جاك الصّراف

دور طليعي وشراكات استراتيجية

في القطاع الصناعي اللبناني يبرز اسم السيد جاك حنا الصّراف، فهو صاحب رؤية اقتصادية متكاملة وخبرة صناعية عريقة، وعلاقات عمل محلية واقليمية ودولية واسعة، اضافة الى قدرات كبيرة يستعملها في خدمة المهنة التي احبّ.

يحدّثنا السيد جاك الصّراف، رئيس مجلس ادارة مجموعة Malia Holding ورئيس مجلس إدارة «المستثمرون اللبنانيون العالميون» GLI، وعضو الهيئات الاقتصادية اللبنانية، والقنصل الفخري لروسيا الاتحادية في لبنان، ورئيس مجلس الأعمال اللبناني الروسي، وعميد جمعية الصناعيين اللبنانيين، ورئيس مجلس ادارة جمعية القديس بورفيريوس التابعة لمطرانية بيروت للروم الأرثوذكس، عن واقع الوضع الاقتصادي العالمي وترنّحه تحت ضربات الازمة المالية العالمية بشكلٍ لم نشهده من قبل في تاريخنا الحديث.

كما قيّم السيد جاك الصّراف واقع القطاع الاقتصادي المتردي في لبنان، معتبراً ان «سوء الادارة» افقد لبنان شريان حياته.

اما بالنسبة لانتشار مجموعة Malia خارج لبنان، اكد الصّراف استمرارية الشركة بالانتشار الاقليمي، معدداً الفروع الخارجية للشركة في الامارات العربية المتحدة والعراق…

 

يشهد الاقتصاد العالمي العديد من الازمات التي انعكست سلباً على مختلف الاسواق.

– ما رأيكم؟

يواجه الاقتصاد العالمي أكبر اختبار يتعرض له منذ الحرب العالمية الثانية. يأتي هذا بعد ارتفاع التكاليف الصحية والاقتصادية والاجتماعية الناتجة عن جائحة كوفيد١٩، يضاف الى ذلك الانعكاسات المباشرة التي لحقت بالاقتصاد العالمي جرّاء الحرب الروسية-الاوكرانية، وما نتج عنها من انكماش في كل اقتصادات الدول وخسائر في جميع القطاعات الخدماتية والانتاجية على انواعها.

في بعض الحالات تخلق الازمات حلولاً، لكن الوضع الاقتصادي العالمي لا يزال يترنح تحت ضربات الازمة المالية العالمية التي تعود بسرعة البرق وعلى نطاق لم نشهده من قبل في تاريخنا الحديث.

الى جانب الدمار الذي خلّفه فيروس كورونا، انتشر فيروس سياسي اقتصادي بين الصين واوروبا واميركا، بحيث اعطت الاخيرة اشارة الضوء الاخضر للخروج من الاقتصاد الصيني، وهذا ما الحق ضرراً بالاتفاق التجاري بينها، وألقى بظلاله على الاقتصاد العالمي ككل.

ما هي الاسباب التي أدت الى ما وصل اليه الاقتصاد اللبناني؟ وهل من حلول سيقدمها البنك الدولي للحكومة اللبنانية؟

“سوء الادارة” افقد لبنان شريان حياته. علينا أن نُدرك أن العالم قد تغيّر، كذلك حكّامه واستراتيجياتهم وأولوياتهم وطريقة إدارتهم وأيضاً أجنداتهم. أما في لبنان فما من شيء تغيّر: لا حكامنا ولا إداراتهم الفاسدة والسيئة ولا أولوياتهم الغامضة ولا وعودهم الوهمية ولا تشنجاتهم التدميرية.

نتساءل عما نحن عليه الآن: عجز مالي او تجاري او ركود اقتصادي وانهيار…؟ أقول كل هذه الأمور مترابطة وتعود إلى القرارات الخاطئة التي أدت إلى فوضى عارمة في إدارة البلد. إنها بالتأكيد مشكلة حكم وفساد وبدأنا ندرك جفاف القدرات والموارد، لذا فإن ما ننظر إليه الآن هو عملياً سيناريو دولة فاشلة يسيطر عليها مجموعة من السياسيين والمسؤولين “الغير مسؤولين” لديهم سلطة على القرار وهم قادرون على عرقلة أية قرارات ايجابية.

في ظل هذه الظروف من اقتصاد متدهور وبيئة سياسية يشوبها عدم اليقين في البلد، يحاول البنك الدولي اغتنام فرصة الازمة المالية عبر تقديم المساعدات ووضع حلول مرحلية مؤقتة… لكنني أخشى ان تنعكس تأثيرات هذه المساعدات سلباً على البلاد.

فيما يخص القطاع الخاص، نحن ندير البلد حالياً، من خلال مسؤولياتنا الإجتماعية ودورنا في تفعيل الاقتصاد الوطني والمحلي وتطوير إنتاجيته وخلق فرص العمل وتوفير الخدمات الأساسية للمواطنين. لكننا في الوقت نفسه، نحذّر الطبقة الحاكمة من أن الإستمرار في اعتماد النهج السياسي ذاته، سيؤدي حتماً الى الدخول في تضخم مُفرَط سيطيح بكل ما تبقى من قدرات لدى الدولة والمؤسسات الخاصة والعمال على حد سواء.

