أقيمت ندوة على جانب من الأهمية حول «التحديات التي تواجه قطاع التأمين اللبناني»، قبل ظهر يوم الأربعاء الموافق ١٣/٧/٢٠٢٢ في مبنى جمعية شركات الضمان ACAL في الحازمية. وتعود هذه الأهمية الى أمور عدّة:
أوّلها، مشاركة رئيس هيئة الرقابة على شركات الضمان بالإنابة المحامي ايلي معلوف فيها، مزوّدًا بدراسات أعدّها لقطاع التأمين اللبنانيّ مع رزمة اصلاحية «قاسية»، كما تردّد يومها، وقد كانت هذه الندوة مناسبة ليعرض توجّهاته الإصلاحية، وهي: تفعيل لجنة المراقبة، وضع نظام لكفاية رأسمال كلّ شركة، يأخذ في الاعتبار السلوك الاكتتابي للهيئات وقابليتها على قبول المخاطر، الحاجة الماسة لقانون تحفيز اندماج هيئات الضمان، تثبيت مفاهيم الحوكمة العاقلة والمستقيمة، إخضاع أعضاء الإدارة العليا في الشركات لقواعد التناسب والإمتثال، تنظيم حديث لمهنة وساطة الضمان وأخيرًا تنظيم التجارة الإلكترونية. وبرأيه أنّ الأخذ بهذه النقاط من شأنه أن يجنّب قطاع التأمين اللبناني من الإنحلال الذي أصاب قطاعات مالية أخرى، ويحافظ على سمعته وثقة المؤمّنين في شركاته. وفي هذا الصّدد قال: «إنّ أوّل ما قامت به الهيئة هو الحفاظ على التوازن الاقتصادي في العقد، وحماية الفريق الأضعف اقتصاديًا، واعتمادنا على المبادىء العالميّة لصناعة التأمين Insurance Core Principals الصادرة عن الجمعية الدولية لمراقبي التأمين وما تتضمّنه من مبادىء حوكمة وسلوكيات تأتلف وتنظيماتنا الوطنية، فتكمّلها وتحصّنها وتملأ ما قد يصيبها من نواقص». ذلك أنّ التحديات التي تواجه لبنان، تابع، «لا تزال قائمة وأوّلها تقييم لبنان بموجب القوانين الدولية لمكافحة تببيض الأموال وتمويل الارهاب، وعمق الحاجة إلى إصلاحات بنيوية في منصة القوانين والتشريعات الناظمة لقطاع التأمين في لبنان».
ثاني أهميّة هذه الندوة، مشاركة الأمين العام للإتحاد العام العربي للتأمين شكيب أبو زيد بها. وتعود هذه الأهمية الى صفته الرسمية، ما أعطى الندوة بُعداً عربياً، وحتى عالمياً، وليس محلياً لبنانياً فقط. وتجسّد هذا البُعد بالكلمة التي ألقاها أبو زيد، وكانت شاملة جامعة وغنيّة بمعلوماتها، اذ، وهو يتحدّث عن الحوكمة وأهميتها، رسم صورة شاملة عن كيفيّة اعتمادها وتطبيقها في قطاعات التأمين في دول الوطن العربي. وكانت هذه الإحاطة غنيّة بالأرقام والإستنتاجات. ولمزيدٍ من المعلومات عن الحوكمة وطريقة التعاطي في الشركات، حتّى الكبرى منها، روى شكيب أبو زيد تجربته الشخصيّة مع شركات إعادة معروفة وما هي الدروس التي استخلصها من هذه التجارب.
ثالث أهميّة هذه الندوة، أن من بين المتكلّمين فيها هو محامي ACAL الوزير السابق زياد بارود الذي اعتذر عن الحضور لإصابته بفيروس كورونا، وقد استعاض عن حضوره الشخصي بإطلالة عبر تقنية الـ ZOOM. وكانت لهذه الإطلالة أهمية أيضاً، اذ تحدّث، بحكم موقعه كإستشاري وقانوني، عن المشاكل التي تواجه قطاع التأمين والتي اختصرها بثلاث هي: التقلّب في أسعار صرف العملات، تحديدًا الدولار، التقاعس في إقرار الـ Capital Control وعدم استكمال التحقيقات في انفجار المرفأ، واضعًا بذلك الأصبع على الجروح!
