يتحدث السيد سميح سعاده، نائب الرئيس والمدير العام في بنك بيمو عن خدمة حماية مودعي الأموال الطازجة (FRESH MONEY) التي بدأ المصرف في تقديمها وكان سبّاقاً في ذلك، والأهداف المرتجاة منها، مشيراً إلى تكاملها مع الشعار الذي اطلقه المصرف لهذا العام «٢٠٢١ عام الإيمان».
السيد سميح سعاده يتطرق في حديثه إلى التعميم الرقم ١٥٨ وآثاره المحتملة على الإقتصاد الكلّي، داعياً إلى تشكيل حكومة والشروع في مفاوضات مع صندوق النقد الدولي ووضع خطة انقاذية شاملة (…) ومساعدة القطاع المصرفـي على النهوض بدل توجيه سهام الإتهامات له والتجني عليه، موجهاً دعوة لأرباب هذا القطاع «الخاضع لسبات عميق» لإنقاذ نفسه عبر خطة جريئة بحيث يكون سبّاقاً في إعادة الحياة والثقة للوطن.
* باشر بنك بيمو توفير خدمة حماية موديعي الأموال الطازجة (Fresh Money) حتى مبلغ ٥٠ ألف دولار أميركي…
أ- ما هي الأسباب التي دفعتكم لاطلاق هذه الخدمة؟
ب- ما هي توقّعاتكم؟
يعتبر بنك بيمو ش.م.ل أن من واجباته الإستمرار في تقديم الخدمات المصرفية الممكنة عملاً بمسؤوليته تجاه العملاء وحمايةً لإيداعاتهم. وانطلاقاً من هذا المبدأ ونظراً الى الحاجة لإعادة تفعيل الخدمات المصرفية المعتادة والعمل لإعادة بعض من الثقة للعملاء، قمنا بتقديم خدمة حماية مودعي الأموال الطازجة (Fresh Money). إن هدف هذه الخدمة هو التأكيد لمن لديه أموالاً طازجة أنه يستطيع أن يسحبها من “بنك بيمو أوروبا” Bemo Europe في حال عدم إمكانية “بنك بيمو لبنان” Banque Bemo s.a.l من دفع المبلغ عند الإستحقاق نقدًا أو عبر تحويل المبلغ إلى حساب مصرفـي في الخارج. كما وأن الهدف من هذه الخدمة هو الحدّ من تخزين الأموال الطازجة في بيوت العملاء لعلها تعيد بعض الثقة لقطاع مستهدف فَقَد نظرياً مصداقيته. إنها خدمة متقدمة وتساعد من يحتاج إتمام احتياجاته اليومية والعملية، كما تساهم في إيجاد حل لمن لا يستطيع أن يفتح حساباً مصرفياً في الخارج. إضافة إلى ذلك، فإن هذه الإيداعات تساهم بزيادة السيولة للمصرف مما يمكنه من تقديم خدمات مصرفية يحتاج إليها البلد ويتوجب علينا تفعيلها لضمان استمراريتنا في الإستيراد ولإعادة الحياة كحركة مالية وإقتصادية نشطة.
* أطلقتم شعار “٢٠٢١ عام الإيمان” بهدف المساهمة في إعادة لبنان مرة أخرى أقوى مما كان والتغلب على الأزمة. هل تعتقدون أنه بالامكان تحقيق هذا الشعار حالياً؟ وما هي العوامل الواجب توفيرها لإعادة لبنان أقوى مما سبق؟
كما تعلمون لقد أطلق بنك بيمو شعاره لهذا العام “٢٠٢١ عام الإيمان” لكي نُبقى على الأمل في إمكانية التغلب على هذه الأزمة. وما خدمة حماية الأموال الطازجة المذكورة إلا خطوة في هذا الإتجاه إضافة إلى استمراريتنا في التسليف للقطاعات المنتجة، لنُبقي إيماننا في المستقبل وتماشياً مع عملنا كمصرف. إن “عام الإيمان” يعبّر عن إيماننا بقدرات هذا البلد وإمكانياته إذا ما صدقت النوايا، ويهدف الى الحدّ من اليأس والعمل سوياً لتصحيح هذا الوضع الذي نعيشه، والذي يتطلب سلطة موّحدة خلّاقة تؤمن بلبنان وتضع في أولوياتها مستقبله وإنقاذ شعبه من الفقر والعوز. وبالرغم من أن الخيارات السياسية السائدة تعمل على نقيض هذا وتُبقي مصالحها فوق كل شيء ومن دون اي إعتبار للأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي نمرّ بها، فالإيمان كان دائماً السلاح لمجابهة المصاعب والأزمات. فكيف إذا كان الهدف إنقاذ الوطن؟ فهو يعطي الأمل ويحتضن الأحلام ويشجع على العمل لمواجهة الوضع الإقتصادي المأزوم في ظل التدهور الممنهج للخدمات الطبيّة والعلمية والسياحية والثقافية والمصرفية وغيرها، التي طالما كان لبنان فيها مرجعاً يُحتذى به. فالعوامل لإعادة لبنان إلى ما كان عليه أصبحت لازمة ومعروفة ألا وهي تشكيل حكومة ذات صدقية لا ريب فيها لوضع رؤية واضحة لمستقبل لبنان وإطلاق الإصلاحات والعمل على مؤتمر دولي يترافق مع الإلتزام ببرنامج صندوق النقد للتأكيد على جدية الإصلاحات المالية والاقتصادية المطلوبة. كما وندعو إلى إعادة هيكلة القطاع العام وإنشاء صندوق سيادي لدعم الإستثمارات وتنظيم ثروات الدولة اللبنانية لإعادة البناء وانطلاقة الإقتصاد. وإذا ما حدث هذا قد يتبعها تفعيل مؤتمر سيدر أو ما شابه وإستثمارات أخرى من الدول الشقيقة ولبنانيي الإغتراب في الإقتصاد الوطني.