برأيكم، ما هي القطاعات الآمنة للاستثمار في الوقت الراهن؟

انطلاقًا من الواقع الاقتصادي والمالي المتردي في البلد، اصبح للاستثمار شروطاً واسئلة معيّنة ابرزها:

١- هل نتلاقى مع المصارف على شروط الاستثمار نفسها؟

٢- هل تقدم المصارف قروضاً معينة للاستثمار؟

٣- الاستثمار بحاجة الى محاكم وقضاة في البلد عنوانهم النزاهة والمصداقية. اين هم؟

٤- اين القانون والمحاكم في لبنان؟

لا بد من التأكيد على ان الاستثمار غائب في لبنان، حيث يتطلب منح الترخيص توقيع رئيس الحكومة ومجلس الوزراء وإجراءات ومماطلات تدفع المستثمر في النهاية إلى خارج البلاد. اذاً عن اي استثمار نتحدث؟

على رغم الأوضاع الصعبة التي مرّ بها قطاع الصناعة في لبنان والتراجع الذي شهده في ارقامه، وعلى رغم المطالبات التي رفعتها جمعية الصناعيين والتقارير التي وضعتها… استمرّ التجاهل الرسمي لمطالب الصناعيين اللبنانيين…

– ما هي الأسباب برأيكم؟ وما هو الحلّ؟

بصعوبة يحاول القطاع الصناعي اللبناني الحفاظ على استمراريته، حاله حال مختلف القطاعات الأخرى، في ظلّ الفوضى العارمة في البلد والظروف الاقتصادية والمالية التي تزداد سوءاً منذ ثلاث سنوات متتالية من دون أي علاجات رسمية. مع العلم أن وضع القطاع الصناعي يبقى أقل ضرراً من باقي القطاعات، لكن هذا لا يعني أنه لا يواجه مشاكل كبيرة جدّاً متمثلة بالوضع السياسي وعدم وضوح مصير رئاسة الجمهورية. هذا الواقع وحده يخلق انكماشاً في الأسواق.

لا بدّ من الاشارة، الى اننا نشهد حالياً تهافتاً من قبل معظم اللبنانيين الى شراء البضائع المنتجة محلياً، حيث تبيّن لهم جودة الصناعة المحلية وانطباق المواصفات العالمية عليها، وهذا ما سيمنحها الثقة ليتمكّن القطاع من زيادة نسب التصدير بعد توسعة حجم السوق المحلي.

في الوقت الحاضر، نبذل قصارى جهدنا للمحافظة على استمراريتنا وتعزيز القطاع الصناعي اللبناني والمساهمة في تمكينه وتفعيله وحمايته وتطويره.

هل تعتقدون ان الجمعيات والنقابات والاتحادات الاقتصادية التي تمثّل القطاع الخاص في لبنان تقوم بواجباتها؟ وهل من مطالب معيّنة في هذا المجال؟

من جانبنا كقطاع خاص لبناني، نقوم بدورنا على أكمل وجه، نجتمع اسبوعياً ونتبادل الافكار والآراء ونطرح رزمة من الحلول لنحافظ على شركاء الانتاج من خلال زيادة الاجور وضمان أعداد الموظفين، لنواكب الصعوبات ونجتازها بأقل اضرار ممكنة.

انا متفائل بطروحاتي لمواجهة الازمة وسنواصل الحفاظ على مزايانا التنافسية وتعزيز مكانتنا ودورنا في المنطقة والمجتمع. مستمرون في العمل لتوفير كل مقومات الدعم والاستمرارية للشركة وللموظفين، مع العلم ان التحدي الذي نواجهه هو الحفاظ على مستوانا على الرغم من الاوقات الصعبة التي نمر بها.

هل لنا بنبذة عن شركتكم؟

منذ تأسيسها في عام ١٩٣٦، نمت مجموعة Malia مع كل عقد من الزمان، مستخدمة إرثها الفريد ومعرفتها للحصول على حصة مرموقة من الأسواق التي تتواجد فيها. لا يزال الجمع بين التقاليد والرؤية الثابتة للمستقبل هو الزخم والقوة الدافعة وراء نجاحنا.

مجموعة Malia هي مجموعة متعددة الأوجه من ٢٥ شركة رائدة في ٦ قطاعات بما في ذلك: الصناعات، توزيع السلع الاستهلاكية، حلول التكنولوجيا، الأزياء، الهندسة والمقاولات، الضيافة والعقارات. مع وجودنا المباشر في لبنان والكويت والعراق والإمارات العربية المتحدة، فإن هدفنا هو ضمان التميز في إنشاء وإنتاج وتسليم السلع والخدمات في الوقت المناسب.

على مدار العقود الثمانية الماضية، جمّعنا ٦٠ علامة تجارية وأقمنا تحالفات مع ٣٥ شركة متعددة الجنسيات، كلها تشهد على حقيقة أننا المجموعة المختارة في المنطقة.

في جوهرنا توجد عائلة من الموظفين تؤمن بحلم مجموعة Malia بالاستمرار في التقدم مهما كانت الظروف. تعزيز التنوع الثقافـي والاجتماعي والتزامنا بالشفافية الكاملة والتمكين الإداري والتطوير الوظيفي ونزاهة السلوك يغذّي تبادل الأفكار ويفتح الباب لريادة الأعمال والابتكار.

قوتنا بالتنوع والتكامل والتوسع على مساحة الارض القريبة وتبقى انطلاقتنا الاولى دائماً من مدينة بيروت العزيزة.