بيار فرعون

توسعنا الإقليمي أعطى ثماره ونأمل المزيد في ٢٠٢٤

الحديث مع السيد بيار فرعون لا يمكن حصره في مكان او زمان، ليس لانه شاب طموح ويملك قدرة على تنفيذ ما يختزن من افكار، وانما لانه يدير شركة، هي ليبانو سويس التي بسطت جناحيها في لبنان وخارجه، على امتداد الوطن العربي، الخليجي على وجه التحديد، مسجلة، سنة بعد سنة، ارقاماً مطردة في النمو والارباح.

واذا كان المستقبل يُبنى على الماضي، فان بيار فرعون في قراءته احداث عام ٢٠٢٣، لا تجلعه متشائماً بل متطلعاً بتفاؤل الى ٢٠٢٤ التي يراها سنة تحمل معها مرحلة جديدة من التقدّم والتطوّر على كافة الصعد بفضل المنجزات التكنولوجية التي باتت أرضية صلبة لبناء الاقتصاد عليها، وتالياً على الذكاء الإصطناعي الذي اصبح يغزو العالم ويحقّق انجازات ما كانت يوماً تخطر على البال.

بيار فرعون في هذا الحديث أعطى صورة زاهية عن التأمين الذي بات حاجة ضرورية لا يمكن تجاهلها، مستنداً الى واقع لبناني استطاع رغم تراكم مآسيه، ان ينهض وكان مؤملاً ان ينهض أكثر. أما قطاع التأمين رغم كل شي، وهو رافد من الاقتصاد، فلا تزال شركاته تنبض حيوية، وأكبر دليل ما تسعى ليبانو سويس الى إنجازه في ٢٠٢٤…

فإلى الحوار…

 

ما هي أبرز التغيّرات التي طرأت على قطاع التأمين في العام ٢٠٢٣ وفي العالم؟

لعلّ أبرز العوامل التي ظهرت بوضوح خلال العام الماضي، كان التضخّم الاقتصادي الذي طاول فرع التأمين الصحّي والأمر نفسه انسحب الى فرعي المركبات والممتلكات. ولا بدّ من التنويه بالرقمنة التي ساهمت في تلبية حاجات العملاء بمرونة وسرعة في التعامل وإنهاء المطالبات. لقد حسّنت الرقمنة وسرّعت كذلك الإكتتاب واصدار الوثائق والتسويق. وفي مقابل هذا التطور الحاصل، أدّى التغيّر المناخي الى ارتباك في أوساط شركات الإعادة بسبب التكلفة الإضافية الناتجة عن الزلازل والفياضانات والتسونامي وسواها. والى ذلك، هناك أيضاً مشكلة إضافية تسببت بها القرصنة السيبرانية التي ولدت مع التطوّر التكنولوجي الباهر. لكن هذا الوضع المربك، نتجت عنه وثائق جديدة استفادت منها قطاعات مالية واستشفائية وجامعية.

كيف تقيّمون وضع الاقتصاد اللبناني وعمله في ظل الأوضاع السياسية والعسكرية المتدهورة؟ وماذا عن قطاع التأمين أيضاً؟

كان العام ٢٠١٩ عاماً مفصلياً أدى الى تراجع الاقتصاد في لبنان وتأثيرات هذا التراجع لا تزال قائمة حتى اليوم. غير أنّ القطاع الخاص بغالبيته، وباستثناء بعض القطاعات التي عانت بسبب التدهور، استطاع الصمود وذلك لأسبابٍ مختلفة، وأهمّها الأموال الطائلة التي تدخل الى البلد تحديداً من المغتربين والتي يتعدى رقمها حسب الإحصاءات ٨ مليارات دولار، مع الإشارة هنا الى أن هذا المبلغ ازداد نتيجة الهجرة المتزايدة الى دول الخليج العربي والعالم بسبب الأزمة الاقتصادية وتدني سعر صرف الليرة، مما ساعدها في مساندة الاقتصاد اللبناني عبر تحويل الكثير من الأموال.

قطاع التأمين بات الملجأ الآمن للمواطن اللبناني بعد غياب دور الهيئات الضامنة وأهمها مؤسسة الضمان الاجتماعي في ظلّ الوضع الاقتصادي المتراجع. عقب ذلك، برز قطاع التأمين داعماً وحامياً للمواطنين، وقد بقيت نسبة الاحتفاظ لدى شركات التأمين مقبولة نسبياً، لا سيما وأن المؤمّن له يتمتّع بثقافة تأمينية جيدة تدفعه للإبقاء على تأميناته في شتى المجالات بما فيها المركبات والصحة والممتلكات، الأمر الذي يُبقي قطاع التأمين على مقربة من الأرقام المُحقّقة منذ عشر سنوات باستثناء تأمينات الحياة التي شهدت تراجعاً في أقساطها.

رغم متانة القطاع الخاص المساهم في صمود الاقتصاد اللبناني، قد تقضي مشروع موازنة العام ٢٠٢٤ على هذا القطاع إن أُقرّت. ما تعليقكم؟

لا أؤيد النهج التفكيري الذي تسير به الأمور في هذا الاطار، فالضرائب المضاعفة ستُرهق الاقتصاد وتُضاعف تراجعه، فيما أنه من المفترض اتخاذ تدابير معاكسة لتنشيط الاقتصاد وزيادة القدرة الشرائية وتحريك العجلة الاقتصادية. فعوض القيام بما يسمّى بسياسة الاسترداد واعادة النشاط، تلجأ الحكومة الى التضييق على الشركات الخاصة المنتجة التي تحرّك العجلة الاقتصادية، الأمر الذي يؤدي الى “فرملة” الاقتصاد. القاعدة المعمول بها خاطئة وكذلك المنطق الذي يتمّ تبنّيه، فالضرائب ليست الحلّ السليم لزيادة مداخيل الدولة وسيتّم بالتالي القضاء على الانطلاقة الجديدة للاقتصاد اللبناني التي بشّرت بالخير منذ عامٍ بعد ان شعرنا ببعض الاستقرار الذي دفع أصحاب الأموال للتفكير بالاستثمار بمشاريعٍ جديدة، غير أن القرارات والتدابير لا تشجّع على تطبيقها.

* الأرقام الجيدة التي يحقّقها قطاع التأمين مُسندة بمعظمها للتأمين الصحي. أتعتقدون أنّ هذا مؤشّر صحي للقطاع؟

لا شك إن فرع التأمين الصحّي ازدادت أعداد بوالصه بنسبة عالية جرّاء غياب الأجهزة الضامنة مثل الضمان الاجتماعي وتعاونية الموظفين. ولكن من جهة ثانية، هناك استمرارية ايضاً في مجال التأمين على الممتلكات والمركبات. أما بالنسبة للتأمينات على الحياة، فيشهد هذا الفرع تراجع في أقساطه وأرباحه، ولكن من ناحيتنا كشركة، نحن نكتتب بحذر، وسنجدّد سعينا الى تعزيز هذا الفرع بإطلاق منتج “رابط الوحدة Unit Linked. ويقوم هذا المنتج على مبدأ الشرح للعميل على كيفية استثمار أمواله داخل لبنان وخارجه، وعن كيفية الاستفادة من استثماراته من خلال تحقيق الفوائد. أما حالياً، فقد لا تعود الأمور الى سابق عهدها كلياً، خاصةً في ظلّ الوضع الاقتصادي المُتعب الذي يدفع المضمونون الى تخفيض تصنيفات تأميناتهم واللجوء الى التأمينات البديلة الأقل تكلفة، ولم تكن ليبانو سويس بعيدة عن هذا التوجه.

هل تعتقدون أن ثقة المواطن عادت الى شركات التأمين؟

استطاعت ليبانو سويس المحافظة على ثقة عملائها منذ أكثر من ٦٥ عاماً، خاصة في قضية انفجار مرفأ بيروت التي اختتمنا أعمالها التأمينية منذ فترة طويلة، وكذلك في تغطيات فرعي الصحة والمركبات المرتبطة بهذا الحادث. كما أننا حافظنا على نسب عالية من تجديدات البوالص. صحيح أن القدرة الشرائية للمواطنين تدنّت والتضخّم الى ارتفاع ما يعيق إقتناء البوالص، لكن التأمين والاقتصاد مرتبطان بشدة، بحيث كلما تدهور الوضع الاقتصادي برزت الحاجة الأكبر الى التأمين في كافة المجالات. فمن باب المثال، يلجأ المواطن الى التأمين على منزله الذي لا يمكنه تعويضه إن فقده، وعلى صحته تفادياً لدفع المبالغ الطائلة في حالة الأمراض المستعصية وكذلك الأمر في المركبات المؤمّنة تفادياً للخسائر جرّاء الحوادث الضخمة. ومن هنا نشهد على ثقة متجددة للمواطن بشركات تأمين أثبتت مهنية وحرفية في التعاطي مع الأزمات المتتالية.

طُرح منذ فترة موضوع تسليم تأمينات شركة طيران الشرق الأوسط الى الشركات اللبنانية. هل من الممكن بنظركم لهذه الشركات استيعاب تأمينات شركة الطيران؟

هذه التأمينات لم تكن تحصل عبر سوق التأمين اللبناني بل كان التعامل يتمّ مع شركات إعادة عالمية. إن اسطول شركة طيران الشرق الأوسط ضخم وكبير جداً مقارنة مع قدرات شركات التأمين المحليّة، لذلك من الصعب تحمّل تأميناتها ومخاطرها بمفردها دون اللجوء الى شركات اعادة تأمين، وإن وردت فكرة إنشاء مجمّع تأميني خاص. في مطلق الأحوال، نحن مستعدون كشركات لمناقشة العروض التي يمكن أن تعرضها الميدل ايست..

تقوم لجنة مراقبة هيئات الضمان بتدابيرٍ واجراءات عديدة في الشؤون التأمينية لا سيما لناحية تعويضات انفجار المرفأ. ما رأيكم بتحركات اللجنة؟

نحن على تواصل دائم مع أعضاء اللجنة التي تتابع انشطتها بحرفية وجدّية بدليل سهرها على شركات التأمين والاضطلاع بشكل مستمر على شؤون الشركات وشجونها. من جهتنا، تعاونا دائماً مع لجنة مراقبة هيئات الضمان ومستمرون بهذا التعاون.

كيف استطاعت شركة ليبانو سويس المحافظة على ثقة عملائها في لبنان وتلبية حاجاتهم الجديدة المرتبطة بتقلّص القدرة الشرائية عبر منتجاتٍ مستحدثة؟

مع بروز الحاجة الكبيرة الى التأمين الصحي وارتفاع الطلب عليه، أطلقنا برامج ومنتجات مبتكرة مثل منتج “Protect“، آخذين بعين الاعتبار تدنّي القدرة الشرائية للمواطنين وتأمينهم بصورة جيدة. كذلك الأمر بالنسبة لتأمين المركبات، حيث قمنا بتخفيض أسعار الوثائق لمواكبة الوضع الاقتصادي السائد وقدمنا بعض المنتجات الجديدة. كما أننا نعمل على تحسين المنتجات في مجال تأمين الممتلكات.

ماذا عن وضع الشركة خارج لبنان؟

وضع الشركة في الخارج ممتاز، ففي قطر، هذا السوق الذي يشهد تنافساً مهمّاً، تشهد الشركة نمواً كبيراً وانجازاتٍ مهمّة بالتزامن مع تعيين مدير عامٍ جديد هو السيد حليم أبو حرب الذي يتولى المهمّة بكفاءة ومتابعة. ففي الفصل الأول من السنة الماضية، أصبح التأمين الصحي الإلزامي للزائرين الى قطر متاحاً عبر موقعنا الإلكتروني وكذلك عبر موقع وزارة الصحة العامة في قطر. أما بالنسبة الى مشروع إلزامية التأمين الصحي للمقيمين، فنحن على حالة جهوزية لمواكبة التنفيذ المرتقب في الفصل الأول من ٢٠٢٤. أما في مصر، ورغم الحالة الاقتصادية الراهنة، فإن وضع الشركة مستقر والنمو متواصل مع وكالاتها التي تتراوح بين ١٠٠ الى ١٥٠ وكالة، مما يعزز توسعها أكثر. وعلى نطاق السعودية، ليبانو سويس هي أحد شركاء شركة Amana التي عيّنت السيد رشيد أبي نادر مديراً تنفيذياً بعدما كان الرئيس التنفيذي للاستراتيجية في شركتنا التي حوّلت بعض الخسائر في Amana الى أرباح عالية. أما في دبي فلدينا شركة وساطة متطورة تسلّمت حسابات كبيرة ومهمّة، وفي الاردن نستمر بجهودنا مع شركة دلتا للتأمين المتنامية. كنا قد أسسنا في العراق شركة بدأت أعمالها الفعلية بتنويع منتجاتها، ونقوم كذلك بالتركيز على السوق الكويتي.

هل من نيّة للدخول مجدداً الى سوق التأمين الأفريقي؟

تقوم منهجية الشركة على دراسة جميع فرص الآفاق الموجودة، وينصّب تركيزنا الأكبر اليوم على أعمالنا المتنامية في الأسواق الثمانية، حيث نتواجد والتي تحوي على قدراتٍ كبيرة والجدير بالذكر، افتتاح فرعنا في العراق في العام ٢٠٢٢ عندما توافرت الفرصة وبعدما التمسنا جدية بعض المستثمرين. أما بالنسبة الى السوق الأفريقي تحديداً، فنحن نعمل حالياً من خلال ليبانو سويس تكافل الموجودة في القاهرة. وكمجموعة، نعمل على الاستثمار بكثافة في الموارد البشرية والحلول الرقمية في جميع فروعنا محلياً وإقليمياً.

أتعملون على “اقتناص” اي فرصة استحواذٍ في لبنان إن وُجدت؟

نحن منفتحون لأي فكرة توسّع أو استحواذٍ تضيف قيمةً على شركتنا، وكانت قد أُتيحت لنا هذه الفرصة في عدة بلدان مثل لبنان ومصر والسعودية، حيث نشترك مع شركة Amana. لكن في الوضع الراهن ما من طرحٍ جدي في اطار الاستحواذات.

 

 

 

 

 

 

Comments are closed, but trackbacks and pingbacks are open.