لبنان أضاع فرص الإصلاح..

أعلن تقرير للبنك الدولي، أنه على الرغم من التحذيرات المبكرة أضاع لبنان وقتاً ثميناً، والعديد من الفرص لتبني مسار لإصلاح نظامه الاقتصادي والمالي ولم يشرع لبنان حتى هذا التاريخ وبعد مرور عامين ونصف في تطبيق برنامج شامل للإصلاح والتعافـي يحول دون انزلاق البلاد إلى مزيداً من الغرق وينطوي استمرار التأخير المتعمّد في معالجة أسباب الأزمة على تهديد ليس على المستوى الاجتماعي والاقتصادي فحسب وإنما أيضاً على خطر إخفاق منهجي لمؤسسات الدولة وتعريض السلم الاجتماعي الهش لمزيد من الضغوط.

وقال التقرير الذي أعده مجلس المديرين التنفيذيين لمجموعة البنك الدولي لمراجعة الأداء والدروس المستفادة للشراكة الاستراتيجية للبنان والذي وضعه ساروج كومار جاه المدير الإقليمي لدائرة المشرق في البنك الدولي ووافق عليه المجلس: إن تكاليف التقاعس والتلكؤ هائلة ليس فقط على الحياة اليومية للمواطنين وإنما أيضاً على مستقبل الشعب اللبناني ووضع التقرير فرصة للبنان حتى السنة المالية ٢٠٢٣ لتطبيق الإصلاحات لتعزيز برامج التعافـي الاجتماعي والاقتصادي، التي تشتد الحاجة إليها، وتستهدف الفئات الفقيرة والأكثر هشاشة، ودعم مسار إصلاحات الاقتصاد الكلي والإصلاحات الهيكلية التي أصبحت ضرورية لإنقاذ البلد.

وأشار التقرير إلى أنه وخلال فترة تنفيذ إطار الشراكة، عصف بلبنان عدد من الأزمات المتفاقمة والمتشابكة: أزمة اقتصادية ومالية قاسية وجائحة كورونا (كوفيد-١٩) وانفجار مرفأ بيروت، وأخيراً أزمة أمن غذائي نتيجة للحرب في أوكرانيا فهوى إجمالي الناتج المحلي الاسمي من قرابة ٥٢ مليار دولار في ٢٠١٩ إلى مستوى متوقع بقيمة ٢١،٨ مليار دولار في ٢٠٢١ مسجّلاً انكماشاً نسبته ٥٨،١٪ وواصل سعر الصرف تراجعه الشديد، متسبباً في دخول معدّلات التضخم خانة المئات وقد أدت هذه الأزمات إلى تفاقم المصاعب الاجتماعية التي أثّرت في الأسر الفقيرة والمحتاجة أكثر من غيرها، وزيادة الهوة وعدم المساواة بين الفئات المجتمعية.

وفي ظل التقاعس السياسي، أحدثت الأزمات، التي لم يتم إيجاد الحلول لها، أضراراً طويلة الأمد في الاقتصاد والمجتمع في لبنان: فالخدمات العامة الأساسية تتهاوى، ومعدّلات البطالة تزداد بشكل حاد، ورأس المال البشري يتعرّض لاستنزاف شديد. ويعاني القطاع الخاص من معوقات جسيمة من جراء شلل النظام المالي وقد أفضى انخفاض إنتاجية الشركات ومعدلات توليد الإيرادات إلى انتشار تسريح العمالة وحالات الإفلاس وإذا استمر التقاعس في إصلاح السياسات، فمن المتوقع أن ينكمش إجمالي الناتج المحلي الحقيقي بنسبة ٦،٥٪ في ٢٠٢٢.

واعتبر التقرير، أن المعوقات الرئيسية للتنمية في لبنان التي تم تحديدها في الدراسة لا تزال قائمة.

ولفت التقرير إلى ضرورة أن يسارع لبنان إلى اعتماد خطة ذات صدقية لتعافٍ شامل ومنصف وتسريع وتيرة تنفيذها لتفادي دمار كامل وإيقاف الخسائر التي لا يمكن تعويضها. وأوضح أنه على الرغم من التدهور استطاعت بعض النقاط المؤسسية الإيجابية تحقيق مستوى من الشفافية والمساءلة وكسب ثقة المواطنين مثل مستشفى رفيق الحريري الجامعي، ومنصّة إمباكت، وهي منصّة لتكنولوجيا المعلومات من التفتيش المركزي في لبنان وفي المستقبل سيكون بناء وتعزيز القدرات المؤسسية أمراً حيوياً، ويتطلب استثمارات في الوقت المناسب، وتدريباً ودعماً مالياً لدعم الإدارات العامة معتبراً أنه يلزم بذل جهود كبيرة لحث خطى أجندة إصلاح أنظمة الحوكمة وتتمثل بعض المجالات الرئيسية على هذا الصعيد في إصلاح نظام الشراء العام وإصلاح الإدارة المالية العامة وتعزيز الرقابة المالية.

Comments are closed.