ما يعيشه لبنان اليوم ارجعه الى الوراء خطوات قد تحتاج سنوات لاعادته الى مجده، كذلك يؤكد السيد سميح سعاده نائب رئيس مجلس ادارة بنك بيمو ش. م. ل. ومديره العام ان ما يمر به القطاع الاقتصادي عموماً وقطاع المصارف خصوصاً يحتاج خطة اعادة ترميم هيكلية تنهض بلبنان وباقتصاده مجدداً.
الاّ ان نجاح الخطة لن يكتمل الاّ بالتضافر وبتحمّل المسؤوليات وبإعادة الامور الى نصابها الصحيح، كما اوضح السيد سميح سعاده ان الاستراتيجيات المستعرضة يجب ان تنفّذ بأسرع وقتٍ ممكن والاّ تبقى مجرّد حبرٍ على ورق.
* ما هي قراءتكم لواقع واحداث وتأثبرات العام ٢٠٢١ على الاقتصاد العالمي عموماً وقطاع المصارف خصوصاً؟
شهد هذا العام ظاهرة مقلقة وهي الإرتفاع بأسعار البضائع والمواد الأساسية نظراً للتفاوت بين العرض والطلب. فكان على المؤسسات الرقابية والمالية في العالم المتقدم إعادة النظر ومتابعة الحركة الاقتصادية ومقياس المخاطر والعمل على مقاربة مختلفة للسياسات النقدية والمالية آخذة بعين الإعتبار إمكانية التضخم وانعكاسها على الاقتصاد. وهذا ما حدا بالقطاعات المصرفية والمالية الى إعادة النظر بسياساتها وإلتزاماتها وإعادة هيكلة محافظها الائتمانية وطريقة إدارتها نظراً لما للتضخم تأثير على قيمتها والمردود. وبعدما اجتزنا مرحلة القلق من جائحة كورونا ظهر متحوّر جديد “اوميكرون” لينعكس سلباً على الحركة ووضع الاقتصاد العالمي مجدداً فارضاً التحديات والصعوبات على كافة القطاعات الاقتصادية والصحية بما فيها قطاع المصارف.
* يستمر القطاع المصرفـي اللبناني متخبطاً في المشاكل السياسية والاقتصادية والمالية والنقدية، وبات جزءاً من الازمة المالية وتداعياتها، لا سيما في ظل غياب خطة وطنية شاملة للانقاذ والنهوض…
– ما هو توصيفكم للواقع اللبناني حالياً؟
يعيش لبنان أزمة حكومية، والفساد يخيّم على جميع مكوّنات السلطة. كان لبنان رمزاً للصورة المشعة في عين الشرق ورجاء المظلوم في محيطه، الاّ انه أصبح في حالة اهتزازٍ دائم. اذ ان السياسين غير مسؤولين، لا بل غير مبالين، جامعهم هو خوفهم من فقدان السلطة أو المحافظة على امتيازاتهم بالدفاع عن طوائفهم. تناسى المسؤولون سبب وجودهم وترؤسهم للسلطة والحسّ بالمسؤولية وتغاضوا عن المصلحة الوطنية العليا، فحرموا شعبهم من مؤسساته الثقافية والصحية والإجتماعية وجرّدوه من حريته في التفكير والاختيار، جردوه باختصار من حقه في العيش بكرامة. علينا العمل للخروج من هذا النفق بإنشاء دولة علمانية ذات رؤيا موحّدة تكرّس المصلحة العليا وتعمل للجمع لا للتفرقة، فنبني بالتالي وطناً حراً مستقلاً لا يضبطه أي فريق من أبنائه ولا يُختصر بأيّة فئة.
