د. مازن ابو شقرا

قطاع التأمين في آفاق جديدة

«Exploration is wired into our brains. If we can see the horizon, we want to know what’s beyond”.

«الاستكشاف متصل بأدمغتنا. إذا استطعنا رؤية الأفق، نريد أن نعرف ما هو أبعد من ذلك»، هذا القول لباز ألدرين يوجز لنا ما يسعى الدكتور مازن ابو شقرا، المدير الاقليمي لشركة Gen Re في الشرق الأوسط وشمال افريقيا، لإيضاحه في حديثه عن الفرص الرؤيوية التقنية التي اتاحتها جائحة كورونا واغتنمها قطاع التأمين لتوسيع أفق اعماله وشراكاته. تلك الافق قد تتبدّل مع الحرب المعاصرة التي يعيشها حالياً العالم الغربي فتولّد تحدياتٍ مستجدة مستدعيةً تدابير إحترازية جديدة ومتطورة متابعة للحدث.

لا شك اننا نعيش في عصر السرعة وهذا ما أكّده الدكتور مازن ابو شقرا حيث أنّ عامل الوقت يلعب دوراً اساسياً، لذلك يثني على اهمية السير في الخطط والمشاركات بما يبني من الحاضر مستقبلاً معزّزاً بتبادل الخبرات والأعمال عبر مؤتمرات بما فيها مؤتمر العقبة الثامن المتميّز الذي قد يكون بوابة من أهم بوابات العبور نحو الأفضل والابتكار المستدام.

* مع انحسار جائحة كوفيد-١٩عادت الروح الى المؤتمرات واللقاءات التأمينية، ومنها مؤتمر العقبة الدولي. ما تعليقكم؟

مع انحسار الجائحة بدأت الحياة تعود لما كانت عليه سابقاً وعادت بالتالي اللقاءات والمؤتمرات في دبي والخليج وبلدان عربية عدة من ضمنها شرم الشيخ، قرطاج، الدار البيضاء والعقبة، لتبعث الروح في نفوسنا وفي الأعمال مجدداً. مؤتمر العقبة هو احد تلك المؤتمرات الهامة الذي يلاقي نجاحاً بارزاً شاملاً على صعيد المنطقة في الأعوام الأخيرة، لا سيما وانّه يحرز تقدّماً ملحوظاً على مستوى المحاضرات والتنوع الشامل والعناوين والمشاركين عدداً ونوعية. استطاع هذا المؤتمر ان يحجز مكاناً له في قائمة اهم المؤتمرات في السوق التأميني على مستوى دولي بجهود طاقم عمله الدؤوب وإدارته المثابرة دون انقطاع هادفةً لإنجاحه، يبدو ذلك جلياً من خلال حرص الاتحاد الأردني واعضائه على رفع مستوى المؤتمر الى اعلى درجات الحرفية وجعله منبراً لصناع التأمين من خلال التطرق الى مواضيع الساعة وغيرها. انطلاقاً من كل هذه المعطيات نصرّ على المشاركة في مؤتمر العقبة، ونترقّب ونتطلع اليوم ايضاً الى المؤتمر العام ال۳۳ للاتحاد العام العربي للتأمين بعد غيابٍ قسري لمدة عامين الذي يضع أيضاً معايير جديدة للنجاح والتطور.

* هل تعتقدون ان قطاع التأمين العربي قد نجح في مواجهة التحديات الناجمة عن جائحة كوفيد-١٩ بكل أبعادها؟ وما تأثيرات ذلك على واقعه ومستقبله؟

نجح قطاع التأمين العربي بشكلٍ عام في مواجهة التحديات الناجمة عن كورونا، اذ اننا لم نشهد توقّفاً للأعمال في العالم العربي، لا بل اننا لمسنا بعض النمو والتطوّر ليس فقط على الصعيد التقني انما ايضاً على الصعيد الرؤيوي، حيث اضحت بعض الشركات تعالج الأمور من منظورٍ جديد، وحيث ضخت بعضها الأموال لا سيما تلك التي تتمتع بالملاءة الكافية بالاضافة الى الإستثمار في العالم الرقمي.

