارة، انّ هناك فارقاً بين مفاهيم البيع عبر الانترنت والتحول الرقمي، وقد تناولت عدة ندوات هذا الموضوع تحديداً، فإنشاء موقع الكتروني مثلاً لا يصب في خانة التحول الرقمي الشامل ولا زلنا بعيدين كل البعد كقطاع تأمين عن ذلك التحول الرقمي الحقيقي الواسع والمتفرّع ويجب على الخطوات ان تتسارع اكثر.
بدأنا كشركة التحرّك في هذا الاتجاه، اذ اننا باشرنا على صعيد التأمين المباشر بمساعدة عملائنا بتقدمة رحلة رقمية كاملة بدءاً من تاريخ شراء بوليصة التأمين الى انتهائها واستيفائها وتجديدها وخدمة الزبائن، هي رحلة متكاملة تطرح حلولاً متعددة، بالاضافة الى الاكتتاب الرقمي المعتمِد على برنامج مهمّ جداً يدعى “أورا” والذي هو عبارة عن الاكتتاب الآلي وتقييم المخاطر، هذا البرنامج ليس حديث النشأة انما استُحدث ليعمل بطريقة اكثر معاصرة، حيث بات متاحاً في الهاتف المحمول على السحابة الرقمية بشكل أصلي وقابل للتطوير. اتّبعنا اذاً اجراءات وخطوات مهمّة في هذا الاتجاه، مما يدفع عملاءنا الى المضي في نفس الاتجاه بطريقةٍ اسرع.
اما على صعيد التأمين الصحي، فسنسير قريباً في الطريق ذاته، قد تستغرق الرحلة بضعة شهور ونأمل في حلول شهر تشرين الأول/اكتوبر تحقيق نتيجة مبهرة في حقل التحول الرقمي.
* كيف تقيّمون التجاوب مع هذه النقلة السريعة؟
التجاوب بطيء بعض الشيء، هذا هو واقع قطاع التأمين عموماً وليس فقط على الصعيد المحلي.
كنا قد تواصلنا مثلاً مع ۱٢ او ۱٣ من عملائنا الأكثر اهمية والذين يضمّون محفظة اعمال تأمين مباشر ضخمة ومكثّفة، ولكننا لم نحصد تجاوب الاّ من ثلاثة شركات حتى اللحظة وذلك بسبب ارتكازالغالبية على الانظمة التقليدية التي تحتاج للتحديث، غير ان هذا التحديث قد ينتج عنه خرق وكسر للنمط المعتاد وهذا ما يصعّب الأمر قليلاً على الشركات. مع ذلك، نترقّب تطبيق عملية التحول الرقمي مع اربعة عملاء اضافيين فيصبح العدد بالتالي ٧ من اصل ۱٢، وهو رقم ممتاز، ونطمح بانضمام كل الشركات المستهدفة الينا خلال العام ۲۰٢٣.
يجب التنويه الى انّ جيل اليوم يختلف عن جيلنا ويسبقه بأشواطٍ كبيرة لناحية استطلاعه وابحاره في عالم التحول الرقمي والتكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي. لذلك، التجاوب مع تقنيات التحول الرقمي في قطاع التأمين اليوم والذي يشمل الجيل السابق قد يكون خجولاً مقارنةً بما سيكون عليه في غضون اعوامٍ قليلة، حيث سيقتحم الجيل الشاب المعاصر المجالات كافةً بما فيها قطاع التأمين.
* كيف توصّفون وضع الشركة في العام ٢۰٢۱، وماذا تتوقعون من العام ٢۰٢٢؟
السنة الماضية كانت جيّدة وقد حققنا نمواً حسناً على صعيد الاكتتاب والأقساط مقارنةً بالعام ٢۰٢۰ الذي كان ممتازاً بدوره. الأداء بشكل عام كان مرضياً لا سيما واننا لم نشهد اية خسائر رغم اننا سدّدنا عدداً كبيراً من المطالبات اثر وباء كوفيد-۱٩ سواء لناحية تأمين الحياة بشكل اساسي او التأمين الصحي. هذه النتائج المحلية انطبقت ايضاً على حصيلة الشركة عالمياً التي حققت نمواً جيداً بالعموم، ولكن المعدل تأثّر بشكل ملحوظ بمخلّفات الوباء اذ سدّدنا مطالبات تخطت عتبة المليار دولار عالميا و ما زلنا نتوقع أن يزداد هذا الرقم خلال ٢۰٢٢ ولكن بمقدار متوقع جيداً ومحسوب وقد تم رفع المخصصات المطلوبة له خلال الفترات السابقة.
اما عن العام ٢۰٢٢، فأرى ان هناك نمط نمو جيّد، وألاحظ ان هناك تصحيحاً طفيفاً بالأسعار ولكن ليس في كافة فروع الشركة عالمياً فبعض الفروع والبلدان تشهد منافسة اكبر ومقاومة اكبر.