في سبيل الإطلالة على الآثار الإقتصادية والإجتماعية والبيئية لجائحة كورونا، في الأسواق الناشئة، وتوضيح دور المصارف المركزية في خطط التعافـي الإقتصادي من تداعيات الجائحة، وعرض الأولويات الحالية والمستقبلية للجنة بازل والتدابير الرقابية والتعديلات على إطار عملها بغية التعامل مع الجائحة، نظم اتحاد المصارف العربية بالتعاون مع البنك المركزي المصري واتحاد بنوك مصر، منتدى رؤساء إدارات المخاطر في المصارف العربية في دورته الثالثة في مدينة الغردقة – مصر، خلال الفترة من ٨ الى١٠ تموز/يوليو ٢٠٢١.
شكّل المنتدى فرصة للمشاركين فيه لمناقشة المنهجيات الحديثة لإدارة المخاطر المصرفية في العصر الرقمي وتحليل أهم الأوراق الصادرة حديثاً عن لجنة بازل في ظل تداعيات كورونا وتفسير سيناريوهات إختبارات الضغط في ما بعد الجائحة وتقييم الفرص والمخاطر من تطبيقات الذكاء الإصطناعي في المصارف، بمشاركة أكثر من ٢٥٠ من قيادات ورؤساء إدارات المخاطر في البنوك العربية كذلك من الخبراء المصرفيين والماليين في القطاع المصرفـي المصري والعربي.
تحدث في المنتدى على مدى ثلاثة أيام متتالية في ١٣ جلسة ٢٧ متحدثاً من مصر وعـدد من الدول العربية والأجنبية، سواء حضورياً أو عبر تقنية Zoom، ثم توالت جلسات العمل حيث تخللتها مناقشات ومداخلات أفضت إلى توصيات ختامية.
الجلسة الافتتاحية
إفتتح أعمال المنتدى جمال نجم النائب الأول لمحافظ البنك المركزي المصري نيابة عن طارق عامر محافظ البنك المركزي المصري، بحضور كل من الشيخ محمد الجراح الصباح، رئيس مجلس الادارة في إتحاد المصارف العربية، محمد الإتربي، رئيس مجلس الإدارة في اتحاد بنوك مصر، وسام فتوح الأمين العام لإتحاد المصارف العربية، محمود محيي الدين، المدير التنفيذي في صندوق النقد الدولي في الولايات المتحدة الأميركية، طارق فايد رئيس بنك القاهرة وعضو مجلس إدارة اتحاد بنوك مصر واللواء عمرو حنفي محافظ البحر الأحمر.
رحّب جمال نجم خلال كلمته بالحضور وأعرب عن سعادته بعقد هذا المؤتمر الهام في مدينة الغردقة، مؤكداً أنه يستهدف دراسة المخاطر والتحديات التي تواجه الجهاز المصرفـي العربي بسبب جائحة كورونا، ويسعى إلى إلقاء الضوء على الإجراءات والسياسات التي اتخذت للتعامل مع جائحة كورونا والآثار الاقتصادية والاجتماعية ودور القطاع المصرفـي في مواجهة التحديات المرتبطة بذلك، واستخلاص الدروس المستفادة على هذا المستوى.
من جهته، أشاد وسام فتوح بأداء القطاع المصرفـي المصري خلال التحديات الاقتصادية والمالية التي شهدتها مصر، حتى أصبح الداعم الأول للاقتصاد المصري وخاصة بعد تفشي جائحة كورونا، وهو احتل المرتبة الرابعة بين القطاعات المصرفية العربية من حيث حجم الأصول، والمرتبة الأولى بين القطاعات المصرفية للدول العربية غير النفطية.
وأوضح فتوح أن الموجودات المجمّعة للقطاع المصرفـي المصري بلغت حوالي ٧،٠٢ تريليون جنيه (حوالى ٤٤٦ مليار دولار) في نهاية العام الماضي ٢٠٢٠، كما بلغت الودائع حوالي ٥،٢ تريليون جنيه (٣٢٩ مليار دولار)، وبالنسبة للقروض الممنوحة للقطاعين العام والخاص، فقد بلغت حوالي ٢،٥ تريليون جنيه (١٥٩ مليار دولار).
ولفت إلى استمرار المصارف المصرية بالنمو خلال الفصل الأول من عام ٢٠٢١، ارتفع حجم الموجودات المجمعة للقطاع المصرفـي المصري ليصل الى ٧،١٦ تريليون جنيه (حوالى ٤٥٥ مليار دولار)، واجمالي الودائع إلى ٥،٢٦ تريليون جنيه (حوالى ٣٣٥ مليار دولار)، والقروض للعملاء ٢،٥٣ تريليون جنيه (حوالى ١٦١ مليار دولار)، ورأس المال والاحتياطات ٥٠٢،٤ تريليون جنيه (حوالي ٣٢ مليار دولار).
