عندما تتضاءل امامنا الحلول نلجأ لخشبة الخلاص الوحيدة التي تنتشلنا من مستنقع الأزمات الكثيرة. هكذا وصف السيد ايلي نسناس، المدير العام لشركة أكسا الشرق الأوسط، وضع اللبنانيين الذين تمسّكوا بقطاع التأمين كخشبة خلاصهم الوحيدة المتبقية لحماية انفسهم من الأزمات المتتالية التي تحلّ بهم في ظل غياب القطاع العام. واعتبر ان التأقلم والثقة هما اهم نقاط قوة القطاع، ومنهما انطلق ليحافظ على استقراره بدل البكاء على الاطلال. هذا الاستقرار عمدت الشركة الى تحقيقه عبر اتباع سياسة القبض بالدولار النقدي التي سار بها القطاع ككل.
* مقارنةً بالقطاعات المالية الأخرى أبدا قطاع التأمين ثباتاً والتزاماً بالعهود. ما هي نقاط القوة الداعمة لهذا الثبات؟
أهم نقاط قوة هذا القطاع هو تأقلمه مع الواقع واتخاذه وتنفيذه التدابير الجريئة بسرعة. الأزمات الحادة لا تسمح للقطاع بالوقوف والبكاء على الاطلال، بل تدعو الى خوض غمار المواجهة والقيام بالخطوات اللازمة على الفور. فريق عملنا المتمرس والخبير ساعدنا في الإقدام على اهم الخطوات فوزّعنا العمل على كامل مجلس الادارة سائرين وفق رؤية واضحة قائمة على الشفافية والحوار والمصداقية واعطاء كل ذي حق حقه. هذه المصداقية ميّزت قطاع التأمين عن القطاعات المالية الأخرى، وكان لديه فرصة ذهبية لإثبات مصداقيته وسط التحديات الكبيرة التي واجهته، واستطاع التغلّب عليها ومحاربتها بالصمود والتأقلم مع الظروف الراهنة والتحول نحو سياسية القبض بالدولار النقدي وطرح منتجات جديدة أرخص متاحة لكل شرائح المجتمع. بالاضافة الى أن القطاع استطاع ملء الفراغ الناتج عن غياب الدولة. من هذا المنطلق، أؤمن بضرورة التعاون بين القطاعين العام والخاص الذي يشكّل خشبة الخلاص لانتشال البلد من مستنقعاته.
* ما هي الركائز الاساسية للرؤية التي وضعتموها؟
الركيزة الأولى هي الشفافية. من ثمّ لجأنا الى تحديد كل المشاكل وطرح الحلول لكل واحدة منها على حدا وتوزيع العمل علينا كأفراد. فكان لدينا مثلاً مشكلة قانون الـ Capital control الذي لايمكن أن يطبّق علينا كشركات والاّ سيتوقّف عملنا، وينهار بالتالي الاقتصاد اللبناني. ناهيك عن مشكلة تعويضات انفجار المرفأ حيث عمدنا الى الضغط على معيدي التأمين لتلبيتنا، فتمكنّا من الوصول لحلول مع جزءٍ كبيرٍ منهم وذلك بفضل طرحنا للمشكلة بطريقة واقعية ومنطقية داعمة لنا.
* هل يعد استمرار القطاع بمثابة نجاحٍ في مواجهة كل تلك التحديات؟ وما تأثير عامل الثقة؟
دون شك هذا الاستمرار هو نجاح. تمكّن القطاع من التأقلم مع الواقع مسرعاً بإيجاد الحلول للمؤمّنين. يجب التنبّه الى الواقع الاجتماعي الذي نعيشه اليوم، فعلى صعيد الاستشفاء مثلاً، يفضّل المواطن دفع ربع قيمة المبلغ المستحق عليه للمستشفيات عبر البوليصة عوضاً عن دفعه كاملاً بمفرده. بات التأمين من ضمن اولويات المواطنين مما زاد الوعي التأميني والثقة في اهمية التأمين في الحياة اليومية.
* اضمحلت رساميل واحتياطات وموجودات شركات التأمين في سندات الخزينة. كيف تنظرون الى عملية اعادة الهيكلة المتنبّأ بها؟
يجب أن يكون لدينا نظرة مستقبلية للتوجّهات القادمة. لكن اعادة الهيكلة لا تزال تحتاج الى مساحة من الوقت ولا أراها قريبة. الأمر لا يقتصر على امكانية تزامن اعادة الهيكلة هذه مع اعادة هيكلة القطاع المصرفـي، بل تشمل ايضاً تطبيق المعيار IFRS١٧ الذي سيؤثر كثيراً على وضع شركات التأمين الذي يبدو مبهماً في ظل تقلّب سعر صرف الليرة المنعكسة على نتائج الميزانيات والبيانات المالية. بلقاءاتنا مع وزارة الاقتصاد ولجنة الرقابة على شركات التأمين اصرّينا على مراقبة آلية التزام الشركات بوعودها تجاه عملائها.
* كنتم اول من طالب بالتوجه نحو الدولار النقدي حينما كنتم رئيساً لجمعية شركات الضمان في لبنان. ما تقييمكم اليوم لهذه الخطوة؟ وما حجم الخسارة الناتجة عن هذا التحوّل؟
هذه الخطوة كانت بمثابة خشبة الخلاص للقطاع وواقيةً له من الافلاس. العام ۲۰۲۲ حمل تقلبات مالية كثيرة وتضخّماً حاداً فرض علينا التحوّل نحو القبض بالدولار النقدي للالتزام بدفع التغطيات والايفاء بوعودنا. تفهّم العملاء هذا القرار لا سيما مع التزام الشركات بوعودها تجاههم. توقّعت ان تكون الخسارة اكثر بكثير مما تبيّن، ولكن بفضل تأقلمنا مع الوضع وطرح منتجاتٍ أرخص لجمنا الخسارة خاصةً مع ازدياد الوعي التأميني.
* قد يدخل لبنان دائرة البلدان النفطية. ما هو دور قطاع التأمين هنا؟
يفتقد القطاع للخبرات الكبيرة المتخصصة بقطاع النفط. يجب أن تكون طموحاتنا واقعية لناحية قيم مؤمّن عليها ضخمة جداً، فأعتقد أنه سيكون من الصعب على شركات التأمين اللبنانية تحمّل التغطيات بمفردها ويجب على الدولة مساعدتها.
* أين AXA من الأعمال والانجازات؟
كنا أولى الشركات التي تأقلمت مع الوضع مبقيةً على الالتزام بواجباتها وحماية حقوق العملاء والشركة معاً عبر التوجّه نحو سياسة القبض بالدولار النقدي. استطعنا اقناع العملاء بوجهة نظرنا والسير بسياسة القبض الجديدة . بالاضافة الى طرح منتجات اقل كلفة خاصةً في فرع الاستشفاء بما يتوافق وقدرة المواطنين الشرائية. متفائل بالمستقبل رغم مشكلة هجرة الخبرات والأدمغة.