جائحة كورونا كانت حافزاً للابتعاد عن التقليدية فسرّعت في تبنّي التطوّرالتكنولوجي والرقمي في قطاع التأمين الذي يُعدّ تقليدياً الى حدٍ بعيد، كما انّها حثّته الى الاستعانة بأنظمة مستحدثة تطال طرق التعاطي مع العملاء والتسعير والتوزيع. هذه السرعة في الوصول الى المؤمَن بطريقة علميّة وأقلّ كلفة تعطي القطاع دينامكية اكبر وشمولية أبرز.

جائحة كورونا أنهكت بعض الشركات ولكنها في الوقت عينه اعطتها نوعاً من الحصانة، فتلك التي اتخذت من الحصانة ما يكفي ستقوى في المستقبل على الاستمرار والمنافسة والتمتع بأبعاد جديدة لمنتجاتها وخدماتها وقدرتها على المنافسة في المدى البعيد.

* ما هي برأيكم أبرز التحديات المستقبلية التي تواجه قطاع التأمين العربي في ظل التغيرات السياسية والاقتصادية العامة التي تشهدها المنطقة خصوصاً والعالم عموماً؟

رغم النجاح الذي حققه القطاع لا يزال هناك العديد من التحديات، لا سيما في ما خص اسعار السلع والبترول والدخل المتاح للأفراد والشركات التي تلاقي مواجهات اقتصادية تضخمية جسيمة، غير ان تلك الشركات المحصنة والتي استطاعت من النمو والمنافسة في خضم الجائحة ستكون مؤهلة للمثابرة في التطور والنجاح.

من أهم التحديات التي تواجهنا في المنطقة هي مواكبة القوننة في قطاع التأمين في مضار التقدم التكنولوجي، بحيث يجب مواكبة التقدم بفعالية وديناميكية أكثر لا سيما في إطار شفافية المعلومات والبيانات الموثوقة ودقتها وشموليتها.

بالاضافة لتلك التحديات، نواجه اليوم الحرب المعلنة بين روسيا وأوكرانيا التي ادت الى نزع الغطاء عن امور كثيرة كانت خفية كتصدير اوكرانيا للقمح والزيت وارتفاع أسعار الوقود والغاز، مما ادى الى بعثرة الأوراق في الاقتصاد العالمي وبالتالي الاقتصاد العربي وإعادة رسم خرائط جديدة جيوسياسية. فهذه الحرب إذاً ولّدت مواجهاتٍ وعقبات جديدة.

نعيش اليوم حالة مدٍ وجزر لا سيما مع تعاقب الأخبار وتواليها الذي يضاعف ويُفاقم حالة عدم الاستقرار التي كانت موجودة خلال الجائحة، اذ لم تلبث شركات التأمين ان تنزع غبار كوفيد-١٩ حتى دخلت في نفق جديد لا تعلم أفقه الجيو سياسية، خاصةً وانّه يؤثّر سلباً على قدرتها التنافسية ويستدعي منها زيادة اصولها البشرية والتقنية والخدماتية المتنوعة. من هذا المنطلق، قد نشهد عمليات استحواذ واندماج متفرقة في العالم العربي في الفترة المقبلة، مما يولّد شركات اكثر صلابة مهّيئة للمنافسة على مستوى عالمي.

اضافةً الى هذا التغيير، تشهد بلدان العالم اجمع حالة من اعادة تموضع اقليمي او محلي مما يدفع هذه البلدان الى وضع خطط وقائية ضد التقلّب الاقتصادي والتمكن من الجهوزية من خلال دراسة أعمق في الإستراتجيات والتموضع.

* ما الأسباب التي دفعتكم للمشاركة في مؤتمر العقبة الدولي الثامن للتأمين؟

نعيش اليوم في عالم السرعة التي تزداد كلما مررنا بعقبة، مؤتمر العقبة الثامن يتزامن مع خروج العالم من جائحة كورونا ودخوله في حرب نعرف كيف بدأت ونجهل متى ستنجلي، لذلك قد يكون هذا المؤتمر تمهيداً للمؤتمر العام الـ۳۳ للاتحاد العام العربي للتأمين الذي نتطلع اليه. نشارك دوماً في مؤتمر العقبة الذي يشكّل منصّة لتبادل الآراء وقيمة مضافة لقطاع التأمين كماً ونوعاً لما يضمّه من مشاركين واقتدار مهني وادارة متمرسة. نأمل ان نتمكن من تطبيق نقاط العمل التي سنكتسبها في المستقبل القريب والمشاركة في صنع الحدث.

Comments are closed.