وذكر فتوح أن القطاع المصرفـي المصري يعد أحد أكثر القطاعات المصرفية العربية متانة بمعدلات سيولة ونوعية أصول وقاعدة رأسمالية جيدة جداً ساهمت في تجاوز العديد من الأزمات. وتُشير مؤشرات السلامة المالية للقطاع المصرفـي المصري إلى سلامة مالية ومتانة ملحوظة في أداء المصارف المصرية على الرغم من الظروف التشغيلية الصعبة التي كانت تعمل فيها، كما تعكس مرونة القطاع المصرفـي في التعامل مع كافة المتغيّرات المالية والاقتصادية.
وتشير البيانات الى ارتفاع معيار كفاية رأس المال أو القاعدة الرأسمالية إلى الأصول المرجحة بأوزان مخاطر من ١٨،٤٪ في نهاية العام ٢٠١٩ إلى ١٩،٠٪ في نهاية الفصل الأول من العام ٢٠٢١، وارتفعت نسبة الشريحة الأولى من رأس المال إلى الأصول المرجحة بأوزان مخاطر من ١٥،٩٪ إلى ١٦،٧٪، الأمر الذي يدل على متانة رأسمالية عالية للقطاع المصرفـي المصري.
أما بالنسبة لجودة الأصول، فتشير البيانات إلى انخفاض في نسبة القروض غير المنتظمة إلى إجمالي القروض من ٤،٢٪ في نهاية العام ٢٠١٩ إلى ٣،٥٪ في نهاية الفصل الأول من العام ٢٠٢١.
من جهة أخرى، أشادت المؤسسات الدولية بالقطاع المصرفـي المصري، حيث استعرضت تلك المؤسسات الإجراءات والمبادرات التي اتخذتها الحكومة والبنك المركزي للحد من آثار جائحة فيروس كورونا، خلال العام ٢٠٢٠، وتوقعاتها بنمو قوي للاقتصاد المصري في ٢٠٢١.
وقال فتوح، إن هذا الملتقى اضحى تقليداً سنوياً راسخاً بفضل دعم البنك المركزي المصري، وبفضل ما نلقاه من تعاون وتنسيق من الخبراء المحليين والعرب والدوليين وفي مقدمهم أصدقاء الإتحاد من لجنة بازل للرقابة المصرفية، وأصبح يشكل منصة هامة ينتظرها مسؤولو الرقابة على المصارف ورؤساء إدارات المخاطر في المصارف العربية لكي يتبادلوا خلالها خبراتهم ويعرضوا تجاربهم ويتناقشوا في آخر المستجدات في مسألة إدارة المخاطر، وذلك بهدف تطوير أدائهم ورفع مستوى كفاءاتهم من جهة، وتحصين مصارفنا وتعزيز التزامها بمتطلبات لجنة بازل من جهة أخرى.
بدوره، أكد اللواء عمرو حنفي أن هذا المؤتمر الهام في مدينة الغردقة يستهدف دراسة المخاطر والتحديات التي تواجه الجهاز المصرفـي العربي بسبب جائحة كورونا، ويسعى إلى إلقاء الضوء على الإجراءات والسياسات التي اخذت للتعامل مع جائحة كورونا والآثار الاقتصادية والاجتماعية ودور القطاع المصرفـي في مواجهة التحديات المرتبطة بذلك، واستخلاص الدروس المستفادة على هذا المستوى.
أوضح حنفي، أن انعقاد هذه الدورة في الغردقة يعطي رسالة واضحة على نجاح الحكومة المصرية في مواجهة أزمة كورونا بأبعادها المختلفة، وسلامة الإجراءات الاحترازية التي تتخذها ولا تزال السلطات المصرية على مختلف مستوياتها، وحرصها على الحركة السياحية وتوفير الأمن والأمان للسائحين، مشيراً إلى أن متابعة الرئيس عبدالفتاح السيسي لأداء الحكومة ومؤسساتها المختلفة على هذا المستوى كان الإطار العام الذي رتب كل هذه النتائج الإيجابية، لافتاً إلى أن تزايد توافد السائحين من مختلف دول العالم إلى المقاصد السياحية المصرية وبصفة خاصة مدينة الغردقة تؤكد على أن مصر هي بلد الأمن والأمان، وأنها من أكثر دول المنطقة التي نجحت في استيعاب وتجاوز تحديات التطورات الاقتصادية التي شهدها العالم في الفترة الأخيرة، وهو ما سيدفع القطاع السياسي إلى مزيد من التقدم خلال الفترة القادمة.
