ألقى عميد كلية إدارة الأعمال في جامعة القديس يوسف ورئيس تجمع رجال وسيدات الأعمال اللبنانيين في العالم، البروفسور فؤاد زمكحل، كلمة موجهة إلى طلاب الكلية، خلال حفل تخريجهم للعام الدراسي ٢٠٢٠/٢٠٢١، وقد جاءت كالتالي:
«إخترتُ اليوم أن أُلقي كلمتي، متوجهاً إليكم باللغة العربية، لغة القلب ولغة الوطن الحبيب ولغة الطفولة ولغة الحرف الذي صدّرناه إلى العالم، لأُذكّر بأهمية قوتنا بالتواصل والتعليم. لذا إخترتُ أن أتكلم بلغة أجدادنا لأُركّز على اربع رسائل من القلب بكل شرف وشغف:
الرسالة الأولى موجهة إلى أهاليكم وعائلاتكم، وأعتذر منهم من صميم القلب، لأننا لم نستطع أن نستقبلهم اليوم في هذا الحرم، محبة وحماية لصحتهم من هذا الوباء الخبيث، الذي ينتشر أكثر وأكثر في العالم، ويُؤذي المُحبين.
إن رسالتي الأولى لكم أيها الأهالي لأنكم أنتم الأبطال، وأنتم المقتدرون، وقد ثابرتم وضحيتم وجاهدتم ليلاً نهاراً وواجهتم أكبر أزمة اقتصادية وإجتماعية في تاريخنا، لتعليم أولادكم كي ينالوا هذه الشهادة وهو جواز نجاحهم إلى الأبد.
حتى لو نحن مجتمعين معكم عن بُعد، إني أستطيع أن أرى في عيونكم، دموع الفرح والفخر، وفي الوقت عينه أشعر بتعبكم وقهركم. إنكم فخورون بأولادكم، لأن مردود إستثماركم أمامنا جميعاً اليوم.
إنكم مرهقون وقلقون لمستقبلهم، لا تخافوا إن هؤلاء أولادكم وأولادنا، وهم الوحيدون الذين سيُعيدون بناء اقتصادنا ووطننا على أسس ثابتة ومتينة.
كونوا فخورين بهم، لكن إفتخروا بأنفسكم لأنكم جاهدتم في أصعب سنوات من تاريخنا اللبناني والإقليمي وحتى العالمي، إذ إن البعض خسر أعماله، والبعض الآخر إنحدر مدخوله، والبعض الآخر تبخّرت أمواله، لكن لم تستسلموا وإستثمرتم بأولادكم، وها هم أمامكم يُمثلون نجاحكم ونجاحنا ولاسيما نجاحهم.
رسالتي الثانية هي إلى كل زملائي الأساتذة والمعلّمات والمعلّمين، ليس فقط في كلّياتنا، لكن في كل الجامعات والمدارس، علينا ألاّ ننسى أنهم هم أيضاً أبطالنا والذين مرّوا ويمرّون وسيمرّون في أصعب أيام حياتهم، ويُواجهون يومياً ايضاً كل المشاكل الإجتماعية والاقتصادية والسياسية والأمنية.
أُريد أن أُذكّر بصوت عالٍ بأنهم جاهدوا ليلاً نهاراً ليتعلّموا هم أيضاً من الطريقة الجديدة من خلال الـ «اونلاين» التي أُجبرنا على إتباعها، وأنهم أمضوا ساعات طويلة أمام شاشات معداتهم، وكان هناك أيام لم يستطيعوا أن يفتحوا أعينهم، جرّاء التعب وآلام جسدهم، وجلوسهم أمام حواسبيهم.
لكنهم لم يستسلموا ولن يتوقفوا يوماً عن العطاء، وإستكمال رسالتهم، وحتى أُجبروا على تحضير كل المواد الدراسية، من الصفر، لمحاولة تقديمها لكم بكل محبة وضمير، وأفكار خلاّقة وريادية.
إنهم معكم اليوم، وهم فخورون بكم، لكن أيضاً أنتم تفخرون بهم، وعلينا ان نشكرهم من القلب ويستحقون التصفيق والشكر من كل واحد منكم.
رسالتي الثالثة، هي أقل إيجابية وفرحاً، لكن هي واجب، ولن نختبئ وراء إصبعنا، ولا نخجل أو نخاف أن نقولها بصوت عالٍ لكل السياسيين في لبنان:
إرفعوا أيديكم عن شبابنا
ارفعوا ايديكم عن طلابنا
ارفعوا ايديكم عن مستقبلهم
إرفعوا أيديكم عن رياديينا
إرفعوا أيديكم عن أحلامهم وطموحاتهم
إرفعوا ايديكم عن الذين سيُعيدون إعمار ما دمّرتموه، وهم يُعيدون تمويل ما أهدرتموه بأيديهم،
ان شبابنا هم أملنا، ورجاؤنا، هم الذين سيكونون المحرّك الأساسي لإعادة هيكلة بلادنا واقتصادنا، لإعادة النمو والعيش بكرامة في وطننا الحبيب لبنان.
رسالتي الرابعة والأخيرة، هي لكم كنتم طلابنا واليوم تُصبحون زملاءنا، أقرأ في أعينكم الفرح والفخر، لكن من ورائها أشعر بقلقكم وخوفكم وهواجسكم.
أعرف تماماً أن أحلامكم تحوّلت الى كوابيس، البعض الكثير منكم هدفه السفر، لأنه لا يشعر بمستقبل واعد في هذا الجو الكارثي.
لن أُعطيكم الأوهام ولا الوعود، أو حتى طلبات كاذبة، بل أقول لكم، إذا قرّرتم المغادرة لا تنسوا هويتكم اللبنانية، ولا تنسوا ترابكم، ولا تنسوا أهلكم ومحبيكم،
إذهبوا وإبنوا لبناناً صغيراً في كل أركان العالم،
إزرعوا عَلمَ الأرز حول الكرة الأرضية،
إنجحوا في كل المجالات، وساهموا في إعادة هيكلة بلدكم أينما كنتم.
عدونا أن تعملوا كمجموعات متضامنة متكاملة وليس منفردين،
ساعدوا بعضكم البعض،
لا تنجحوا مستقلين عن بعضكم، لكن كجماعات مترابطة ومتكاملة،
اما الذين سيختارون البقاء في لبنان، أقول لهم: حوّلوا ثورتكم إلى تطور وتطوير،
لا تنسوا أن أهم الأفكار والمشاريع تبصر في أصعب الفترات وأحلك الظروف،
لا تنسوا أن الفرص توجد في ركام الأزمات،
كونوا رياديي التغيير وزعماء الغد،
التغيير لا يُنجز إذا لم نباشر بتغيير أنفسنا، ومن ثم مجتمعنا ومن ثم جوارنا، وهكذا نكون قد وضعنا أول مدماك في طريق النجاح.
إن أساس وركن النجاح، يكمن في المثابرة، وفي المرونة،
إننا كلنا اليوم مُرهقون، لكن لم ولن نستسلم،
أشكركم، وأتمنى لكم النجاح، وعائلتكم الثانية وبيتكم الثاني سيكون دائماً بفخر إلى جانبكم».