تفشل أكبر وأغنى الشركات في العالم في الوفاء بتعهداتها المناخية. كما أظهر تقرير معمّق صدر يدعو الحكومات إلى اتخاذ إجراءات صارمة ضد الغسل الأخضر.
تحت ضغط متزايد من مساهمين وحكومات ومستهلكين، تتسابق شركات في كل القطاعات لطرح استراتيجيات تهدف إلى الحد من انبعاثات الكربون في عملياتها الإنتاجية والتشغيلية.
وتبنّت ٢٤ شركة متعددة الجنسيات هدف معاهدة باريس المتمثل في حصر الاحترار عند ١،٥ درجة مئوية وانضمت إلى حملات مدعومة من الأمم المتحدة لضمان أن تؤدي الأعمال التجارية دورها في إزالة الكربون من الاقتصاد العالمي.
ويتطلَب البقاء تحت عتبة درجة الحرارة هذه، خفض انبعاثات غازات الدفيئة العالمية بنسبة ٤٥٪ بحلول ٢٠٣٠ والوصول إلى «صافـي الصفر» بحلول منتصف القرن. وفق الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ التابعة للأمم المتحدة. لكن الذي أعده مركزا New Climate Institute وCarbon Market Watch للبحوث وصدر منذ مدة، وجد أن التعهدات التي التزمت ٢٢شركة تحقيقها بحلول ٢٠٣٠ ستؤدي فقط إلى خفض بنسبة ١٥٪ فقط من انبعاثاتها مجتمعة.
أما بالنسبة إلى هدف انبعاثات الصفر الصافـي التي التزمته الشركات الـ ٢٤. فإذا تم الوفاء بها، بالكاد ستزيل ثلث انبعاثاتها الحالية. وخلص مرصد Corporate Climate Responsibility Monitor إلى أن «معظم هذه الشركات لا تقدم ببساطة ما وعدت به». وحقّق مركزا البحوث بعمق في قطاعات مختلفة من صناعة السيارات والشحن والطيران مروراً بالأزياء والتكنولوجيا والغذاء وصولاً إلى الصلب والإسمنت. لكن تحقيقهما لم يشمل أي شركات نفط أو غاز.
مع أرباح مجتمعة تزيد عن ثلاثة تريليونات دولار، فإن هذه الشركات التي شملها التقرير مسؤولة عن حوالي ٤٪ من الانبعاثات العالمية: مليارا طن من ثاني أوكسيد الكربون أو ما يعادله كل عام. وقيَم المحللون نزاهة خطة المناخ الخاصة بكل شركة، عبر التأكد من دقة نسبة الانبعاثات المبلغ عنها ذاتياً والأهداف المحددة لخفضها والتقدم المحرز حتى الآن ومدى اعتماد التعهدات على خطط التعويض المشكوك فيها والمعروفة باسم موازنة الكربون.
وقالت المديرة التنفيذية لـ Carbon Market Watch سابين فرانك، «في وقت تحتاج الشركات إلى توضيح تأثيرها على المناخ وتقليص بصمتها الكربونية، يستغل عدد منها تعهدات مبهمة ومضللة لـ «صافـي الصفر» لممارسة غسل أخضر لعلاماتها التجارية مع مواصلة العمل كالمعتاد».
وكانت شركة الشحن العملاقة «ميرسك» الأفضل بين الشركات. مع اعتبار نزاهة استراتيجيتها لإزالة بصمتها الكربونية بحلول ٢٠٤٠ «معقولة» فيها اعتبرت نزاهة الخطط المناخية لثماني شركات عملاقة، من بينها أبل وغوغل ومايكروسوفت، «متواضعة».
ووجد التقرير أن مجموعة «إتش أند إم» التي صنّفت ضمن هذه الفئة أيضاً، لديها أهداف طموحة جداً لخفض الانبعاثات لكن أجزاء من استراتيجيتها الخضراء قد تقوضها. وأوضحت سيلكه مولدييك من New Climate Institute لوكالة فرانس برس أن «خطط الشركة للتحول إلى الكتلة الحيوية وشهادة الطاقة المتجددة في سلسلة التوريد يمكن أن تقوض تلك الأهداف الى شكل كبير».
وترتبط الكتلة الحيوية بإزالة الغابات وانبعاثات ثاني أوكسيد الكربون. وشراء شهادة الطاقة المتجددة «يسمح للشركات بالإبلاغ عن تخفيضات غير حقيقية للانبعاثات» وفقا لدراسة نشرتها «نايتشر كلايمت تشاينج» أخيراً .
من جهتها، رحّبت «إتش أند ام» بالتقرير الجديد وحدّدت الخطوات التي تتخذها من أجل تحقيق «هدف الكهرباء المتجددة بنسبة ١٠٠ في المئة لعملياتنا وعمليات موردينا» لكنها تجاهلت مسألة الكتلة الحيوية وشهادة الطاقة المتجددة. ووجد التقرير أن استراتيجيات ١١ شركة أخرى « منخفضة النزاهة»، فيما صُنّفت خطط أربع شركات هي «أميركان إيرلاينز» و«سامسونغ الكترونيكس» و«كارفور» و«جاي بي إس» «منخفضة النزاهة للغاية».
واعترضت «كارفور» على التصنيف قائلة إن الشركة حددت أهدافاً لخفض الانبعاثات عبر سلسلة القيمة بكاملها. وكانت المجموعة الفرنسية الكبرى الوحيدة لبيع المواد الغذائية بالتجزئة التي كانت على استعداد للتخلي عن الموردين الذين يفتقرون إلى استراتيجيات مناخية الخاصة بهم.