علّقت وكالة التصنيف الدوليّة موديز بتاريخ ١٤ تشرين الأوّل/اكتوبر ٢٠٢٢ على إتّفاقيّة ترسيم الحدود البحريّة التي أبرمت بين لبنان وإسرائيل بعد مرور عقد على المباحثات. وبحسب الوكالة، فإنّ الإتّفاق يعتبر خطوة إيجابيّة لصالح لبنان كونه يؤمّن المناخ الجيوسياسيّ الملائم لإستقطاب شركات التنقيب الدوليّة خلال مرحلة الإستكشاف وإضافةً إلى الإستفادة من موارد لبنان الهيدروكربونيّة. وقد أشارت الوكالة أيضاً أنّ الإتّفاقيّة تسمح بالبدء بإستكشاف حقل قانا في البلوك رقم ٩، مشيرةً بذلك إلى أنّه لا يمكن الجزم بوجود موارد هيدروكربونيّة في البلوك كما وأنّ إستخراج النفط والغاز قد يستغرق حوالي الثلاثة إلى أربعة سنوات. وقد علّقت موديز أنّ إستخراج أي موارد غاز سيساعد لبنان على التخفيف من عجزه المزمن في الطاقة والبدء ببرنامج تعافـي إقتصادي.
من منظارٍ آخر، فقد أشارت الوكالة إلى أنّ الإتّفاقيّة أتت في وقت تدهورت فيه التغذية الكهربائيّة في لبنان إلى مستوياتها الدنيا في ظلّ النقص في مادة الفيول مع العلم بأنّ الحكومة تعتمد الآن على شحنات من الفيول العراقي كما وأنّها بصدد إنجاز إتّفاق تمويل مع البنك الدولي لإستيراد الغاز من مصر عبر خطّ أنابيب الغاز العربي. في السياق عينه، أشارت موديز إلى أنّ إستحصال لبنان على تمويل من البنك الدولي منوط بتطبيق إصلاحات كالتدقيق في شركة كهرباء لبنان والإنتقال نحو تعريفات تراعي الكلفة. في المقابل، فقد أشارت الوكالة إلى أنّ الإتّفاق مع صندوق النقد الدولي والذي من شأنه أن يؤمّن مساعدات إلى لبنان بقيمة ٣ مليار د.أ. هو فرصة للبنان لإجتذاب مساعدات خارجيّة في حال تطبيق الإصلحات المتفق عليها كإعتماد التشريعات والقرارات المطلوبة حول الكابيتال كونترول والسريّة المصرفيّة وتسوية المصارف وتوحيد أسعار الصرف. وبحسب الوكالة، فإنّ تطبيق الإصلحات يسير بوتيرة بطيئة منذ الإنتخابات البرلمانيّة في شهر أيّار/مايو ٢٠٢٢ كما ودعت الوكالة إلى ضرورة تشكيل حكومة جديدة وإنتخاب رئيس جديد لتجنّب فراغ رئاسي بعد ٣١ تشرين الأوّل/اكتوبر ٢٠٢٢.
أخيراً، أشارت وكالة موديز أنّه من الغير مرجّح أن يتغيّر تصنيف لبنان السيادي في ظل غياب هيكلة شاملة للدين العام نتيجة شدّة التحدّيات الماكروإقتصاديّة والماليّة والاجتماعيّة إضافةً إلى توقّعات الوكالة لخسائر بنسبة تفوق الـ٦٥٪ للدائنين من القطاع الخاصّ.
من جهة أخرى، علّقت وكالة التصنيف الدوليّة فيتش (Fitch Ratings) في ١٤ تشرين الأول/اكتوبر ٢٠٢٢ بأنّ إتّفاقيّة ترسيم الحدود البحريّة ستفتح الباب للبنان لإستكشاف ثروته النفطيّة وبالتالي تسمح تحسين تصنيفه السيادي على المدى الطويل إن أقرنت عمليّة الإستخراج بالإصلاحات المنشودة، إلاّ إنها حذّرت بأنّ نتائجها غير مؤكّدة ومحفوفة بمخاطر التنفيذ. وقد كشفت الوكالة بأنّه في حين أنّ تفاصيل الإتفاقيّة لم تنشر بعد، فإنّ تصريحات المسؤولين تشير إلى أنّ لبنان سيحظى بكامل حقوق الإستكشاف والإستخراج في حقل قانا فيما سيتم تعويض إسرائيل ماديّاً من قبل مشغّل الحقل عن حصّتها فيه مع العلم بأنّ كونسورتيوم توتال إنيرجيز كان قد إستحصل في وقت سابق على حقوق الإستكشاف في البلوك ٩، حيث تقع غالبيّة حقل قانا. في هذا الإطار، كشفت وكالة فيتش بأنّ رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان كان قد طالب مشغّل البلوك ٩ ببدء عمليّة الإستكشاف فوراً. على صعيد مخاطر التنفيذ، أفادت الوكالة بأنّ عمليّة التنقيب في البلوك ٤ لم تكشف عن وجود كميّات تجاريّة وبأنّ تطوير إطار قانوني لعمليّة الإستخراج قد يتأخّر بسبب الخلافات السياسيّة في لبنان. وقد أكّدت الوكالة على تصنيفها الإئتماني الطويل الأمد بالعملة الأجنبيّة (Long-term foreign currency IDR) للدولة اللبنانيّة عند حالة التخلّف عن الدفع المقيّدة (Restricted Default)، كما وأبقت التصنيف الإئتماني الطويل الأمد بالعملة المحليّة (Long-term local currency IDR) عند «CC». وقد ذكّرت الوكالة بأنّ صندوق النقد الدولي لم يوافق بعد على البدء بتوزيع مبلغ الـ٣ مليار د.أ. نتيجة عدم إستكمال الدولة اللبنانيّة للإصلاحات التي تعهّدت بها كما وكشفت بأنّ النتائج غير الحاسمة للإنتخابات النيابيّة وإحتماليّة الفراغ الرئاسي قد يعرقلن عمليّة تنفيذ هذه الإصلحات بشكل أكثر.