وتابع المحافظ خلال كلمته: «من الثابت أن القطاع المصرفـي العربي قد قام بدور ملموس في مواجهة التداعيات الاقتصادية للجائحة، فلم يشهد الوطن العربي تداعي قطاعات اقتصادية بصورة جماعية، ولعل مساندة القطاع المصرفـي كانت العامل الأساسي على هذا المستوى، ولا يختلف القطاع المصرفـي المصري عن نظرائه العرب في مواجهة الأزمة التي نجح فيها من خلال سياسات تمت تحت حراسة البنك المركزي المصري من خلال أدوات ووسائل وسياسات مصرفية مبتكرة، وكانت عاملاً حاسماً في دعم الاقتصاد الوطني بصورة كبيرة».
وفي ختام كلمته، عبّر المحافظ عن تمنياته أن تكون إقامة الوفود المشاركة في المؤتمر في مدينة الغردقة إقامة مريحة آمنة في بلدهم الثاني مصر، موضحاً أنه من خلال انعقاد هذا المنتدى المهم في الغردقة وفي هذا التوقيت فإنها بمثابة رسالة للعالم بأن الحكومة المصرية وكافة الإدارات المعنية حريصة على الالتزام بكافة المعايير الدولية في توفير الحماية اللازمة للسائحين، سواء في الفنادق أو المنشآت السياحية المتعددة.
جلسات العمل في اليوم الاول
افتتح أعمال اليوم الاول الدكتور أحمد كجوك، نائب وزير المالية للسياسات المالية في وزارة المالية في مصر، بكلمة حول “الآثار الاقتصادية والاجتماعية والبيئية لجائحة كورونا على الاسواق الناشئة”.
بعدها نوقشت ورقة عمل حول: “إدارة مخاطر التشغيل: فرص ما بعد الجائحة“، تحدثت فيها الدكتورة اريان شبيل، المحاضر الدولي وخبير مخاطر التشغيل في لندن والأستاذة ندى عواد رزق لله، نائب المدير العام ورئيس مجموعة المخاطر (CROs) في بنك الاعتماد اللبناني.
فيما ناقشت الجلسة الاولى موضوع “استراتيجيات المصارف المركزية لدعم التعافـي الاقتصادي إزاء تداعيات جائحة كورونا“، تحدث كلاً من الدكتور قيس بن عيسى اليحيائي، رئيس دائرة الاستقرار المالي، نائب الرئيس التنفيذي، في البنك المركزي العماني (tbc)، شريف عاشور، وكيل المحافظ في قطاع بازل في البنك المركزي المصري، عدنان ناجي، مساعد مدير تنفيذي/إدارة الرقابة على المصارف في البنك المركزي الأردني، ترأس الجلسة السيد جمال نجم نائب المحافظ في البنك المركزي المصري.
تناولت الجلسة ورقة عمل حول “تطبيقات الذكاء الاصطناعي الفرص والتحديات وإدارة مخاطر نماذج التقنيات الحديثة“، تحدث فيها الدكتور أحمد فؤاد خليل، نائب أول المدير العام في بنك مصر.
جلسات العمل في اليوم الثاني
في جلسة العمل الاولى التي حملت عنوان “الالتزام بمتطلبات بازل ٤ والتعديلات على إطار عمل بازل والمعيار الدولي رقم ٩ تزامناً مع تداعيات جائحة كورونا“، تحدثت فيها السيدة ندى عواد رزق الله، نائب المدير العام ورئيسة مجموعة المخاطر(CROs) في البنك الاعتماد اللبناني، محمد أبو السعود، رئيس مجموعة المخاطر الشاملة (CROs) عضو مجلس الإدارة التنفيذي في البنك المصري لتنمية الصادرات، ماجد فانوس، رئيس مخاطر المجموعة (CROs) في بنك بوبيان في الكويت (tbc). ترأس الجلسة طارق فايد، رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي في بنك القاهرة.
تطرقت الجسلة الى ورقتي عمل، تناولت الاولى عبر تقنية ZOOM موضوع: “لمحة عامة عن الأولويات الحالية والمستقبلية للجنة بازل“، تحدث فيها مارك فرج، عضو الامانة العامة للجنة بازل في بنك التسويات الدولية في بازل/سويسرا والسيد عدنان ناجي، مساعد مدير تنفيذي/إدارة الرقابة على المصارف في البنك المركزي الاردني.
أما ورقة العمل الثانية فتطرقت الى “الاتجاهات الحديثة في إدارة مخاطر التجزئة الرقمية“، تحدث فيها محمد عيسى، رئيس مجموعة مخاطر التجزئة المصرفية في البنك الأهلي المصري.