فإيماننا بالمستقبل والتغيير الملزم يساعدنا على الإستمرارية ويؤسس لنجاحنا في خطواتنا وتطلعاتنا، إذ أن سيناريو المراوحة واللاإصلاح يجب أن ينتهي لأن الفوضى المطلقة وخسارة ما تبقى ستكون نتائجه كارثية على جميع اللبنانيين.
* ما رأيكم بالتعميم الصادر عن مصرف لبنان والقاضي بإعادة ٤٠٠$ كأموال طازجة (Fresh Money) و٤٠٠$ على أساس سعر منصة صيرفة لحساب المودعين المكونة قبل ١٩ تشرين الأول/أكتوبر ٢٠١٩؟ هل تعتقدون أن مثل هذه المبادرات كفيلة بإعادة الثقة المفقودة بين المواطن اللبناني والمصارف؟ وما السبيل لتعزيزها؟
أما بخصوص تعميم مصرف لبنان رقم ١٥٨ والذي أعتبره شخصياً مبادرة جيدة لكن بوجهها الكثير من العقبات. فهل تستطيع المصارف تأمين السيولة الكافية بالعملات الأجنبية على المدى الطويل؟ وما هي الآثار التضخمية من جراء تحويل قسم كبير من الأموال بالليرة اللبنانية؟ فيجب الحذر من الآثار التضخمية نظراً لدفع جزء من الأموال بالليرة اللبنانية. فإن النقد المتداول تجاوز ٣٧ ألف مليار وهو أربعة أضعاف حجمه عند بدء الأزمة والدفع بالليرة اللبنانية سيزيد من حجم النقد مما يساهم في تضخم وتفلّت سعر الصرف إذا لم نعمل بسرعة على ايجاد الحل واحتواء الأوضاع الاقتصادية المتدهورة. مما لا شك فيه أن هذه الخطوة تساعد أصحاب الودائع المتوسطة في هذه الأزمة التي لا ترحم، ولكنها تبقى خطوة يتيمة إن لم تُرفق ببرنامج إصلاحي واضح كما قلنا وإعادة هيكلة منتظمة وتطبيق الحوكمة الرشيدة.
فبعد أن قام المصرف المركزي بحل مشكلة ما يزيد عن مليون حساب من المودعين (أي الحسابات التي لا يزيد رصيدها عن ٣،٠٠٠ د.أ.) بموجب تعميم ١٥١، يقوم الآن بخطوة أخرى لتحرير أموال قسم كبير آخر من المودعين بموجب هذا التعميم الجديد. فالتعميم رقم ١٥٨ قد يعطي مساحة تنفس ويؤدي إلى تأمين السيولة الكافية بالعملات الأجنبية لما يقارب ٨٠٠ ألف مودع. ولكن ما العبرة في تسييل مدخرات هذه العائلات إن لم نجد لهم شروط الحياة الكريمة وإمكانية إيجاد فرص العمل للإستمرار في بناء مدخراتهم؟ قد تكون خطوة لتخفيف عدد الناقمين وتحييدهم عن المشكلة ولكنها ليست بالحل الشافـي والكامل.
إن العمل المشترك والتعاون وعدم التفرد بالقرارات بين مجمل القيمين على هذه السياسات يجب أن يكون الهدف، لعلّه يعيد الثقة المفقودة من المجتمع اللبناني أولاً والمجتمع الدولي ثانياً. إن الصدقية والجدية في العمل لإنقاذ هذا الوطن يبدأ بإعادة الإعتبار والمساعدة على إنقاذ النظام النقدي والمصرفـي. إن الدول المتقدمة (ومنها الولايات المتحدة في أزمة عام ٢٠٠٨) عندما واجهت أوضاع إقتصادية مصرفية مماثلة كانت أولويتها مساعدة القطاع المصرفـي ومده بالسيولة اللازمة لكي لا يفقد الثقة وتستمر الدورة الاقتصادية. ولكن في لبنان كانت السياسات على نقيض ذلك، فبدلًا من العمل المشترك لحل الأزمة ومد يدّ المساعدة لإنقاذ النظام النقدي والمصرفـي، يستمر قسم من أصحاب السلطة بالعمل على الإتهام والتجني على هذا القطاع، والذي للأسف يخضع لسبات عميق بدل أن يقدم بجرأة على إنقاذ نفسه ويكون القطاع السبّاق في إعادة الحياة والثقة للوطن.
إن خطورة الأزمة الإقتصادية والمالية وأخيراً المعيشية، لا تسمح بإعطاء الوقت لترف الإختلاف وتقاسم السلطة ومنطق المطالب والمكتسبات بدل منطق التعاون والإداء بكفاءة وفعالية مقروناً بإعادة لبنان إلى الإحتضان الدولي والعربي. إننا نعيش أزمة نظام، فيجب الإتفاق على أيّ لبنان نريد ونعمل مجتمعين لإنقاذ وطننا وتعزيز قدراتنا، علنا نستطيع أن نضع حداً للتدهور القائم وهجرة الأدمغة وأبنائنا الأعزاء والذي يشكل الخطر الأساس للمستقبل. علينا الإيمان بوطننا والعمل لخلاصه من هذا التخبط الذي نعيشه، ونعمل لشعار واحد ألا وهو “مصلحة لبنان واللبنانيين” وأكرر ما أقوله دائماً “الجميع مسؤول” ويبقى إيماننا كبير بأهلنا المخلصين والوطن.
Comments are closed.