رابع أهميّة هذه الندوة هي الخلاصة التي خرجت بها والتي تقوم على نقطتَيْن اثنتَيْن بارزتَيْن: الأولى تسريع خطّة إصلاح تقضي باندماج شركات التأمين الصغيرة بحيث لا يبقى في السوق سوى ١٥ أو ١٦ شركة قادرة على المنافسة ومستعدّة للتصدّي للتحدّيات من أيّ نوع كانت. أمّا النقطة الثانية، وقد تكون الأهمّ، أشار إليها رئيس ACAL ايلي نسناس وأيّده فيها شكيب أبو زيد، وهي إنصراف كلّ شركة إلى ترتيب أوضاعها الداخليّة وعدم انتظار إقرار القوانين المطلوبة التي تحتاج إلى وقت طويل.
ولم تقتصر الندوة على هذه العناوين، بل تمّ التطرّق إلى أمور أخرى منها: ضرورة تطبيق المعيار المحاسبي ١٧، وهذا ما شدّد عليه معلوف، مُسقطًا حجج البعض بأنّ الظروف لا تسمح وأنّ هموم الشركات في أمكنة أخرى. كذلك، كان هناك تركيز على انفجار المرفأ وعدم متابعة القضاء هذه الجريمة الكبيرة. وفي هذا المجال، أشار نسناس إلى أنّ توقّف التحقيقات يتسبّب بحرمان لبنان من مليار و٢٠٠ مليون دولار فريش يجب أن تحصل عليها الشركات لتسدّد التعويضات للمتضرّرين، ذلك لأنّ شركات الإعادة لا يمكن أن تُفرج عن هذه الأموال ما لم تعرف أسباب هذا الانفجار: هل هو حادث قضاء وقدر.. هل هو عمل إرهابي.. هل هو مُفتعل.. إلى غير ذلك. وفي ضوء نتائج هذه التحقيقات، يتبيّن الخيط الأبيض من الأسود.
إلى ذلك، كشف الوزير بارود في مداخلته إلى مسعى قامت به ACAL لاستثناء قطاع التأمين من الـ Capital Control لأنّ الشركات بحاجة دائمًا إلى تسديد مدفوعاتها لشركات الإعادة، لكنّ الموضوع ككلّ لم يُبتّ بعد، وهذا ما يعيق الحلحلة المطلوبة كي يعود القطاع إلى الانتعاش.
إلى ذلك، كانت هناك مداخلات تقنية لعدد من المشاركين، ومنهم الخبير المتخصّص في مكافحة تبييض الأموال لدى الشركات المالية ميشال سليمان الذي تناول دور مجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وزيارتها المرتقبة إلى لبنان والتقارير التي تعدّها في مجال التقييم المشترك لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
بعدها عرض Fabien Chabanon (مدير الإمتثال لدى مجموعة أكسا) وعماد كامل (مدير مكافحة تبييض الاموال وتطبيق العقوبات لدى شركة مدريد أكسا) وأحمد جراد (مدير إدارة المخاطر والإمتثال لدى شركة أكسا الشرق الأوسط)، لأفضل الممارسات المعتمدة عالميا في مجال تنظيم إدارة الإمتثال ومكافحة تبييض الأموال لمواجهة التحديات التي تواجه مجالس إدارة الشركات وفرق عمل الإدارات التنفيذية في شركات التأمين.
وتناولت الإختصاصيّة في مجال الإمتثال ومكافحة تبييض الأموال السيدة ندين غصن من مؤسسة شركة BeyondComply، الإطار التنظيمي لوظيفة إدارة الامتثال ومكافحة تبييض الأموال وأهميتها في قطاع التأمين ودورها ونطاقها.