التغير المناخي أزمة عالمية وتداعيات كارثية

بقلم: مارون مسلّم

 

ألقى الرئيس الأميركي جو بايدن كلمة في مؤتمر الامم المتحدة المعيّن بتغير المناخ «كوب ٢٧» في مصر، قائلاً «ان ازمة المناخ العالمية تتعلق بالأمن البشري والامن الاقتصادي». وأضاف «ازمة المناخ تتعلق أيضاً بالامن البيئي والامن القومي وحياة الكوكب ذاته».

كلام بايدن جاء بمثابة تذكير للمجتمعين في شرم الشيخ ان الهدف من هذا المؤتمر تفادي اسوأ تداعيات الاحتباس الحراري، حتى على الرغم من تشتت التركيز الدولي بسبب مجموعة من الأزمات التي تراوح من الحرب البرية في اوروبا الى التضخم الجامح.

في المؤتمر، تم توزيع تقرير للأمم المتحدة تناول الارتفاع السريع في وتيرة الاحترار العالمي، اذ أفاد ان كلاً من السنوات الثماني الأخيرة، في حال ثبوت التوقعات بشأن العام ٢٠٢٢، ستكون أكثر حراً من أي عام سابق لسنة ٢٠١٥. وأشارت المنظمة العالمية للارصاد الجوية تزامناً مع افتتاح المؤتمر، الى تسارع في وتيرة ارتفاع مستوى الحار وذوبان الانهر الجليدية والامطار الغزيرة وموجات الحر والكوارث القاتلة التي تتسبب بها.

الأمين العام للامم المتحدة قال في تعليق على التقرير «مع انطلاق مؤتمر الاطراف حول المناخ «كوب ٢٧» يوجه كوكبنا نداء استغاثة» وأضاف التقرير بأنه «مهدد لفوضى مناخية»، اذ ارتفعت حرارة الارض اكثر من ١،١ درجة مئوية منذ نهاية القرن التاسع عشر، وقد سجل نصف هذا الاحترار تقريباً في السنوات الثلاثين الاخيرة على ما أظهر التقرير. والسنة ٢٠٢٢ بصدد ان تصبح السنة السادسة الأكثر حراً تسجل حتى الآن رغم تأثير الـنينيا منذ العام ٢٠٢٠، وهي ظاهرة طبيعية دورية في المحيط الهادئ تؤدي الى خفض حرارة الجو.

المدير العام للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية بيتيري تالاس قال «كلما كان الاحترار عالياً كلما تفاقمت التداعيات»، حيث ان مياه سطح المحيطات التي تمتص أكثر من ٩٠٪ من الحرارة المتراكمة جراء الانبعاثات الناجمة عن النشاط البشري، سجلت مستويات قياسية في ٢٠٢١، وقد زادت حرارتها بسرعة خصوصاً خلال السنوات العشرين الأخيرة، وارتفعت أيضاً موجات الحر البحرية مع تداعيات مدمرة على الشعاب المرجانية وعلى نصف مليار شخص يعتمدون على البحار لتأمين الغذاء وسبل العيش، وعموماً شهدت ٥٥٪ من مياه سطح المحيطات موجة حر بحرية واحدة على الأقل العام ٢٠٢٢ على ما جاء في التقرير وتضاعفات وتيرة ارتفاع مستوى البحار في السنوات الثلاثين الاخيرة بسبب ذوبان الأنهر والصفائح الجليدية ما يهدد عشرات ملايين الأشخاص الذين يعيشون في مناطق خفيضة. في هذا الصدد، قال كبير العلماء في بريتش انتركتيك سورفين مايك ميريديث ان «الرسائل الواردة في هذا التقرير لا يمكن ان تكون اكثر متاحة». وأضاف «في كل ارجاء كوكب الأرض تحطمت مستويات قياسية فيما اجزاء مختلفة من منظومة المناخ تنهار» اذ بلغت الغازات الدفيئة المسؤولة عن أكثر من ٩٥٪ من الاحترار الحاصل، مستويات قياسية مع تحقيق غاز الميثان اكبر قفزة تسجّل خلال عام بحسب التقرير السنوي للمنظمة العالمية للارصاد الجوية حول وضع المناخ العالمي.

العام ٢٠٢٢، عاِثت سلسلة من الظواهر المناخية القصوى التي فاقمها التغير المناخي فساداً في مجتمعات مختلفة عبر العالم. فقد تلت موجة حر استمرت شهرين في جنوب آسيا فيضانات في باكستان غمرت ثلث مساحة البلاد، وقضى فيها ما لا يقل عن ١٧٠٠ شخص وتشرد ثمانية ملايين وزادت الخسائر عن ٣٠ مليار دولار أميركي. وفي شرق أفريقيا انحسرت المتساقطات دون المعدل لأربعة مواسم أمطار متتالية، وهي الأطول في ٤٠ عاماً ومن المتوقع ان تساهم السنة الحالية في مفاقمة الجفاف. أما الصيف فشهدت أطول موجة حر تسجل حتى تاريخه وثاني أكثر فصول الصيف جفافاً. وأدى تراجع مستوى المياه الى اضطرابات الحركة التجارية على نهر يانغتسي في الصين كما على نهر المسيسبي في الولايات المتحدة والكثير من الأنهر في أوروربا التي عانت أيضاً من موجات حر متكررة.

وعـانـت الـدول الـفـقـيـرة الـتـي تـحـمـل أقـل قـدر مـسـؤولـيـة فـي التغير المناخي، أكثر من غيرها بسبب هشاشتها حيال تـداعـيـات الـوضـع. وأوضـح تـالاس «لـكـن حتى المجتمعات المستعدة جداً لحقت بها أضرار كبيرة جراء ظواهر قصوى كما تبين من موجات الحر المطولة والجفاف في أجزاء واسعة من أوروبا وجنوب الصين».

في جبال الألب الأوروبية حطمت الأرقـام الـقـيـاسـيـة فـي ذوبـان الأنـهـر الـجـلـيـديـة في ٢٠٢٢ مع تراجع في معدل السماكة يراوح بين ٣ وأكثر من أربعة امتار وهو الأعلى حتى الآن. وقال رئيس معهد التغير المناخي في جامعة ادنبره، ديف ريي «لو كان لا بد من شطب سنة تمثل عدم التحرك على صعيد المناخ فهي ٢٠٢٢». وأكـد «أمـام الـعـالـم مهمة جبارة في الحد من الأضرار».