أما الجلسة الثانية كانت بعنوان: “تطوير سيناريوهات اختبارات الضغط لتشمل مخاطر الأمن السيبراني ضمن مخاطر التشغيل“، تحدث فيها كل من: الدكتور أشرف بهي، وكيل المحافظ للرقابة المكتبية في البنك المركزي المصري، أفضل نجيب، نائب العضو المنتدب للمخاطر والرقابة والالتزام في بنك SAIB في مصر، ماجد فانوس، رئيس مخاطر المجموعة (CROs) في بنك بوبيان في الكويت (tbc). ترأس الجلسة طارق الخولي، رئيس مجلس الادارة والعضو المنتدب في بنك SAIB في مصر.
جلسات العمل في اليوم الثالث
افتتحت اعمال اليوم الثالث بورقة عمل حول: “جائحة كورونا والعصر الجديد لإدارة مخاطر الائتمان وبناء أنظمة التصنيف“، تحدث فيها كل من محمد أبو السعود، رئيس مجموعة المخاطر الشاملة (CROs) عضو مجلس الإدارة التنفيذي في البنك المصري لتنمية الصادرات.
بعدها عقدت جلسة عمل اولى ناقشت موضوع: “أثر المخاطر البيئية والاجتماعية والمؤسسية على المصارف“، تحدث فيها كل من: الدكتور أحمد فؤاد خليل، نائب أول المدير العام في بنك مصر، عمر نجم، رئيس قطاع المخاطر (CROs) في بنك أبوظبي الأول في مصر. ترأس الجلسة محمد أبو موسى، وكيل أول المحافظ في قطاع الرقابة المكتبية في البنك المركزي المصري. كما تحدث خلال الجلسة، عبر تقنية ZOOM، فادي فقيه، مستشار رئيس مجلس الادارة المشرف على المخاطر والالتزام والمؤسسات المالية العالمية في بنك بيروت والبلاد العربية في لبنان.
تطرقت ورقة العمل الثانية، والتي عقدت عبر تقنية ZOOM، موضوع “أثر العملات الرقمية المستقرة Stablecoins على الاستقرار المالي“، تحدث فيها الدكتور رودريغ أبي الحسن، رئيس دائرة الاستراتيجية وتحليل المخاطر في بنك الاعتماد اللبناني سابقاً.
فيما ركزت الجلسة الثانية على موضوع: “آليات التعامل مع مخاطر هجمات الأمن السيبراني واسعة النطاق“، تحدث فيها كل من: عبير خضر، رئيسة قطاع أمن المعلومات في البنك الاهلي المصري، أسامة عبد الحميد، مدير إدارة مخاطر الامن السيبراني في شركة UBS في سويسرا، بهاء عثمان، خبير الامن السيبراني، مستشاراً لبعض المنظمات الحكومية المصرية. ترأس الجلسة شريف حازم، وكيل المحافظ لقطاع الأمن السيبراني في البنك المركزي المصري.
ختاماً تم تكريم المصارف والمؤسسات المتعاونة والراعية للمنتدى.
التوصيات
في ضوء الاوراق المقدمة والمداخلات التي تخللت جلسات العمل توصل المتحدثون في ختام أعمالها الى اعتماد التوصيات التالية:
١. التركيز على أهمية التقييم الداخلي والتخطيط المستقبلي لكفاية رأس المال على مستوى كل بنك على حدة لمواجهة كافة المخاطر المتوقعة، مع أخذ نتائج اختبارات الضغط في الاعتبار.
٢. ما استحدثه قانون البنك المركزي والجهاز المصرفـي الجديد من ضوابط لتسوية أوضاع البنوك المتعثرة او تلك التي تعاني من بعض المشاكل.
٣. اهمية قيام مسؤولي أمن المعلومات في البنوك بوضع آليات للتعامل مع مخاطر هجمات الأمن السيبراني.
٤. إجراء اختبارات ضغوط توضح مدى قدرة البنوك على مواجهة المخاطر المختلفة ولاسيما هجمات الأمن السيبراني.
٥. اهمية بناء القدرات في مجالات علوم البيانات وتطبيقات الذكاء الاصطناعي في البنوك، بما يتزامن مع خطوات التحول الرقمي، ويضمن كفاءة إدارة مخاطرها.
٦. يجب أن تشمل سياسات إدارة المخاطر تداعيات تغيرات المناخ والكوارث الطبيعية وكيفية التعامل معها واخذ الاحتياطات اللازمة لموجهتها.
٧. أهمية إيلاء عناية خاصة لتعزيز نظم المعلومات الائتمانية بالبنوك وتعزيز الادارت والوحدات المتخصصة في كل بنك لتوفير بيانات لحظية لمسؤولي المخاطر لتقييم وقياس وإدارة المخاطر الائتمانية بشكل استباقي وفعّال.
٨. اهمية ان تنتهج البنوك المركزية سياسة اعلامية خاصة خلال فترات الازمات والكوارث الطبيعية لطمأنة المودعين والمستثمرين، وبما يعزز الثقة في القطاع المصرفـي.