بالنظر الى عمق الخلاف على تموضع لبنان، اليس الحياد يبقى أفضل جامع مشترك للّبنانيين؟ فنعيد الحياة للدورة الاقتصادية التي لا تستقيم إلّا في قطاع مصرفـي فعّالٍ ونشيط. إن الرؤية الجامعة والقطاع المصرفـي الحيّ يؤسّس للبدء في إعادة الثقة وبناء الاقتصاد المنتج والسليم. بوجود رؤيا ووفاق على المبادىء والمقاربات، تصبح عملية تكوين الرساميل وضخّ الأموال الجديدة خياراً منطقياً وسليماً، حيث تصبح عملية الإنقاذ والتنازل عن قسم من الحقوق نقطة البداية لطريق الخلاص الذي يصبو إليه المودع والمستثمر.
* باتت الثقة مفقودة بين المواطن والمصارف…
هل تعتقدون بإمكانية ترميم هذه الثقة مستقبلاً؟ وكيف؟
عند وجود الرؤيا الجامعة الموحدة والإيمان بالوطن أولاً وبوضع خطة لإعادة الحياة، أعتقد جازماً ان المساهمين لن يترددوا في دعم مصارفهم وتكوين الرساميل المطلوبة. اضف الى انّ هناك إمكانيات خارجية يمكن استقطابها للإستثمار في قطاع كان مثالاً في النجاح. سيضمحلّ مع الوقت المفهوم السائد المتعلّق بالأموال الجديدة ويندثر فيما بعد.
صلابة المصارف هي اساس العمل، والاستثمار هو المفتاح الانسب لإعادة الودائع. تبدأ هذه المُهمّة بوضع خطّة شاملة جامعة لكل الاطراف فتصبّ بمصلحة كل الاطراف، وترمم العدالة وتحيي التعاون الإيجابي وتعيد الثقة في سرعة فائقة.
* ما رأيكم بالمنهجية المعتمدة من قبل الحكومة الحالية في مقاربتها لوضع الخطة المالية للانقاذ؟
خطة دولة الرئيس نجيب ميقاتي، التي أشار إليها تنطلق من أربعة خطط: خطة لازار المعدلة وخطط مصرف لبنان وجمعية المصارف وخطة الفريق الاقتصادي والإستثماري لرئيس الحكومة. تعمل هده الخطة على إعادة النظر في القطاع المصرفـي على أن تتوزّع الخسائر على الافرقاء مجتمعين بدءاً بالدولة ثمّ مصرف لبنان فالمصارف فالمودعين. ويتم استعراض خيارات للمودع، بحثاً عما يناسبه، إذا ما كان يريد أن يسحب ودائعه منقوصة أو أن ينتظر سنين لتعود كاملة. لكن هذه الأفكار لا تزال حبراً على ورق، ولا شيء مؤكد لتاريخه. انما أعتقد أن هناك ثلاث نقاط أساسية يجب الإتفاق عليها والعمل بها للبدء بالأساس وهو إعادة الثقة:
١- يجب توحيد الأرقام مما يسمى الفجوة وذلك للعمل على الحل المناسب
٢- توحيد سعر الصرف لأنه الأساس في الدورة الاقتصادية وفي أيّ نهوض منشود. فكيف لنا أن نعمل بوجود هذا الكم من أسعار الصرف؟
٣- مقاربة الحالة الاجتماعية المزرية والتي تتطلب العمل لبناء الأمان الاجتماعي بطريقة عملية وبناءة نظراً لتردي الحالة الاقتصادية لدى العديد من الأسر اللبنانية.
أظنّ ان هذه المقاربة هي الحل الأسلم بعد الخلاف المستشري بين أركان السلطة والذي أدى الى خسارتنا عامين للبدء بعملية النهوض وترميم الثقة.
* ما هي ارقام مصرفكم حتى نهاية الفصل الثالث من العام ٢٠٢١؟
في ما يتعلّق ببنك بيمو فلقد استمرينا في عملنا كمصرف في خدمة العملاء وعملنا على تكوين مؤونات كافية نظراً للتطورات الاقتصادية والمالية التي باتت معروفة فجاءت أرقامنا كما يلي: