اقتصادات العالم بين تعزيز العلاقات وتراجع الجائحة

بقلم: مارون مسلّم

«نحتاج معاً الى مواجهة المخاطر التي تهدّد مبادئ الانفتاح والمنافسة والشفافية والخضوع للمحاسبة… هذه التحديات تشمل الممارسات الاقتصادية غير العادلة والسلوك الشرير وانتهاك حقوق الانسان في الصين، والانتهاكات المستمرة من نظام حكم الرئيس لوكاشينكو في بيلاروسيا، والسلوك الشرير المتنامي والمستمر لروسيا».

كلام وزيرة الخزانة الاميركية، جانيت يلين، في مقر الاتحاد الاوروبي اكدّ اعتزام الرئيس الاميركي جو بايدن تعزيز العلاقات بين جانبين المحيط الاطلسي بعد تدهورها في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب الذي كان قد دخل في مواجهة عنيفة مع الصين حول القضايا الاقتصادية، لكنه صعّد النزاعات التجارية مع الاتحاد الاوروبي وقلّل من أهمية ملف حقوق الانسان.

المفوضية الاوروبية ردّت التحية بمثلها، اذ اعلنت عن تجميد خطط فرض رسوم على الخدمات الرقمية وشركات التكنولوجيا العملاقة للتركيز على الانفاق العالمي الاوسع الخاص بفرض حد ادنى للضريبة على الشركات متعددة الجنسية على مستوى العالم، وهو المشروع الذي تتبناه الولايات المتحدة. وكانت الضريبة المستهدفة بالنسبة للاتحاد الاوروبي تفترض ان شركات التكنولوجيا العملاقة مثل فيسبوك وغوغل تتجنب سداد الضرائب وتحقّق ارباحاً من انشطتها في الاتحاد الاوروبي، وفي حين كانت المفوضية، وهي الذراع التنفيذية للاتحاد الاوروبي، تستعد لإعلان نظام ضريبي لشركات التكنولوجيا على مستوى الاتحاد بعد تأخير الخطوة مرات عدة، فإنها ارجأتها هذه المرة لأشهر عدة.

مع عودة «الوئام» الاقتصادي الى جانبَي المتوسط، بدأت اقتصادات البلدان المتقدمة تخرج من دوائر الجمود والانكماش والتراجع الى تحقيق معدلات نمو مقبولة عموماً ومشجعة في احيان عدة، اذ تشير كل التوقعات الصادرة عن البنك الدولي والمؤسسات الاوروبية المعنية الى نمو يتراوح بين ٥ و٧ في المائة من تلك البلدان، مع تراجع المفاعيل السلبية لجائحة كوفيد١٩ على رغم المخاوف التي نثرها متحوّصر «دلتا» في الآونة الأخيرة.

في منطقة آسيا عموماً والدول العربية خصوصاً، توقعت لجنة الامم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الاسكوا) في تقرير حول التطورات الاقتصادية والاجتماعية في المنطقة العربية ان «تتعافى اقتصادات المنطقة في العام ٢٠٢٢، مسجلة نمواً قد تصل معدلاته الى نسبة ٤،٣ في المائة. وستسجّل جميع البلدان العربية تحسناً ملحوظاً في معدلات النمو العام ٢٠٢١، باستثناء لبنان حيث ستظل المعادلات سالبة بنسبة ٤،٦٪» كما يتوقع التقرير «انخفاض البطالة بشكل طفيف في المنطقة ككل، نتيجة العودة التدريجية للنشاط الاقتصادي بعد مرحلة بطالة اجبارية سبّبتها الجائحة، من ١٢٪ تقريباً العام ٢٠٢٠ الى ١١،٣٪ العام ٢٠٢١ إلا ان البلدان التي تعاني من الصراعات او عدم الاستقرار ستستمر في تسجيل معدلات بطالة مرتفعة».

التعافـي سيطال بالتأكيد عدداً من القطاعات الحيوية مثل قطاع النفط، ممّا سيحسّن النمو في بلدان التعاون الخليجي، الّا انه لن يكون سريعاً في القطاعات المرهونة بالتقدم في حملات التلقيح من جائحة كوفيد١٩ والتي لن تنتهي قبل العام ٢٠٢٢، مثل قطاعي الطيران والسياحة، وهذا سيؤثر بشكل خاص على البلدان العربية المتوسطة الدخل، حيث سيكون الانتعاش ناتجاً عن الرجوع التدريجي والجزئي للأنشطة الاقتصادية التي تعطلت على نحو كبير العام٢٠٢٠.

بعد الوفاق الذي أرسته ادارة الرئيس جو بايدن مع القارة العجوز من جهة والتراجع في اعداد الاصابات مع ارتفاع عمليات التلقيح، من جهة أخرى، تبدو اقتصادات العالم في طريقها للخروج من الركود نحو الانتعاش مجدداً.

 

 

 

Comments are closed.