كشفت وكالة «بلومبرغ» الأميركية، نقلاً عن مصادر مطلعة، أن البنك المركزي السعودي «ساما» ضخ نحو ٥٠ مليار ريال سعودي (١٣ مليار دولار أميركي) على شكل ودائع طويلة الأجل لدى البنوك التجارية لتعزيز السيولة المحلية، في محاولة منه لتخفيف أسوأ أزمة سيولة منذ أكثر من عشر سنوات.
وتهدف هذه الخطوة إلى تعزيز سيولة القطاع المصرفـي، في الوقت الذي سجل فيه سعر الفائدة بين البنوك السعودية أو «السايبور» ارتفاعات قوية منذ بدء رفع الفائدة الأميركية، بحسب الوكالة.
ويوفر «ساما» هذه السيولة للبنوك بأقل من سعر «السايبور» لمدة ثلاثة أشهر.
وبحسب المصادر، فقد بدأ تدخل البنك المركزي السعودي قبل فترة وجيزة من رفع مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي أسعار الفائدة الشهر الحالي.
وجاء التمويل من البنك المركزي على ثلاث شرائح منفصلة حتى الآن، وكانت الشريحتان الأولى والثانية بقيمة إجمالية تبلغ ٣٠ مليار ريال (٨ مليارات دولار) بواقع ١٥ مليار ريال (٤ مليارات دولار) لكل منهما، فيما تمت الشريحة الثالثة قبل أيام قليلة.
وانعكست هذه الخطوات بتراجع سعر فائدة «السايبور»، الأحد، بـ ١٧ نقطة أساس مقارنة مع يوم الجمعة الماضية لتصل إلى ٣.١٣ في المئة.
وتقف السيولة، التي يتم قياسها عبر سعر الفائدة بين البنوك السعودية والمعروف اختصاراً بـ«السايبور»، عند أدنى مستوى منذ أواخر ٢٠٠٨ عندما انهارت أسعار الخام دون ٤٠ دولاراً للبرميل.
ولا توجد سوابق كثيرة لمدى أزمة التمويل التي تواجهها البنوك السعودية، بخلاف الأوقات التي هبطت فيها أسعار النفط بحدة، أو الأزمات العالمية مثل أزمة الائتمان بين عامي ٢٠٠٨ و٢٠٠٩.
على النقيض، تسير السعودية العام الحالي في مسار تسجيل الفائض الأول في الموازنة منذ حوالى عشر سنوات نتيجة ارتفاع الإيرادات، على خلفية ارتفاع أسعار النفط فوق ١٠٠ دولار للبرميل وزيادة الإنتاج.
وعكس الإجراء مخاوف متزايدة حول تكلفة السيولة للبنوك في السعودية، وتأثير ذلك في الاقتصاد، في الوقت الذي تسعى فيه السلطات إلى توجيه رأس المال لتشغيل المشاريع الضخمة في المملكة.
ولتخفيف قيود التمويل الفورية، مدد البنك المركزي أخيراً فترة التسهيلات الخاصة بـ «الريبو»، أو عمليات البيع وإعادة الشراء، إلى ١٣ أسبوعاً كحد أقصى بدلاً من ٤ أسابيع.
وقال وزير المالية السعودي محمد الجدعان، في أيار/مايو الماضي، إن الحكومة ستحتفظ بإيرادات النفط الفائضة في حسابها الجاري حتى أوائل العام المقبل على الأقل، إذ أنها تتطلع إلى كسر دورة الازدهار والكساد المرتبطة بالنفط، التي اتسم بها الاقتصاد في الماضي.
وخلال الفترة من الربع الأول ٢٠١٦ حتى نهاية الربع الأول ٢٠٢٢، سجلت الموازنة في ثلاثة فصول فقط هي الربع الأول ٢٠١٩ بـ٢٧،٨ مليار ريال (٧،٤٢ مليار دولار، والربع الثالث ٢٠٢١ بقيمة ٦،٧ مليار ريال (١،٧٨ مليار دولار)، وأخيراً الربع الأول ٢٠٢٢.
وكان المصرفيون يتوقعون أن تُترجم أسعار النفط الأعلى سريعاً إلى ودائع حكومية تخفف من أزمة السيولة، بحسب «بلومبيرغ».
وتخلف نمو الودائع المصرفية عن توسع الائتمان في السعودية، المدفوع إلى حد كبير بازدهار الرهون العقارية، وضغط ذلك على أسواق المال نتيجة حجب الحكومة أرباحها النفطية كجزء من نهج أكثر تحفظاً للإنفاق المالي.