شركات التأمين في خطر…
تواجه صناعة التأمين العالمية التي يقدر حجمها السنوي بنحو ٥ تريليونات دولار «أزمة بقاء» حقيقية خلال العام الجاري وربما السنوات المقبلة بسبب التداعيات السالبة للتغير المناخي الذي رفع من أخطار الفيضانات وانتشار الحرائق في أنحاء العالم وبالتالي رفع من خسائر الصناعة إلى مستويات غير مسبوقة.
وحسب دراسة صادرة عن سلطة التأمينات والمعاشات التابعة للمفوضية الأوروبية، فإن التغير المناخي بات يهدد بقاء صناعة التأمين، حيث تقدر الدراسة إجمالي حجم الممتلكات المؤمّن عليها وباتت عرضة لكوارث التغير المناخي بدول الاتحاد الأوروبي وحده بمبالغ فلكية تصل إلى عشرات التريليونات من الدولارات. وتقدر الدراسة إجمالي حجم الممتلكات المعرضة لكوارث العواصف والفيضانات من المباني والأعمال التجارية ومحتوياتها وما تسببه هذه العواصف من أعطال للعمل بدول الاتحاد الأوروبي بنحو ٤٢،٦ تريليون يورو (نحو ٤٣ تريليون دولار) وإجمالي قيمة المباني والممتلكات المعرضة لأخطار فيضانات الأنهار بنحو ٢٨،٩ تريليون يورو (نحو ٢٩ تريليون دولار) وتلك المعرضة لأخطار الحرائق كذلك بنحو ٢٢،٩ تريليون يورو (نحو ٢٣ تريليون دولار).
وتدعو الدراسة المفوضية الأوروبية وشركات التأمين إلى إيجاد حلول عملية للتعامل مع كوارث التغير المناخي في المستقبل. كما تدعو إلى تعاون الدول مع شركات التأمين لتوعية حاملي رخصة التأمين للأخطار التي تواجهها ممتلكاتهم. وفي مقابل هذه الأخطار الضخمة، يقدر تقرير سابق بمجلة «الإيكو نومست» قيمة رخص التأمين السنوية على المنازل ومحتوياتها بنحو ٢،٤ ترليون دولار في العام ٢٠١٨.
وفي ذات الصدد، يقدر معهد سويس ري، التابع لشركة سويس ري، كبرى شركات التأمين في العالم في تقرير، خسائر شركات التأمين من كوارث الفيضانات خلال النصف الأول من العام الجاري بنحو ٣٥ مليار دولار. وهذه الكلفة تشمل فقط الممتلكات المؤمّن عليها، ولكن إجمالي الخسائر الاقتصادية من الكوارث تقدره الشركة بنحو ٧٢ مليار دولار.
كما أنّ شركات التأمين لم تنته بعد من حساب كلفة خسائر الحرائق التي التهمت الغابات والمنازل والممتلكات الشخصية في أوروبا وغربي الولايات المتحدة في النصف الأول. وشهدت ولاية كاليفورنيا وإسبانيا والبرتغال واليونان حرائق كثيفة خلال الشهر الماضي بسبب ارتفاع درجات الحرارة إلى مستويات غير معهودة في العديد من دول العالم. ويقول مارتن بيرتوغ رئيس وحدة الكوارث الطبيعية في شركة سويس ري: «تأثير التغير المناخي بدأ يظهر بشكل واضح في تزايد حوادث الفيضانات في أستراليا وجنوب أفريقيا وآسيا، وأن هذه الكوارث رفعت من خسائر شركات التأمين في أنحاء العالم». من جانبها تقدر مجلة إنشورنس جورنال إجمالي خسائر شركات التأمين في النصف الأول من العام الجاري بنحو ٣٤ مليار دولار وتقول إنّ هذا الرقم يغطي فقط نحو ٥٠٪ من كلفة خسائر الفيضانات في العالم التي تقدرها بنحو ٦٥ مليار دولار، إذ إنّ العديد من الممتلكات التي تعرضت للدمار في العالم لم يتم التأمين عليها.
وفي ذات الشأن ترى شركة ميونخ ري، أنّ ما رفع من خسائر شركات التأمين خلال النصف الأول من العام الجاري الزلزال الذي ضرب اليابان وتسبب في خسائر لصناعة التأمين بلغت قيمتها ٢،٨ مليار دولار. وتشير «ميونخ ري» في تقريرها الصادر في نهاية تموز/يوليو إلى أنّ خسائر الكوارث الطبيعية في آسيا بلغت ٢٢ مليار دولار من بينها ممتلكات مؤمّن عليها تقدر قيمتها بنحو ٨ مليارات دولار، وذلك خلال النصف الأول من العام. لكن يلاحظ أن معظم دول آسيا الجنوبية والمناطق الفقيرة في الهند غير مشمولة ببيانات خسائر الكوارث لأنه ببساطة التأمين في هذه الدول يشمل الأحياء الغنية في المدن فقط.
وفي أميركا تشير «ميونخ ري» إلى أن خسائر الكوارث الطبيعية بلغت في النصف الأول من العام الجاري ٢٨ مليار دولار من بينها ممتلكات قيمتها ١٩ مليار دولار مؤمَّن عليها. وتعد فيضانات الساحل الصيني من الفيضانات الأكثر كلفة اقتصادية في آسيا، حيث بلغت خسائرها نحو ٨،٧ مليارات دولار. وبلغ إجمالي الخسائر التي تسببت فيها الكوارث الطبيعية خلال النصف الأول التي تتضمن ما تسبب فيه الإنسان مثل الحوادث الصناعية، بقيمة ٧٥ مليار دولار. وبلغت فاتورة شركات التأمين في النصف الأول ٣٨ مليار دولار، من بينها ٣ مليارات دولار خسائر حوادث بشرية والباقي بسبب الكوارث الطبيعية، حسب بيانات «سويس ري».
Comments are closed.