د. مازن أبو شقرا
عالم التأمين... مزايا مختلفة بعد جائحة كورونا
هناك نقطة تحولية نقف عند عتبتها للانطلاق في مسيرٍة مغايرة. كانت جائحة كورونا تلك النقطة التي قسمت واقع قطاع التأمين برأي الدكتور مازن أبو شقرا، العضو المنتدب لشركة Gen Re – فرع الحياة والصحة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، الى مرحلة ما قبل وما بعد الجائحة، حيث اتّخذ قطاع التأمين شكلاً مغايراً في المنطقة لا سيما في خضم التحولات الجيوسياسية والمناخية التي قادته الى آلياٍت مختلفة صبّت في مصلحته في مجالاٍت معينة.
بعد فترٍة من الاستقرار الذي فرضته الجائحة، عادت GenRe لنشاطها واندفاعها في تطوير منتجاٍت جديدة لجيل شبابي عربي معاصر قابل لتبنّي التكنولوجيا الرقمية والبناء عليها لمستقبل تأمينيٍ واعد.
* ما تقييمكم لواقع قطاع التأمين في العالم العربي وشمال أفريقيا في العام المنصرم؟ وما هي المستجدات التي تخللته؟
ما إن بدأ العالم يستعيد عافيته من تداعيات جائحة كورونا، حتى استفاق على أزمات جديدة كان أولها زلزال تركيا، واستتبع بزلازل بما فيها زلزال المغرب. واكبت هذه الكوارث مسألة التضخم المرتفع، وهي إحدى آثار جائحة كورونا، غير أنه من الممكن للقطاع إدارة هذا التضخم من خلال آلية التسعير وتشدّد السوق وفقاً لكل مجال تأمين. ناهيك عن تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، وقد أثر التضخم سلباً على اقتصاد بعض البلدان العربية توازياً مع التوتر السياسي. في منحى آخر شهدت بعض البلدان العربية لا سيما دول مجلس التعاون الخليجي المصدرة للنفط نمواً لافتاً جراء ارتفاع سعر النفط الأمر الذي ساعد في ضخ رأس المال في القطاع الاقتصادي. هذه التطورات ساهمت في تكوين “عمالقة الشرق الأوسط” أبرزها حين استحوذت شركة Adnic مثلاً حصة في شركة رائدة في المملكة السعودية وكذلك شركة GIG التي تشهد نمواً مهماً وغيرها من الاستحواذات داخل المملكة وخارجها.
إن أردنا تلخيص حصيلة كل تلك الأحداث، لوجدنا أن الانعكاسات الايجابية تفوق الانعكاسات السلبية على قطاع التأمين وإنما بشكل نسبي. ولاحظنا دخول لاعبين جدد ذوي كفاءة في السوق، ولكن على نطاق محلي، بدلاً من الشركات العالمية التي خرجت بعض منها. إن معادلة تشدد السوق مضاف الى تواجد الشركات العملاقة المحلية تحقق نتائج ايجابية لاسيما لناحية الكوادر والموارد البشرية، حيث إزداد عدد من الخبراء المحليين استلام زمام القيادة وانطلاقاً من أن البلدان العربية بمعظمها من الجيل الشاب المتبلي للكتنولوجيا الرقمية فهذا يتيح الفرص لقطاع التأمين من التوجه الى هذا الجيل الذي يستهدفه في الأساس. كنت قد قمت باستطلاع للرأي حول درجة قبول التحول الرقمي، أظهر أن عدداً كبيراً من الشركات في الوطن العربي تسعى لتلبيه ملاحظة معرف منظمة العفو الدولية DW Lr. وقد بدأت ٢٠٪ من هذه الشركات رحلة التحول الرقمي هذه، ويكون العالم العربي قد تفوق بهذه العملية الى حد ما على البلدان الأجنبية المتقدمة بدلاً من اتباعها. استناداً لذلك، نجحت عدة شركات تكنولوجيا التأمين في اثبات مكانة مهمة في هذا المجال. اعتقد البعض أن تكنولوجيا التأمين ستحل مكان بعض شركات التأمين ولكنها في الواقع تكملها. اختلفت صناعة التأمين الحديثة عما كانت عليه سابقاً، فبات بإمكاننا، من خلال المنتجات التأمينية المعاصرة التي تتمتع بمزايا مغايرة، جذب العملاء بطريقة غير مباشرة عوض طرح فكرة البيع عليهم بطريقة علنية شرعت شركات التأمين بالاستثمار في قطاع التكنولوجيا بعدما كانت هذه الاستثمارات خجولة وقد بدا ذلك جلياً في مصر والسعودية والامارات والكويت وغيرها. لدى هذه الشركات الدافع للمنافسة في هذا الحقل مما ولد تزاحماً ايجابياً بينها. تجدر الإشارة إلى أن المشاكل الجيوسياسية في العالم العربي وآخرها الحرب في غزة قد تثير الترقب في نفوس بعض المستثمرين في قطاع التأمين. لكننا نأمل أن تكون بداية العام ٢٠٢٤ انطلاقة لاستقرار وأمان في المنطقة.
* ما هي أبرز انجازات الشركة في المنطقة خلال العام ٢٠٢٣؟
لا شك أن جائحة كورونا أعادتنا خطوة الى الوراء بالنسبة لقدرتنا على تطوير ذاتنا ومنتجاتنا. عادة ما ينافـي معيدو التأمين في الأسعار، غير أن شركات الاعادة الموثوقة، لا تنافس فقط في السعر وإنما أيضاً في الخدمة والمنتجات المبتكرة. من هذا المنطلق، نعمل كشركة على تطوير أعمالنا لهذه الجهة، وبعد مضي فترة ما بعد جائحة كورونا استعدنا انطلاقنا في هذا الاتجاه. نحن في صدد إصدار منتج جديد تحولي بدأ يلقى صداء الايجابي لدى العملاء، وسيكون بمثابة مرحلة جديدة لنا. سنضع هذا المنتج في تصرف ادارة بعض الشركات الرائدة التي ستعمل على تسويقه وتبنيه.
* ما هي طبيعة هذا المنتج الجديد؟
ينص هذا المنتج على استخدام تطبيقات الهواتف المعتمدة على نظامي الـ Android والـ IOS للاكتتاب للفئات المتوسطة، بحيث يزودها بكافة البيانات ويوفر لها خدمة اصدار البوليصة في نقطة البيع دون اللجوء الى موقع الشركة. سنطور ونحدث هذا المنتج دون الحاجة الى اعادة إنشائه من الصفر، كما أننا نعمل على جذب العميل من خلال تقديم مزايا إضافية في البوالص الجديدة والتي تضمن له مستقبلاً آمناً لا سيما في قطاعي الحياة والصحة عبر استحداث كل ما يتعلق بالصحة النفسية والسلوك وغيرها، مما يولد علاقة مستمرة بين المؤمّن والمؤمّن عليه الذي تختلف الخصائص المقدمة له وفق الاجتماعية والصحية.
Comments are closed.